الصدفية مرض جلدي مزمن، يصيب الجنسين (الذكر والأنثى) بنسب متساوية تقريباً، ولا يعرف سبب حدوث المرض حتى الآن، مع أن هناك دلائل تشير إلى أن العوامل الوراثية تلعب دوراً في حدوث المرض.

 

يبدأ المرض بتغير في طبيعة الجلد فتنتج عنه في بعض مناطق الجلد خلايا جلدية جديدة أسرع كثيراً من الطبيعي، وذلك بسبب اضطرابات مناعية تحدث في الخلايا الجلدية. ويظهر المرض، غالباً، على فروة الرأس والركبتين والمرفقين وأسفل الظهر والكاحل، وعلى أظافر اليدين والقدمين، وأيضاً على المناطق التناسلية.

وتظهر الصدفية عندما تصل دورة خلايا الجلد المسماة الخلايا الكيراتينية إلى سطح الجلد. وتتشكل هذه الخلايا في الجزء الأسفل من الطبقة الخارجية للجلد (epidermis).

وتحتاج هذه الخلايا في العادة إلى فترة 28 يوما للانتقال من الشريحة السفلى إلى الطبقة الخارجية للجلد نحو الشريحة العليا لها. وتحدث هذه العملية للمصاب بالصدفية في فترة لا تتعدى 3 إلى 4 أيام. وتتراكم الخلايا بسرعة مشكلة مناطق حمراء مغطاة بقشور فضية.

وهناك دلائل متزايدة على أن الصدفية، وخصوصا الحالات الشديدة منها، ترتبط مع حالات مَرضية شديدة أخرى. فقد افترضت دراستان اجريتا عام 2009 بأن الأشخاص المصابين بالصدفية لديهم معدلات أعلى من الإصابة بتصلب الشرايين (atherosclerosis)، وبمرض الشرايين المحيطية (peripheral artery disease) والنوبات القلبية، والسكتات الدماغية، والوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية.

ورغم أن الصدفية لا تتسبب في حدوث أي من هذه الأمراض، فإنها تتشارك معها في عدد من الملامح، وبالضبط في وجود حالة التهابية، وبوجود نشاط لأنواع معينة من البروتينات المسماة (cytokines).

ويكون الالتهاب، وهذا النوع من البروتينات، مسؤولين عن الكثير من أعراض الصدفية، كما يشاركان في حدوث تصلب الشرايين المؤدي إلى انسداد الأوعية الدموية، وإلى مقاومة الأنسولين، وكذلك إلى احتمال فقدان كثافة العظام.

إلا أنه من غير الواضح القول إن معالجة الصدفية قد تؤدي إلى تقليل خطر أمراض القلب. ولكن إن كنت مصابا بالصدفية فعليك أن تهتم على وجه الخصوص بعوامل الخطر على القلب والأوعية الدموية، التي تشمل ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستوى الكولسترول، والتدخين، والتمارين الرياضية، والنظام الغذائي.

أسباب الصدفية

لا يزال السبب المؤدي إلى حدوث هذا المرض الناجم عن خلل في جهاز المناعة مجهولا، إلا أن الدلائل تفترض وجود تفاعلات معقدة بين عوامل متعددة مثل الاستعداد الوراثي (نحو 40 في المائة من المصابين بالصدفية لديهم تاريخ عائلي للمرض)، وتأثيرات العوامل البيئية، وأخرى لنمط الحياة، ومنها السمنة، التدخين، تناول الكحول بكثرة.

ووفقا لإحدى النظريات فإن المتهم الرئيسي في حدوث المرض هو حدوث رد فعل مفرط أكثر من اللازم من جهاز المناعة تجاه عملية محفزة، مثل التوتر، والإصابة بعدوى (مثل عدوى المكورات العقدية “strep” في البلعوم)، وحدوث خدوش جلدية، أو تناول الأدوية (حاصرات بيتا أو الليثيوم على سبيل المثال).

النظرية الأخرى ترى أن الصدفية هي مرض من أمراض المناعة الذاتية تشارك في حدوثها مادة تسمى (tumor necrosis factor- alpha)ا i(TNF-alpha)iوهي مادة تشارك في رد فعل الجسم العادي عند حدوث عدوى. وتنتج هذه المادة بكمية أكثر من اللازم لدى الأشخاص المصابين بالصدفية، ولهذا فإنها قد تستفز جهاز المناعة لمهاجمة أنسجة الجسم نفسه.

التشخيص

لا توجد فحوصات مختبرية لتشخيص الصدفية، إلا أن غالبية الأطباء يشخصون لويحات الصدفية، وهي أكثر أعراض المرض شيوعا، وكذلك الأعراض التي يتحدث عنها المريض، وتاريخه الصحي، والتاريخ الصحي العائلي له. وإلى جانب هذه اللويحات، يمكن أن تشمل الأعراض أظافر الأصابع ذات الندوب، التي فقدت لونها وفقدت سطحها الأملس. كما تظهر لدى بعض المصابين حالات التهاب المفاصل الصدفي (psoriatic arthritis)، مع آلام في المفاصل، والتصلب، والتورم فيها، وخصوصا في الأصابع.

ولا يستطيع الأطباء بسهولة تشخيص أنواع الصدفية الأقل شيوعا. وعلى سبيل المثال فإن الأطباء يمكنهم الخطأ في تشخيص “الصدفية المقلوبة أو المعكوسة” (inverse psoriasis) التي لا تولد أي جلد متقشر، واعتبارها عدوى بالبكتريا أو الفطريات. وفي حالات نادرة يمكن للأطباء أخذ عينة من الجلد للتأكد من الإصابة بالصدفية واستبعاد أي أمراض أخرى.

العلاج

ولا يوجد حاليا أي علاج شاف من الصدفية، إلا أن الكثير من العلاجات يمكنها تقليل أعراض المرض وتحسين مظهر الجلد. ويعتمد العلاج على نوع الصدفية، وعلى درجة شدتها، وعلى الأفضليات الشخصية.

ويمكن أن تنفذ الاستراتيجيات الرئيسية الثلاث للعلاج معا أحيانا، وهي: الأدوية الموضعية، والتعريض للأشعة فوق البنفسجية، والعلاجات الجهازية.

– الأدوية الموضعية 

  • الأدوية الموضعية (topical medications) توظف لعلاج حالات الصدفية الخفيفة إلى المتوسطة. وأولى خيارات العلاج في العادة هي المراهم والكريمات (الدهانات)، والشامبو، والمحاليل السائلة الأخرى، فهي تقلل التقشر، والألم، والحكة، بالإبقاء على الجلد ناعما، ورطبا، أي أقل جفافا.

وتعتمد الخيارات على سهولة استخدام أي منها لمواضع الجسم المختلفة، فمثلا يمكنك وضع المراهم ليلا ثم وضع الكريمات (الدهانات) نهارا لأن تركيز الدهون أقل في الأخيرة. ولأن حالة الصدفية لا تسوء عادة، فإنه إن كانت الحالة خفيفة (لويحة واحدة على الركبة وواحدة أخرى على مرفق اليد، مثلا) فإن كل ما ينبغي عمله هو وضع المراهم المرطبة، بعد الاستحمام

  • قير الفحم (coal tar) ويعتبر أحد أنواع العلاج المجربة على مدى الدهر. ولا تزال آلية تأثيره غير واضحة، إلا أنه كما يبدو يخفض تكاثر الخلايا الجلدية التي تقوم بتشكيل اللويحات المتقشرة. ويمكن الحصول على منتجات قير الفحم مثل الدهانات والشامبوهات من دون وصفة طبية، إلا أنها تشوه الجلد والشعر والملابس ببقعها، ولذا يستخدم أكثر المصابين مستحضرات جلدية أخرى.

  • الدهانات الاسترويودية القشرية (corticosteroid creams): تقوم بتقليل الالتهاب بسرعة، والتحكم بالحكّة، أي تقليلها، وتساعد في نفس الوقت على درء تشكيل أورام جديدة. وتوضع هذه الدهانات مرتين في اليوم عادة حتى يتم تطهير الجلد وتحسين مظهره، ثم توضع بعد ذلك بشكل متقطع للحفاظ على تلك التحسينات. إلا أن استخدام الأدوية الاسترويودية القشرية القوية لفترات طويلة يمكنه أن يؤدي إلى إلحاق الضرر بالجلد، ولذا ينبغي استخدام أقل الأدوية مفعولا للتحكم بأعراض المرض.

  • العلاجات الموضعية الجديدة: التي أثبتت فاعليتها وتشمل نوعين من فيتامين د- وهما كالسيبروتين (calcipotriene)، ودوفونيكسDovonex)i) وكالسيتريول (calcitriol)، وفكتيكال (Vectical) – يؤخذان بوصفة طبية. وهما فعالان بدرجة متساوية، إلا أنه يبدو أن دواء “كالسيتريول” يتسبب في حدوث تهيج أقل للجلد من الدواء الثاني. ويعتقد أن كلا الدواءين يمنع تكاثر الخلايا الكيراتينية.

العلاج الضوئي:

الأشعة فوق البنفسجية: تتحسن الصدفية في موسم الصيف لأن الجلد يكون معرضا أكثر لهذه الأشعة الآتية من الشمس، التي تقضي بسرعة على الخلايا المتكاثرة.

ويمكن للمصابين تعريض مناطق الإصابة إلى الأشعة فوق البنفسجية «بي» (ultraviolet B – UVB) بالطريقة المسماة العلاج الضوئي، التي توظف في أي وقت من أوقات السنة لوحدها أو مع علاجات موضعية أخرى. ويتطلب العلاج إجراء 30 جلسة (ثلاث جلسات أسبوعيا لمدة 10 أسابيع)، في المستشفى أو العيادة. كما توجد نظم للعلاج الضوئي المنزلي.

وللعلاج الضوئي علاج قريب جدا منه هو العلاج الكيميائي الضوئي الذي يعرض فيه المريض للأشعة فوق البنفسجية «إيه» (ultraviolet A – UVA) بعد أن يتناول دواء يقوم بعملية التركيب الضوئي. وتتغلغل هذه الأشعة فوق البنفسجية «إيه» إلى أعماق أبعد من الأشعة فوق البنفسجية «بي». ومع أن «UVA» أقل حرقا للجلد من «UVB»، إلا أنها تزيد من خطر إصابته بالسرطان، ولذا فإن اختيار هذا العلاج يتطلب متابعة من طبيب الأمراض الجلدية.

وفي علاج آخر بالأشعة فوق البنفسجية، يرسل شعاع ليزر مركز ذو طاقة عالية على منطقة الإصابة بالصدفية. وهنا يمكن استخدام جرعات عالية من «UVB».

علاجات شاملة:

العلاجات الجهازية (systemic treatments) : قد تتطلب الحالات الشديدة من الصدفية العلاج بالأدوية المتناولة عبر الفم أو بواسطة الحقن، التي تؤدي مفعولها لكل الجهاز أو المنظومة. وينبغي مراقبة أي شخص يعالج بعلاجات الجهاز مراقبة دقيقة من قبل الطبيب لأن كل الأدوية قد تولد أعراضا جانبية خطيرة.

وتكون الاختبارات والفحوصات التي يحتاج إليها الطبيب للتأكد من تلك الأعراض تكون ذات كلفة عالية، وكذلك الأدوية نفسها التي لا نعرف حتى الآن مدى سلامتها وفاعليتها على المدى الطويل. ومع هذا فإن بمقدور هذه العلاجات تحسين نوعية الحياة بشكل كبير للمصابين بحالات الصدفية الشديدة، أو المعيقة، أو المسببة لتشويه الشكل.

وهناك نوعان من علاجات الجهاز يستخدمان لعلاج الصدفية: العلاجات التقليدية، والعلاجات البيولوجية (biologics).

 –  العلاجات الجهازية التقليدية أدوية “ميثوتريكسايت” (methotrexate)، “سايكلوسبورين” (cyclosporine)، و”أسيتريتين” (acetretin) و”سورياتين” (Soriatane).

ودواء “ميثوتريكسايت” هو الأكثر شيوعا في وصف الأطباء له لعلاج الجهاز. وقد استخدم بالأساس لعلاج السرطان، وهو يقوم بتثبيط عمل إنزيم يشارك في عملية تكاثر الخلايا (وتكون الجرعات التي تؤخذ منه لعلاج الصدفية والتهاب المفاصل الصدفي أقل بكثير من جرعات العلاج الكيميائي للسرطان). أما دواء “سايكلوسبورين” الذي يؤخذ عن طريق الفم فإنه يؤدي مهمته بوقف نشاط نوع من الخلايا المناعية وإبطاء نمو الخلايا الجلدية. وتشمل أخطار تناول “ميثوتريكسايت” حدوث أضرار في الكبد والكلية، أما خطر “سايكلوسبورين” فيشمل خطر حدوث ضرر في الكلية وارتفاع ضغط الدم.

وبالنسبة إلى دواء “أسيتريتين” فإنه يعتقد أنه يساعد في التحكم بتكاثر الخلايا. ويوصى بتناوله في الغالب لأنواع الصدفية البثرية (pustular psoriasis) وحالة احمرار الجلد بسبب الصدفية (erythrodermic psoriasis). وتشمل الأعراض الجانبية المحتملة له التهاب الشفة وسقوط الشعر.

ولا ينبغي على النساء الحوامل أو اللواتي يرغبن في الإنجاب تناول أدوية “ميثوتريكسايت”، أو “سايكلوسبورين”، أو “أسيتريتين”. أما النساء اللواتي يتناولن “أسيتريتين” فعليهن تجنب الحمل لمدة ثلاث سنوات بعد التوقف عن تناوله.