بمناسبة اليوم العالمي للسكري سنسلط الضوء من جديد على وضع المرض في الدول العربية وأسباب انتشاره وبعض الطرق التي من شأنها أن تساعد في مكافحته، إليكم المقال التالي.

ياتي اليوم العالمي للسكري سنويا في الرابع عشر من شهر تشرين الثاني- نوفمبير ليذكرنا باهمية التوعية بالمرض في ظل انتشاره الكبير وبالاخص ما بين مواطني العالم العربي. فالمتتبع لنسبة انتشار السكري في الدول العربية يمكن ان يلحظ بانه لم يعد مرضا فحسب بل يمكن اعتباره وبائا يهدد مجتماعاتنا العربية صحيا واقتصاديا.

حيث تقع ستة دول عربية في قائمة اكثر عشر دول اصابة بالسكري حول العالم نسبة لعدد السكان، ولا يتوقف الامر عند هذا الحد، بل ان 10% تقريبا من مجموع الوفيات في الدول العربية تحدث نتيجة الاصابة بمضاعفات مرض السكري ، اكثر من نصفهم تحت سن الـ 60 عاما، وذلك وفقا للدراسة التي نشرت في المجلة العلمية Epidemiology في عام 2012 وجاءت تحت عنوان The rise of diabetes prevalence in the Arab region، مما يشير الى تاثيرات هذا المرض المباشرة والغير مباشرة وطويلة الامد على الافراد والدول، وضرورة القيام بخطوات جذرية بدءا من الحكومات والمؤسسات وحتى التغيير بين الافراد والمواطنين.

ويعتبر مرض السكري من النوع الثاني الاكثر انتشارا في العالم العربي مقارنة بالسكري من النوع الاول (بمعدل اصابة واحدة بالسكري من النوع الاول يقابلها 10 من النوع الثاني). وياتي هذا المعدل بالاساس نتيجة لارتفاع اعداد المصابين بالسمنة بشكل اساسي، نظرا لتغيير نمط الحياة في العقود الاخيرة في وطننا من حياة مفعمة بالنشاط والاكل الصحي، الى حياة معاصرة متسمة بالكسل التي يتم فيها الاعتماد على وجبات الطعام الجاهز والسريع.

اليكم الجدول التالي الذي يوضح نسبة انتشار مرض السكري في بعض الدول العربية لعام 2014 حسبما اوضحت الفدرالية العالمية للسكري IDF: 

الدولةنسبة الاصابة بين البالغين (20-79 عاما)الوفيات بين البالغين (20-79 عاما)غير المشخصين* بين البالغين / بالالاف
الجزائر6.54%14,044824.5
البحرين17.53%82069.4
مصر15.42%72,3723,796.6
العراق7.55%17,773645.6
الاردن8.89%3,111189.1
الكويت17.87%1,232172.6
لبنان14.36%6,358247.1
ليبيا8.54%2,702163.4
المغرب7.45%9,518776.1
عمان8.16%1,22089.8
قطر16.28%634123.6
المملكة العربية السعودية20.52%25,5271,549.2
سوريا7.4%8,013437.9
تونس9.33%5,123352.2
الامارات العربية المتحدة10.68%1,335327.2
اليمن5.96%9,661358.3
فلسطين6.58%70.4

* تقدير عدد المصابين بالسكري (بالالاف، 000) الذي لم يتم تشخيصهم بعد- وغالبا ما يكونوا مصابين بالسكري 2. 

يوضح الجدول السابق ان نسبة انتشار مرض السكري في المملكة العربية السعودية اعلى من الدول العربية الاخرى، حيث اوضحت ان حوالي 20% من السعوديين بين الاعمار 20 – 79 عاما، مصابين بالسكري.

وتشير المعطيات الى مؤشر اخر مثير للقلق، الذي يكشف عن انتشار المرض في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا بين الفئات العمرية الشابة والذي يعتبر الاعلى مقارنة بالعالم. حيث هناك اكثر من 25 مليون شخص، او ما يعادل 6.7٪ من السكان، يعانون من ضعف تحمل الجلوكوز (Impaired Glucose Tolerance – IGT) الامر الذي يزيد من خطر الاصابة بمرض السكر.

وبهذا تتوقع الفدرالية العالمية للسكري انه وبحلول عام 2035 سيكون هناك 68 مليون شخصا تقريبا مصابا بالسكري في الدول العربية.

الى ان الامر المخيف هو اصابة الاطفال دون العاشرة من عمرهم بالسكري من النمط الثاني الى جانب السمنة في الدول العربية، وياتي هذا نتيجة اتباعهم لنمط غذائي غير صحي غني بالمشروبات والاطعمة السكرية والدهون، ففي المملكة العربية السعودية على سبيل المثال ارتفعت نسبة الدهون المتناولة في النظام الغذائي ما بين عامي 1971 و1997 حوالي 143%. ووصل عدد الاطفال المصابين بالسكري من النوع الاول في السعودية الى الـ 15 الف طفلا وهي الاعلى من دول منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.

ومن اجل فهم السبب وراء ارتفاع نسبة الاصابة بالسكري في الدول العربية، يجب ان ندرك ما هي عوامل الخطر الاكثر انتشارا فيما بينهم، والتي تتمثل في:

1- السمنة: فكما ذكرنا سابقا تنتشر السمنة بشكل غير معقول ما بين العرب بجميع فئاتهم، الا ان النساء هن اكثر المصابات بها حسبما افادت منظمة الصحة العالمية WHO، ويعود ذلك الى عدة اسباب من ضمنها عدم قيامهن ممارسة التمارين الرياضية والعادات والتقاليد السائدة والتي تتحتم على النساء الاعتناء بمنزلهن واهمال انفسهن.

2- العوامل الاقتصادية والاجتماعية: حيث اشارت دراسة سابقة تحت عنوان Association of socio-economic status with diabetes prevalence and utilization of diabetes care services ان الاشخاص ذوي الدخل المنخفض يكونون بخطر اعلى للاصابة بالسكري ومضاعفاته، ويعود ذلك الى عدة اسباب اهمها: قلة القدرة على انخراص هؤلاء بالتعليم ومعرفة مخاطر الاصابة بالامراض المختلفة وطرق الوقاية منها بالاضافة الى قلة الرعاية الصحية التي يتلقونها. كما ان الامر يختلف ما بين النساء والرجال، تماما مثلما ذكرنا سابقا، فهن اكثر اصابة بالسمنة من الرجال في العالم العربي بالتالي فرص اصابتهن بالسكري تكون اكبر ايضا.

3- النمط الغذائي: ان تغيير النمط الغذائي في الدول العربية بالعقود الاخيرة ليصل الى الاعتماد على وجبات الطعام الجاهز والسريع، بالاضافة الى ارتفاع مجمل السعرات الحرارية المتناولة يوميا ادى الى ارتفاع نسب الاصابة بالسمنة والسكري على حد سواء.
4- النشاط البدني: فقلة النشاط البدني التي رافقت الحياة العصرية في اغلب الدول العربية ساهمت بانتشار كل من السمنة والسكري وارتفاع اعداد الاصابة بكل منهما.

مواجهة السكري: من اين نبدا؟

ان العمل على مواجهة السكري يستدعي تكاتف الجهات جميعها، من افراد وحكومات، وتقع المسؤولية الكبرى على الحكومات من خلال وضع بعض الخطط التي تهدف لمحاربة هذا الوباء وحتى سن بعض القوانين التي قد تسهل على المواطن في اتباع نمط حياة صحي. مثل خفض اسعار المنتجات الغذائية العضوية لتحسين فرص الحصول على الغذاء الصحي والجيد باسعار معقولة، وتلك التي تعمل على الحد من الدهون والسكريات والاملاح المضافة الى المواد الغذائية والمشروبات المصنعة وبالطبع القضاء على الدهون الغير مشبعة وهلم جرا.

اذا، ماذا افعل لاحمي نفسي؟

ان قيامك ببعض الخطوات الصغيرة سترك اثارا ايجابية كبيرة على صحتك، ومن شانها ان تحميك من الاصابة بالسكري، اليك اهم هذه الخطوات:

  • اعرف ان كنت مصابا بحالة ما قبل السكري من خلال توجهك الى مركز طبي للكشف عن ذلك،  فمعرفتك بذلك سوف تساعدك في منع تطور المرض او تاجيله لاطول فترة ممكنة.
  • ضع خطة من اجل خسارة الوزن، حيث تعتبر هذه الخطوة من اهم الخطوات في تجنب الاصابة بالسكري، وبالامكان تحقيق ذلك من خلال اتباع نمط غذائي صحي قليل الدهون وممارسة النشاط الرياضي بانتظام، فخسارة 5-7% من الوزن الزائد تساعد في تقليل خطر الاصابة بالسكري بشكل كبير.
  • اتبع نمط غذائي صحي.
  • تحرك اكثر وحاول ان تمارس ثلاثين دقيقة من الرياضة يوميا لمدة خمسة ايام في الاسبوع.

كلمة اخيرة

ان الارقام السابقة تشير الى ان مرض السكري اخذ بالتحول الى وباء يشكل تهديدا كبيرا على المجتمعات والدول العربية، لذا هناك اهمية كبيرة في توعية المواطنين والوصول اليهم جميعا من اجل تعريفهم بالمرض وسبل الوقاية منه وحتى العلاج، وهنا تقع على عاتق الحكومات والدول القيام بذلك، الى جانب قيامها ببعض التغييرات التي تحث على تبني نمط حياة صحي قدر المستطاع.