مرض باركنسون وطرق علاجه
مرضى الباركنسون يتعرضون للرجفات والرعاش، بجانب تصلب العضلات، وصعوبة في المشي. وحتى اللحظة لم تعرف الأسباب وراء حدوث هذا المرض. ولكن ما هي العلاجات المتوفرة حاليا لعلاج داء الباركنسون؟
تم وصف مرض باركنسونParkinson’s Disease لاول مرة من قبل الطبيب والباحث البريطاني الدكتور جيمس باركنسون في عام 1817، اذ اعتبر هذا المرض مرض خطير مصحوب بالرعاش، وتصلب العضلات، وصعوبة في المشي، ويكون فيه الجسم منحني وباتجاه والسقوط. وياتي هذا المرض في المرتبة الثانية الاكثر شيوعا بعد مرض الزهايمر، و ضمن الامراض الدماغية التنكسية. وتزداد اعراض مرض باركنسون سوءا كلما تقدم المرض اكثر، وتقدم العمر اكثر حيث بعد عمر 65 عاما يتم تشخيص المرض لدى 1% من السكان.
وتشير التقديرات الى وجود حوالي مليون اصابة بمرض الباركسون في الولايات المتحدة الامريكية، وبما في ذلك اصابة بعض الشخصيات معروفة بهذه المرض ومن بين الاصابات الملاكم المشهور محمد علي، والممثل الامريكي مايكل جي فوكس. ولم يعرف بعد سبب الاصابة بهذا المرض، ولكن الفرضيات العلمية تقول ان السبب وراثي.
ويذكر ان مرض باركنسون يسبب ضمور خلايا المخ في المنطقة التي تسمى “المادة السوداء” والتي يفرز منها الدوبامين Dopamine وهي المادة المسؤولة عن الحركة. لذلك فان مرض باركنسون قد يحدث بسبب انخفاض في افراز الدوبامين في الدماغ. وهذا يؤدي الى حدوث مشاكل حركية مثل الهزات و تصلب في العضلات و في الاطراف، وبطء الحركة. ومع تقدم المرض، قد تظهر لدى بعض المرضى ايضا اضطرابات بولية، واضطرابات النوم، واضطرابات في المشي وقد يلجاون الى استخدام كرسي المشي او الكرسي المتحرك. بالاضافة الى ذلك فقد يضطر المريض الى التعامل مع المشاكل الفسيولوجية و مع التغيرات الادراكية التي قد تحدث مثل ضعف الذاكرة او ضعف في التركيز والتغيرات النفسية المرتبطة بتقلب المزاج، والشعور بالاكتئاب.
المزيد حول مرض باركينسون
ولحسن الحظ، وعلى مر السنين تغيرت علامات المرض بحيث ان الاعراض التي وصفها الدكتور باركنسون اصبحت اقل حدة بفضل العلاج الذي تم اكتشافه في منتصف القرن الماضي وهو العلاج عبر الدوبامين، حيث يتلقى المرضى الدوبامين الذي يمكن جسده باداء وظائفه بشكل سليم، بدلا من الدوبامين الذي توقف الدماغ عن افرازه.
ان عملية اكتشاف الدوبامين تم وصفها بشكل جيد في فلم “الصحوات” Awakenings ومن بطولة روبن وليامز وروبرت دي نيرو، والذي يعتمد على كتاب طبيب الاعصاب الذي الفه الدكتور اوليفر ساكس. وبالاضافة الى ذلك تم تطوير ادوية تعمل على تحفيز المستقبلات في الدماغ، والتي يكمن دورها في استيعاب الدوبامين، وبالتالي يمكنها تحسين اعراض المرض. ومع ذلك فان لمادة الدوبامين اثار جانبية، حيث يتعلق اغلبها بالتقلبات الحركية خلال النهار، لاسيما وان هناك بضع ساعات خلال اليوم تمكن المريض من قيامه بوظائفه بشكل جيد، وبالمقابل هناك ساعات اخرى يعاني فيها المريض من اعراض المرض وبشكل متقطع.
هل من علاج؟
حاليا لا يوجد علاج شافي لهذا المرض ولكن العلاج الحالي يمكن من خلال مادة الدوبامين، ويهدف هذا العلاج الى تخفيف الاعراض وتحسين نوعية حياة المريض. وكذلك، بدا في الاونة الاخيرة استخدام عقار جديد قد يغير حياة المريض الى الافضل. و بالنسبة للمرضى في المراحل الاكثر تقدما، والذين يعانون من اثار جانبية متعددة بسبب الدوبامين الذي ياخذ عن طريق الفم، فقد تم تطوير علاجات اخرى، مثل جراحة تحفيز المخ DBS – Deep Brain Stimulation والتي يتم خلالها ادخال جهاز الى الدماغ ويقوم بتحفيز وتحسين المناطق المسؤولة عن الحركة في الدماغ، ولكن هذا العلاج ليس مناسب لجميع المرضى بسبب الحالة النفسية التي يعيشها المريض، كما وان ليس كل الاشخاص على استعداد للخضوع لعملية جراحية في الدماغ والتي تتطلب التدخل الجراحي.
علاج مبتكر اخر متاح للمرضى في الحالات المتقدمة، اذ يتم ادخال عقار الديودوبا مباشرة الى الامعاء، ومن هناك الى مجرى الدم والدماغ، مما يؤدي هذا الى تحسين امتصاص الدوبامين في الدم بالمقارنة مع الحبوب التي تصل اولا الى المعدة، حيث يحدث في الامعاء حالة تنافسية على امتصاص في الدم بجانب مواد اخرى مثل البروتينات والتي نحصل عليها من الغذاء.
عقار الديودوبا يتم ادخاله مباشرة الى امعاء المريض من خلال نظام يسمح بتثبيته في جسم المريض بواسطة عملية جراحية قصيرة، حيث يتم ادخال انبوب يحتوي على الدوبامين الى داخل جدار بطن المريض، وبذلك تنتقل المادة مباشرة الى امعاء المريض. وعند وصول المادة مباشرة الى الامعاء، يتم امتصاصها بشكل افضل وتؤدي وظيفتها بشكل جيد. وفي معظم الحالات، تكون هناك امكانية تقليل او عدم تناول الادوية الاخرى المضادة للباركنسون، التي ياخذها المريض اثناء العلاج بالديودوبا.
ميزة اخرى للعلاج بالديودوبا، وهي الوتيرة الثابتة التي يصل فيها الدوبامين الى الدم وبالتالي تمنع التقلبات الحركية. هذه الوتيرة تقلد العملية الفسيولوجية التي تحدث في الدماغ عندما يفرز الدوبامين، مما يساهم هذا في تحسين الحركة. والعلاج لفترات طويلة بالديودوبا ايضا يمكن ان يؤدي الى خفض الجرعة اليومية المطلوبة من الدوبامين. لاسيما وان المريض يستطيع تغيير وتيرة افراز الدوبامين عندما يشعر بالرعاش، او وقفه تماما عند النوم او الاستحمام.
يعتبر مرض باركنسون حسب ما ذكر الاطباء مرضا صعبا جدا، ولكن من المهم ان نعرف ان الطب قد حقق تقدما كبيرا منذ ان تم اكتشاف المرض في القرن التاسع عشر، والان الاطباء يقدمون للمرضى علاجات يمكن من خلالها معالجة معظم الاعراض، مع الحفاظ على حياة المريض. والمرضى من جانبهم يكافحون في حياتهم اليومية بشجاعة من اجل الاستمرار في اداء وظائفهم على الرغم من الصعوبات التي يسببها لهم المرض.