التخلص من اضرار النيكوتين من خلال دمج عدة طرق يمكن أن يزيد من احتمال النجاح.

التخلص من اضرار النيكوتين من خلال دمج عدة طرق يمكن ان يزيد من احتمال النجاح.

اكثر من 46 مليون شخص في الولايات المتحدة يدخنون السجائر، السيجار، الغليون وبضعة ملايين يقومونباستنشاق او مضغ التبغ. على الرغم من ان 70% من المدخنين يعلنون عن رغبتهم في التوقف، الا ان النيكوتين هو مادة تؤدي الى الادمان ولذلك فقط 3% ينجحون في التوقف عن التدخين في كل سنة.

التدخين يؤدي الى دخول النيكوتين بشكل مباشر الى الرئتين بحيث يتم امتصاصه بواسطة الدم الغني بالاوكسجين الذي يحمله الى القلب ومن ثم يتم ضخه الى الاوعية الدموية والدماغ. النيكوتين الذي يتم استهلاكه بواسطة الشم او المضغ يتم امتصاصه عن طريق الاغشية المخاطية في الفم، يصل الى الدماغ بشكل ابطا ولكن استعماله بشكل مستمر يؤدي الى وجوده في الدم والدماغ بمستوى ثابت.

من اضرار النيكوتين انه وبعد وصوله الى الدماغ، يؤدي النيكوتين الى افراز الناقل العصبي دوبامين في نواة اكمبنس، وهي المنطقة التي تعتبر منطقة المكافاة والتحفيز في الدماغ. كل مجموعة من النيكوتين تؤدي الى الشعور بالمتعة. ولكن عند تلاشيه من الجسم، يتم استبدال الشعور بالمتعة بشعور غير مريح من اعراض الفطام – مشكلة في التركيز، العصبية، الام الراس، ازدياد الشهية، الدوار، التهيج المفرط، القلق، الاكتئاب ومشاكل النوم. هذا يجعل المدخنين يرغبون في التدخين اكثر.

اسباب التوقف عن التدخين واضرار النيكوتين معروفة ولكن من الجدير ذكرها مجددا. التبغ هو المسؤول عن واحد من كل خمس حالات وفاة في الولايات المتحدة. مقابل كل حالة وفاة تنتج عن التدخين، يعاني 20 شخصا اخرون من مرض واحد على الاقل ناجم عن التدخين، ومنها السرطان، امراض القلب، السكتة الدماغية وامراض الرئتين. خطر الاصابة بهذه الامراض وامراض اخرى ناجمة عن التدخين يقل بشكل كبير عند التوقف عن التدخين.

منذ سنة 1965، انخفض عدد المدخنين في الولايات المتحدة بـاكثر من 50%. ولكن على الرغم من الوعي بالتاثيرات المضرة للتبغ والسياسات التي تفرض القيود على شرائه، الا ان هذا التيار اخذ في الانخفاض. وتقدر مراكز مكافحة الامراض انه في كل يوم، هنالك حوالي 3000 مراهق وبالغ يبداون في التدخين بشكل يومي.

الاشخاص الذين يرغبون في التوقف عن التدخين، عليهم التغلب على عائقين: التغلب على الادمان الجسماني على النيكوتين والتغلب على العادة النفسية.

العلاج البديل للنيكوتين

العلاج البديل للنيكوتين (NRT) هو طريقة شائعة للتغلب على الادمان الجسماني، وهو عبارة عن تزويد الدماغ بالنيكوتين الذي يحتاج اليه من دون التعرض الى مئات المواد الضارة الاخرى الموجودة في دخان السجائر. وهكذا، عن طريق التخلص من اعراض الفطام، يستطيع المدخنون التخلص من عادة التدخين. بالمقارنة مع السجائر، يحتوي الـNRTعلى كمية اقل من النيكوتين الذي يتم امتصاصه بشكل ابطا بحيث يمكن الحصول على مستوى اقل – ولكنه ثابت – من النيكوتين في الدم والدماغ.

هنالك العديد من منتجات الـNRT التي تسمح منظمة الاطعمة والادوية الامريكية (FDA) باستخدامها، وعلى الرغم من ان النتائج متفاوتة، الا ان العديد من الابحاث تظهر ان الاستخدام المنتظم للـNRT يزيد من احتمال التوقف عن التدخين بنسبة تتراوح بين الـ 50% والـ 70%.

لاصقة النيكوتين. يمكن الحصول عليها بدون وصفة طبيب. هذه اللاصقة توفر كمية قليلة من النيكوتين يتم امتصاصها في الدورة الدموية خلال النهار. في اليوم الذي يتم فيه اتخاذ القرار بالتوقف عن التدخين، يتم وضع اللاصقة على بقعة من الجلد قليلة الشعر على الذراع العلوية او الجذع. هذه اللاصقة تكفي لعدد ساعات يتراوح بين الـ16 والـ24 ساعة، بحسب متطلبات الشخص ومن ثم يتم استبدالها.

معظم الاشخاص يتعين عليهم استخدام هذه اللاصقة لمدة ثمانية اسابيع. الاعراض الجانبية التي ممكن ان تظهر هي تهيج الجلد في مكان وضع اللاصقة. (من الممكن منع هذا عن طريق وضع اللاصقة في مناطق مختلفة.) مستوى اعلى من اللازم من النيكوتين يمكن ان يؤدي الى ارتفاع معدل نبضات القلب، مشاكل في النوم والام الراس.

علكة النيكوتين. علكة النيكوتين ايضا يمكن الحصول عليها بدون وصفة طبيب. عند مضغها يتم افراز كمية قليلة من النيكوتين يتم امتصاصها في الدورة الدموية عن طريق الخلايا في الفم. يمكن ان يكون استخدام العلكة اكثر سهولة من استخدام اللاصقة للسيطرة على مستوى النيكوتين في الدم.

يمضغ الشخص العلكة عدة مرات لكي يتم افراز النيكوتين. وبعد ذلك يضعها بين اللثة والوجنة. يتم امتصاص النيكوتين خلال 20 دقيقة، ويتم رمي العلكة، عادة،  بعد 30 دقيقة.

العديد من الاطباء ينصحون بمضغ قطعة واحدة من العلكة على الاقل كل ساعة حتى ساعتين في ساعات اليقظة، لمدة شهر حتى ثلاثة اشهر. الاشخاص الذين يستخدمون العلكة يمضغون، عادة، عددا قليلا من القطع في اليوم لعدد من الاسابيع اقل من اللازم لكي يحصلوا على النتيجة الافضل.

الاعراض الجانبية تشمل الفواق، الم الفك، او احساسا بالتقريص في الفم. هذا يمكن ان ينتج عن مضغ خاطئ للعلكة. تجنبوا الاعتياد على علكة النيكوتين، عليكم استخدامها لمدة اقل من ستة اشهر وتقليل الاستخدام تدريجيا.

اقراص مص النيكوتين. مثل لاصقات وعلكة النيكوتين، اقراص المص متوفرة ويمكن الحصول عليها بدون وصفة طبيب. وهي توفر مستوى قليلا من النيكوتين لتخفيف اعراض الفطام. يتم مص هذه الاقراص كل ساعة او ساعتين خلال النهار، حسب الحاجة. هذا المنتج يمكن ان يؤدي لتهيج المعدة.

النيكوتين على شكل رذاذ الانف. هذا الرذاذ يحتاج الى وصفة طبيب وهو يدخل الدورة الدموية خلال خمس حتى عشر دقائق. يؤدي الى تخفيف اعراض الفطام بسرعة، ولكن هنالك احتمال اكبر للادمان عليه من اي منتج نيكوتين اخر.

يوصى باستخدام الرذاذ ثماني مرات على الاقل في اليوم الواحد للحصول على كمية كافية من الدواء. الاعراض الجانبية تشمل تهيج الانف والحلق، تدميع العينين، العطس، السعال، الاسهال، ونبض القلب السريع. لا ينصح باستخدام رذاذ الانف لدى الاشخاص الذين يعانون من الربو او التهاب الجيوب الانفية المزمن.

جهاز استنشاق النيكوتين. دواء على شكل السيجارة، متوفر ويمكن الحصول عليه بوصفة طبيب فقط، يوفر كمية قليلة من النيكوتين عن طريق الفم، الحلق، والرئتين عند استنشاقه. من الممكن استخدامه في كل مرة يرغب الشخص فيها بالتدخين. يصل مستوى النيكوتين الى ذروته خلال 20 دقيقة ويبقى في الدم لمدة ساعة او ساعتين. الجرعة الموصى بها هي حتى 16 خرطوشة في اليوم، لمدة 12 اسبوعا. الاعراض الجانبية تشمل السعال وتهيج الفم والحلق. استخدام الخراطيش يشبه عملية التدخين بشكل كبير وهذا يمكن ان يمنع الشخص من التخلص من هذه العادة.

العلاج بواسطة الجرعات المرتفعة او دمج الادوية. الاشخاص المدخنون بكميات كبيرة قد يحتاجون الى جرعة اكبر من الـNRT للحصول على نتائج جيدة. لدى هؤلاء الاشخاص يمكن دمج منتج طويل الامد مثل اللاصقة، مع منتج سريع الفعالية مثل علكة النيكوتين. هذه الطريقة يمكن ان تكون اكثر فعالية من استخدام نوع واحد من الـNRT.

الاقراص الخالية من النيكوتين

بعض الادوية التي يتم استخدامها للتوقف عن التدخين وحصر اضرار التدخين لا تفرز النيكوتين الى الدورة الدموية. بدلا من ذلك، فهي تعمل على الدماغ لكي تقلل من الرغبة في التدخين واعراض الفطام او كليهما، معا.

فارنيكلين (تشانتيكس). هذا الدواء المتوفر ويمكن الحصول عليه بوصفة طبيب فقط، ويعمل بطريقتين. مفعول هذا الدواء يحاكي تاثير النيكوتين، مما يؤدي الى تخفيف الرغبة في التدخين واعراض الفطام. كما يمنع تاثير النيكوتين بشكل جزئي مما يمنع المدخن من الشعور بالمكافاة لدى التدخين. لم يتم انتاجه كعلاج مرافق للـNRT، على الرغم من ان بعض الابحاث اظهرت انه من الممكن استخدامه بشكل امن مع الـNRT.

يبدا الشخص بتناول الفارنيكلين، عادة، قبل اسبوع او اسبوعين من التوقف عن التدخين، وهذا يعطيه الوقت الكافي للوصول الى مستوى ثابت في الدورة الدموية. يتم تناول الفارنيكلين لمدة 12 اسبوعا ولكن بعض الاطباء يمكن ان يصفوه لمدة اطول اذا لم تظهر اعراض جانبية.

الاثار الجانبية الاكثر خطورة للفارنيكلين هي نفسية، وتشمل العصبية، الاكتئاب، التفكير الانتحاري والاحلام غير العادية. الشعور بالغثيان هو عرض غير شديد عادة ويتحسن مع الوقت. وثمة اثار جانبية اخرى تشمل الام الراس، التقيؤ، الغازات، الارق وخللا في حاسة التذوق.

بوبروبيون (ولبوترين، زيبان). هذا الدواء المضاد للاكتئاب متوفر ويمكن الحصول عليه بوصفة طبيب فقط وهو يساعد على تقليل الرغبة في التدخين عن طريق العمل على بعض المستقبلات التي يعمل عليها النيكوتين. ولانه لا يحتوي على النيكوتين، فان بالامكان استخدامه مع علاج NRT.

على المدخن ان يبدا بتناول البوبروبيون قبل اسبوع حتى اسبوعين من التوقف عن التدخين، والاستمرار في تناوله لمدة ثمانية حتى 12 اسبوعا. يحتاج هذا الدواء لمدة ثلاثة حتى اربعة اسابيع لكي يصل الى فعاليته القصوى.

تشمل اثاره الجانبية تغييرات نفسية مشابهة للفارنيكلين. وثمة اثار جانبية اخرى تشمل الارق، التوتر، جفاف الفم، تغييرات في الشهية، الام الراس، الاسهال، الدوار، والطفح الجلدي. ومن الممكن ان تظهر اثار جانبية اخرى لدى الاشخاص الذين يعانون من الصرع. لا ينصح بتناول البوبروبيون لدى الاشخاص الذين يعانون من الصرع، فقدان الشهية، ادمان الكحول وصدمة سابقة في الراس.

في تموز 2009، طلب الـFDA وضع تحذير “صندوق اسود” على عبوتي الدوائين فارنيكلين وبوبروبيون، لكي ينتبه الاشخاص الى خطورة الاثار الجانبية النفسية المحتملة لهذه الادوية والتي تشمل تغييرات في التصرف، العدوانية، العصبية، الاكتئاب والتفكير او التصرف الانتحاري.

تطوير التطعيمات ضد التدخين في المستقبل

يجري الباحثون دراسات على تطعيمات ضد التدخين من شانها ان تحصن المدخنين ضد الشعور بالمكافاة عند التدخين. بعد الحصول على هذا التطعيم ينتج الجسم اجساما مضادة ترتبط بالنيكوتين وتمنعه من الخروج من الدورة الدموية والدخول الى الدماغ. ويؤدي هذا الى الحد من تاثير النيكوتين على الدماغ. المقصود من هذا التطعيم انه بدون التاثير على الدماغ لن يستمتع المدخنون بعملية التدخين وسيستطيعون التوقف عن التدخين. هذا شبيه بطريقة عمل الدواء فارنيكلين المضاد للتدخين. ويظهر عدد صغير من الابحاث ان هذه التطعيمات يمكن ان تكون فعالة، وهنالك تجارب كبيرة قيد البحث. فعالية هذه التطعيمات بالمقارنة مع الـNRT ما زالت غير واضحة.

العلاج النفسي وبرامج المساعدة النفسية للحد  من اضرار النيكوتين

معظم برامج العلاج تستخدم التقنيات السلوكية والعقلية لمساعدة المدخنين على التوقف عن التدخين. الهدف من العلاج السلوكي هو تغيير نمط الحافز ورد الفعل الذي يؤدي الى التدخين (الاشراط الكلاسيكي)، او مكافاة الشخص عند عدم التدخين وتعليمه كيفية تجنبه (التعلم الاجرائي والتعلم الاجتماعي). يتم حث المدخنين على ايجاد طرق اخرى لاشباع الرغبات التي تم اشباعها مسبقا عن طريق التدخين ومراقبة انفسهم للمحفزات التي تدفعهم الى التدخين. التمرن على المهارات الاجتماعية، استراتيجيات حل المشاكل، السيطرة على التوتر ومنع الانتكاس يساعد على التغلب على الاغراء. يتم تعليمهم ان يشغلوا ايديهم وافواههم في اشياء اخرى، صرف انتباههم عن التدخين بواسطة ممارسة الرياضة، او ممارسة الاسترخاء عند الشعور بالرغبة في التدخين. من المفضل ايضا تجنب تناول المشروبات الروحية، لان ثلث حالات الانتكاس تحدث عند شرب الكحول.

بعض المدخنين يستطيعون التوقف عن طريق مقاومة الرغبة بواسطة التعرض المتكرر للظروف التي تؤدي الى تحفيزها – تقنية تعرف بعلاج التعرض. اخرون من الاسهل لهم التوقف عن طريق تجنب الظروف التي تؤدي الى ايقاظ الرغبة. في علاج النفور، وهو علاج نادر وفعاليته مشكوك بها، يتم استخدام التدخين السريع والعميق لكي يربط التدخين باحاسيس مزعجة مثل الغثيان والدوار. تقنية سلوكية اخرى هي صندوق الطوارئ – وهو عبارة عن وديعة مالية او اغراض ثمينة اخرى يتم اخذها عندما يقوم الشخص بالتدخين وارجاعها عند النجاح في التوقف عن التدخين.

العلاج العقلي يعلم المدخنين كيفية مواجهة الاحباط، الغضب، والاكتئاب، تذكر اسباب التوقف عن التدخين في حالات الضعف، وتجنب الوقوع في حالة الياس بسبب الانتكاس. تطوير الشعور بالكفاءة الذاتية، او الثقة في القدرة على الحصول على الرغبات، يمكن ان يمنع فقدان السيطرة وتثبيط العزيمة الذي يحول زلة واحدة الى انتكاس دائم.

معدل التوقف عن التدخين في الاشهر الستة الاولى بعد علاج عقلي- سلوكي هو 20% حتى 25%، او ضعف نسبة النجاح لدى الاشخاص الموجودين في قائمة الانتظار. تظهر الابحاث ان فعالية الاستشارة تزداد مع تكثيفها. هنالك فرق ضئيل بين الانواع المختلفة من العلاج او بين علاج الفرد والمجموعة. وقد اظهرت الابحاث ان الاستشارة للتوقف عن التدخين عن طريق الهاتف فعالة ايضا في تقليل نسبة التدخين في المجتمعات المختلفة. واظهرت دراسة تحليلية ان ثلاث مكالمات هاتفية او اكثر تزيد من احتمال التوقف عن التدخين لمدة ستة اشهر على الاقل بالمقارنة مع تزويد الشخص بمواد للمساعدة النفسية او النصيحة القصيرة.

على الرغم من ان الادوية والاستشارة اثبتت فعاليتها عند استعمالها على حدة لمعالجة ادمان التبغ والحد من اضرار النيكوتين ، الا ان هنالك اثباتات تؤكد ان دمج هاتين الطريقتين معا هو اكثر فعالية من استخدام كل واحدة منهما على حدة. واظهر احد الابحاث ان الاشخاص الذين ينجحون في التوقف عن التدخين بنسبة كبيرة هم الذين استخدموا عددا اكبر من الاستراتيجيات. ولهذا، فان الكثيرين من الخبراء، وكذلك الارشادات الامريكية للتوقف عن التدخين،  توصي بالدمج بين تناول الادوية وبين الاستشارة.