صيام رمضان آمنٌ لمرضى قصور القلب.. بشروط!

صيام رمضان يمكن أن يكون آمنا للمرضى الذين يعانون من قصور في القلب، وفقا لبحث قُدم في المؤتمر السنوي التاسع والعشرين لجمعية القلب السعودية (SHA29)، والذي عقد في الفترة من 1 إلى 3 مارس في الرياض، المملكة العربية السعودية.

أكثر من مليار مسلم في العالم يصومون ويمتنعون عن الطعام والشراب والأدوية عن طريق الفم من الفجر إلى غروب الشمس خلال شهر رمضان المبارك، وعادة ما تستغرق فترة الصيام من 15 إلى 16 ساعة، ويتم تناول وجبتين خلال الليل. وعلى الرغم من أن سماحة الدين الإسلامي تُعفي المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة من الصيام، إلا أن معظمهم يختارون أن يصوموا. ويقول الدكتور رامي أبازيد، طبيب القلب في مركز الأمير سلطان للقلب في القصيم، المملكة العربية السعودية: “رغم ذلك، فإنه لا تتوفر معلومات كافية عن تأثير الصيام على مرضى قصور القلب المرافق لضعف نسبة الضخ القلبي”، و “كثيراً ما يسأل المرضى الذين يعانون من قصور القلب طبيبهم: إذا كان الصيام آمناً، ولكن حتى الآن لم يكن لدينا أي دليل يمكن أن نبني عليه نصيحتنا”.

من هنا، تأتي أهمية هذه الدراسة عن تأثير صيام رمضان على حالة وأعراض مرضى قصور القلب المزمن وتقييم الالتزام بقيود وحمية السوائل والملح واستخدام الأدوية خلال شهر رمضان. وقد كان من نتائجها أن صيام رمضان يمكن أن يكون آمنا للمرضى الذين يعانون من قصور في القلب، إذا التزموا بتوصيات الطبيب واتباع الحمية.

 قصور القلب أو هبوط القلب الاحتقاني يعني أن القلب فقد قدرته على ضخ الدم بكفاءة، ونتيجة لذلك، يرتد الدم داخل أعضاء الجسم، وفي حالة هبوط القلب، يبدأ البطين الأيسر (وأحيانا البطين الأيمن أو الاثنان معاً) للقلب في الإصابة بالفشل في عمله كمضخة. ووظيفة البطين الأيسر هي ضخ الدم الغني بالأكسجين إلى جميع أجزاء الجسم ما عدا الرئتين، ووظيفة البطين الأيمن هي ضخ الدم الفقير للأكسجين إلى الرئتين لتجعلاه غنياً بالأكسجين مرة أخرى، وهكذا… وفشل هذه المضخة يؤدي إلى مجموعة من الأعراض المرضية.

ونتيجة لقصور تدفق الدم إلى أعضاء الجسم مثل المخ والكلى والعضلات مثلاً فإن ذلك يسبب الضعف والإعياء لدى المريض. وعندما يرتجع الدم إلى الرئتين يصبح التنفس صعباً، فإذا ساءت الأمور تصبح الأنفاس قصيرة جداً حتى أثناء الراحة. وعندما يرتجع الدم إلى الأوردة، تبدأ السوائل في التسرب منها إلى الأنسجة مسببة التورم. من هنا، فإن أبرز أعراض هبوط القلب تشمل ضيق التنفس، وتورم الساقين والكاحل، والشعور بالتعب.

ويُنصح المرضى بالحد من الاستهلاك اليومي للسوائل إلى أقل من لترين، والصوديوم إلى أقل من 2500 ملغ. كما يُنصح بالجلوس والقدمان مرفوعتان وبعدم الوقوف طويلا. وتشمل الأدوية التي توصف للمرضى مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE) أو مضادات مستقبلات الأنجيوتنسين (ARBs)، كما توصف معوقات بيتا ومدِّرات البول والديجيتاليس.

شملت الدراسة 249 مريضاً خارجياً ممن عزموا على الصيام خلال شهر رمضان في عام 2017. حيث تم جمع معلومات المرضى عن الحالة السريرية والتشخيص وأي مراجعة لقسم الطوارئ أو تنويم في المستشفى خلال شهر رمضان وشهر شعبان. وقد كان من نتائج الدراسة أن 227 مريضاً أي (91 %) من المجموع استطاع صيام الشهر كاملاً. منهم 209 أي (92 %) بقيت حالتهم مستقرة خلال الصيام، بينما 18 مريضاً أي (8 %) منهم تدهورت حالتهم بسبب عدم التزامهم بالعلاج وحمية قصور القلب. يقول الدكتور أبازيد: “المرضى الذين لا يتبعون توصيات الحمية المتعلقة بكميات شرب السوائل والأطعمة المالحة خلال شهر رمضان يؤكدون أن ذلك بسبب العادات الاجتماعية. فعندما يزورون الأصدقاء يقدم لهم طعاماً يحتوي على ملح بكميات كبيرة، ويشربون الكثير من السوائل، كل ذلك في غضون فترة زمنية قصيرة، وأن ذلك يمكن أن يسبب تغيرات في نسبة السائل في الجسم. “

وفيما يتعلق بعدم الالتزام بالأدوية، قال الدكتور أبازيد: “بعض المرضى يوقفون أو يقللون من استخدام مدرات البول لأنهم يخافون من العطش أثناء ساعات الصيام. بالإضافة إلى ذلك، بالنسبة للأدوية التي يجب تناولها مرتين يوميًا، إما أنهم يحذفون جرعة واحدة أو تؤخذ كل الجرعات معا “. يقول الدكتور أبا زيد: “صيام رمضان يعتبر آمناً بالنسبة لمعظم المرضى الذين يعانون من قصور القلب المزمن وانخفاض نسبة الضخ. نصيحتي للمرضى هي التمسك بالقيود على تناول السوائل والملح، وأن لا تحذف أي جرعات من الأدوية. بالنسبة للعقاقير التي تحتوي على جرعتين يومياً، يمكن أخذها مع أكبر فترة ممكنة خلال ساعات الإفطار، كأن تكون عند الفطور وعند السحور “.

ويضيف: “إذا كان ذلك ممكنا، فإننا ننصح الأطباء لتحويل المرضى إلى أدوية تؤخذ بجرعة يومية واحدة خلال ساعات الفطر، وهذا ممكن لمعظم أدوية قصور القلب.” وخلص الدكتور أبا زيد: “هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لمعرفة ما إذا كانت نتائجنا تنطبق في المناخات الباردة.” وقال الدكتور معاذ الملاح، رئيس الملخصات العلمية للSHA29 ورئيس قسم تصوير القلب في مركز الملك عبد العزيز للقلب، الرياض، المملكة العربية السعودية: “هذه الدراسة مهمة لأنها تقدم دليلاً أولياً لتوجيه الأطباء عند تقديم النصح للمرضى المسلمين الذين يعانون من قصور القلب والذين يرغبون في الصيام، وهناك حاجة لمزيد من الأبحاث لتأكيد هذه النتائج، ومن المهم أن يلتزم المرضى بأدويتهم أثناء الصيام وأن يطلبوا من أطبائهم تعديل الجرعات حسب الحاجة، وخاصة مدرات البول “.

وقال البروفيسور ماركو رفي، مدير مسار برنامج جمعية القلب الاوروبية ESC في الرياض ورئيس وحدة القلب التداخلي، مستشفى جامعة جنيف، سويسرا: “الأدوية والملح والسوائل في الجسم هي حجر الزاوية في علاج قصور القلب والتي يمكن أن تتأثر بالصوم خلال شهر رمضان. وهذه الدراسة تستحق الثناء ونتائج تحقيقاتها مطمئنة. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتحديد أي من المرضى المصابين بقصور في القلب يمكنه الصيام بأمان خلال شهر رمضان وما إذا كانت هناك مجموعات فرعية منهم قد يمثل صيام رمضان خطرا على صحتهم “.

المصدر:
http://arsco.org/article-detail-1131-14-0