تعرف جسيمات النانو (Nanoparticles) بأنها جسيمات يتراوح حجمها بين 1-100 نانوميتر تمتلك خصائص ليست موجودة في المادة ككل ، وتنقسم الى نوعين : جسيمات نانو مُهندسة وغير مهندسة (engineered and non-engineered)، تتألف جسيمات النانو المُهندسة من مواد مختلفة ذات أصل بيولوجي أو كيميائي مثل الدهون حمض اللبن ، الدهون المفسفرة (phospholipids) الديكستران (dextran) والبوليمرات والكربون والسليكا وتصمم بعدة منها مثل كروية الشكل ، أنبوبية أو مجوفة (hollow) أو شريطية. نظراً للتقدم العلمي في تكنولوجيا النانو (nanotechnology ) زاد انتاج جسيمات النانو لتلبي احتياجات الإنسان في شتى مجالات الصناعات الكيميائية والعلوم الطبية والطاقة، وأضحى تعرض الانسان لها واحتكاكه بها أمرٌ حتمي ، إن وصول جسيمات النانو المُهندسة(engineered Nanoparticles) إلى أجهزة الجسم عبر الرئتين أو القناة الهضمية أو عبر الحقن أثناء العلاجات تسبب أمراضاً ومضاعفات في القلب والدماغ والرئتين والأوعية الدموية والكبد والكلى ، في هذا المقال الذي نشره الباحث خالد رداد من جامعة أسيوط بمصر وباحثون من النمسا والسعودية في مجلة Elsvier في ابريل 2012 سنلقي نظرة على تطبيقات النانو تكنولوجي في العلوم الطبية والحيوية وسنتعرف على آثار استخداماتها على صحة الانسان.

تطبيقات جسيمات النانو المهندسة في الطب

إن تطبيقات جسيمات النانو المُهندسة (engineered Nanoparticles) واعدةٌ في مجال الطب نظراً لامتلاك هذه الجسيمات خصائص فريدة مثل الحجم المتناهي في الصغر ، كذلك مساحة سطحها أكبر بالنسبة الى كتلتها و سهولة تفاعلاتها ذلك جعلها تتغلب على القٌصور والقيود في العلاجات والتشخيصات التقليدية.

نقل العقاقير الدوائية (Drug delivery)

من أشهر استخدامات جسيمات النانو المُهندسة في الطب نقل العقاقير الدوائية (Drug delivery) الى الخلايا و الأنسجة، ذلك كونها تعتبر ناقل مستقر كذلك سعتها الكبيرة في نقل المواد سواء كانت محبة للماء (hydrophilic) أو كارهة للماء (hydrophobic) , و المواد التي لا تذوب بسهولة أو المواد صعبة التأيض في الجسم عند تطبيقها بالطرق التقليدية، كذلك فإن حجمها المتناهي في الصغر يمكنها من اختراق الأغشية الخلوية والارتباط بالبروتينات وتلافي مواجهة الليسوسومات المحللة لها، كذلك فإن وصل جسيمات النانو المهندسة بالمُرتبط (ligand) ليرتبط بمستقبل خاص على الخلايا (specific cell receptors) يُسهل عملية نقل العقار ويزيد كفاءة العلاج مع أدنى مستوي من الآثار الجانبية. إن التعديل السطحي لجسيمات النانو المهندسة بمواد أخرى مثل البولي ايثلين جلايكول يجعلها تبقى لوقت أكبر في الدورة الدموية , مما يؤثر ويثبط عمليتي التعارف والالتهام للخلايا البلعمية وحيدة النواة (mononuclear phagocyte) ، كذلك فإن تغليف جسيمات النانو المهندسة يمنع تشتتها أو تجمعها (agglomeration) أو ادمصاصها (adsorption) في الوسط الحيوي أو أي سائل حيوي ذلك أن تجمعها ينقص من كفاءتها.

نقل المركبات العلاجية والجينات الى الخلايا السرطانية

تُصمم بعض الجسيمات النانوية لتخزين مادة مُعينة في داخلها أو نقل جزيئات محددة على سطحها لترتبط بالتمام مع مستقبلات خِصيصة لها على خلايا سرطانية ،إن ربط جسيمات النانو بجزيء (targeting molecule) لاستهداف خلايا محددة بالدواء , يزيد من قدر الجرعة التي تتعرض لها الخلايا ويقلل من التأثير السمي لذلك العلاج على الخلايا الطبيعية المحيطة بالورم ، فمثلا عند ربط أكسيد التيتانيوم (TiO2) مع مضاد السرطان دوكسوروبسين (doxorubicin, DOX) يزيد من تراكم الدوكسوروبسين في الخلايا السرطانية ويقلل من الأثار الجانبية السامة له على خلايا الكبد. و تستخدم جسيمات نانو مهندسة لنقل جينات علاجية الى الخلايا السرطانية سواء المستزرعة في المختبر أو إلى الجسم مباشرة فقد استخدم بوليمر poly (B-amino ester) polymer لنقل الجين المنتج للسُم في بكتيريا الدفتيريا الى خلايا مبيض مسرطنة لدى فئران تجارب وهو ما اختزل كتلة الخلايا السرطانية .

الآثار الجانبية لاستخدام جسيمات النانو المهندسة على صحة الانسان

قليلٌ من الأبحاث هي التي تحدثت عن مخاطر تكنولوجيا النانو ذلك لما قدمته هذه التكنولوجيا من انجازات لفتت انتباه الباحثين عن سلبياتها، فتصل هذه الجسيمات الى الجسم عبر الجلد أو الرئتين أو القناة الهضمية مع الغذاء والماء والأدوية ، و يبقى الاستنشاق هو الممر الأهم لها لكن الخلايا البلعمية (macrophages) تتصدى لمعظمها وقليل منها ما ينجح في الوصول الى الدورة الدموية وأجهزة الجسم، وبشكل عام فإن هذه الجسيمات تمر عبر الكلية و الكبد و الطحال لتطرد خارج الجسم. قد تصل هذه الجسيمات إلى الدماغ وأنسجة الجسم العصبية , نظراً لحجمها المتناهي في الصغر , لتحدث أضراراً في الخلايا العصبية وخلايا الغراء العصبي (glial cells) والقنوات العصبية والتهابات في النسيج العصبي , تشبه الأضرار التي يسببها مرضي الزهايمر وباركنسون (Parkinson disease) نتيجة لتفككها وتولد أيونات وعناصر حرة تدخل إلى أنوية الخلايا و تؤثر على صناعة البروتين في الخلية , وتحدث عمليات أكسدة لهذه الجسيمات لتساهم بالأضرار آنفة الذكر. أما الجهاز التنفسي فهو خط الاتصال الأول مع هذه الجسيمات , وحجمها الدقيق يمكنها من المرور عبر المرشحات والشعيرات والأغشية المخاطية المحيطة بالقناة التنفسية لتصل الى الحويصلات الهوائية في الرئتين , فأظهرت دراسة أن استنشاق جسيمات النيكل النانونية (nickel NPs) لمدة 13 يوما قد يسبب الوفاة , و ضرراً كبيراً في الأُنيبيبات الكلوية تزامناً مع تركيزه العالي في البول , ويسبب أيضاُ قُصوراً في أداء الميتوكندريا في الخلايا ، كذلك فإن جسيمات أكسيد الزنك النانونية (zinc oxide NPs) تسبب تلفاً في الحمض النووي DNA , وتحفز افراز الانترلوكين. إن تعريض فئران التجارب لجرعات من جسيمات النحاس النانوية , يزيد من إفراز الدهون الثلاثية و انزيمات وظائف الكبد مما يدلل على حدوث ضرر في الخلايا الكبدية , كذلك زيادة في مكونات البول من كرياتينين وحمض اليوريا ،وتسبب تكون حيوانات منوية غير طبيعية , كذلك تحفيز موت الخلايا الجرثومية (germ cell apoptosis) ،أما جسيمات الفضة النانونية (silver NPs) فلها تأثيرات سامة على خلايا الجنينية السرطانية.