بكتريا اللثة ومرض الزهايمر

تمثل أمراض اللثة مشكلة كبيرة في العالم كله، فطبقاً لإحصائية سجلها المعهد الوطني لأبحاث أمراض الأسنان والقحف فإن  8,52% من البالغين والذين تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 64 عاماً في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها يصابون بأمراض اللثة مما يدل على إنتشار هذا المرض في العالم. وتترتب عليه مشاكل صحية للأشخاص المصابين، أقلها سقوط الأسنان وأخطرها مرض السرطان.

كشف العلماء حديثاً أنه بالإضافة إلى تلك الأمراض، فإن الأبحاث تؤكد بأدلة واضحة أن البكتيريا المسببة لأمراض اللثة حال وجودها ونموها تساهم في إفراز ومراكمة مواد سامة تصل إلى المخ، وهذه المواد السامة عبارة عن بروتينات تؤدي إلى تنامي وظهور مرض الزهايمر في الأشخاص المصابين. خلال بحوثهم لإيجاد علاج لمرض الزهايمر، لاحظ باحثون من شركة الدواء “كورتكسيم Cortexyme”  وجود علاقة مؤكدة بين بكتريا مرض اللثة ومرض الزهايمر، ونُشرت نتائج تلك الدراسة في مجلة “تقدم العلم Science Advances ” يناير 2019.

تناول فريق البحث نوعاً واحداً فقط من بكتيريا الفم اللاهوائية والسالبة لصبغة جرام والمسببة لمرض اللثة، وهي “بروفيروموناس جينجيفاليس Prophyromonas gingivalis ” والتي لفتت إنتباه الباحثين بوجودها في أمخاخ مرضى الزهايمر. وبإستخدام الفئران كنموذج للإختبارات، وبعد حقنها ببكتريا بروفيروموناس جينجيفاليس، كشفت النتائج عن وجود بروتينات بيتا أميلويد beta-amyloid السامّة وقد أُفرزت في أمخاخ الفئران المصابة بالبكتريا، وتلك البروتينات يعتبرها العلماء مؤشر على مرض الزهايمر تؤدي إلى تدهور وفقدان في الذاكرة neurodegenerative conditionومن ثمّ تعيق تواصل خلايا المخ العصبية فيما بينها.

قام الباحثون أيضاً بالكشف عن إنزيم بكتريا بروفيروموناس جينجيفاليس السام وهو “جينجيبانز gingipains ” حيث تبين وجوده بمستويات مرتفعة في أمخاخ الفئران والأشخاص المصابون بمرض الزهايمر، ويرتبط هذا الإنزيم مع بروتينات تسمى “تاو وأبيكويتين tau and ubiquitin” وهي بروتينات أثبت العلماء أن لها صلة بتنامي وحدوث مرض الزهايمر، حيث أكدت النتائج أيضاً عن أن إنزيم جينجيبانز يفاقم من التأثير السام لبروتين تاو tau.

قام فريق البحث بوضع إستراتيجية من أجل تصميم وإنتاج سلسلة من الجزيئات العلاجية بهدف تعطيل أو وقف نشاط إنزيم جينجيبانز الذي تفرزه بكتريا اللثة، وتوصلوا بعد تجارب عديدة إلى مركب يسمى “كور COR388 ” وهو عبارة عن مثبّط قوي لإنزيم جينجيبانز، وإضافة لذلك يقلل بصورة كبيرة من وجود تلك البكتريا وهي المسببة لمرض اللثة في أمخاخ الفئران المصابة، بما خفضّ الإضرار بالخلايا العصبية الموجودة في المخ، كما أوقف أيضاً مركب “كور” إنتاج بروتينات بيتا أميلويد السامة، مما يؤكد على دوره الوقائي لخلايا المخ العصبية وخاصة خلايا “قرن أمون أو هيبوكامبس “hippocampus ” بالمخ وهي منطقة مسؤولة عن الذاكرة في المخ.

المصدر:
http://arsco.org/article-detail-1363-2-0