يراجعني العديد من المسنين الذين يعانون من ضعف في حواسهم الخمس، وخصوصاً حاسة الشم، طالبين المشورة ومستفسرين عن سبب هذه الظاهرة وعلاجها.

ومن الطبيعي أن يعاني الانسان من ضعف، في حاسة الشم أو فقدانها مع التقدم في السن (سيأتي شرح ذلك لاحقاً)، غير أن هنالك أسباباً عديدة لفقدان هذه الحاسة لا علاقة لها بالتقدم في السن (سيأتي أيضاً شرحها لاحقاً).

وفي هذا الصدد أشارت دراسات عديدة الى أن النساء في الفئات العمرية المختلفة يتمتعن بحاسة شم أقوى من الرجال.

وفقدان حاسة الشم “اللاشمية” Anosmia قد تكون جزئية أو كاملة، مؤقتة أو دائمة، وهذا يعتمد على السبب الذي يقف وراء هذه الظاهرة , وغالباً ما يكون السبب، الذي يقف وراء فقدان حاسة الشم، غير خطر ومؤقت، ولا يدعو للقلق، غير أنه في بعض الأحيان قد يكون فقدان الشم عرضاً (جمعها أعراض) لمرض لا يستهان به.

ومعروف أن حاستي الشم والذوق مرتبطتان معاً ارتباطاً وثيقاً في الدماغ (فيما يتعلق بالشهية للطعام)، مع أنهما فعلياً يتبعان جهازين حسيين (مفردها حسي) مختلفين.

ولفقدان حاسة الشم تأثيرات سلبية على الانسان ، مثل عدم التلذذ بتناول الطعام، ما قد يؤدي الى فقدان الشهية له، وبالتالي فقدان الوزن، أو الإصابة بسوء التغذية، أو حتى بالاكتئاب ,  كذلك فإن فقدان حاسة الشم قد تعرض المسنين للخطر، وخصوصاً في حال اشتعال مواد قابلة للحريق في البيت، من المفروض أن تؤدي رائحتها الى تنبيه الإنسان إلى أن هناك حريقاً في البيت.

وقد يقوم المسن الفاقد لحاسة الشم بتناول مواد غذائية تالفة ذات رائحة كريهة، دون أن يلاحظ ذلك (لعدم وجود علامات ظاهرة تشير الى فسادها)، ما قد يعرضه لخطر الإصابة بالتسمم الغذائي وفي بعض الأحيان قد تكون ظاهرة فقدان حاسة الشم عند المسنين مصحوبة بهلوسات شمية Olfactory Hallucinations، وهي عبارة عن شم المسن لرائحة معينة لا وجود لها في الواقع. وهذا قد يعرضه للمتاعب أيضاً.

ويعتبر الزكام (نزلة البرد) السبب الشائع للفقدان الجزئي والمؤقت لحاسة الشم، والذي يزول من تلقاء نفسه دون الحاجة للعلاج. كذلك يؤدي انسداد تجويف الأنف (سيأتي شرحه لاحقاً) إلى فقدان جزئي لحاسة الشم، غير أن التقدم في السن، أو وجود أورام في الدماغ، قد يؤدي إلى الفقدان الكامل والدائم لحاسة الشم.

ويؤدي التهيج، أو التلف المؤقت أو الدائم للغشاء المخاطي للتجويف الأنفي، إلى فقدان حاسة الشم. وهنالك أسباب عدة تقف وراء ذلك، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: التهاب الجيوب الأنفية، الزكام، الانفلونزا، التهاب الأنف التحسسي Allergic Rhinitis وغير التحسسي.

وكما ذكرت سابقاً فإن انسداد تجويف الأنف (مجرى الهواء) يؤدي الى فقدان حاسة الشم، وقد يعود ذلك لوجود أجسام غريبة داخل تجويف الأنف، أو زوائد لحمية Polyps، أو أورام، أو بسبب تشوه أصاب القسم العظمي في الأنف.

ويؤدي تلف الجزء المتخصص في الدماغ بحاسة الشم، أو تلف الخلايا العصبية في الغشاء المخاطي لتجويف الأنف، إلى اضطراب حاسة الشم. وبتعبير آخر يمكن القول إن الجهاز الشمي Olfactory System المسؤول عن حاسة الشم، يتكون من مستقبلات عصبية شمية في الغشاء المخاطي المبطن لتجويف الأنف، تقوم بإرسال معلومات عن الرائحة عبر أعصاب خاصة بحاسة الشم إلى الجزء الشمي في الدماغ.

وفي حال إصابة أي جزء من هذا الجهاز بالتلف، فإنه يؤدي إلى اضطراب حاسة الشم. ويمكن إيجاز الأسباب والأمراض التي تؤدي إلى إيذاء أي جزء من الجهاز الشمي، بما يلي: أورام الدماغ، داء السكري، التقدم في السن، خرف الزهايمر، اضطرابات هرمونية معينة، إصابات الأنف، جراحة الدماغ، انتفاخ وعائي في الدماغ Brain Aneurysm، سوء التغذية، الفصام Schizophrenia، نقص الزنك، الشلل الرعاشي (داء باركنسون)، التصلب المتعدد Multiple Sclerosis الخرف بجميع أنواعه، والتأثير الجانبي للعلاج بالأشعة.

ويتم التغلب على فقدان حاسة الشم بعلاج السبب الذي يقف وراء هذه الظاهرة، غير أنه في حالات قليلة يتعذر ذلك، مثل التقدم في السن على سبيل المثال لا الحصر .