افضل طرق لانقاص الوزن هي التي تجمع بين النظام الغذائي السليم، النشاط البدني والعلاج النفسي الجسدي، هذه هي الصيغة الأنجح للحصول على أفضل النتائج

بات من المتعارف عليه اليوم، في العالم الغربي، قياس زيادة الوزن او السمنة من خلال مؤشر كتلة الجسم المعروف بالـ BMI، وهو نتيجة قسمة (تقسيم) الوزن (كغم) على تربيع طول الشخص (بالمتر). يعتبر الوزن زائدا عندما تكون قيمة مؤشر الـ BMI بين 25 الى 30، بينما يصبح تعريف الحالة على انها “سمنة” عندما تكون قيمة مؤشر كتلة الجسم (BMI) اكثر من 30.

خلال العقود الماضية، بلغت ظاهرة الوزن الزائد ابعادا وبائية في الدول الغربية، وتكمن الخطورة الكبيرة هنا في ان الوزن الزائد هو الاساس الذي تنشا منه الامراض المزمنة الخطيرة، مثل السكري، ارتفاع ضغط الدم، امراض القلبوحتى الامراض الخبيثة.

من منطلق الوعي المتزايد للاضرار الكبيرة المحتملة نتيجة لهذه الظاهرة، تم ابتكار وتطوير طرق انقاص الوزنواساليب علاج (البروتوكولات)، تعتمد بالاساس على اتباع نظام غذائي معين وممارسة الرياضة. بل ان العلاج كان في كثير من الاحيان يعتمد التدخل الجراحي، الذي كان يحل مشكلة الاشخاص السمينين مرحليا ومؤقتا فقط، لان معظم هذه الاساليب والبروتوكولات تتجاهل الجانب النفسي للافراط في الاكل.

لقد بات واضحا اليوم، لجميع الذين يتلقون العلاج من السمنة والوزن الزائد، ان افضل طرق انقاص الوزن، هي التي تشمل، بالاضافة الى التغذية السليمة والنشاط البدني، معالجة الجانب النفسي العقلي والسلوكي.

يميل الاشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد او السمنة، في كثير من الاحيان، لتناول كمية من الطعام تفوق حاجتهم، باعتبار ان هوس الاكل يعوضهم عن عدم الرضا في الحياة، او نتيجة لصدمة ما، او عدم الرضى من العمل والعلاقات، او حتى تجربة مؤلمة من الماضي (على سبيل المثال، التحرش الجنسي، حيث تكون ردة الفعل هي افراط الشخص بالاكل وازدياد وزنه دون وعي. وذلك من اجل تشكيل عامل رادع للجنس الاخر، وكوسيلة للدفاع عن النفس ضد تحرش جنسي اضافي من الجنس الاخر).

هنالك الكثير من الاسقاطات النفسية للوزن الزائد والسمنة على حياة الشخص السمين اليومية. وقد اظهرت استطلاعات عديدة للراي ان المجتمع يرى الناس الذين يعانون من زيادة الوزن كاشخاص كسولين، غير ناجحين، وغير جميلين. الامر الذي يسبب رفض المجتمع من حولهم لهم.

نتيجة لهذا الوضع الاجتماعي المحيط بهم – وفق ما جاء في الاستطلاعات – فان الاشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد والسمنة، يجدون صعوبة كبيرة في ايجاد عمل والقبول له، كما تكون اجورهم اقل من اجور نظرائهم في العمل.

تزيد كل هذه العوامل من المشاكل النفسية التي يواجهونها بشكل يومي. لذلك، فقد اصبح من الواضح الان، ان افضل طرق لانقاص الوزن هي التي تتضمن بالاضافة الى تعديل النظام الغذائي الصحي وبرنامج النشاطات الرياضية، علاجا لجذور المشكلة تتمثل بالدمج بين العلاج النفسي والعلاج الجسدي، وذلك من اجل الحصول على افضل النتائج المرجوة، ولفترة متواصلة. 

وقد جاء في مقال علمي نشر خلال السنة الاخيرة – حاول كاتبه ان يلخـص نتائج 36 بحثا علميا تطرقت لموضوع التدخل النفسي في علاج السمنة والوزن الزائد – ان معظم الابحاث اكدت على ان التدخل العلاجي النفسي – خصوصا مسالة تعديل السلوك والاسترخاء – بالاضافة الى تعديل النظام الغذائي المتـبع والنشاطات البدنية، ادى الى نتائج ممتازة في خفض الوزن، تفوق بكثير ما ادت اليه طرق لانقاص الوزن من خلال التغذية والنشاط البدني فقط. كذلك، فان النتائج الجيدة التي تم تحقيقها، بقيت لفترة اطول ولم يحصل تراجع سريع.

نحاول من خلال العلاج النفسي ان نصل الى مصادر وجذور مشكلة التغذية، وذلك عبر الجمع بين الحديث مع الشخص المريض والنشاط البدني. في مثل هذا النوع من العلاج الذي يدمج بين الحديث والنشاط البدني في ان واحد، يكون من السهل علينا دفع المريض للافصاح عن الكثير من المضامين المخزونة في الوعي وفي اللاوعي، لان الجسم “يتكلم” و “يتذكر” صدمات وتجارب من الماضي، ويقودنا الى جذر المشكلة.

يحتاج جسمنا الى اللمس ويتجاوب معه، وفي العلاج النفسي الجسدي تلبية كاملة لهذه الحاجة. على سبيل المثال، اذا كان الشخص يحاول الهروب من حالات الضغط الشديد التي يكون فيها عن طريق الافراط بالاكل (اي ان هوس الاكل هو جزء من عملية توفير الهدوء النفسي له)، فانه يتعلم من خلال العلاج كيفية الاسترخاء والوصول الى حالة من الهدوء وراحة البال، دون الحاجة لوسائل خارجية، مثل الافراط في تناول الطعام.
تثبت العديد من الدراسات ان الجمع بين النظام الغذائي السليم، النشاط البدني، والعلاج النفسي الجسدي، هو الصيغة الانجح من اجل الحصول على افضل النتائج في علاج السمنة والوزن الزائد.