ان القهم العصابي (Anorexia nervosa) هو اضطراب نفسي جسدي (Psychosomatic disorder)، يشمل المقاييس الاربعة التالية:

1. انخفاض بارز في الوزن يؤدي لنقص الوزن (Underweight) الشديد، على الاقل انخفاض عن الـ 15% من الوزن المتوقع.

2. خوف شديد من زيادة الوزن، بالرغم من نقص الوزن العام.

3. اضطراب صعب في صورة الجسم (Body Image)، او تاثير مفرط للمظهر الخارجي على التقدير الذاتي، او انكار خطورة المرض.

4. توقف الحيض لدى النساء اللاتي بدا الحيض لديهن (يظهر لدى ثلث المريضات اضطراب الاكل، قبل ظهور الحيض).

يحتاج اكتشاف القهم العصابي بشكل عام، الكثير من الوقت، وذلك بسبب ميل المريضات لاخفاء مرضهن، وبسبب ظهوره في العديد من الاحيان على خلفية مشاكل عائلية جدية. يشمل القهم العصابي عادات اكل قهرية (compulsive)، مثل حساب مقدار السعرات الحرارية والوزن الدائم، والقيام بنشاط جسدي قهري.

يطور، ما بين ثلث حتى نصف الحالات فيما بعد، نوبات نهم (Binge attack) (اكل كميات كبيرة من الطعام في فترة زمنية قصيرة ودون سيطرة) و/او تقيؤات و/او تناول ملينات (laxitives) بهدف منع زيادة الوزن.

تشمل التغييرات الجسدية الاساسية في القهم العصابي: تباطؤ نبض القلب، انخفاض ضغط الدم وحرارة الجسم، تراجع التطور الجنسي والذي يشمل توقف الحيض، تاخر النمو لدى الشباب، تخلخل العظم (Osteoporosis)، انخفاض كتلة العضلات، وذمة محيطية (Peripheral edema)، فقر دم وقلة كريات بيض (Leukopenia)، اضطرابات هورمونية تنكسية (Degenerative)، بما في ذلك هورمونات الجنس والغدة الدرقية (Thyroid gland)، بالاضافة لانخفاض في الاداء الدماغي، على الاقل، في الحالة الحادة للمرض، والذي يتلاشى بعد العودة للوزن السليم. يمكن ان يظهر في الصنف الفرعي، والذي يشمل نوبات نهم، تقيؤات وتناول ملينات، بالاضافة لما ذكر سابقا، ضرر للاسنان ولجدران المريء والامعاء، اضطرابات بكهارل (Electrolytes – شوارد كهربائية) مختلفة، وبالتوازن الحمضي القاعدي (Acid – base balance) واضطرابات في نبض القلب وقصور (فشل) القلب.

تتعلق معظم التغييرات في القهم العصابي، هذا ان لم تكن جميعها، بحالة الجوع. وتختفي بشكل عام مع الشفاء. يمكن حتى بعد التعافي من المرض ظهور اجهاضات تلقائية (Spontaneous abortion) وولادات مبكرة. ان نسبة الوفاة من القهم العصابي على مدى الحياة مرتفعة، وتتراوح بين 5 % – 20 % من الحالات، وفقا للصنف الفرعي للمرض. ان اسباب الوفاة الاساسية، هي الاضطرابات الجسدية المختلفة والانتحار.

معلومات وبائية (Epidemiology): يعتبر القهم العصابي مرض اواخر المائة الـ 20؛ ولقد وصف المرض بصورة دقيقة في نهاية المائة الـ 19، وذلك، بالرغم من وجود اوصاف للمرض منذ نهاية المائة الـ 16.

ان نسبة انتشار القهم العصابي والاعراض الجزئية للاضطراب هي 0.2 % – 1 % من مجموع السكان؛ وان 90 % – 95 % من مرضى القهم العصابي هن من النساء. يميل المرض للظهور في الاساس وسط المراهقات والنساء الشابات؛ ونجد في السنوات الاخيرة ارتفاعا في نسبة الرجال المرضى، وانخفاضا في جيل بدء المرض.

للقهم العصابي عوامل عديدة تعمل بتاثير متبادل:

1.عوامل وراثية: ينتشر القهم العصابي واضطرابات الاكل الاخرى بين الاهل، الاخوة وابناء المريضات، اكثر مما هو في المجتمع العام. يشير الانتشار الاكثر ارتفاعا للقهم العصابي، على وجود عوامل وراثية، في التوائم المتماثلين، الذين يكون احدهما مصابا بالقهم العصابي، او باضطراب اكل اخر، مقارنة بالتوائم غير المتماثلين. توجد اليوم، ابحاث تفحص اية جينات قد تكون متعلقة بالاضطراب، ومن الواضح انها وراثة عديدة الجينات (Polygenic inheritance).

2.عوامل بيولوجية: وهي عبارة عن اضطراب مواد مختلفة ذات علاقة بتنظيم الجوع والشبع في مريضات القهم العصابي، بالرغم من ان الامر في العديد من الاحيان يكون ثانويا للجوع؛ زد على ذلك، ترافق القهم العصابي باضطرابات نفسية من المجال الاكتئابي والقلقي القهري.

3.عوامل نفسية متعلقة بالشخصية: هي تلك المتواجدة قبل تطور القهم العصابي، مثل التثبيط (Inhibition)، العناد، الامتناع عن التغييرات، الامتثال (Conformity – الاتباعية)، الحرص على الكمال (Perfectionism)، تقليل من تقدير الذات  (low self image) والشعور بعدم الجدوى، بالاضافة لاضطرابات شخصية اجتنابية (Avoidant personality disorder)، اتكالية (Dependent)، قهرية  (compulsive)، نرجسية (Narcissistic).

4.عوامل عائلية قائمة  قبل تطور القهم العصابي: تشمل هذه العوامل عدم وضوح الحدود بين المجموعات الفرعية في العائلة، ميولا لدفاعية مفرطة والامتناع عن التغيير، عن مواجهة الصراعات وعن حل المشاكل، والدور اللا واعي الذي يملؤه المرض في المحافظة على النظام االعائلي.

5.عوامل اجتماعية – تربوية: ان اهمية النحافة كمصدر للتقدير الذاتي وللنجاح – في الاساس –  هي عوامل ساهمت بشكل جزئي في ارتفاع نسبة اضطرابات الاكل في العقدين الاخيرين، في اختلاف نسبة انتشار هذه الاضطرابات في الحضارات المختلفة، وفي انتشارها المرتفع وسط النساء.

سير المرض: ان القهم العصابي مرض مزمن، يستمر بشكل عام عدة سنوات منذ ظهوره. ان ما يقارب الـ 40 % – 50% من المريضات قادرات على التعافي بشكل كامل (الوصول لوزن وحيض سليمين وانعدام السلوك الشاذ المتعلق بالاكل)، وما يقارب 30 % – 40% ، سيحققن تعافيا جزئيا، وسيبقى الاضطراب لدى 20% مزمنا. توجد هناك قدرة للعديد من العوامل على التسبب بتفاقم سير المرض؛ يتعلق جزء منها بشكل مباشر باضطراب الاكل، مثل ظهور نوبات نهم، تقيؤات، تناول ملينات، وافكار قهرية متعلقة بالاكل والنشاط الجسدي، او امتداد اطول للمرض حتى بدء العلاج (البدء المتاخر في العلاج)؛ كذلك توجد هناك عوامل اخرى لا تتعلق بشكل مباشر بالمرض، مثل علاقات سيئة في العائلة او انعدام المؤهلات الاجتماعية الملائمة.

علاج القهم العصابي

ان العلاج مدموج ومركب، ويشمل طاقما متعدد المهن. توجد حاجة للمحافظة على تعاقب علاجي، بين رعاية جوالة (Ambulatory care)، استشفاء جزئي واستشفاء كامل.

يشمل العلاج تدخلا سلوكيا لزيادة الوزن والتقليل من تواتر نوبات النهم، التقيؤات وتناول الملينات، علاجا نفسيا فرديا وعائليا، بالاضافة لعلاجات بالحركة وبالنشاط الجسدي. يمكن القيام بالعلاج بادوية من نوع مانعات استقبال السيروتونين (Serotonin) (مثل، فلوكستين – Fluoxetine)، لمنع معاودة القهم العصابي، ولعلاج الاضطرابات النفسية المترافقة، ولكن الدواء لا يساعد بشكل مباشر في زيادة الوزن.