تطوير نظام للتنبؤ بانتشار داء الليشمانيات قبل وقوعه

نظام للتنبؤ بانتشار داء الليشمانيات الجلدي الحيواني المنشأ قبل حدوثه بعد اثبات وجود علاقة قوية بين معدل الإصابات المسجلة في بعض مناطق انتشار الداء والتغيرات المناخية وارتفاع كثافة القوارض. هذا ما توصلت إليه دراسة علمية نشرت في عدد فبراير 2019 من مجلة International Journal of Infectious Diseases، قام بها فريق بحثي تونسي. وسيساعد هذا النظام مستقبلاً في الوقاية من الإصابة بهذا الداء المستوطن في بعض البؤر وسط تونس، كما يقول الباحثون.

إن تونس هي واحدة من أكثر الدول عُرضة لتغير المناخ وإن الزيادة في درجة الحرارة ودرجة الرطوبة هي حالة مواتية لانتشار داء الليشمانيات الجلدي الحيواني المنشأ (ZCL)، وهو مرض طفيلي شديد الحساسية للظروف المناخية ينتقل من القوارض التي تمثل مستودعاً طبيعياً لهذه الطفيليات إلى الانسان عن طريق لدغات أنثى ذباب الرمل الفاصد المصابة. وقد شهد هذا المرض انتشاراً في بعض المناطق في وسط تونس مستفيداً من الاحترار الذي شهدته المنطقة في العقود الأخيرة. وقد كان الهدف من الدراسة بناء نموذج لتغيرات الإصابة بهذا الداء لتحديد العلاقة بين حدوثها وعوامل الخطر المحتملة، وتطوير نموذج تنبؤي للوقاية منه.

واستخدم الباحثون لإنجاز الدراسة البيانات الشهرية لحالات الإصابة المُبلَّغ عنها من نظام نشط للمراقبة تم تركيزه في ثلاث مناطق ريفية في وسط تونس حيث توجد بؤر لهذا الداء. إضافة إلى بيانات شهرية للمتغيرات الخاصة بحالة الطقس وتطور عدد القوارض في تلك المناطق خلال الفترة الممتدة بين يوليو 2009 ويونيو 2015. وقد بلغ عدد حالات الإصابة بهذا المرض 1019 حالة خلال مدة الدراسة في تلك المناطق. كما استخدم الباحثون نموذجين احصائيين لتقييم العلاقة بين حالات الإصابة بداء الليشمانيات الجلدي الحيواني المنشأ والعوامل المناخية (درجة الحرارة وهطول الأمطار والرطوبة النسبية وسرعة الرياح وكثافة القوارض) وهما النموذج الإضافي العام (GAM) والنموذج الإضافي المختلط العام (GAMM). وتم استخدام معاملات من أفضل نموذج مناسب للتنبؤ برقم ZCL الشهري للموسم التالي وتمت مقارنته مع تلك الملاحظة.

وأظهرت نتائج الدراسة ارتباطات كبيرة بين حدوث الإصابة بداء الليشمانيات الحيواني المنشأ وبين العوامل الجوية الرئيسية وكثافة القوارض. إذ أثبت الباحثون وجود علاقة بين ارتفاع عدد الإصابات في فترة ما وبين التساقطات المطرية خلال الشهر السابق لتلك الفترة ومتوسط درجة الحرارة ونسبة الرطوبة في الأشهر الأربعة السابقة، وكثافة القوارض في الشهرين السابقين لتلك الفترة. وقال الباحثون إن استخدام النموذج الإحصائي المختلط العام GAMM يعطي دقة تنبؤ جيدة. إذ بلغت قيمة معامل ارتباط بيرسون (المستخدم لقياس ارتباط متغيرين وتبلغ قيمته القصوى 1) 0.81. وقال الباحثون في هذه الدراسة إن فهم دور العوامل البيئية والمناخية البيولوجية في حدوث الإصابة بداء الليشمانيات الحيواني المنشأ يمكن أن يساعد في توجيه صانعي السياسات الحكومية نحو وضع وتنفيذ سياسات أكثر فعالية لمعالجة المرض، واتخاذ تدابير الوقاية قبل انتشاره.

وحسب المنظمة العالمية للصحة، فإن داء الليشمانيات الجلدي وهو أكثر أشكال داء الليشمانيات شيوعاً يسبب آفات جلدية، ولاسيما القرحات في الأجزاء المعرضة من الجسم ويخلّف كذلك ندوباً دائمة. وسجلت حوالي 95% من حالات داء الليشمانيات الجلدي في الأمريكتين وحوض البحر المتوسط والشرق الأوسط ووسط آسيا. ويحدث ما يفوق ثلثي حالات داء الليشمانيات الجلدي في 6 بلدان، وهي: أفغانستان والجزائر والبرازيل وكولومبيا وإيران وسوريا ويتراوح عدد الاصابات به بين 600 ألف ومليون إصابة في العالم.

المصدر: http://arsco.org/article-detail-1355-2-0