حالة شفاء من مرض الإيدز “مريض لندن”

بعد مُضي عشرة أعوام على أول حالة شفاء من فيروس نقص المناعة المكتسبة (HIV) سجلها الأمريكي “تيميثي براون” والذي يُعرف بمريض برلين، نُشِرَ مؤخراً تقريرٌ مفاده أن هناك حالة شفاء جديدة مرتقبة في الأفق لشخصٍ آخر لم يتم الكشف عن اسمه أو جنسيته، ولكن أُطلق عليه اسم “مريض لندن”.

في هذه المرحلة يقوم الجهاز المناعي بالسيطرة على الفيروس لفترة من الوقت دون الحاجة لمضادات الفيروسات القهقرية (AntiRetrovirals)، وقد تستمر هذه الفترة لشهور أو سنوات.  في الوضع الطبيعي لا يمر معظم المصابين بفيروس HIV بمرحلة الهدوء؛ فهي نادرة جداً.

من ضمن قصص النجاح التي سُجِّلت لمرور بعض المصابين بها: طفلة ميسيسيبي التي وُلدت لأم مصابة بفيروس HIV، وقد تلّقت الرضيعة العلاج المضاد للفيروس خلال 30 ساعة من ولادتها، وفي وقت لاحق من حياتها تم وقف العلاج، واستطاعت أن تعيش خالية من فيروس  HIV لفترة من الزمن، لكن ولسوء الحظ عاد الفيروس وبدأ بالتضاعف من جديد. وهناك أيضاً “مريضا بوسطن”، وهما شخصان مصابان بفيروسHIV، خضعا لزراعة نخاع عظم لعلاج أمر غير متعلق بالفيروس(علاج للسرطان)، وأظهرت فحوصاتهما بعد زراعة نخاع العظم خلوهما من الفيروس، ولكنه  عاد ليظهر من جديد. أما بالنسبة لمريض برلين، فإنه الحالة الوحيدة التي استمرت فيها فترة السكون على مدى عشر سنوات. فقد خضع المريض مرتين لزراعة الخلايا الجذعية بغرض علاج سرطان الدم (اللوكيميا)، وكان لدى المتبرع طفرة جينية نادرة تمنع التعبير الجيني لمُستَقْبِل فيروس HIV  والمعروف ب CCR5 بمعنى آخر أن الشخص مقاوِم للفيروس. كما تلقى مريض برلين اشعاعاً كلياً للجسم مع كل علاج. كان الهدف من هذا الإجراء هو علاج اللوكيميا لدى المريض ولكنه ساهم كذلك في تخلصه من فيروسHIV  حتى من المخازن التي يختبئ فيها الفيروس عادة.

وبالنسبة لأحدث دراسة، وهي الخاصة بمريض لندن الذي اكتسب العدوى بالفيروس عام 2003، فإن ظروفه شبيهة بعض الشيء بظروف مريض برلين. فقد بدأ رحلة علاجه بالعقاقير المضادة للفيروسات القهقرية منذ عام 2012، ثم تم تشخيصه لاحقاً في نفس العام بورم هودجكين الليمفاوي Hodgkin lymphoma، فخضع للعلاج الكيميائي وزراعة الخلايا الجذعية التي احتوت على الطفرة الجينية النادرة التي تمنع الفيروس من استخدام CCR5 كمستقبِل لدخول خلايا العائل. وبعد مرور 16 شهراً على زراعة الخلايا الجذعية، أوقف الفريق السريري العلاج بمضادات الفيروسات لتقييم حالة العدوى بالفيروس لدى المريض. وأفاد التقرير أن المريض يمر في حالة سكون منذ 18 شهراً بعد وقف العلاج. ولكن سيستمر الفريق بمراقبة حالة المريض حتى يتم الإعلان رسمياً عن شفائه بالكامل.

 تجدر الاشارة أن كلا المريضين -مريض برلين ومريض لندن- قد اختبرا ظاهرة (Graft-versus-Host) وهي مهاجمة الخلايا المناعية للمتبرع الخلايا المناعية للمستقبِل. في الوقت الراهن، فإن الطريقة الوحيدة لعلاج فيروسHIV هي الأدوية التي تقمع الفيروس والتي يحتاج الناس إلى أخذها طيلة حياتهم، مما يشكل تحدياً كبيراً خاصة في الدول النامية. وفي حين أن هذا الإنجاز الهائل هو بمثابة بريق أمل لعلاج مرضى الإيدز، إلا أنه يواجه بعض العقبات مثل الحاجة للعثور على متبرعٍ مطابِق وراثياً – وهو أمر نادر الحدوث – إلى جانب خطر أن الخلايا المزروعة قد لا تنمو بشكلٍ صحيح ويمكن أن تفشل العملية بالكامل، وهناك أيضاً السمّية الكبيرة لهذا الإجراء بما في ذلك الآثار السلبية للعلاج الكيميائي الذي يجب أن يطمس الجهاز المناعي للمريض، هذا بالإضافة إلى خطرٍ كبيرٍ أثناء الإجراء وبعده للإصابة بالعدوى والوفاة.

المصدر:
http://arsco.org/article-detail-1373-2-0