القرحة الاثناعشرية تتواجد، غالبا، في الجزء الاول من الاثناعشرية المسمى: بصلة الاثناعشرية. تعتبر القرحة الاثناعشرية واحدة من اشكال التعبير عن الاصابة بمرض القرحة الهضمية (peptic ulcer disease) والتي تنعكس في اصابة وتقرح الغشاء المخاطي في الجهاز الهضمي العلوي، الناجم عن حدوث خلل في التوازن بين العوامل التي من شانها الحاق الضرر بالغشاء المخاطي (عدوى بجرثومة الملوية البوابية).

أعراض القرحة الاثنا عشرية

العارض الاساسي لظهور القرحة الاثناعشرية هو الشعور بنوبات الم في اعلى البطن (epigastrium). ويوصف الالم على انه ذو طابع حاد، يتفاقم عند الشعور بالجوع وتخف حدته عند تناول الطعام او بمساعدة ادوية مضادة للحموضة. في الكثير من الحالات يوقظ الالم صاحبه من النوم. ومن الاعراض الاخرى الممكنة للقرحة الاثناعشرية: الشعور بعدم الراحة في البطن العلوي، الغثيان وفقدان الشهية.

مضاعفات القرحة الاثنا عشرية

في حالات معينة قد تتطور القرحة الهضمية وتسبب مضاعفات من شانها تعريض حياة المريض للخطر. المضاعفات الاساسية تشمل: ظهور نزيف دموي، يظهر عادة في 15% من حالات الاصابة بالقرحة، حدوث ثقب في جدار المعدة او الاثناعشرية، والذي يحدث في 6% من الحالات، وانسداد مخرج (Pylorus) المعدة.

تشخيص القرحة الاثنا عشرية

ان الفحص الاكثر دقة لتشخيص القرحة الهضمية هو القيام باجراء تنظير داخلي (Endoscopy) لجهاز الهضم العلوي. ويتم خلال هذا  الفحص ادخال انبوب لين مع كاميرا فيديو دقيقة جدا، الى داخل تجويف المريء، المعدة والاثناعشرية. ويمكن بواسطة هذا الفحص رؤية الغشاء المخاطي للمعدة بشكل جيد، واخذ عينة من النسيج بهدف الفحص الطبي – (pathological – الاختزاع)، او للتاكد من وجود جرثومة الملوية البوابية. كما يمكن، خلال الفحص، اجراء علاج للقرحة، كاستئصال الاورام الخبيثة (سلائل – Polyps) وايقاف النزيف بواسطة سفع الوعاء الدموي او حقن مواد مصلبة (Sclerotherapy – معالجة بالتصليب).

ولمنع المريض من الشعور باحساس غير مريح اثناء الفحص، يتم اجراء تخدير موضعي للبلعوم، او ادخال مواد مهدئة عن طريق الوريد قبل بدء الفحص. ومن الفحوصات الاخرى المتبعة، تصوير المعدة والاثناعشرية بالاشعة السينية، بعد ابتلاع مادة تباين (باريوم – Barium). لكن هذا الفحص غير دقيق ويمكن بواسطته تشخيص 70% من المرضى المصابين بالقرحة فقط. كما لا يمكن خلال هذا الفحص اخذ عينة لاجراء فحص مرضي او لتحديد وجود جرثومة الملوية البوابية.

على ضوء حقيقة وجود التلوث بالملوية الوبابية لدى 95%-100% من المصابين بقرحة الاثناعشرية، تم في السنوات الاخيرة اعتماد توجه غير باضع لفحص الشكاوى المتعلقة بالام البطن العلوية. ويوصى باتباع هذا التوجه المسمى “افحص وعالج” من قبل الشباب تحت جيل الـ 45. في حال عدم وجود اعراض تنذر بوجود مرض خبيث. يوصى باجراء فحص غير باضع لاكتشاف جرثومة الملوية البوابية، وتقديم العلاج المطلوب للقضاء على الجرثومة اذا ما كان الفحص ايجابيا. هذا العلاج يساعد على الشفاء من القرحة، في حال وجودها. اذا لم يتوفر اي دليل يثبت وجود الجرثومة، فهذا يعني ان احتمال الاصابة بالقرحة ضئيل جدا، ويمكن الاكتفاء بعلاج لتخفيف الاعراض.

علاج القرحة الاثنا عشرية

يهدف العلاج لشفاء القرحة، واختفاء الاعراض ومنع المضاعفات. ان تحييد الحموضة من المعدة (بواسطة مضادات الحموضة – Antacid)، او التقليل من افرازاتها (بواسطة ادوية تغلق مستقبلات الهيستامين H2, او تثبط عمل مضخة الهيدروجين – PPI)، قد تؤدي لشفاء القرحة دون القضاء على جرثومة الملوية البوابية، كما كان متعارفا عليه في السابق، ولكن في كل هذه الحالات تقريبا ستعود القرحة للظهور خلال سنة. اما القضاء على جرثومة الملوية البوابية فيؤدي لشفاء القرحة وعدم عودتها في كل الحالات تقريبا.

في سبيل تحقيق هذا الهدف يوصى بالخضوع للعلاج بواسطة المضادات الحيوية: اموكسيسيلين (Amoxicillin) (او مترونيدازول – Metronidazole) وكلاريثروميسين (Clarithromycin)، بالاضافة للادوية المخففة لافراز الحموضة من عائلة الادوية المثبطة لمضخة الهيدروجين (PPI)، لمدة سبعة ايام. يمكن بواسطة هذا العلاج التماثل للشفاء في كل الحالات تقريبا، والقضاء على الجرثومة في 80%-90% من الحالات.

لا ترتبط قرحة الاثناعشرية بالاورام الخبيثة ولذلك لا حاجة لاخذ عينة نسيج من حاشية القرحة او القيام بفحص متكرر بهدف التاكد من شفاء القرحة، في حال اختفاء الاعراض بعد تلقي العلاج.

في الماضي، تم علاج معظم المرضى غير المستجيبين للعلاج المحافظ، بواسطة عمليات جراحية شملت فصل العصب المبهم (Nervus vagus – عصب حركي)، او استئصال المعدة الجزئي. لكن الحاجة للجراحة تقلصت بشكل كبير مع تطور الادوية الجديدة المضادة لافراز الحامض والوسائل التي تقضي على جرثومة الملوية البوابية. ويتم اجراء العلاج الجراحي اليوم، فقط في الحالات النادرة التي تقع فيها مضاعفات لا يمكن علاجها بواسطة التنظير الداخلي (Endoscopy).