حتى الآن لم يشاهدني احد متلبسا بصورة “سيلفي” لأني لا ألتقط صورا بهذه الطريقة وتعودت على الطريقة القديمة، اقف امام الكاميرا وهناك من يلتقط صورة لي. قد تدخل عدة عوامل في عدم الرغبة تلك، ربما العمر، او الطبائع الشخصية، او حتى عدم الرغبة في ذلك. ماذا عن الآخرين الذين يلتقطون مثل تلك الصور، ويتشابهون معي في نفس العوامل؟

“السيلفي”، اصبحت ظاهرة عالمية، أو هوساً يمارسه الجميع من كل الفئات العمرية، ومن مختلف الطبائع الشخصية، و برغبة قد تصل الى تصنيف ذلك من ضمن امراض الواقع الافتراضي.

الظاهرة بدأت في العام 2002 ومن خلال ظهور الكلمة في منتدى استرالي، واحتاجت إحدى عشرة سنة لتصبح كلمة العام 2013، ويمنحها قاموس أوكسفورد الإنكليزي المرجعي تعريفا مفاده (صورة ملتقطة ذاتيا بواسطة هاتف ذكي أو ويبكام وتنشر على موقع للتواصل الاجتماعي). و لتؤسس ايضا كلمة اخرى مرتبطة بها وهي (Selfieism) وتعني: حالة مرضية تطلق على الشخص المهووس بالتقاط الصور لنفسه بشكل مبالغ فيه.

– تعود بدايات “السيلفي” الى العام 1917 والى المصور الأسترالي توماس بيكر الذي وضع كاميرته العتيقة أمام مرآة، وارتدى ملابس عسكرية، وصور نفسه. الا ان الفارق بين تلك الصورة الاولى، والصورة الحالية هو مواقع التواصل الاجتماعي التي سمحت لمثل هذه الظاهرة بالتمدد، والتي وصلت خلال العام 2014 الى اقصى مدى؛ حيث التقطت نحو 880 مليار صورة، أي 123 صورة لكل واحد من سكان الأرض. ويتوقع أن يكون الكثير منها من نوع “سيلفي”.

– هذا الرقم سيكون خاضعا للتصنيف النوعي (رجل وامرأة)، حيث ستكون نسبة صور الرجال منها 17% و 10% من النساء.

“السيلفي” كظاهرة خضعت لعدد من التفسيرات، فهي (بمثابة كلمة جميلة نوجهها إلى أنفسنا)، أو هي (جانب النرجسية في ثقافتنا)، أو هي (تعبر عن آرائنا)، أو أنها (تزيد ثقتنا بأنفسنا)، أو أنها (نوع جديد من التواصل الاجتماعي).  تدل التفسيرات المتعددة لهذه الظاهرة، انها صارت فلسفة بحد ذاتها، كما كتب دان زاك، المعلق الثقافي في صحيفة “واشنطن بوست”.

– في المقابل، أشارت دراسة أجرتها الرابطة الأمريكية للطب النفسي أن انتشار هذه الظاهرة بشكل واسع و حاد في صفوف بعض الشباب، قد يشير الى الإصابة باضطراب عقلي لدى مدمنيها، عندما يتجاوز الأمر الى أن تصبح حالة مزمنة، وقد شخصت الدراسة حالة ناشط فيسبوكي فقد السيطرة على نفسه أمام رغبته الجامحة في تصوير نفسه “على مدار الساعة”، ومشاركة الصور في المواقع الإجتماعية، لست مرات في اليوم على الأقل بشكل مستمر.

– قد أطلق القائمون على هذه الدراسة مصطلح “selfitis” على الاضطراب العقلي المُشار إليه، ويوصف بأنه انعكاس لرغبة جامحة في “التعويض عن انعدام الثقة بالنفس وفجوة في العلاقة الحميمة”. كما خلصت الدراسة إلى ثلاثة مستويات من “selfitis”:

1- الخفيفة: وتتمثل في التقاط الصور بعدد لا يقل عن ثلاث مرات، ولكن دون نشرها في مواقع التواصل الاجتماعية.

2- الحادة: وتعني التقاط الصور أكثر من ثلاث مرات أيضا، لكن مع نشر هذه الصور في المواقع.

3- المزمنة: وتشخص حالة ناشط يفقد السيطرة على رغبته في تصوير نفسه «على مدار الساعة»، ونشر الصور في المواقع ست مرات في اليوم على الأقل.

– ومن ضمن التحليل النفسي لهذه الظاهرة ايضا، أن الإغراق في هذه الممارسة يعود إلى إسقاطات نقص، أو عقد لدى الشخص الذي يقوم بها. وهذا الإغراق تعبير عن اضطراب نفسي وخلل يكشفان مؤشرات نرجسية تدفع الشخص إلى محاولة إظهار نفسه وفرضها على الآخرين بسبب إعجابه المفرط بنفسه. و هو على صعيد المجتمع الذي يتفاعل عبر شبكات التواصل الاجتماعي قد افرز حالة نفسية مجتمعية أصبح من خلالها الناس يستطيعون أن يبرزوا أنفسهم في شكل سهل من دون الحاجة إلى مهارات جسدية أو ثقافية، أو التعرض للإحراج بسبب وجود جمهور يخشونه بسبب شعور دائم بالنقص لديهم. يضاف الى ذلك، أن الحاجة إلى إثبات الذات تجعل الشخص يغرق في هذه الحال كلما شعر بالحاجة إلى تلقي الاهتمام فينشط في شكل لافت ليعبر عن ذاته، فهو يحاول أن يقول للآخرين إنه هنا، وإنه مهم.

علم الاجتماع دخل في هذا الجدل الدائر حول السيلفي، ويصف هذه الظاهرة بانها (عدوى اجتماعية) مركزها الذات ومساحتها الفضاء. وهذه الممارسة من أعراض تحول مجتمعاتنا النامية نحو نموذج العولمة بنسب متفاوتة، حيث اوجدت في مجتمعاتنا (القيم الفردية) بعد ان كانت ولفترة طويلة مرتبطة بقيم الجماعة بشكل اساس. بالتالي نجد أن بث هذه الرسائل، أو الصور الشخصية، يحمل معنى الاستعاضة عن الغياب السابق للأشخاص، الأمر الذي لم يكن متاحاً كما هو الآن.

– لا يعدم مؤيدو هذه الظاهرة من ايراد عدد من الفوائد لها، من ذلك ان هذه الصورلم تعد للذين يتأنقون (في كثير من الحالات، يرتدي الناس أحسن الملابس، ويتجملون، ليصورهم مصور)، الآن، لأن أي شخص أصبح قادرا على أن يصور نفسه بهاتف ذكي، حيث ظهرت “الصورة الواقعية”، مثل شخص شبه نائم، شبه عار، يأكل، يشرب، يعطس، يتقيأ، وبذلك انتهى عصر حكم الآخرين علينا (الذين يصوروننا)، انتهى عصر الصورة الجميلة.

ومن فوائدها ايضا، انها تقول عن صاحبها، أو صاحبتها: “أنا هنا، أنا في هذا المكان، في هذا الوقت. لست منعزلا، أو انطوائيا، أو وحيدا. أنا اجتماعي/اجتماعية لأن الذين يشاهدون صورتي هذه، يصيرون شركاء معي في وحدتي وبالتالي، لا يجعلونني أحس بأني وحيد/وحيدة”.

حتى الآن لم يشاهدني احد متلبسا بصورة “سيلفي” لأني لا ألتقط صورا بهذه الطريقة وتعودت على الطريقة القديمة، اقف امام الكاميرا وهناك من يلتقط صورة لي. قد تدخل عدة عوامل في عدم الرغبة تلك، ربما العمر، او الطبائع الشخصية، او حتى عدم الرغبة في ذلك. ماذا عن الآخرين الذين يلتقطون مثل تلك الصور، ويتشابهون معي في نفس العوامل؟

“السيلفي”، اصبحت ظاهرة عالمية، أو هوساً يمارسه الجميع من كل الفئات العمرية، ومن مختلف الطبائع الشخصية، و برغبة قد تصل الى تصنيف ذلك من ضمن امراض الواقع الافتراضي.

الظاهرة بدأت في العام 2002 ومن خلال ظهور الكلمة في منتدى استرالي، واحتاجت إحدى عشرة سنة لتصبح كلمة العام 2013، ويمنحها قاموس أوكسفورد الإنكليزي المرجعي تعريفا مفاده (صورة ملتقطة ذاتيا بواسطة هاتف ذكي أو ويبكام وتنشر على موقع للتواصل الاجتماعي). و لتؤسس ايضا كلمة اخرى مرتبطة بها وهي (Selfieism) وتعني: حالة مرضية تطلق على الشخص المهووس بالتقاط الصور لنفسه بشكل مبالغ فيه.

– تعود بدايات “السيلفي” الى العام 1917 والى المصور الأسترالي توماس بيكر الذي وضع كاميرته العتيقة أمام مرآة، وارتدى ملابس عسكرية، وصور نفسه. الا ان الفارق بين تلك الصورة الاولى، والصورة الحالية هو مواقع التواصل الاجتماعي التي سمحت لمثل هذه الظاهرة بالتمدد، والتي وصلت خلال العام 2014 الى اقصى مدى؛ حيث التقطت نحو 880 مليار صورة، أي 123 صورة لكل واحد من سكان الأرض. ويتوقع أن يكون الكثير منها من نوع “سيلفي”.

– هذا الرقم سيكون خاضعا للتصنيف النوعي (رجل وامرأة)، حيث ستكون نسبة صور الرجال منها 17% و 10% من النساء.

“السيلفي” كظاهرة خضعت لعدد من التفسيرات، فهي (بمثابة كلمة جميلة نوجهها إلى أنفسنا)، أو هي (جانب النرجسية في ثقافتنا)، أو هي (تعبر عن آرائنا)، أو أنها (تزيد ثقتنا بأنفسنا)، أو أنها (نوع جديد من التواصل الاجتماعي).  تدل التفسيرات المتعددة لهذه الظاهرة، انها صارت فلسفة بحد ذاتها، كما كتب دان زاك، المعلق الثقافي في صحيفة “واشنطن بوست”.

– في المقابل، أشارت دراسة أجرتها الرابطة الأمريكية للطب النفسي أن انتشار هذه الظاهرة بشكل واسع و حاد في صفوف بعض الشباب، قد يشير الى الإصابة باضطراب عقلي لدى مدمنيها، عندما يتجاوز الأمر الى أن تصبح حالة مزمنة، وقد شخصت الدراسة حالة ناشط فيسبوكي فقد السيطرة على نفسه أمام رغبته الجامحة في تصوير نفسه “على مدار الساعة”، ومشاركة الصور في المواقع الإجتماعية، لست مرات في اليوم على الأقل بشكل مستمر.

– قد أطلق القائمون على هذه الدراسة مصطلح “selfitis” على الاضطراب العقلي المُشار إليه، ويوصف بأنه انعكاس لرغبة جامحة في “التعويض عن انعدام الثقة بالنفس وفجوة في العلاقة الحميمة”. كما خلصت الدراسة إلى ثلاثة مستويات من “selfitis”:

1- الخفيفة: وتتمثل في التقاط الصور بعدد لا يقل عن ثلاث مرات، ولكن دون نشرها في مواقع التواصل الاجتماعية.

2- الحادة: وتعني التقاط الصور أكثر من ثلاث مرات أيضا، لكن مع نشر هذه الصور في المواقع.

3- المزمنة: وتشخص حالة ناشط يفقد السيطرة على رغبته في تصوير نفسه «على مدار الساعة»، ونشر الصور في المواقع ست مرات في اليوم على الأقل.

– ومن ضمن التحليل النفسي لهذه الظاهرة ايضا، أن الإغراق في هذه الممارسة يعود إلى إسقاطات نقص، أو عقد لدى الشخص الذي يقوم بها. وهذا الإغراق تعبير عن اضطراب نفسي وخلل يكشفان مؤشرات نرجسية تدفع الشخص إلى محاولة إظهار نفسه وفرضها على الآخرين بسبب إعجابه المفرط بنفسه. و هو على صعيد المجتمع الذي يتفاعل عبر شبكات التواصل الاجتماعي قد افرز حالة نفسية مجتمعية أصبح من خلالها الناس يستطيعون أن يبرزوا أنفسهم في شكل سهل من دون الحاجة إلى مهارات جسدية أو ثقافية، أو التعرض للإحراج بسبب وجود جمهور يخشونه بسبب شعور دائم بالنقص لديهم. يضاف الى ذلك، أن الحاجة إلى إثبات الذات تجعل الشخص يغرق في هذه الحال كلما شعر بالحاجة إلى تلقي الاهتمام فينشط في شكل لافت ليعبر عن ذاته، فهو يحاول أن يقول للآخرين إنه هنا، وإنه مهم.

علم الاجتماع دخل في هذا الجدل الدائر حول السيلفي، ويصف هذه الظاهرة بانها (عدوى اجتماعية) مركزها الذات ومساحتها الفضاء. وهذه الممارسة من أعراض تحول مجتمعاتنا النامية نحو نموذج العولمة بنسب متفاوتة، حيث اوجدت في مجتمعاتنا (القيم الفردية) بعد ان كانت ولفترة طويلة مرتبطة بقيم الجماعة بشكل اساس. بالتالي نجد أن بث هذه الرسائل، أو الصور الشخصية، يحمل معنى الاستعاضة عن الغياب السابق للأشخاص، الأمر الذي لم يكن متاحاً كما هو الآن.

– لا يعدم مؤيدو هذه الظاهرة من ايراد عدد من الفوائد لها، من ذلك ان هذه الصورلم تعد للذين يتأنقون (في كثير من الحالات، يرتدي الناس أحسن الملابس، ويتجملون، ليصورهم مصور)، الآن، لأن أي شخص أصبح قادرا على أن يصور نفسه بهاتف ذكي، حيث ظهرت “الصورة الواقعية”، مثل شخص شبه نائم، شبه عار، يأكل، يشرب، يعطس، يتقيأ، وبذلك انتهى عصر حكم الآخرين علينا (الذين يصوروننا)، انتهى عصر الصورة الجميلة.

ومن فوائدها ايضا، انها تقول عن صاحبها، أو صاحبتها: “أنا هنا، أنا في هذا المكان، في هذا الوقت. لست منعزلا، أو انطوائيا، أو وحيدا. أنا اجتماعي/اجتماعية لأن الذين يشاهدون صورتي هذه، يصيرون شركاء معي في وحدتي وبالتالي، لا يجعلونني أحس بأني وحيد/وحيدة”.