“تجنب الأكثار من الملح والسكر ”

عبارة تتكرر كثيرا ، ربما تكون قد سمعتها من قبل أحد الأطباء او العاملين في المجال الصحي او من مرضى قد تجاوزوا الاربعين من العمر وهم يشتكون مما يسمى سموم البدن كما هو معروف بالمفهوم الشعبي .

الملح والسكر مادتان أساسيتان للحياة ، لا يستغنى عنهما أبدا ، ولاتطيب الحياة والصحة دونهما . أن المفهوم الخاطئ لأعتبارهما سموم البدن يرجع الى أرتباطهما الوثيق بمرضين خطيرين يؤرقان البشرية ويحصدان ملايين البشر سنويا وهما مرض السكري ومرض أرتفاع ضغط الدم ، ويعتبران من أكثرأسباب الوفيات في العالم ، وتنفق الدول أموالا تقدر بالمليارات لعلاج مثل هؤلاء المرضى ، بالاضافة الى ما يفرضه من ميزانية خاصة وكبيرة على المريض . لايتفق المفهوم العلمي بتسميتهما بسموم البدن لأن السم عادة يكون خطيرا ومميتا في حالة أخذه بجرعة معينة ، لكن بالنسبة الى السكر والملح فأن نقصهما في الجسم يؤدي الى أمراض خطرة لايقل أذاها عن المرضين السابقين ، لكن هذه الامراض ليست شائعة الوجود مثل مرضي السكر وأرتفاع ضغط الدم .

لاود الحديث هنا عن المادتين بمفهومها الكيميائي و الفيزيائي ، بل سيكون الحديث عن المرضين المرتبطين بهاتين المادتين ، وسيكون التركيز على مرضى السكري المصابين بأرتفاع ضغط الدم. الملح كما هو معروف بعلاقته الكبيرة وكونه أحد الاسباب الرئيسية للأصابة بأرتفاع ضغط الدم ، وينصح دائما بالتقليل منه عند مرضى أرتفاع ضغط الدم والقلب والكلى وكبار السن وغيرهم . والملح المقصود هنا هو ملح الصوديوم ، الذي يشكل    99 %  من ملح الطعام ويكون بشكل كلورايد الصوديم ، ويحتوي ملح الطعام بالاضافة الى الصوديوم على أملاح البوتاسيوم والكالسيوم واليود لكن بتراكيز قليلة جدا. أما بالنسبة للسكر فمن أسمه يظهر أرتباطه الأساسي بمرض السكري الذي يتميز بأرتفاع معدل السكر بالدم .

أرتفاع ضغط الدم عند مرضى السكري :

    مرض السكري من أكثر الأمراض أنتشارا في العالم ، يقدر عدد المصابين به على مستوى العالم 10 % ، علما أن نسبة الأصابة به تختلف بين دولة وأخرى . ويعتبر أنتشار مرض السكري في الوطن العربي من أعلى النسب في العالم ، ففي السعودية 16 % ، الامارات 24 % ، مصر 10 % ، البحرين 10 % ، عمان 12 % . أما في الولايات المتحدة الأمريكية فتصل النسبة الى 10 % . وتشكل هذه النسب العالية كارثة محلية لكل مجتمع. هناك نوعان رئيسيان لمرض السكري : النوع الاول يصيب الاطفال عادة ويقدر بـ 10 % من عدد المصابين بالسكري . أما النوع الثاني فيصيب البالغين ويصل عدد المصابين به الى 90 % ، وهناك أنواع أخرى منها سكر الحمل الذي يظهر أثناء فترة حمل المرأة ويظهر عادة بعد الشهر الرابع من الحمل .

يحصل مرض السكري نتيجة نقص او أنعدام أفراز هرمون الانسولين من قبل خلايا بيتا في جزر لانكرهانز الموجودة على البنكرياس، ويعمل الانسولين على أدخال سكر العنب ( الجلوكوز ) الى داخل الخلايا من أجل أستهلاكه والحصول على الطاقة . أن هذا النقص او الأنعدام في هرمون الانسولين سيؤدي الى زيادة نسبة السكر في الدم مما يؤدي مع مرور الوقت الى مضاعفات خطيرة كأمراض القلب والجهاز العصبي وأعتلال شبكية العين وتلف في الكليتين ، بالاضافة الى جعل الجسم عرضة للأصابات الجرثومية والفطرية .

تعتبر هذه بعض المعلومات عامة نوعا ما بالنسبة للكثير من المرضى المصابين بالسكري نتيجة الأهتمام الواسع بتوعية الناس بخطر هذا المرض ، حيث يزود الاطباء والعاملين بالمجال الصحي مرضى السكري بهذه المعلومات في سبيل توضيح المرض .

أما ما قد يجهله الكثير من مرضى السكري هو الأرتباط الكبير بين السكري وأرتفاع ضغط الدم ، حيث يصل عدد المصابين بمرض السكري و أرتفاع ضغط الدم معا الى مايقارب الـ 70 % من مرضى السكري . وتشير التقارير الى أن أكثر من 65 % من مرضى السكري يموتون نتيجة أمراض القلب والسكتة الدماغية ، التي تعتبر من مضاعفات أرتفاع ضغط الدم . بالاضافة الى أن معدل أصابة مرضى السكري بأرتفاع ضغط الدم هو الضعف عند البشر غير المصابين بمرض السكري . وقد أشار تقرير عرض في العام 2000 في ملتقى جمعية السكري الأمريكية أن 71 % من مرضى السكري مصابين بأرتفاع ضغط الدم ، وأن 12 % فقط هم ممن يسيطرون على ضغطهم بشكل طبيعي .

أرتفاع ضغط الدم الذي يطلق عليه أحيانا ” المرض الصامت ” بسسب عدم وجود أعراض خاصة به ، وفي حالات كثيرة لايشخص المرض الا بعد ان تظهر المضاعفات أثر الاصابة به . علما أن 90 % من المصابين بأرتفاع ضغط الدم لايعرف سبب لأصابتهم . هناك الكـثير من الأسباب التي يعزى اليها الاصابة بهـذين المرضين ،  السكري وأرتفاع ضغط الدم ، منها عامل الوراثة او الاجهاد والتوتر اوالعرق . بالأضافة الى الأسباب الاخرى التي تعبر وظيفية او خاصة بكل مرض .

يعتبر أرتفاع ضغط الدم المستمر وغير المسيطر عليه عامل أساسي في تطور مضاعفات مرض السكري المتمثلة في أعتلال شبكية العين ، و خلل في وظائف الكلى ، و أمراض الشريان التاجي ، و أختلال الأوعية الطرفية ( في الساقين والذراعين ) . أثبت ذلك من خلال النتائج التي تم الحصول عليها من أختبارت تمت السيطرة فيها على ضغط الدم عند المستوى الطبيعي عند بعض المرضى .

من أجل تشخيص دقيق وصحيح لمرض أرتفاع ضغط الدم لابد أن تتم عملية قياس ضغط الدم عدة مرات ولأيام مختلفة . عادة يزيد أرتفاع ضغط الدم من المضاعفات التي يسببها السكري ، فقد يؤثر هذا الارتفاع على الأوعية الدموية الصغيرة ( Microvascular ) فيسبب أذى قد يصيب الكلى ( Nephropathy ) او شبكية العين ( Retinopathy ) ، او قد يصيب الأوعية الدموية الكبيرة             ( Macrovascular ) فيسبب تصلب الشرايين ( Atherosclerotic ) . وعادة يزيد من حالات الوفاة المبكرة .

يصنف أرتفاع ضغط الدم عند المرضى العاديين ، غير المصابين بمرض السكري عدة تصنيفات ، وكما هو مبين في الجدول التالي لأشخاص لايتناولون أي دواء مخفض ضغط الدم .

التصنيف

الضغط الانقابضي ( Systolic )   mm / Hg

الضغط الانبساطي ( Diastolic ) mm / Hg

مثالي

< 120

< 80

طبيعي

< 130

< 85

طبيعي مرتفع*

130 – 139

85 – 89

ضغط دم مرتفع

المستوى 1

المستوى 2

المستوى 3

 

140 – 159

160 – 179

180 = <

 

90 – 99

100 – 109

110 = <

* يمكن معالجته والسيطرة عليه بالحميه وتقليل ملح الصوديوم والرياضة وتقليل التوتر والاجهاد .

أن الهدف من علاج أرتفاع ضغط الدم عند المرضى هو المحافظة على القياس أقل من 140 \ 90 ملم زئبق . أما عند مرضى السكري فيجب المحافظة على القياس أقل من 130 \ 80 ملم زئبق ، لأن أرتفاع ضغط الدم عن 130 \ 80 ملم زئبق يعني الأصابة بأرتفاع ضغط الدم ، ويتوجب وصف العلاج لخفض ضغط الدم . بالاضافة الى المتابعة المستمرة لمراقبة ضغط الدم ، وأجراء كل الاختبارت الدورية لتجنب المضاعفات .

الوقاية والعلاج :

   ينقسم علاج كثير من الأمراض عادة الى قسمين ، القسم الاول لا يعتمد على العلاج الدوائي ، ويسمى عادة تغيير او تعديل نمط الحياة، قد يستمر لفترة قصيرة او طويلة اعتمادا على النتائج التي يتم الحصول عليها ، وفي حالة عدم الحصول على النتائج المطلوبة يتم الانتقال الى القسم الثاني من العلاج الذي يعتمد على الدواء ، مع عدم أهمال القسم الاول من العلاج والاستمرار عليه . أن الالتزام بتغيير نمط الحياة يمكن أن يكون بالاضافة الى كونه علاجا ، وقاية للناس الذين لديهم أستعداد وراثي للاصابة بأرتفاع ضغط الدم او ممن تجاوزوا الاربعين من العمر ويتعرضون للأجهاد بشكل مستمر .

تغيير او تعديل نمط الحياة : يتضمن تغيير العديد من العادات الحياتية التي أصبحت لا تتناسب مع مرض أرتفاع ضغط الدم ، وفي نفس الوقت يجب أن لا تتعارض مع المرض الأساس وهو مرض السكري ، والكثير من هذه التغيرات تتناسب مع علاج مرض السكري ايضا .

  1. الوزن : المرضى من أصحاب الوزن الثقيل ، قد يكون خفضهم للوزن عامل أساسي ومهم جدا في العلاج وفي السيطرة على ضغط الدم بالاضافة الى السيطرة على معدل السكري في الدم عند مستوى جيد ، وخفض الوزن قد يؤخر أستعمال الادوية لمدة طويلة او قد يستغني عنها ، كما يمنع من حصول المضاعفات . يتم  ذلك عن طريق تقليل تناول الأطعمة الدسمة المليئة بالدهون وممارسة الرياضة بشكل يومي .
  2. العادات الغذائية : يعتبر الغذاء الصحي المناسب عامل مهم جدا في السيطرة على كلا المرضين . لابد لمريض السكري  من الاهتمام بعاداته الغذائية والوجبات والاطعمة التي يتناولها والتركيز على تقليل السكريات، أما بالنسبة لمريض السكري وأرتفاع ضغط الدم فهناك عادات غذائية أخرى يجب عليه الاهتمام بها .

–  الابتعاد عن ملح الصوديوم ، كما ذكرنا في البـداية فأن ملح الصوديـوم هو الجزء الرئيسي في ملح الطعام ، فيجب الحذر من أستخدام الملح في الطعام والتقليل منه الى أقصى حد ، لأعتباره سببا رئيسيا لأرتفاع ضغط الدم ، لكونه يحصر كميات كبيرة من الماء مما يؤدي الى زيادة حجم الدم وبالتالي زيادة ضغطه على الأوعية الدموية . جاء في أحدى الدراسات الغذائية الطبية أن على مريض أرتفاع ضغط الدم عدم تناول أكثر من 2400 ملغم يوميا من الصوديوم ، علما أن محتوى ملعقة صغيرة من الملح هو 2300 ملغم . ويجب التذكير بأن أكثر المنتجات التي تحتوي على الملح هي الأغذية المحفوظة والمعلبة .

–  لايعني ضرورة الأبتعاد عن الصوديوم ، تجنب الاملاح الاخرى مثل الكالسيوم والبوتاسيوم واليود والمغنيسيوم . فالدراسات تشير الى أن خفض نسبة الكالسيوم يؤدي الى أرتفاع ضغط الدم . اما بالنسبة للبوتاسيوم فأن خفضه سيؤدي الى عدة مشاكل منها أرتفاع ضغط الدم ، ولابد من زيادة كمية البوتاسيوم المتناوله عند المرضى الذين يتناولون بعض الأدوية مثل مدررات البول      ( Diuretics ) التي تؤدي الى فقدان البوتاسيوم مع البول . أما في حالة وجود خلل في عمل الكلية او أخذ بعض الأدوية التي تؤدي الى أحتفاظ الجسم بالبوتاسيوم فيجب خفض كمية البوتاسيوم . بالنسبة لليود فأن نقصه يؤدي الى مشاكل في الغدة الدرقية . أما أنخفاض المغنيسيوم فقد لوحظ مع المصابين بالسكري ، بسبب دور المغنيسيوم المساعد في أفراز الانسولين .

–  هناك الكثير من المواد الغذائية التي تكون غير مناسبة لمريض السكري وأرتفاع ضغط الدم ، لابد من التقيد بها لتجنب فقدان السيطرة على أحد او كلا المرضين او حصول المضاعفات الخطرة . مـن هذه المواد : الدهون ، والسكريات ، واللحوم الحمراء ومنتجات الالبان الدسمة . لكن مع ذلك فأن سلة الغذاء مليئة ويمكن لمثل هؤلاء المرضى التعويض عن الأغذية غير المناسبة لهم ، وعمل نظام غذائي جيد وجديد والانتظام بعادات غذائية صحية للمحافظة على الصحة والحياة . تتنوع هذه الاغذية من الخضراوات والفواكه ( عدا ما يحتوي على السكريات ) والبقول واللحوم البيضاء ( السمك والدجاج ) والمكسرات ( غير المالحة). يجب التركيز على الأغذية التي تحتوي على الالياف لكونها مهمة جدا لمريض السكري . كذلك تناول بعض المنتجات النباتية التي تحتوي على البوتاسيوم كالموز ، والفراولة ، والطماطة  ، والمشمش . بالأضافة الى نوع الأغذية فالاهتمام بطريقة طهو الطعام مهم جدا ، فيفضل دائما المسلوق والمشوي لتجنب الدهون . كما أن وضع أنواع من البهارات مفيد لتجنب وضع الملح.

–  الأعتدال او التقليل من الكافيين في المشروبات ، لأن كما هو معروف بأن الكافيين قد يزيد من أرتفاع ضغط الدم وتفاقم أمراض القلب . بالاضافة الى أنه قد يسبب الارق الذي يؤدي الى التوتر وبالتالي أرتفاع ضغط الدم .

–  بالنسبة للمرضى الذين لديهم خلل في عمل الكليتين ، فأن  تجنب الملح مهم جدا ، لأنه كما هو معروف فأن تصفية الملح تتم عبر الكليتين ، وأن وجود أي خلل فيهما قد يؤدي الى تجمع الاملاح وبالتالي حصول مشاكل كثيرة أهمها أرتفاع ضغط الدم .

  1. الرياضة : الاصابة بمرض السكري من النوع الثاني عادة تظهر فيمن تجاوز الخامـسة والثلاثين مـن     العمر ، أما الاصابة بالسكري وأرتفاع ضغط الدم معا فتظهر عادة فيمن تجاوز الاربعين من العمر مالم يكون مريض السكري أصلا مصابا بأرتفاع ضغط الدم . لذلك فأن ممارسة الرياضة المناسبة شيء ضروري جدا كعلاج تكميلي لهذين المرضين ، وذلك لعدة أسباب :
  1. السيطرة على معدل السكر في الدم
  2. السيطرة على ضغط الدم
  3. خفض الوزن
  4. المساعدة في زيادة سرعة هضم الطعام وحرق المزيد من السعرات الحرارية .
  5. تحريك الدورة الدموية .

أن أختيار الرياضة المناسبة شيء مهم جدا ، لأن الاصابة بالسكري وأرتفاع ضغط الدم قد يؤديان الى الاصابة بأمراض القلب ، لذلك فالرياضة المجهدة تكون في بعض الاحيان ذات تأثير سلبي على المريض . والرياضة يجب أن تتناسب مع عمر المريض وقابليته البدنية ، ولابد أن تكون مستمرة وتفضل ان تكون بشكل يومي .  من أحسن أنواع الرياضة التي يمكن للمريض ممارستها المشي لنصف ساعة يوميا ، او استعمال الدراجة الثابتة مع بعض الحركات الارضية . يجب تجنب الالعاب الثقيلة كرفع الاثقال لأنها قد تؤثر على شبكية العين ،  او الركض لمسافات طويلة او تسلق المرتفعات لأنها مجهدة للقلب . كما أن أجراء بعض الفحوصات على العين والأعصاب والقلب والكلى مهم جدا للتأكد من كون الرياضة المختارة لا تؤثر على وظائف هذه الاعضاء .

لابد للذين يمارسون الرياضة أن تكون لديهم معرفة بأعراض أنخفاض السكر في الدم ، حتى يتجنبون حصول مثل هذه الحالات عند ممارستهم الرياضة .

  1. الاقلاع عن التدخين وتعاطي الكحول : لما لهاتين العادتين السـيئتين من أضرار مباشرة على صحة الفرد ، والتأثير المباشر على الرئتين والقلب وأرتفاع ضغط الدم وأنخفاض المناعة ، والتأثير المباشر في أستقلاب الدواء .
  2. الابتعاد عن الضغط النفسي والاجهاد والتوتر : تؤدي هذه العوامل جميعا الى الأصابة بالسكري وأرتفاع ضغط الدم وتفاقم المرضين وحصول المضاعفات الخطرة . لذلك من واجب أي عائلة أحد أفرادها مصاب بأحد المرضين او كلاهما مراعاة الجانب النفسي وتوفير سبل الراحة له . على ان لا ينسى أي مريض دوره المهم في تجنب مثل هذه العوامل . فأخذ قسط من الراحة يوميا، وعدم القلق ، والابتعاد عن كل ما يؤدي الى التوتر ، خطوات تساعد في السيطرة على ضغط الدم والسكري .

 

    كما هو ملاحظ ، فأن كلا المرضين يشتركان في العلاج الذي لا يعتمد على الدواء ، بالأضافة الى وجود أمراض أخرى تشترك معهما في هذه الخطوات ، لذلك لابد من مراعاة النقاط السالفة الذكر قبل بدء العلاج وخلاله وأعتبارها جزء أساسي من العلاج ، لتجنب حصول المضاعفات او تدهور المرض . وكلمة أخيرة في هذا المجال ، أن الاعتدال في أي شيء ضروري ومهم جدا ، فالاعتدال في الغذاء والرياضة يساهم بشكل كبير في العلاج . والأمل كبير في أن يقلل هذا النوع من العلاج من كمية الأدوية الموصوفة وبالتالي تقليل الاثار الجانبية والتكلفة المادية المترتبة على هذه الأدوية .

 العلاج بالادوية :

    سنتناول في هذا الجانب أدوية خفض ضغط الدم ، وتأثيرها على السكري ، وأي منها مناسب لعلاج مريض السكري . فكما هو معروف ، فأن مرض السكري يزيد من أحتمالية الأصابة بأمراض القلب مرتين الى أربع مرات عن الشخص غير المصاب بالسكري . بالأضافة الى جعل المريض أكثر عرضة للأصابة بأذى في الكليتين ، لذلك من الضروري السيطرة على ضغط الدم عند المستوى المطلوب لمنع حصول أذى للكليتين وبالتالي الوصول الى المراحل النهائية من تلف الكليتين .

عموما ، فأن المرضى المصابين بالسكري مع أرتفاع ضغط الدم يحتاجون الى أكثر من نوع واحد من الأدوية ، وأن أختيار دواء خفض ضغط الدم يجب أن يتحدد وفق الشروط التالية :

  1. خفض ضغط الدم
  2. حماية مريض السكري من الأصابة بخلل او أستمرار التدهور في عمل الكليتين
  3. تجنب المضاعفات الاخرى

    حتى مع أختيار الدواء المناسب للمريض ، فأن العلاج ربما يكون غير ذا جدوى ، اذا لم يكن الاهتمام بالعوامل الاخرى متناسقا مع أخذ العلاج ، فزيادة تناول الملح في الطعام مثلا يمكن أن يجعل العلاج بالأدوية غير فعال بشكل مناسـب ، وقد أثبتت العديد من الدراسات ذلك ، خصوصا عند كبار السن ممن يعانون من أرتفاع ضغط الدم .

سنأتي الان على ذكر مجاميع الأدوية المستخدمة في علاج أرتفاع ضغط الدم بشكل عام وبشكل مفصل ، وأي منها مناسب ومتوافق مع علاج مريض السكري :

  1. مدررات البول ( Diuretics )
  2. حاصرات بيتا ( Beta blockers )
  3. مثبطات ايس ( Angiotensin-Converting Enzyme ” ACE ” Inhibitors )
  4. حاصرات الكالسيوم ( Calcium channel blockers ” CCBs ” )
  5. مثبطات أنجيوتينسين 2 ( Angiotensin II receptors blockers ” ARBs ” )
  6. حاصرات الادرينالين ” الالفا واحد ” ( Adrenergic ” Alpha 1 ” blockers )
  7. مدررات البول ( Diuretics ) :

مدرر الثايزايد ( Thiazide ) مثل الهيدوكلوروثايزايد ( Hydrochlorothiazide ) او الكلورثاليدون                               ( Chlothalidone)  ، يعتبر المدرر من أدوية الخط الأول في علاج أرتفاع ضغط الدم . تستعمل المدررات عادة في علاج أرتفاع ضغط الدم المصحوب بالأستسقاء ( Edema ) ، وأمراض الكلى ، وأرتفاع ضغط الدم المعتمد على الحجم من دون أستسقاء مثل الذي يكون عند مرضى السكري من النوع الثاني . يجب أستعمال أقل جرعة ممكنة بالنسبة لمرضى السكري من النوع الثاني مع مراقبة مستمرة لمستويات البوتاسيوم والسكر في الدم . في حال عدم أستعمال المدررات كخط علاجي أول فقد تضاف لعلاج أرتفاع ضغط الدم غير المسيطر عليه وتكون بجرعات منخفضة . أن أستعمال الجرعات الصغيرة يرجع الى التأثير الجانبي غير المرغوب فيه للمدرر ، والذي يكون عادة معتمدا على الجرعة ، لذلك فالجرعات الصغيرة غالبا ما تكون من دون تأثيرات جانبية.

  1. حاصرات بيتا ( Beta-Blockers ) :

مثل بروبانولول ( Propanolol ) ، اتينولول ( Atenolol ) ، ميتوبرولول ( Metoprolol ) ، تستعمل كذلك كخط علاجي أول في حالات أرتفاع ضغط الدم عند المرضى العاديين، لكن هناك بعض التحفظات عند أستعمال هذا الدواء عند المرضى المصابين بأرتفاع ضغط الدم والسكري معا . ذلك لعدة أسباب :

  1. يمكن أن تقلل من أفراز الانسولين الى الدم ( بذلك ترفع من معدل السكر في الدم )
  2. يمكن أن تغطي على الأعراض التي ترافق هبوط السكر ( Hypoglycemia ) ، والتي تتضمن رعشة وخفقان وزيادة في سرعة القلب .
  3. التأخر في أستعادة الحالة الطبيعية بعد هبوط السكر .

     بالأضافة الى أن حاصرات بيتا يمكن أن تؤدي الى أرتفاع مستوى الدهون الثلاثية ( Triglycerides ) وأنخفاض الكوليستول عالي الكثافة ( HDL ) ، وأضطراب في أنتصاب العضو الذكري ، بالأضافة الى تفاقم الخلل في الأوعية الطرفية ، وهي مشكلة شائعة عند مرضى السكري .

عموما ، اذا كانت هناك مشكلة في عملية أستقلاب ( Metabolism ) الدواء ، فأن دواء مثل كارفديلول ( Carvedilol ) ، حاصر أنتقائي لبيتا واحد ، قد يؤدي الى تقليل أحتمالية حدوث هبوط في السكر وزيادة في الدهون ( Hyperglycemia ) . من المهم جدا لمرضى السكري الذين يتناولون حاصرات بيتا أجراء تحليل لسكر الدم وعلاج أنخفاض سكر الدم في حالة وجوده عند قراءة 70 ملغم \ دلتالتر او أقل ، بغض النظر عن وجود الأعراض او عدم وجودها. بالأضافة الى مراقبة لمستوى البوتاسيوم ، والدهون ، والهيموغلوبين ( A1c ) الذي ينصح به أيضا . يمكن أن تستعمل هذه المجموعة من قبل مرضى السكري الذين لديـهم ذبـحة قلبية           ( angina ) .

  1. مثبطات ايس ( ACE Inhibitors ) :

مثل اينالبريل ( Enalpril ) ، و كابتوبريل ( Captopril ) ، و ليسينوبريل ( Lisinopril ) . التي تسترعي أهتماما خاصا لتأثيرها العلاجي الكبير عند مرضى السكري وأرتفاع ضغط الدم . فهي لا تعمل على تقليل ضغط الدم فقط ، بل لها تأثير كبير في تقليل اللبومين البولي ( Microalbuminuria ) والبول البروتيني ( Proteinuria ) ، وبالتالي تقليل فرص الأصابة بخلل في عمل الكليتين عند مرضى السكري المصابين او غير المصابين بأرتفاع ضغط الدم .

عموما ، تعتبر هذه المجموعة الدوائية خط علاجي أول لعلاج مرضى السكري ممن لديهم مرض كلوي ( Nephropathy ) ، مالم تكن أصلا محظورة على المرضى او بسبب الأثار جانبية التي قد تظهر على المرضى مثل السعال الذي لا يستطيع تحمله بعض المرضى ، وفي مثل هذه الحالة يستبدل العلاج بـ مثبطات انجوتينسين 2 ( ARBs ) .

بعض التعليمات التي يوصى  بها مرضى السكري ممن يتناولون مثبطات ايس هي المتابعة المستمرة لمستوى البوتاسيوم ، ووظائف الكلى .

تعتبر هذه المجموعة الأفضل في علاج مرضى السكري بوجود خلل في عمل الكليتين اوالمرضى ممن لديهم مشاكل في القلب .

  1. مثبطات انجيوتينسين 2 ( ARBs ) :

مثل اربسارتان ( Irbesartan  ) ، و لوسارتان ( Losartan ) . لها نفس تأثير مثبطات ايس لكنها تختلف في الالية العمل ، وقد تستعمل كبديل لمثبطات ايس في حال عدم قدرة المريض على أحتمالها . تستعمل هذه المجموعة بكثرة عند مرضى أرتفاع ضغط الدم والمرضى الذين لديهم خلل في عمل الكليتين .

كما هو الحال مع مثبطات ايس تعمل مثبطات انجيوتينسين 2 على تأخير تطور مرض الكلى عند المصابين بالسكري . كذلك يجب مراقبة مستوى البوتاسيوم في الدم و عمل الكليتين عند تناول هذا الدواء .

  1. حاصرات الكالسيوم ( CCBs ) :

مثل املوديبين ( Amlodipine ) الذي ينتمي الى مجموعة دايهيدروبيريدين ( Dihydropyridine ) وفيراباميل                  ( Verapamil ) وديلتيزيم ( Diltiazem ) اللذان ينتميان الى مجموعة ( Nondihydropyridine ) ، التي تساعد في تقليل نسبة بروتين الالبومين الذي يطرح في البول ، بالاضافة الى تقليل حدوث أزمات القلب . هناك أختلافات بين هاتين المجموعتين . المجموعة الثانية تعمل على تخفيض سرعة القلب وأعطاء حماية أضافية للكلى عندما يعطى مع مثبطات ايس .

لكن قد يتكون أستسقاء ( Edema ) عند بعض المرضى مع حاصرات الكالسيوم ،  وقد تكون أقل تناسبا مع كبار السن . وهي مثل مثبطات ايس ، ليس لديها أي تأثير عكسي على مستوى السكر في الدم او الدهون . ويمكن أستعمالها من قبل مرضى السكري المصابين بذبحة قلبية .

  1. حاصرات الادرينالين ” الفا واحد ” ( Adrenergic ” Alpha-1 ” Blockers ) :

أستعمال حاصرات الادرينالين مثل برازوسين ( Prazosin ) ، وتيرازوسين ( Terazosin ) ، و دوكسازوسين                    ( Doxazosin) لمرضى السكري مع أرتفاع ضغط الدم أمر مثير للخلاف . ففي أحدى الأختبارات السريرية على أدوية علاج أرتفاع ضغط الدم عند مرضى السكري ، تم أيقاف العلاج بهذا الدواء لآرتفاع نسبة حدوث المضاعفات . لكن مع هذا تستعمل هذه المجموعة كعلاج تكميلي في حالات أرتفاع ضغط الدم . علما أن حاصرات الفا ، مثل برازوسين ، ليس لها أي تأثير عكسي على السكر في الدم او الدهون .

فيما يلي جدول لبيان الالية عمل الأدوية المستخدمة في علاج أرتفاع ضغط الدم ، وتأثيرها على السكر في الدم ، وتأثيرها على الانسولين ، وعلى الدهون ، وتأثيراتها الجانبية المتوقعة .

 

أسم المجموعة الدوائية

الألية العمل

التأثير على السكر في الدم

التأثير على الانسولين

التأثير على الدهون

التأثيرات الجانبية

 

مدررات البول  ( Diuretics )

 

تخلص الجسم من الملح الزائد والماء من خلال طرحه مع البول

 

قد تؤدي الى أرتفاع ملحوظ في السكر بالدم

 

تقلل من الحساسية للانسولين

 

عند الجرعات العالية تؤدي الى أرتفاع الكوليسترول والدهونالثلاثية

– زيادة عدد مرات التبول

– جفاف الفم

– بعضها يؤدي الى انخفاض  البوتاسيوم في الجسم

– خلل في أنتصاب العضو الذكري

– قد تزيد من تدهور الخلل في الكليتين

 

حاصرات بيتا ( Beta-Blockers )

 

– تقلل أنقباض عضلة القلب

– تقلل من سرعة القلب

 

– قد ترفع السكر في الدم

– تغطي على أعراض انخفاض السكر في الدم

 

– تقلل من أفراز   الانسولين

– تقلل من الحساسية للانسولين

– تزيد الدهون الثلاثية

– تقلل من الكوليسترول عالي الكثافة

– تؤخر الرجوع من حالة أنخفاض السكر في الدم

– قد تزيد من نوبات الربو

– قد تسبب الكوابيس

– بطئ في النبض

– خلل في أنتصاب العضو الذكري

موسعات الأوعية الدموية

(Vasodilators)

 

توسيع الأوعية الدموية

 

قد ترفع السكر في الدم

 

لا تأثير

 

لا تأثير

– زيادة سرعة القلب

– حصر السوائل في الجسم

– الالم في المفاصل

حاصرات الكالسيوم

( Calcium Channel Blockers )

– تقلل أنقباض عضلة القلب

– توسيع الأوعية الدموية

 

لا تأثير

 

لا تأثير

 

لا تأثير

– قد تخفض من سرعة القلب

– تجمع السوائل في القدم

– امساك

– تفاقم في مشاكل القلب

 

حاصرات الادرينالين (الفا واحد)

(Alpha adrenergic blockers)

 

 

 

ترخي عضلات الأوعية الدموية من خلال التأثير على وظائف النظام العصبي

 

لا تأثير

 

لا تأثير

 

لا تأثير

– في بعض الحالات قد تؤدي الى تجمع السوائل

– أنخفاض ضغط الدم الفجائي عن الوقوف خصوصا عند بدء الاستعمال

 

مثبطات ايس(ACE Inhibitors)

 

تمنع تحرر مادة كيميائية تسمى (Renine) تساعد في تغيير كيمائي في الكلية يؤدي الى أنخفاض في ضغط الدم

 

قد تساعد في السيطرة على السكر في الدم

 

تزيد من الحساسية للانسولين

 

لا تأثير

– السعال عند 10 % من المرضى

– زيادة البوتاسيوم

– تفاقم الخلل في الكليتين

 

مشارك الفا 2

(Alpha 2 agonists)

 

يوثر مباشرة على مراكز السيطرة على ضغط الدم في الدماغ

 

لا تأثير

 

تمنع أفراز الانسولين (سكري النوع الثناني)

 

لا تأثير

– فقر الدم

– انخفاض فجائي في ضغط الدم عند الوقوف

– جفاف الفم

– العجز الجنسي

مثبطات انجيوتينسين 2

(Angiotensin II receptor antagonists)

تغلق المستقبل المسؤول عن عمل انجيوتيسين مما يؤدي الى عدم أرتفاع ضغط الدم

 

لا تأثير

 

لا تأثير

 

لا تأثير

– أرق

– أسهال

– تشنج عضلي

– سعال

 

هناك بعض التحاليل والأختبارات التي يجب أن يجريها مريض السكري وأرتفاع ضغط الدم بشكل دوري . لأستمرار السيطرة المستمرة على كلا المرضين من أجل تجنب المضاعفات ، وأستبدال او تغير العلاج في الوقت المناسب . من هذه الاختبارت :

  1. أختبار قياس السكر في الدم .
  2. أختبار الاملاح في الدم ( صوديوم ، بوتاسيوم ، الخ … ) .
  3. فحص الكليتين ويتم عن طريق قياس الكريتانين ( Creatinine clearance ) ، والبروتين في البول                           ( Microalbuminuria ) .
  4. أختبار الكوليسترول والدهنيات الثلاثية ( & Triglycerides Total cholesterol ) .
  5. فحص العين : لفحص شبكية العين وضغط العين .
  6. فحص ضغط الدم
  7. أجراء أختبار الـ ECG لفحص عمل القلب .