إن نعم الله على الانسان  وجدت منذ خلقه ، بتكريمه بالهدف الاسمى من ذلك ، ألا و هو عبادة الله و عمارة الأرض في جميع مناحي الحياة ، ثم تجَلت هذه المنة  بتسخير نِعم الأرض له لتحقيق هذا الهدف العظيم ، و كلما تطور العلم و البحث ، كلما أيقن الإنسان أن ما يجهله من هذه النعم و أسرارها أكثر مما يعلم ، و أن اكثر العوالم خبايا هو عالم النباتات و ما يشابهها ، فمنها المعروف منذ القدم إلا أن أسراره ما زالت تتكشف حتى الآن ، و منها ما أُدرِكت اهميته حديثاَ ، و هذا ما حذا بالعديد من الدول المتقدمة أن تُخصص من ميزانياتها للبحث في هذا المجال و التنقيب في كنوزه ، لإدراكها أهميتها الاقتصادية و الغذائية و الدوائية ، و من هذا المقام ارتأينا تسليط الضوء على بعض من هذه الكنوز النباتية و الفطرية ، و هي شجرة المورينجا ، وفطر عيش الغراب ، و الكيفر .

الشجرة المعجزة

الشجرة المعجزة (مورينجا أوليفيرا Moringa olefera) : و قد استحقت هذا اللقب عن جدارة لما تحويه من صفات خارقة , تؤهلها لأن تكون حقل أبحاث العديد من الدول , حيث أنها تحوي العديد من العناصر الغذائية تفوق بها قرائنها من أنواع النباتات الغنية بها , فهي تحوي سبعة أضعاف البرتقال من فيتامين C , أربعة أضعاف الجزر من فيتامين A , أربعة أضعاف الحليب من الكالسيوم , ثلاثة أضعاف الموز من البوتاسيوم , و ضعفي البروتين من اللبن الرائب , كما أنها تحوي عشرة أحماض أمينية أساسية , و هذه تعتبر ظاهرة نباتية نادرة , ما يؤهلها بأن تستخدم كمكمل غذائي لمن يعانون من سوء التغذية , لذلك تسمى أيضا بشجرة الفقراء , و شجرة الرحمة . تنقية المياه : فهي تستخدم في تنقية المياه على مستويين , هما : البيولوجي و ذلك بالقضاء على حوالي 99-90 % من البكتيريا , او الفيزيائي بترسيب الشوائب و فصلها عن المياه , و ذلك بطحن بذورها و استخدامها في هذا الغرض .

انتاج الزيت : إن الزيت المستخرج من شجرة المورينجا يعادل او يكاد يفوق زيت الزيتون بخصائصه من حيث الفائدة و النقاوة و معدل الزيت المستخرج , حيث أن محتوى الزيت منها يصل الى 40 % , و بذلك تفوق منتوج الزيت من الزيتون , كما انها تحوي 73 % من حمض الأوليك (oleic acid) بهذا تفوقه نوعيةً , كما أن فساد زيتها بطئ جداً , أما استخدامه فهو جيد للطهي , و صناعة مستحضرات التجميل و أيضا زيوت الإنارة نظراً لنقاوته و عدم انتاجه للدخان . الاستخدام الطبي : و تباعا لما سبق من صفات , فإنها لن تخلو من قوة علاجية مثيرة للانتباه و البحث , فبدايةً تعد مكملاً غذائياً لمن يعانون من سوء التغذية كما اسلفنا , كما أنها علاج فعال ضد فقر الدم (الأنيميا) و بعض حالات السكري و فقدان الشهية , كما أنها تزيد من ادرار الحليب للنساء المرضعات , و مفيدة في مكافحة قرحة المعدة , الإسهال , الدوسنطاريا , التهاب القولون , الحمى , آلام الرأس , محاربة نزلات البرد , التهابات الشعب الهوائية , الروماتيزم , تشنج العضلات , الكدمات , الالتهابات الجلدية , الجرب , القوباء الحلقية و لدغ الحشرات , كما انها تستخدم كملين و مُدر للبول . استخدامات اخرى : تستخدم كأعلاف للحيوانات و غذاء للأسماك , و في انتاج الغاز الطبيعي و الاصباغ و تصنيع الورق , و مقاومة الامراض النباتية و يمكن اعدادها لأن تكون سماداً عضوياً .

تلقب ايضاً بالشجرة ( التي لا تموت ) لقدرتها على النمو في أصعب الظروف من الجفاف ، و التربة ضعيفة الخواص ، كما أنها سريعة النمو حيث أن ارتفاعها يصل الى 12 متر خلال ثلاث سنوات ، أما بالنسبة لموطنها الأصلي فهو الهند ، و تأمل العديد من الدول بأن يتم استزراعا في بلادها ، حيث أنه على الرغم من قدرتها الفائقة في النمو ، إلا أنها لا تتواجد إلا في مناطق معينة كالمناطق الاستوائية و شبه الاستوائية و مناطق اسيا ، و بالتالي فإن هناك صعوبة في العثور على بذورها ، نظراً لإدراك أصحابها لأهميتها فإنها تعتبر مرتفعة الثمن ، رغم ذلك – بحمد الله – فقد تم العثور صدفة على شجرة واحدة في غزة ، و التي كانت هدية من السفير الهندي, و يؤمل استزراعها بشكل أوسع لفوائدها الاقتصادية الجمة .

و هو عبارة عن فطر رمي لاحم (fleshy) ، ينتمي الى شعبة الفطريات البازيدية (Basidiomycota) المثمرة كبيرة الحجم ، منه السام المميز بألوان جذابة ، و الغير سام و الذي له أشكال معينة ، كما أن له فوائد غذائية و طبية جمة جعلته محط اهتمام العلماء ، فمنها : فوائد غذائية و طبية : من أهم الفوائد في هذا المجال هو أنه يعتبر بديلاً عن اللحوم ، سواء للبلدان الفقيرة او لمن يعانون من مشاكل صحية مثل مشاكل القلب ويستخدم في تخسيس الوزن ، وهو فطر لاحم شبيه باللحوم سواء بالملمس او بالنكهة و حتى محتواه العالي من البروتين ، إلى جانب خلوه من الكوليسترول، و هذا ما يعطيه الأهمية الطبية من ناحية خفض مستواه في الدم ويحتوي على نسبة عالية من فيتامين ( ب ) ، بالتالي يساعد في شفاء العديد من الأمراض العصبية و النفسية ، كما أنه مفيد في تنشيط الدورة الدموية و الذاكرة و زيادة التركيز ، و ختاما فإن له خصائص علاجية مقاومة لمرض السرطان ، مما حذا بالعديد من مراكز الابحاث للتنقيب في هذا المجال . فوائد اقتصادية : مشروع تنمية فطر عيش الغراب لا يحتاج إلى رأس المال ، حيث انه لا يعتمد على ارض زراعية ، إلى جانب احتياجه المنخفض للمياه ، كما أن المادة التي ينمو عليها هي عبارة عن مخلفات عضوية لا قيمة لها . فوائد بيئية : تعتبر زراعته طريقة فعالة للتخلص من النفايات العضوية ، حيث ان نموه يعتمد عليها , لان الفطر كما اسلفنا في خصائصه بأنه رمي التغذية (saprophytic fungus) .

أو كما يسمى بالفطر الهندي أو لبن الكيفر, و الذي ينتج من اضافة أنواع من البكتيريا و الخمائر الى الحليب ، لإنتاج لبن كريمي القوام ، لاذع الطعم له فوائد صحية عديدة ، و لذلك سمي( بالكيفر) حسب اللغة التركية بمعنى الكيف و هي الصحة و السرور . أما ما يختلف فيه عن اللبن العادي فهو إضافة الخمائر إلى جانب البكتيريا ، حيث أن اللبن العادي يضاف فيه البكتيريا الى الحليب لإنتاجه ، كما أنه يفوق اللبن العادي بعناصره الغذائية و العلاجية , و قد اشتهر به سكان جبال القوقاز . فوائده الصحية :يحوي مستويات عالية من البروتينات و الفيتامينات و الاملاح ، المهمة في تحفيز العديد من العمليات الحيوية في الجسم ، كما أنه يحفز نمو الفلورا ( البكتيريا المفيدة المستوطنة لأجزاء من الجسم ) مما يقلل فرصة نمو البكتيريا الممرضة و أمراض القناة الهضمية ، ويستخدم في علاج الاسهال كذلك مُلين في حالة الامساك . يساعد في عملية الهضم من عدة نواحي ، بدايةً خلال عملية تخمره فإن البروتينات و الدهون و السكريات تتحول الى عناصر أبسط ، فيسهل هضمه أكثر من الحليب ، كما أن احتواءه على الكائنات الدقيقة النافعة وطبيعته الحمضية يزيد من كفاءة الهضم . كما و يعد مضاد حيوي طبيعي فعال ، و يساعد في علاج العديد من الأمراض مثل الصدفية و الحساسية و الأكزيما ، كما أنه فعال ضد السل الرئوي و حمى التيفوئيد حسب منظمة الصحة العالمية .