القلب الحديدي؛ قلب ضعيف
هل تسر عندما يمدح الاخرين شجاعتك بمقولة (قلبك مثل الحديد)؟؛ ربما ستغير رأيك وتتمنى الا يصبح قلبك حديدياً عندما تعرف ما هو داء ترسب الأصباغ الدموية (Hemochromatosis).
– في داء ترسب الأصباغ الدموية تكون كمية الحديد بالجسم أكثر من الطبيعي، و يؤدي ترسب الحديد ببعض الأعضاء الى حدوث المشاكل الاتية:
1- القلب: ترسب الحديد بعضلات القلب يؤدي الى زيادة قساوتها، وبالتالي لا تنبسط جدران البطينين جيداً -وكأنها مقيدة- فلا تستوعب الا كمية ضئيلة من الدم، و من ثم تصبح الكمية التي تقوم بضخها قليلة؛ ويطلق على هذا اعتلال القلب المقيد (Restrictive cardiomyopathy).
2- الكبد: ترسب الحديد بالكبد يسبب الالتهاب المزمن و تليف الكبد (والتليف هنا قد يتطور الى سرطان الكبد في حوالي 30% من المرضى، و هي نسبة أكبر بكثير من سرطان الكبد الذي يعقب التليف الناتج عن أي سبب اخر).
3- البنكرياس: ترسب الحديد بالبنكرياس يؤدي في الأغلب الى نقص افراز الأنسولين مسبباً السكري، و بصورة أقل قد يقلل من افراز انزيم اليباز مسببا سوء امتصاص الدهون.
4- الجلد: ترسب الحديد فيه يسبب زيادة اسمرار الجلد بالتدريج.
5- الغدة النخامية: ترسب الحديد بالفص الأمامي منها يؤدي الى نقص إفرازاته خاصة FSH و LH المسئولين عن تنشيط الغدد التناسلية.
6- المفاصل: تؤدي زيادة الحديد الى زيادة (كالسيوم بيروفوسفات) الذي يترسب بالمفاصل مسببا تآكلها.
يوجد نوعين (أو سببين) لداء ترسب الأصباغ الدموية:
• أولي (وراثي): ينتج عن جين محمول على الكروموسوم 6، و لا بد أن تكون الوراثة من كلا الوالدين كي تحدث الأعراض؛ لأن المرض ذو سمة متنحية (أما من يحمل جين واحد فقط يصبح حاملا للمرض وليس مريضا).
• ثانوي (مكتسب): يحدث في المرضى الذين يحتاجون لتكرار نقل الدم (مثل مرضى أنيميا البحر المتوسط “ثلاسيميا”) مما يتسبب في تعرض الجسم لحمولة زائدة من الحديد الموجود بالدم، كذلك يمكن أن يحدث نتيجة الافراط في تناول الحديد بدون استشارة طبية.
وسائل تشخيص المرض
• اختبارات الحديد بالدم (يتواجد الحديد بجسم الانسان في أكثر من صورة لذا توجد العديد من الاختبارات لفحص الحديد، و الجدير بالذكر أن تلك الفحوصات تستخدم أيضا لتشخيص أنيميا نقص الحديد، و لكن النتائج ستكون عكس تلك الموجودة في ترسب الأصباغ الدموية):
1. حديد الدم (الحديد الحر بالدم أي غير المرتبط بالبروتين): سيصبح أكثر من الطبيعي في داء ترسب الأصباغ الدموية، وأقل في أنيميا نقص الحديد.
2. فيريتين الدم (و هو الحديد المرتبط بالبروتين –المختزن- داخل الخلايا، و يوجد بعض منه بالدم): سيصبح أكثر من الطبيعي في داء ترسب الأصباغ الدموية، و أقل في أنيميا نقص الحديد.
3. السعة الكلية للارتباط بالحديد (هي تحليل البروتين المسمى ترانسفرين، و هو ناقل الحديد الأساسي بالدم): تعكس احتياج الجسم للحديد وبالتالي تكون أقل من الطبيعي في داء ترسب الأصباغ الدموية، وأكثر في أنيميا نقص الحديد.
4. نسبة تشبع ترانسفرين (وهي نسبة قسمة رقم (1) على رقم (3)): ستصبح أكثر من الطبيعي في داء ترسب الأصباغ الدموية، و أقل في أنيميا نقص الحديد.
• خزعة الكبد: باستعمال صبغة (الأزرق البروسي) ستظهر زيادة ترسب الحديد بنسيج الكبد.
• الفحص الجيني (بالنسبة للنوع الوراثي): هام جدا لفحص أقارب المرضى –خصوصا المقبلين منهم على الزواج– لتحديد الذين يحملون جين مرضي واحد ولا يظهر عليهم المرض.
وسائل العلاج
1. التبرع بالدم (يستخدم لعلاج النوع الوراثي): التخلص من 500 ملي من الدم اسبوعيا مع المتابعة الشهرية لمستوى فريتين الدم، و عندما يصبح مستوى فيريتين 50 نانوجرام/مليلتر أو أقل؛ يتم الاقلال من التبرع بالدم ليصبح كل 3-4 شهور (جدير بالذكر أن دم مريض ترسب الأصباغ الدموية –ما لم يكن ملوثا بالفيروسات الكبدية أوفيروس الايدز– صالح تماما لنقله لمن يحتاج لدم من نفس الفصيلة).
2. أدوية ترتبط بالحديد وتساعد الجسم في التخلص منه (تستخدم لعلاج النوع المكتسب):
• ديفيروكسامين (Deferoxamine): الدواء القديم والأكثر فاعلية، ولكنه صعب الاستعمال؛ حيث يُعطى بالحقن المتواصل تحت الجلد بواسطة مضخة مخصصة لضبط الجرعة.
• ديفيراسيروكس (Deferasirox) و ديفيريبرون (Deferiprone): علاجين حديثين يعطيا عن طريق الفم تبعا لوزن المريض ومستوى فريتين الدم.