تصيب أمراض الأمعاء الالتهابية الكثير من أجهزة الجسم، إلا أن أضرارها الأساسية عادة ما تكون في الجهاز الهضمي.

تصيب امراض الامعاء الالتهابية (IBD – Inflammatory Bowel Disease) – داء كرون (التهاب مزمن في الامعاء – Crohn’s disease) والتهاب القولون التقرحي (Ulcerative colitis) – الكثير من اجهزة الجسم، الا ان اضرارها الاساسية عادة ما تكون في الجهاز الهضمي. لهذا السبب، من الممكن ان يكون التدخل الغذائي – الذي يعتبر هاما في معالجة جميع الامراض المزمنة – ذا اهمية حاسمة في مواجهة امراض الامعاء الالتهابية على اختلاف انواعها. يهدف التدخل الغذائي في حالات الاصابة بامراض الامعاء الالتهابية (IBD) الى تحقيق هدفين اساسيين: تقليص حجم التعرض للعوامل المحفزة للجهاز الهضمي التي من شانها ان تحفز ردات الفعل الالتهابية الضارة، والتعويض عن النواقص الغذائية (ومن خلال هذا منع الاصابة بالامراض المرافقة).

ما الذي يجب الامتناع عنه: 

على مر السنوات، عرضت العديد من النظريات التي تربط بين مختلف العناصر الغذائية وبين بدء او تفاقم ردات الفعل الالتهابية الضارة التي تعتبر اساس نشوء امراض الامعاء الالتهابية. عدد قليل جدا فقط من هذه النظريات ثبتت صحتها وفاعليتها العلمية والبحثية، الا ان عددا من التوجهات العلاجية حظيت بدعم من خلال الابحاث المراقبة ومنها: 

1.   نظام غذائي استبعادي (حمية الاقصاء – Elimination diet) – يجري الحديث هنا عن توجه عام يلائم المتعالج، يتعرف المصاب من خلاله على المرض بواسطة الامتناع التدريجي عن تناول انواع مختلفة من الاغذية التي من المحتمل انها تسبب تهييج الجهاز المناعي وتحفيزه. من انواع المواد الغذائية التي تشملها هذه المجموعة: المضافات الغذائية المصنعة، اصباغ الطعام، البروتينات المختلفة (خصوصا الموجودة في الغلوتين – Gluten- سمك التونا، الفستق وحليب البقر) وغيرها. من المهم جدا الاهتمام بالتنازل عن عنصر غذائي واحد في كل مرة، من اجل التاكد من ان التحسن (او عدم التحسن) ناتج عن هذا العنصر تحديدا. اثبت الالتزام بهذه الطريقة وامتناع المرضى عن تناول الاغذية التي تم التاكد من ضررها، فاعليته من خلال ثلاثة ابحاث خضعت للرقابة، وتبين ان هذا النهج ناجع في تخفيف حدة الحالة المرضية ووتيرة النوبات المرضية. 

2. الحد من التعرض للاكتوز – تبين ان العنصر الغذائي الاكثر ارتباطا بامراض الامعاء الالتهابية وبحدة نوباتها هو اللاكتوز (سكر الحليب – Lactose). اللاكتوز هو سكر ثنائي تقل قدرة الامعاء على تحليله وهضمه مع التقدم في السن (لذلك يتم تشخيص الاصابة بعدم تحمل اللاكتوز لدى نحو 40% من الاشخاص البالغين في بعض الابحاث). بالامكان التاكد من الشكوك الدائرة حول امكانية الاصابة بعدم تحمل اللاكتوز (Lactose Intolerance / Hypolactasia) من خلال اختبارات الزفير (اختبار تنفس الهيدروجين – Hydrogen breath test -هو اختبار يقيس مستويات الهيدروجين في هواء الزفير، لان الهيدروجين ينتج عن عملية تحليل البكتيريا للاكتوز، وهي العملية التي تحصل عندما لا يستطيع الجسم تحليل اللاكتوز بنفسه). في حال تم اتخاذ قرار بتحديد كمية اللاكتوز بواسطة الحمية، فمن الواجب الاهتمام باستهلاك كمية كافية من الميكرونوترينات (المغذيات الصغرى – Micronutrient) الموجودة في الحليب، مثل الكالسيوم والفيتامين D

ما الذي يجب تناوله:

لم تنجح مختلف الابحاث الخاضعة للرقابة في اثبات نجاعة المضافات الغذائية (Food additives) المختلفة في تقليل انتشار امراض الامعاء الالتهابية. كذلك لم يتم تشخيص مميزات وحسنات في اضافة المضافات المضادة للاكسدة، الاوميغا 3 وغيرها. ومع ذلك، ولان امراض الامعاء الالتهابية (IBD) عادة ما تكون مصحوبة باضطرابات الاكل (سواء بسبب قلة تناول الطعام نتيجة الالم او بسبب اضطراب عملية امتصاص الجسم للمواد الغذائية نتيجة العملية الالتهابية او تقصير الامعاء عبر العمليات الجراحية المختلفة)، فانه من الاهمية بمكان الحفاظ على وضعية غذائية ملائمة: 

1. اضافة الفيتامينات المتعددة (Multivitamin)، وخصوصا الفيتامينات الذائبة في الماء (مثل الفيتامينات من المجموعات B و C التي تنضب مخازينها من الجسم بسرعة اكبر). يوصى جميع المصابين بامراض الامعاء الالتهابية باتخاذ هذه الخطوة. 

2. في حالات القصور الغذائي (التي يتم قياسها وفق وزن الجسم، نسبة الدهون ومستويات الاحماض الامينية في الدم) من المفضل استخدام المضافات الغذائية الغنية بالسعرات الحرارية والبروتينات. بالامكان تغذية المرضى الذين يعانون من اضطرابات الهضم والامتصاص، لاسباب مختلفة، بواسطة المواد الغذائية الطبية الاساسية. يعرف الغذاء الطبي الاساسي على انه غذاء يحتوي على البروتينات المحللة، وبالاساس الببتيدات (الهضميدات) والاحماض الامينية. كذلك من الممكن ان يحتوي هذا الغذاء على الكربوهيدرات والدهون بدرجات تحليل مختلفة، بحيث تكون سهلة للهضم، مثل دهن الـ MCT، كربوهيدرات الديكسترين المالتوزي (Maltodextrin)، وغيرها. احد الامثلة للاغذية الطبية الاساسية من هذا النوع هو الاليتراك (Alitraq) الذي يوفر تغذية اساسية كاملة للمرضى الذين يعانون من اضطراب في عملية امتصاص المواد الغذائية. فهو غني بالبروتينات المفككة لببتيدات واحماض امينية، بالاضافة الى الارجينين (Arginine – حمض اميني يدعم عملية شفاء الجروح واداء جهاز المناعة) وكذلك الجلوتامين (Glutamine – حمض اميني يعتبر مصدرا هاما لتزويد خلايا جهاز المناعة وخلايا الجهاز الهضمي بالطاقة). هذا النواع من الغذاء مخصص للمرضى الذين يعانون من مضاعفات او اضطرابات في اداء الجهاز الهضمي (حالات الاضطراب في امتصاص المواد الغذائية او الخلل في اداء الامعاء – على سبيل المثال، بعد اجراء العمليات الجراحية في الجهاز الهضمي – بالاضافة الى امراض الامعاء الالتهابية وغيرها).