حمى الضنك … حُمى تكسير العظام

حمى الضنك أو الدِّنْجِيّة أو أبو الرُّكَب أو الدنج أو الدنك Dengue Fever أو حمى تكسير العظامBreakbone Fever  أو حمى عدن Aden Fever هو مرض مداري منقول عن طريق الباعوضيحدث بسبب فيروس الضنك.

وحمى الضنك أيضاً هي عدوى فيروسية تنتقل إلى الإنسان عن طريق لدغة بعوضة أنثى من جنس الزاعجة مصابة بالعدوى. وهو ينتمي إلى مجموعة الأمراض الفيروسية النزفية التي تضم كلاً من الحمى الصفراء والإيبولا وحمى لاسا وحمى الوادي المتصدع وغيرها، وكلها أمراض لها القدرة على التسبب بحمى مفاجئة وأعراض نزفية متنوعة منها ما هو شديد وقاتل. والجدير بالذكر أنّ حمى الضنك مرض يشبه الأنفلونزا ويصيب الرضّع وصغار الأطفال والبالغين، كما تنتشر حمى الضنك في بعض الأحيان على شكل موجات وبائية وتكون الإصابة في بعض الأحيان مرتفعة و قد تصل نسبة الإصابة إلى 80% من مجموع السكان في المنطقة.

أسباب المرض والفيروسات الناقلة

إن الفيروس المسبب لحمى الضنك هو فيروس” الدنجة “وله أربعة أنواع معروفة يرمز لها بالأرقام 1-2-3-4 أو DEN1)،DEN2, DEN3, DEN4)، وقد اكتشفه العالم الأمريكي “سايبين” مكتشف لقاح الشلل عام 1945 م. والإصابة بأحد هذه الأنواع يولد مناعة مدى الحياة لهذا النوع ولكنها لا تحمي الإنسان من الإصابة بالأنواع الثلاثة الأخرى بل تجعله أكثر عرضة لحدوث حمى الضنك النزفية ومضاعفات خطيرة في حالة إصابته بها مرة ثانية.

ينتقل الفيروس المسبب لمرض حمى الضنك بواسطة نوع من الباعوض الناقل لفيروس الضنك المعروف باسم ” الايديس” وذلك حين تلدغ أنثى بعوض شخصاً مصاباً بالضنك وتصبح بعدها معدية طيلة فترة حياتها التي تتراوح بين 18 إلى 30 يوماً.

ومن أهم صفات بعوضة الضنك ما يلي:

  1. بعوض الناقل لحمى الضنك يلدغ الإنسان أثناء النهار.
  2. الباعوضة التي تنقل حمى الضنك تنتمي إلى فصيل من الباعوض يسمى (الزاعجة أو الايديسAedes-)، لها أكثر من 60 نوع ولكن نوعين فقط هما اللذان ينقلان حمى الضنك: (الزاعجة المصرية( Aedes aegypti، والزاعجة المرقطة Aedes Albopictus، وتعرف أيضاً بالنمر الآسيوي، بسبب النقط البيضاء والسوداء التي  تتواجد على صدرها وارجلها.
  3. تفضل العيش بشكل كبير داخل المنازل وخاصة في ضواحي المدن حيث التجمعات السكنية الكبيرة وحيثما وجدت شحاً في توصيل مياه الشرب العمومية.
  4. تتكاثر في أي كميات ضئيلة من المياه النظيفة والضحلة مثل المياه المتجمعة حول النباتات والأشجار المهجورة وفي المباني تحت الإنشاء وإطارات السيارات القديمة وعلب المشروبات الفارغة والمزهريات والبراميل.

إن بعوضة الزاعجة المصرية هي الناقل الرئيسي لحمى الضنك. حيث تنقل الفيروس إلى الإنسان عبر لسعات أناث الباعوض المصابة. وبعد فترة حضانة للفيروس تتراوح بين أربعة وعشرة أيام تغدو البعوضة المصابة قادرة على نقل الفيروس طوال الفترة المتبقية من حياتها. إن الإنسان المصاب هو الجهة الحاملة والمكثرة الرئيسية للفيروس، حيث يشكل مصدراً للفيروس بالنسبة للبعوض غير المصاب. وبمقدور المرضى المصابين بالفعل بفيروس حمى الضنك نقل العدوى (لمدة أربعة إلى خمسة أيام، وحتى 12 يوماً كحد أقصى) عبر بعوض الزاعجات بعد ظهور الأعراض الأولى عليهم.

وتعيش بعوضة الزاعجة المصرية في الموائل الحضرية وتتكاثر أساساً في حاويات من صنع الإنسان. وعلى عكس أنواع الباعوض الأخرى فإن الزاعجة المصرية تتغذى أثناء النهار، وتصل فترات لسعها إلى ذروتها في مطلع الصباح وفي المساء قبل الغسق. وتلسع أنثى بعوض الزاعجة المصرية عدة أشخاص خلال كل فترة تغذية. أما الزاعجة المرقطة فهي ناقل ثانوي لحمى الضنك في آسيا، وقد انتشرت في أمريكا الشمالية وأوروبا وذلك أساساً بسبب التجارة الدولية بالإطارات المستعملة (موئل تكاثر) والسلع الأخرى (مثل نبات خيزران الحظ) تتسم الزاعجة المرقطة بقدرتها العالية على الـتأقلم، وذلك فإن بمقدورها البقاء على قيد الحياة في المناطق ذات المناخ البارد في أوروبا. ويُعزى انتشارها إلى تحملها لدرجات حرارة تقل عن الصفر، وكمونها، وقدرتها على الاحتماء في الموائل المصغرة.

أعراض المرض

تظهر أعراض المرض خلال فترة تتراوح بين 3 أيام و14 يوماً (من 4 إلى 7 أيام في المتوسط) عقب اللدغة المعدية. وتشمل الأعراض الحمىوالصداع وآلام العضلات والمفاصل وطفح جلدي متميز شبيه بطفح الحصبة. يتطور المرض في نسبة قليلة من الحالات إلى حمى الضنك النزفية  dengue hemorrhagic fever المهددة للحياة، مما ينتج عنه نزف وقلة الصفيحات وفقدان بلازما الدم أو متلازمة صدمة الضنكdengue shock syndrome  حيث يحدث انخفاض خطير في ضغط الدم.

انتشار المرض عالمياً

حمى الضنك مرض قديم وقد عرفة الصين قبل 2000عام ،تقريباً ، أما أول اكتشاف لحمى الضنك في العصر الحديث فقد تم في عام 1780 على يد طبيب أمريكي في الفليبين، وقد أطلق على المرض اسم حمى العظم المكسور (Broken Bone Fever) ، نظراً للأوجاع الشديدة في العظام والمفاصل والعضلات التي تسببها الإصابة بهذا المرض، ومع أن وباء الضنك قد اندحر في مطلع  القرن الماضي حتى كاد العالم أن ينساه، غير أنه  عاد حديثاً مع الكثير من الأوبئة العائدة والتي أصبحت تعرف بـRemerging Diseases ، وهي كثيرة من ضمنها حمى التشيكونجونيا (المكرفس)، واللشمانيا والجرب وذلك بسبب ازدياد كثافة النواقل الناجمة وخاصة الباعوض مع الارتفاع المتزايد في  معدلات الحرارة الكونية  وقلة أنشطة المكافحة وزيادة الحركة بين البلدان والقارات.

قبل عام 1970عانت تسع بلدان فحسب من فاشيات حمى الضنك الوخيمة. أما الآن فإن هذا المرض متوطن في أكثر من 100 بلد في أقاليم أفريقيا والأمريكيتين وشرق المتوسط وجنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ حسب التقارير التابعة لمنظمة الصحة العالمية. وتأتي في الطليعة من حيث شدة التأثر أقاليم الأمريكيتين، وجنوب شرق آسيا، وغرب المحيط الهادئ. لقد ارتفعت معدلات انتشار حمى الضنك ارتفاعاً شديداً في مختلف أرجاء العالم خلال العقود الأخيرة. وتفوق الأرقام الفعلية لحالات حمى الضنك ما تشير إليه التقارير، كما أن الكثير من الحالات يُساء تصنيفها. وتشير إحدى التقديرات الحديثة إلى أن عدد حالات الإصابة بحمى الضنك يصل إلى 390 مليون حالة سنوياً.

واستنادا إلى البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، فقد تجاوز عدد الحالات على امتداد الأمريكتين، وجنوب شرق آسيا، وغرب المحيط الهادئ 1.2 مليون حالة عام 2008 وأكثر من 3 ملايين حالة عام 2013. وفضلاً عن تزايد عدد الحالات مع انتشار المرض إلى مناطق جديدة، فإنه تحدث فاشيات انفجارية. وثمة خطر الآن من وقوع فاشية محتملة لحمى الضنك في أوروبا، وقد أُبلغ للمرة الأولى عن سراية محلية للضنك في فرنسا وكرواتيا عام 2010، وتم الكشف عن حالات مستوردة في ثلاثة بلدان أوروبية أخرى. وفي عام 2012 أسفرت فاشية لحمى الضنك في جزر مادييرا البرتغالية عن أكثر من 2000 حالة، وكُشف عن حالات مستوردة في البر البرتغالي و10 بلدان أخرى في أوروبا.

وفي عام 2013 وقعت حالات في ولاية فلوريدا الأمريكية ومقاطعة يونان الصينية. وتواصل حمى الضنك الإضرار بشدة بالعديد من بلدان أمريكا الجنوبية، ولا سيما كوستاريكا، وهندوراس، والمكسيك. وفي آسيا أبلغت سنغافورة عن زيادة في الحالات بعد انقطاع لعدة سنوات، وأُبلغ أيضاً عن فاشيات في لاوس. وفي عام 2014 أشارت الاتجاهات إلى زيادات في عدد الحالات في جمهورية الصين الشعبية، وجزر الكوك، وفيجي، وماليزيا، وفانواتو. وفي عام 2015 أُبلغ عن زيادة في عدد الحالات في البرازيل وعدة بلدان مجاورة. ويتواصل تسجيل الحالات في بلدان فيجي، وتونغا، وبولينزيا الفرنسية الجزرية الواقعة في المحيط الهادئ.

حُمى تكسير العظام في اليمن

بسبب الحرب القائمة في اليمن وانعدام الكثير من الخدمات الصحية في عدد من المناطق اليمنية في جنوب ووسط اليمن، كل ذلك أدى إلى ظهور أوبئةً جديدة لم تكن منتشرة فيها مسبقاً مثل الملاريا والإسهالات والحصبة والضنك غيرها. وأثار هذا التفشي قلقاً واسعاً لدى المؤسسات الصحية المحلية، والمنظمات الدولية وسط استجابة محدودة منها بسبب الحصار. ويتصدّر وباء حمّى الضنك بأعداد الضحايا، ليستمر في التفشي وحصاد أرواح اليمنيين يومياً، ساعده في ذلك انعدام جميع الخدمات، لا سيما الكهرباء والمياه في ظل تجاوز درجات الحرارة الـ 50 درجة مئوية. وقد ظهر الوباء سريعاً في هذه المناطق مؤخراً، وتعده منظمة الصحة العالمية من الأمراض التي تحتمل الوفاة.

في شهر يونيو 2015 أعلنت منظمة الصحة العالمية، عن وجود 3026 حالة إصابة بحمى الضنك في عدة محافظات يمنية وهي عدن، والحديدة، ولحج وحضرموت، وتعز، وشبوة. وقالت المنظمة في تقريرها عن الوضع الصحي في اليمن الصادر يوم 9يونيو 2015: أن اليمن عانى على مدى 10 سنوات من حمى الضنك من عام 2000 إلى 2010، وقد عاد المرض للظهور في ظل نزوح أكثر من مليون شخص وتعطل النظم الصحية في البلاد. وكان مكتب الصحة في عدن قد أبلغ المنظمة أن أكثر من 4080 حالة إصابة بحمى الضنك تم تشخصيها سريرياً خلال الفترة بين 1ابريل – 4 يونيو منها 1380 إصابة من الإناث وتقريبا 2700 حالة من الذكور، كما إن أكثر من 37 بالمائة منهم أطفال دون 15 من العمر.

وفي نفس السياق صرح الدكتور عبدا لناصر الوالي، رئيس اللجنة الطبية الشعبية العليا في محافظة عدن، أن عدد الحالات المصابة بحمى الضنك في محافظة عدن منذ شهر مايو الماضي قد بلغت 8036 حالة إصابة منها 586 حالة وفاة. وأشار الدكتور الوالي أن هذه الإحصائيات لا تشمل الحالات التي لم تصل إلى المستشفيات.

وأضاف الدكتور الوالي أنه وخلال الفترة من 12-21 مايو لانتشار مرض حمى الضنك بلغ إجمالي عدد الإصابات (716) حالة (409 حالة من ذكور، 307 حالة من الإناث،211 حالة أطفال أقل من 17 سنة). وبلغ عدد الوفيات لنفس الفترة 128 حالة وفاة 64 ذكور43 إناث 21 أطفال دون الـ17 سنة.

المصدر: http://arsco.org/article-detail-1423-2-0