تصيب الأميبا المعوية المعدية نسبة كبيرة من أطفال البلدان النامية، وتشيرتقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2008 الى أن عدد الإصابات السنويةبالأميبا المعوية يصل الى 400  مليون في العالم، ويأتي ترتيب مرض الأميباالمعوية في المرتبة الثالثة بعدد المصابين بعد أمراض الديدان المعويةالأسطوانية والبلهارسيا التي تسببها الطفيليات المعدية في العالم. وممايذكر أن الدراسات المنشورة حديثا عن معظم البلدان العربية ومنها الأردن،تشير الى استمرار الإنتشار الواسع للديدان والطفيليات المعوية، وبخاصةمنها الأميبا والجيارديا. 

ومن المعروف أن هناك أنواع متعددة من الأميبا غير الممرضة تستوطن في الفم وأمعاء الإنسان  ولايعرف حتى الآن مدى أهميتها في جسم الإنسان، ويعتبر نوع طفيل الأميبا المعدية المعروف بأسمإنتاميبا هستوليتيكا كأحد أهم الأنواع وأكثرها أنتشاراً والذي يؤدي إلى إمراض الإنسان، ويظهر أيضاأن الإنسان هو العائل والاحتياطي المعروف لهذا الطفيل وحيد الخلية. وتنتشر العدوى بطفيليات الأميباالمعدية في مختلف مناطق العالم وبصورة واسعه في البلدان الاستوائية، وشبه الاستوائية والمعتدلةالمناخ، خاصة بين السكان الذين لا تتوفر لهم الخدمات الصحية ومياه الشرب النقية. فالمياه والخضارالورقية الملوثة تمثل أهم مصدر لنشر مرض الأميبا. 

العدوى ودورة حياة الطفيل

تحدث العدوى عادة بعد تناول طعام أو مياه ملوثه بكيسات الأميبا الممرضة والمقاومة لحموضة المعدة،كما قد تنتقل الأميبا من شخص إلى آخر بواسطة الاتصال الجنسي الشرجي. تتحول الكيسة البالغة إلىطفيل نشط حالما تصل إلى الأمعاء الدقيقة، ومنها تنتقل إلى القولون والمستقيم، وهناك تتغذىوتتكاثر الطفيليات بابتلاع وهضم البكتيريا والفطريات وكريات الدم الحمراء. 

وفي معظم الحالات، تعيش الأميبا المعدية بصورة طفيلية طبيعية وبدون إحداث أعراض مرضية حادة،وإذا ظهرت أعراض فتكون غير واضحة المعالم وبسيطة. وبينت دراسات حديثة أن هناك اختلافاً فيعدوانية سلالات الأميبا المعدية للإنسان وتختلف من شخص الى آخر. وهناك سلالات تغزو الكبد وتهضمكميات أكبر من كريات الدم الحمراء، ومما يساعد هذه السلالات على الإمراض قدرتها على الالتصاقببطانة الأمعاء وإفرازها لعدد من الإنزيمات البروتينية، وقدرتها على تدمير كريات الدم البيضاء.  

مظاهر المرض

تشير المراجع الطبية أن 10% فقط من حالات العدوى بطفيليات الأميبا المعدية  تظهر عليها أعراضالمرض المميزة، وتنتهي بآفات وتقرحات دموية في المصران الأعور ومنطقة القولون والمستقيم.  وفىحالات قليلة (5%) تنتشر طفيليات الأميبا الى خارج الأمعاء، وتصل الى الكبد حيث يلاحظ ظهور خراجأحادي أو أكثر، وهذا يترافق مع ألم وحمى خفيفة مرتفعة قد تستمر لعدة أيام وأسابيع أو أشهر حتىيتم  اكتشاف سبب المرض.  

وتشاهد معظم حالات خراج أميبا الكبد بين الذكور. وفي حالات نادرة تنتشر الأميبا من الكبد، وتسببخراجات في الرئتين والدماغ والتهاب التامور. وبالتأكيد ليس من السهل تحديد أعراض حالة الأميباالمرضية بدقة، فهناك مجموعة من الأعراض المتباينة، تتراوح ما بين الإمساك والإسهال الخفيف، أوالإسهال الدموي المخاطي المتقطع يرافقه أحياناً غثيان وقيء وحمى خفيفة أو عالية، ومغص باطنيخفيف إلى حاد يشابه التهاب الزائدة الدودية. 

ويتم عادة تشخيص متلازمة مرض الأميبا الحادة أو الدوسنطاريا الأميبية عندما يعاني المريض منإسهال دموي مخاطي مستمر لعدة أيام (10-20 تبريزات في اليوم ) ومع ألم شديد في منطقة الشرجوأسفل البطن. وقد يسبب أحيانا الطفيل المعوي بالانتديوم كولاي حالات مرضية تشابه الدوسنطارياالأميبية ولكنها لا تغزو أنسجة الجسم الداخلية . 

التشخيص المخبري

يجب أن يتم فحص ما لا يقل عن ثلاث عينات من براز المريض خلال أسبوع قبل تشخيص احتمال عدمالعدوى بطفيليات الأميبا، ويوصى أن تجمع عينات البراز في علب من الكرتون وترسل إلى المختبر خلالفترة ساعة أو أن تحفظ بالثلاجة لمدة لا تزيد عن عدة ساعات.  فالمعروف أن طفيليات الأميبا النشطةوالمعدية وكريات الدم الحمراء المرافقة تتلاشى بسرعة في سائل البراز، ومن المحتمل أن يتم فقطملاحظة وجود حويصلات الأميبا والتي تعتبر أحياننا غير ممرضة، ولذلك يفضل أن يتم فحص البراز بسرعة .ومن المهم هنا أن يمتلك الفاحص في المختبر خبرة عملية كافية ليستطيع تمييز الأشكال الممرضة منالأميبا من غير الممرضة والتي توجد بكثرة في أمعاء نسبة مئوية كبيرة من الأشخاص. وفي حالات خاصةيمكن أن يرسل الطبيب إلى المختبر مسحات أو رشفات أو خزعات أثناء تنظير المستقيم أو من رشفاتالكبد.  

وتساعد الفحوصات المصلية، خاصة قياس عيار الأجسام المضادة النوعية للأميبا المعدية على اكتشاف80-90 % من حالات إصابة الكبد وأعضاء الجسم الداخلية الأخرى، ويمكن تأكيد التشخيص باستعمالالتصوير بالموجات فوق الصوتية. 

العلاج والمناعة والوقاية

 يوصى بعلاج حالات أميبا الأمعاء والأنسجة المرضية بإعطاء الدواء الفعال ضد الكيسات والطفيلياتالنشطة معا، ويمنع إعطاؤه إلى المرأة الحامل في الثلث الأول من فترة الحمل. وتولد العدوى بطفيلياتالأميبا الغازية لأنسجة الجسم خارج الأمعاء استجابة مناعية، ولكن هذه المناعة لا تكفي لحماية الجسممن مضاعفات المرض وبخاصة على الكبد أو منع تكرر العدوى بالأميبا في المستقبل. ولا يوجد حتى الآنأي مطعوم يحصن ضد المرض. 

وتعتبر إجراءات المحافظة على سلامة ونظافة مياه الشرب، ومنع استعمال المياه العادمة بسقايةالنباتات الورقية الخضراء التي تستعمل في السلطات وغيرها، مثل البقدونس والنعناع والخس أفضلطريقة لمنع انتشار العدوى بالأميبا وباقي ميكروبات الأمعاء المعدية.