تبدي مجموعةٌ فرعية من الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد تحسنًا في الأعراض السلوكية خلال معاناتهم من الحمى، التي تُعَد علامةً على وجود التهاب يشمل الجسم كله.

 وفي هذا البحث المنشور، يشرح الباحثون الآليات العصبية والجزيئية الكامنة وراء آثار الالتهابات المفيدة تلك على اختلال السلوك الاجتماعي لدى الفئران. وقد قارن الباحثون نموذجًا بيئيًّا لاضطرابات النمو العصبي، تعرضت فيه الفئران لعملية تنشيطٍ لجهاز الأم المناعي (MIA) خلال مرحلة التخلُّق الجنيني، بنماذج فئران أخرى ذات خلل في جين contactin-associated protein-like 2، المعروف اختصارًا باسم Cntnap2، أو جين fragile X mental retardation-1، المعروف اختصارًا باسم Fmr1، أو جين Sh3 and multiple ankyrin repeat domain 3، المعروف اختصارًا باسم Shank3.وأثبت الباحثون أنَّه يُمكن – مؤقتًا – علاج اختلال السلوك الاجتماعي لدى نسل الفئران التي تعرضت لعملية تنشيط جهاز الأم المناعي، وذلك عن طريق الاستجابة الالتهابية المحفزة بإعطاء الفئران جزيئات عديد السكاريد الشحمي (LPS). ويصاحب هذا العلاج للسلوك انخفاضٌ في نشاط الخلايا العصبية في المنطقة قليلة الحبيبات بالقشرة الحسية الجسدية الأساسية (S1DZ)، التي قد تَبَيَّن مسبقًا أنَّ النشاط المفرط بها يسهِم في تجلّي الأنماط الظاهرية السلوكية الخاصة بنسل الفئران التي تعرضت لعملية تنشيط جهاز الأم المناعي.

 وعلى النقيض.. لم يرصد الباحثون تأثيرًا علاجيًّا لعديد السكاريد الشحمي على الاختلال السلوكي لدى نماذج الفئران التي تعاني خللًا في أحد الجينات سالفة الذكر. وأوضحوا أنَّ التبايُن في الاستجابة للعلاج بعديد السكاريد الشحمي بين نموذج الفئران التي تعرضت لتنشيط جهاز الأم المناعي، ونموذج الفئران التي تعاني خللًا في أحد الجينات سالفة الذكر ينتج عن اختلافاتٍ في مستويات إنتاج السيتوكين. فاستخدام عديد السكاريد الشحمي لعلاج الفئران ذات الطفرات الناتجة عن وجود خلل في أحد الجينات المذكورة لم يؤد إلى إنتاج كمياتٍ من بروتين «إنترلوكين-17 ايه»، أو اختصارًا (IL-17a)، مقارنةً بالكمية التي تم إنتاجها لدى النسل الذي تعرَّض لتنشيط جهاز الأم المناعي. والتغلُّب على هذا التباين، من خلال توصيل بروتين «إنترلوكين-17 ايه» مباشرةً إلى منطقة (S1DZ)، كان كافيًا لتعزيز القابلية للاختلاط الاجتماعي في كلا نموذجي الفئران. وفي المقابل، فإنَّ إلغاء التعبير عن الوحدة الفرعية «إيه» المستقبِلة لبروتين «إنترلوكين-17» – المعروفة اختصارًا باسم (IL-17Ra) – في الخلايا العصبية الموجودة بمنطقة (S1DZ) أدى إلى تعطيل قدرة عديد السكاريد الشحمي، على عكس الأنماط الظاهرية الخاصة بالقابلية للاختلاط الاجتماعي، وذلك في نسل الفئران التي تعرضت لتنشيط جهاز الأم المناعي. وتدعم تلك البيانات فكرة وجود آليةٍ مناعية عصبية مسؤولة عن اضطرابات النمو العصبي، يمكن فيها لإنتاج الوحدة الفرعية (IL-17Ra) أثناء الالتهابات أن يخفف من التعبير عن اختلال السلوك الاجتماعي بالتأثير مباشرةً على النشاط العصبي في الجهاز العصبي المركزي.

المصدر: https://arabicedition.nature.com/journal/2020/01/s41586-019-1843-6