أهمية الغباء في البحث العلمي
“البحث العلمي ماهو إلا استخدام المعلوم في الكشف عن المجهول”
كلما قرأت في غير تخصصي أدركت كم أني قليل المعلومات. وكلما قرأت في تخصصي أدركت أني ضحل المعلومات. وكلما تمعنت فيما أكتب أدركت كيف أن العلم ليس بالكم ولكن بالكيف، وأني ما زلت منهمكاً في الكم وبعيدا عن الكيف. فعلى قدر القراءة لا بد من إعطاء العقل فرصته في التحليل وإدراك وربط المعلومات بعضها ببعض وتوظيفها في غير مواضعها بتفكير علمي إبداعي، وإلا أصبحت المعلومات كبذور لُب عباد الشمس نستخدمها للتسلية أو كرباط العنق نرتديه فقط لتتزين به أعناقنا وصدورنا.
وبالفعل قد شعرت بذلك بعد أن قرأت مقالين في منتهى الروعة.
المقال الأول:
لمايكل كريستلو وهو عالم أمريكي متبحر في علم المناعة المقارنة الذي يتناول فيه المقارنات بين الخلايا المناعية في الحيوانات وتطورها على المستوى الخلوي والجزيئي، بما في ذلك الإختلافات والتشابهات وتطورها من الحيوانات الدنيا حتى الإنسان. والبحث الذي كنت منكب على قراءته يدور حول تطور الجهاز المناعي في الأسماك الغضروفية عامة وفي سمكة القرش خاصة ومقارنتها بالجهاز المناعي في الإنسان.
Michael F Criscitiello: What the shark immune system can and cannot provide for the expanding design landscape of immunotherapy. Expert Opin. Drug Discov. (2014) 9(7)
وأثناء قراءتي للبحث هالني كم المعلومات التي كنت أجهلها. ولم أستطع التوقف عن قراءة المقال إلا بعد أن أنهيته كاملا. وبالرغم من شعوري بالجهل أمام هذا الكم والكيف من المعلومات القيّمة ومن الخجل من نفسي، إلا أنني شعرت بسعادة غريبة لم أشعر بها من قبل، والتي من الممكن أن أطلق عليها سعادة علمية أو فكرية. ودون أن أخوض في سرد محتوى المقال إلا أن المعلومات التي حصلت عليها كانت في غاية الأهمية لمثلي حيث أنها تقع في صميم تخصصي وهو علم المناعة. جعلتني هذه المعلومات أتعرف على إبداع جديد في تطور الخلايا المناعية وسبحان من أبدع خلقه. وكان من أهم هذه المعلومات هو معرفة السبب وراء عدم تعرض سمكة القرش إلى الإصابة بالسرطان وإمكانية الاستفادة من ذلك للإنسان. وفي نهاية هذا البحث الرائع خلص الكاتب إلى خمس نقاط أذهلتني لأني كنت أجهلها تماما ولكن معرفتي بها أضاءت عقلي وبصيرتي إلى اتجاهات جديدة ومبدعة للبحث، وفي نفس الوقت فسرت لي كثير من الأمور المبهمة. فقد بين بالدليل القاطع أن الأجسام المناعية المضادة ليس بالضرورة أن تتكون من سلسلتين من البروتينات المتعارف عليها لتقوم بوظيفتها بل يكفي سلسلة واحدة، 2) وجود أنواع جديدة من الأجسام المضادة غير معروفة من قبل ولكنها في غاية الأهمية وممكن توظيفها لصالح العلاج المناعي في الانسان، 3) على عكس ما هو موجود في الثدييات هناك خلية مناعية قادرة على القيام بدور الخلايا الليمفاوية التائية والبائية في التعرف على الانتجين خليتين في خلية واحدة مما يمثل نموذجا جديدا في عمل الخلايا المناعية لم يفكر فيه أحد من قبل.
هذا بالإضافة لكثير من المعلومات المهمة الأخرى ولكنها على مستوى الجينات والبروتينات والتي لا يتسع لها المجال هنا. ولذلك أستطيع أن أجزم أن قراءتي لهذا المقال جعلتني أتشوق لمزيد من القراءة عن هذا الموضوع الشيّق وكيف أقوم بنقله لطلابي في الجامعة. وتعلمت كيف أن الجهل بالمعلومات لمن يشتغلون بالبحث العلمي يولد شهية لمزيد من المعلومات.
المقال الثاني:
وبعد أن أنهيت قراءة هذا المقال وجدت بالصدفة مقالاً آخر كنت قد طبعته منذ فترة طويلة لأقرأه ولكني نسيته في ظل إنشغالاتي اليومية. الغريب أن هذا المقال يتحدث عن الغباء العلمي وأهميته في البحث العلمي. واندهشت جداً من عنوان المقال ليس لغرابته عن المألوف ولكن لأن ما شعرت به أثناء قراءتي للمقال الأول عن المناعة في سمكة القرش هو الغباء العلمي، وكم أن التغلب عليه عن عمد أمر مفيد جدا. والمقال لعالم أمريكي كبير هو Martin Schwartz بقسم الميكروبيولوجي بجامعة فيرجينيا. وعنوان المقال الذي كتبه شدني جدا لأنه عنوان غير نمطي وصادم وغير متوقع في أروقة منشورات البحث العلمي. المقال عنوانه “أهمية الغباء في البحث العلمي”.
Martin A. Schwartz: The Importance of Stupidity in Scientific Research. Journal of Cell Science 2008: 121, 1771
وقد كتب مارتن هذا المقال في عام ٢٠٠٨ أي منذ ١١ عاماً بعد مقابلته لزميلته التي كانت تدرس معه الدكتوراة ثم تركت الدراسة من فترة طويله لتدرس القانون في جامعة هارفارد. سألها وماذا تفعلين الآن. أجابته وبكل هدوء: أعمل كمحامية في منظمة حكومية مهمة خاصة بالحفاظ على الطبيعة والبيئة. ولما سألها لماذا تركتي البحث العلمي والدكتوراة !!!. كانت إجابتها قاطعة ومُفاجِأة وهي شعورها بالغباء كلما ازدادت قراءة وأجرت تجربة بحثية. وكانت هذه المقابلة سببا في دفع مارتن أن يفكر في الأمور بطريقة مختلفة عما قبل.
وعندما فكر شفارتز في إجابتها لاحقا وجدها بالفعل على حق ولكنه في الوقت نفسه اكتشف بالتحليل المنطقي للأمور أن الوصول إلى درجة الغباء في البحث العلمي له فائدة كبيرة بل هو المفتاح للإكتشافات العلمية الكبرى. وتعريف الغباء في البحث العلمي – على حسب قوله – يختلف عن الغباء في مواضيع أخرى. فهو ليس تخلف في استيعاب المعلومة أو تحليلها أو ربطها بالظواهر الحياتية. وليس هو بعدم القدرة على الحفظ والتخلف الدراسي مقارنة بالآخرين. وليس هو عدم القدرة على حفظ وفهم دروس العلوم وتحليل شواهدها. بل الغباء في البحث العلمي هو أن تقرأ وتقرأ وتقرأ وتفهم وتفهم وتفهم ثم تصيغ فرضية علمية في موضوع ما يحتاج حلاً علميا. ثم تفاجأ بأن ما تريد الوصول إليه وإثباته عملياً هو ضرب من المحال، ببساطة لأنك تكتشف أن المعلومات التي لديك غير كافية بالمرة لترسم خريطة علمية تستطيع بها أن تؤكد أو تنفي فرضيتك العلمية التي قمت بصياغتها بنفسك. حتى عندما تتواصل مع أحد الخبراء في المجال تكتشف أن علمه هو الآخر غير كاف لحل المعضلة العلمية التي تواجهك.
وهذا بالفعل ما حدث مع مارتن شيفارتز عندما وقف مكتوف الأيدي أمام معضلة لنظرية علمية صاغها بنفسه وأراد وقتها أن يفهم جوانبها ليختبرها ولكنه فشل وشعر أمامها بالغباء. وعندما عرض المعضلة على أحد أساتذته وقتها وهو بروفيسور هنري توبي Henry Taube لم يستطع هنري هو الآخر بكل ما أوتي من علم في مجاله أن يحل المعضلة – مع العلم بأن هنري فاز بجائزة نوبل بعد هذا الموقف بعامين. وما كان أمام مارتن إلا ثلاثة احتمالات لا رابع لهم. أولهما أن يفعل مثل ما فعلت زميلته عندما هجرت البحث العلمي ودراسة الدكتوراه. ثانيهما أن يُقلع عن الفكرة لشعوره بالغباء أمامها ويبحث عن فكرة أخرى لرسالة الدكتوراه. وثالثهما أن يعيد القراءة والتفكير في جوانب الفرضية العلمية مرات ومرات حتى يصل إلى طريقة يربط بها معلوماته بعضها ببعض ويصل إلى حل اللغز Puzzle. ورغم شعوره بالغباء المطلق أمام الفرضية أو المعضلة التي صاغها هو بنفسه بناءا على معلوماته، إلا أنه إختار الحل الثالث وهو مزيد من القراءة والتحليل وربط المعلومات بعضها ببعض لعله يخرج بخيط فكري جديد يساعده في حل المعضلة.
وبالفعل نجح مارتن بعد وقت قصير – على حد قوله – في الوصول إلى سيناريوهات علمية واضحة ومتسلسلة منطقياً والتي عندما إختبرها وجد النتائج تنساب بين يديه في المختبر بسهولة ومنطقية أكثر مما كان يتوقع. وحينئذ تعجب مارتن من العقل البشري، فها هو يستخدم معلوماته ليصيغ فرضية علمية ثقيلة استعصى عليه التيقن من بعض جوانبها فيشعر بالغباء ويقف عقله مكتوف الأيدي أمام حلها حتى يصل إلى درجة قد يتسرب إليه فيها الشعور بالفشل والغباء المطلق. ثم يقوم نفس العقل بعد شيء من القراءة والتحليل والتنظيم والتفكير المنطقي أن يصل إلى الحل وبكل بساطة. حينئذ شعر مارتن بأن الغباء المبني على العلم هو أعلى درجات الذكاء (إن اعتبرنا الذكاء هنا هو الوصول إلى الحل الأمثل في أسرع وقت ممكن).
وبناءً على ذلك فإني أتفق تماما مع ما توصل إليه مارتن في تعريف الغباء في البحث العلمي بل أزيد عليه وأقول إلى أن الغباء المقصود في البحث العلمي أي الناتج عن قراءة هو ذكاء من أجل البقاء. ولذلك فأنا بدوري أعتقد أن أي معضلة ولو علمية، ما هي لغز مكون من قطع متشابكة ومكتوب تحت كل قطعة رقم هو جزء من الحل. فما علينا إلا أن نقرأ ونحلل حتى ندرك أين يوجد الرقم ثم نقوم بتركيب قطع اللغز سوياً وبلا أدنى منغصات.
وبعد أن وصل لحل يفهم به معضلته أدرك مارتن أن الغباء الذي شعرت به زميلته وجعلها تُقلع عما كانت فيه كان سببه عدم ميلها إلى التحليل التسلسلي الذي تستطيع أن تبني عليه أفكارها لاكتشاف المجهول.
ولذلك، فالبحث العلمي ماهو إلا استخدام المعلوم في الكشف عن المجهول حتى يصير معلوما. وهنا أدرك مارتن السبب في ترك زميلته دراسة البحث العلمي رغم أنها كانت من أكثر الطلبة تفوقا أثناء الدراسة الثانوية وتحولها إلى دراسة القانون. وهنا أدرك أن التفوق في دروس العلوم في مرحلة الدراسة وفهم ما اكتشفه الآخرون هو طريق سهل وممكن التفوق فيه بحفظ المعلومات الدراسية وفهمها. أما أن تكتشف أنت وتضيف إلى العلم فيحتاج شخصية أخرى وصفات أخرى أهمها شغف التطلع إلى الجديد وعمل المستحيل لتحقيقه حتى ولو كان خيالا علميا. ولذلك فليس كل متفوق في الدراسة يصلح أن يكون باحثا.
ولذا، فمن يشتغل بالبحث العلمي عليه ألا يخجل من عدم إلمامه (جهله) بمعرفة جميع الجوانب العلمية لمشروعه (وهو ما يمكن أن نطلق عليه الغباء المنتج في البحث العلمي) بل عليه أن يفتخر بأن الفكرة التي توصل إليها مملوءة بالتحدي العلمي الذي يحتاج مزيدا من الدراسة والتمحيص والتفكير العلمي والذي لا بد أن يأتي بثماره لتخرج الفكرة في أروع صورها جاهزة لإختبارها عمليا.
وأنا أتفق تماماً مع طرح مارتن في أهمية الغباء المُنتج في البحث العلمي. بل أني أعتبره مقياسا لنجاح أي فرضية علمية رصينة. فكلما كانت الفكرة جديدة ومبتكرة وإبداعية كلما أُحيطت بالكثير من الأسئلة العلمية التي غالبا لا تكون إجابتها حاضرة في الذهن وإنما تحتاج مزيدا من القراءة التحليلية حتى تصبح خاضعة للمنطق. وبالطبع البحث العلمي الرصين تكمن أهميته في الأسئلة التي لا نملك لها إجابة حاضرة. وهنا يأتي دور البحث العلمي في إكتشاف إجابات لهذه الأسئلة.
وهذا ما أحاول دائماً أن أزرعه وأنقله لطلابي سواء في مرحلة البكالوريوس أو الدراسات العليا وهو بدء أي نقاش علمي بسؤال محدد يعرض مشكلة محددة أو تحويل أي فكرة بحثية إلى سؤال. وعادة ما يجد طلابي صعوبة بالغة في الوصول إلى سؤال علمي وراء بحثهم وصعوبة أكثر في صياغة هذا السؤال. فقد اعتاد الباحثون في مجتمعنا العلمي للأسف على عرض أفكارهم العلمية على هيئة الطرق المستخدمة في البحث وليس على هيئة سؤال علمي يبحث عن إجابة. فمن السهل جدا على أي باحث أن يعرض مشروعه باستخدام عبارات وصفية مثل: “هدفي هو دراسة تأثير X على Y باستخدام طريقة Y لعلنا نحصل على Z”. بالطبع صياغة الفكرة بهذه الطريقة مهم ولكن هذه الطريقة تأتي بعد صياغة الفرضية نفسها وقبل تحديد الأهداف المطلوبة لتحقيقها.
ولصياغة الفكرة أو الفرضية يجب طرح عدة أسئلة متعلقة بموضوع الفكرة. ولتبسيط الأمر هناك خمس قواعد لا بد من تطبيقها قبل الوصول إلى فكرة علمية محكمة.
القاعدة الأولى:
Now-Gap-Then بمعنى معرفة الوضع القائم أو الحالة الراهنة لموضوع (Now) ثم الحالة التي نريد الوصول إليها بعد إنتهاء المشروع وتحقيق أهدافه (Then) ثم الفجوة بين الوضع الراهن وبين تحقيقه (Gap). وإذا كان من السهل تحديد الوضع الراهن لمعرفتنا به وكذلك تحديد الوضع المأمول، فإنه من الصعوبة بمكان معرفة ما إذا كان هناك بالفعل فجوة ولم يتم سدها من قبل. ولذلك فدائما ما نحتاج قراءة كثيرة ومتأنية ومتنوعة من مصادر علمية معروفة حتى نحكم على وجود فجوة من عدمه. وإذا كنا محظوظين وانتهى الأمر بوجود فجوة حقيقية فهنا فقط نستطيع تطبيق القاعدة الثانية وهي صياغة الفرضية.
القاعدة الثانية:
ومع أنه من الممكن صياغة الفرضية بأساليب مختلفة، إلا أن أبسط طريقة هي إستخدام قاعدة If Rule والمعروف أنها مكونة من جزئين ولكن يضاف إليها جزء ثالث. فببساطة نصيغ الفرضية كالتالي “لو فعلنا X لحصلنا على Y مما سوف يؤدي إلى Z”. الجزء الأول هنا والخاص ب X هو الهدف لتغيير الوضع الراهن، والجزء الثاني والخاص ب Y هو النتائج المتوقعة (الفجوة) والجزء الثالث الخاص ب Z هو أهمية النتائج المتوقعة تطبيقيا (الحالة المأمولة).
القاعدة الثالثة:
تحديد الأهداف المراد تنفيذها لإختبار الفرضية التي قمنا بصياغتها.
القاعدة الرابعة:
هي قاعدة 5Ws + H حيث يتم طرح ستة أسئلة على كل هدف نريد تنفيذه وهي بالترتيب:
What – Why – Where – When – Who – How
وهذه الأسئلة مهمة جدا لمعرفة قدرتنا على تحقيق الأهداف التي حددناها لتحقيق أو لإختبار الفرضية. فبالإجابة على هذه الأسئلة نكون قد أدركنا ماذا نفعل ولماذا وأين سيتم إجراء البحث ومتى يتم إجراءه ومن سوف يجري البحث. وعمليا لا نكتفي بطرح Why واحدة بعد طرح سؤال What بل لا بد من طرح Why كل مرة بعد طرح الأسئلة الأربعة (Where – When – Who – How) حتى نكون قد وصلنا لحالة معلوماتية مكتملة إلى حد ما حول الفكرة المطروحة بكل أبعادها.
القاعدة الخامسة:
قاعدة So That – So What وهي أسئلة إعتراضية تصادمية نسألها لأنفسنا كل مرة نحدد جزءا من الوضع المأمول “وما أهمية ذلك”. وإذا أدركنا أهمية الهدف بعد تنفيذه نسأل أنفسنا سؤال تصادمي آخر وهو “ثم ماذا بعد” أي ماهي الخطوة التالية المترتبة على ذلك.
وبالطبع عندما نسأل كل هذه الأسئلة قد نواجه تحدي عدم معرفتنا جزءا من الإجابة مما يتطلب مزيداً من القراءة والتحليل حتى نصل إلى صياغة متقنة للفرضية بأهدافها وطريقة تحقيقها. ولا نتعجب إذا شعرنا بالغباء نتيجة لعدم قدرتنا على الإجابة خاصة في القاعدة الخامسة بل لا بد أن يدفعنا هذا الغباء إلى الفخر بأنفسنا لأننا سألنا سؤالا يحتاج معرفة. فإذا كانت الإجابة عن بعض الأسئلة صعبة فالأصعب هو صياغة السؤال.
وبناءً على هذا الطرح لا بد من تعليم طلابنا وتدريبهم في كل مراحلهم التعليمية كيفية تحديد المشكلات والتحديات وكيفية طرح أسئلة عميقة تساعدهم في صياغة هذه المشكلات في صورة فرضيات تحتمل الصواب أو الخطأ بعد إختبارها بطريقة علمية رصينة.
وفي النهاية أستطيع القول عن لسان مارتن أن الغباء المنتج يعني الجهل عن إختيار. وأحد الأشياء الجميلة في البحث العلمي هو أنه يسمح لنا بالتعثر، والنجاح فيه لا بد أن يأتي بعد خطأ مرة تلو الأخرى، والشعور بالرضا تماما يتحقق طالما نتعلم شيئا ما في كل مرة. لا شك أن هذه الفلسفة قد تكون أمرا صعبا بالنسبة للطلاب الذين اعتادوا على الحصول على الإجابات بشكل مباشر. لا شك أن هناك مستويات معقولة من الثقة والمرونة العاطفية تساعد، ولكن أعتقد أن تعليم العلوم بطريقة صحيحة قد يفعل الكثير لتخفيف التحول الكبير من معرفة ما اكتشفه الآخرون ذات يوم إلى تحقيق اكتشافاتنا الخاصة. وكلما أصبحنا أكثر راحة مع كوننا أغبياء، كلما تعمقنا في المجهول وكلما زاد احتمال نجاحنا في اكتشافات كبيرة.
البريد الإلكتروني للكاتب: mohamedlabibsalem@yahoo.com