وصف الأدوية الخطأ .. خطأ طبي قاتل
الأخطاء الطبية مصدر لأحد المعضلات التي يواجهها نجاح عمل الوسط الطبي في خدمة المرضى. ومع الانتشار العالمي للأخطاء الطبية وصل نطاق “المعضلة” إلى حد “الأزمة” الطبية العالمية، ووصلت في هيئة شكلها إلى مرحلة “الأخطبوط” المتعدد الأطراف في بعثه للأذى والضرر على الجوانب الإنسانية والمادية والاجتماعية لصحة الناس.
الكلام هنا لا مبالغة فيه، بل ربما هناك “تلطيف” شديد في صوغ العبارات، لأن ما يُعرف من تلك الأخطاء هو بالفعل أقل بكثير مما هو حاصل في الحقيقة.
والتأثيرات السلبية، على الجوانب المتقدمة الذكر، تهز إلى حد متفاوت مقدار ونوعية “ثقة الناس” فيمن يتولون رعاية صحتهم وفيما يتلقونه منهم من معالجات لحالات أمراضهم، المهددة لسلامة حياتهم أو المهددة لسلامة قدرتهم على العيش فيها براحة وعافية.
ولأن الأزمات لا تتكون إلا من تراكم مجموعات من الـ”سلوكيات” الخاطئة والـ”مشكلات” ذات الأسباب الموجودة في أرض الواقع، فإن أنجح المحاولات للتغلب عليها وحلها هي تلك المحاولة التي تتبنى دراسة الأزمة بموضوعية وبتأن؛ بغية معرفة وفهم مصادرها، ومن ثم القيام بـ”تجفيف” و”إزالة” تلك المنابع والمصادر التي تنجم عنها عناصر تلك الأزمة.
تناول الدواء
وأحد المنابع المهمة لحصول الأخطاء الطبية هو استخدام المرضى للدواء بطريقة غير صحيحة.
والدواء كما هو معلوم أحد الوسائل المستخدمة في علاج المرضى، ولأن ثمة سلسلة من الأحداث المتعاقبة تحصل قبل وصول الدواء إلى فم المريض أو إلى وريده أو لسطح جلده أو غيرها، فإن احتمالات “الخطأ” متعددة.
وبعض مما تشمله تلك السلسلة هو صناعة دواء جيد يحتوي على نوعية نقية وجيدة من المادة الأصلية له، وحفظ الدواء في ظروف ملائمة كي لا تتغير مكوناته الكيميائية، ووصف الطبيب للدواء “الصح” واللازم لمعالجة حالة المريض، وصرف الصيدلي لذلك الدواء بعينه، وإرشاد المريض إلى الكيفية السليمة لحفظه واستخدامه، واستخدام المريض لذلك الدواء بطريقة سليمة ووفق ما هو منصوح به.
وكما أن هناك العديد من “النكت” حول سذاجة البعض في تطبيق إرشادات الأطباء حول استخدام الدواء، فهناك أيضا في المقابل قصص حقيقية محزنة لتلك الأمور.
ولا أزال أذكر أنني حضرت في مرحلة التدريب، كطبيب مقيم بقسم الباطنية في أواخر الثمانينات، إحدى الحلقات العلمية لأطباء الجهاز الهضمي بمدينة الرياض، وكانت الحالة تتحدث عن نشوء “ناسور”، مجرى أنبوبي، لدى أحد المرضى فيما بين المريء والقصبة الهوائية، وذلك نتيجة للطريقة الخطأ في تناوله لكبسولتين من أحد المضادات الحيوية. وكان “الفعل الخطأ” أن المريض قد طبق حرفيا ما قال له الطبيب فقط بأن عليه “تناول هاتين الكبسولتين”، ثم ترك له أمر تناولهما.
ولأنهما كانتا موضوعتين في غلافهما من معدن الألمنيوم فإن المريض تناولهما كما هما، أي بغلافهما المعدني.
وبعد ابتلاعهما علقت القطعة المعدنية تلك في مريئه، وعملت جوانبها الحادة على تشكيل جرح فيما بين المريء والقصبة الهوائية، مما تطور مع الوقت إلى “ناسور”.
القصة، وغيرها كثير، ليست خيالا يروى أو طرفة يتندر بها، بل حقيقة شهدناها كأطباء آنذاك، وتم عرضها كمثال على ضرورة ألا يفترض الطبيب في المريض أنه سيأخذ الدواء بطريقة “صحيحة” تلقائيا، بل على الطبيب والصيدلي والممرضات أن يتأكدوا، ما أمكنهم، من استخدام المرضى لأدويتهم بطريقة سليمة، وأن يدلّوهم على كيفية ذلك.
والسبب ليس لأن المريض ذو ذكاء محدود، بل قد يكون المريض في حالة من المرض والإعياء بدرجة لا تمكنه من التصرف بطريقة “سليمة”، أو كما نتوقع من الإنسان السليم.
وهنا علينا أن نساعد المريض على تناول أدويته بطريقة سليمة، وأن نتحقق من إتمامه ذلك.
أسماء الأدوية
ولكن قبل الاسترسال في طرح الأنواع والأسباب المحتملة لحصول الأخطاء الطبية خلال عملية تناول المرضى لأدويتهم، دعونا نعرض “مشكلة” دوائية ذات تأثيرات سلبية جادة، صنعناها في الوسط الطبي بأنفسنا.
وهي “مشكلة” أسماء الأدوية، وما يتبع تشابهها من إرباكات وتشويشات و«لخبطات» في الوصف والصرف والاستخدام.
ولأن أسوء المشكلات و”أسخفها” ما نصنعه بأيدينا، لا بيد “عمرو”، فإن تشابه أسماء الأدوية مصدر غير مبرر لحصول أخطاء طبية يدفع ثمنها المرضى بالدرجة الأولى.
وكانت إدارة الغذاء والدواء الأميركية قد حذرت مرارا من تداعيات تلك التشابهات في أسماء الأدوية، وتحت عنوان “إرباك وتشويش أسماء الأدوية: منع الأخطاء الطبية”، وقالت كاتبة الورقة العلمية، الدكتورة كارول هولكويست، رئيسة قسم أخطاء الأدوية والدعم الفني التابع لمكتب أمان الأدوية في الإدارة الأميركية المذكورة، ما نصه: “إن متابعة الإدارة تدل على أن نحو 10 في المئة من جميع الأخطاء الطبية الناجمة عن تناول الأدوية ناشئة عن الإرباك والتشويش الذي تتسبب فيه أسماء الأدوية”.
ولاحظت الإدارة في أغسطس (آب) عام 2008 أن هناك نحو 3200 دواء تتشابه أسماؤها جدا، وهو ما يعتبر ضعف العدد بالمقارنة مع ما تمت ملاحظته في عام 2004.
وعرضت الإدارة مثال الصبي ذي السنوات الثماني الذي وافته المنية جراء إعطائه دواء ميثادون methadone بدلا من ميثايلفيناديت methylphenidate، المستخدم في معالجة حالات تدني الانتباه.
ثم ذلك الرجل البالغ 19 عاما، الذي تعرض لمضاعفات خطيرة على حياته حينما أُعطي دواء كلوزابين clozapine بدلا من أولانزابين olanzapine، وكلاهما دواء لمعالجة حالات انفصام الشخصية أو الشيزوفرينيا.
وتلك المرأة البالغة خمسين سنة، التي تم إدخالها على وجه السرعة للمستشفى جراء إعطائها دواء فلوماكس Flomax، والمستخدم لعلاج تضخم البروستاتا لدى الرجال، بدلا من فولماكس Volmax، والمستخدم لعلاج ضيق الشعب الهوائية.
وذكرت الإدارة في ذلك المقال أمثلة أخرى لحالات حصلت لمرضى وتم التبليغ لها عنها، مثل ما بين دواء سيرزون Serzone، المضاد للاكتئاب، ودواء سيروكويل Seroquel، المستخدم لمعالجة حالات انفصام الشخصية.
ومثل إعطاء دواء أيودين iodine بدلا من لودين Lodine، المستخدم لتسكين الألم.
أو فيما بين دواء تورادول Toradol ودواء ترامادول tramadol.
وقالت الدكتورة هولكويست في مقالها: “هذه الأخطاء ليست ناجمة بالضرورة عن عدم الكفاءة الطبية، وقد تحصل في جميع المستويات العملية لاستخدام الدواء، أي من حين وصف الطبيب لها إلى ما بعد صرفها من قبل الصيدلي”.
وأضافت بأن “أخطاء أسماء الأدوية” قد تحصل فيما بين أسمائها العلمية، أي أسماء المواد الكيميائية فيها، أو فيما بين أسمائها التجارية، أي في الأسماء التي تطلقها الشركات على منتج دوائي معين، أو فيما بين هذا وذاك، أي الأسماء العلمية والتجارية.
موز وخط غير مقروء
ولكنها استدركت قائلة: “في بعض الأحيان تنشأ أخطاء الأدوية نتيجة لأسباب لا تتعلق بأسمائها، وذلك مثل كتابة الأطباء لرموز من الحروف كاختصار لعبارات طبية محددة، أو عبارات طبية مركبة من عدة كلمات، أو اختصار مقدار الجرعة وتكرار تناولها خلال اليوم، وغيره”.
وضربت مثلا بكتابة الطبيب لرمز دي/سي “D/C” عند تعليقه على دواء معين في صحيفة قائمة الأدوية التي يتناولها المريض.
وهذا الرمز عند قراءة الممرضة له يمكن أن يعني لها “ديستشارج” “discharge”، أي إما وقف أو بدء إعطاء المريض من هذا الدواء عند خروجه من المستشفى، أو أن يعني لها “ديسكونتنيو” “discontinue”، أي وقف إعطاء المريض من هذا الدواء في الحال.
وذكرت بأن المجلس القومي الأميركي لتنظيم تقارير الأخطاء الطبية ومنع حصولها (NCCMERP)، قد نبه مرارا على هذا الرمز بالذات حول ما تسبب استخدامه، المثير للإرباك، في أخطاء تناول المرضى لأدويتهم.
واستطردت بأن كتابة الطبيب لاسم الدواء بخط غير مقروء بسهولة، وعدم الإحاطة بأسماء الأدوية المعتادة، أو وصف أدوية جديدة لا يعلم بها بعض العاملين في الوسط، أو تشابه عبوات الدواء أو أشكالها، وغير ذلك من الاحتمالات، كلها تضيف أسبابا أخرى محتملة لمشكلة حصول معاناة المرضى من أخطاء في استخدام الأدوية.
ولكن يظل “الخط غير المقروء” مشكلة لدى الأطباء حال كتابتهم لأسماء الأدوية، أو كتابتهم للتقارير الطبية.
ولا يعرف بالضبط ما سبب عدم اهتمام الأطباء بالكتابة بخط واضح ومفهوم لكل إنسان، مع أنهم يكتبون عادة بخط واضح ومفهوم حينما يكتبون تلك الأدوية أو المصطلحات الطبية على أوراق الإجابات في الاختبارات الجامعية والعليا، وكذلك يكتبون “الشيكات” والرسائل وغيرها بخط واضح، أو يجب عليهم ذلك وإلا لن يكون مقبولا منهم ذلك الخط الرديء في المعاملات الرسمية!
و”العجلة” عذر واه وغير مقبول، لأن الطبيب عادة لا يكون مستعجلا حال التفكير في وصف الدواء المناسب للمريض، فما باله يستعجل كتابته! وإن كان حفظ “حروف كلمة الدواء” مشكلة فبإمكانه الاستعانة بكتيبات “قائمة الأدوية”، وهي كتيبات صغيرة ولا يستغني عنها الطبيب “الحكيم”. وتتأكد أهمية الحاجة إلى الكتابة “النظيفة” و”الواضحة” مع وجود مشكلة “تشابه أسماء الأدوية” بالأصل لدينا.
وحول هذا تقول الدكتورة هولكويست: “ثمة جهود قوية من إدارة الغذاء والدواء الأميركية على ضرورة التزام الأطباء بكتابة أسماء الأدوية بوضوح أكثر، وباستخدام أحرف منفصلة بدلا من الأحرف المتشابكة والمائلة، وتجنب استخدام الرموز والاختصارات، وتوضيح سبب العلاج بهذا الدواء، أي للصرع أو فشل القلب أو مرض السكري أو غير ذلك”.
عملية تسمية الدواء
تسمية دواء جديد باسم معين هي إحدى مراحل إنتاج الدواء، والواقع العملي يشهد بأن عملية اختراع لقب جذاب وسهل الحفظ وأنيق، كي يُطلق على ذلك الدواء للتفريق بينه وبين أنواع أخرى من الأدوية، هي ليست عملية سهلة. والأهم لدى شركات الأدوية هو إطلاق اسم ذي تأثير صاروخي في رفع مبيعات الدواء، كما تؤكد الدكتورة هولكويست، أي اسم يجمع بين عدة تأثيرات علاجية تجذب المشتري لانتقاء ذلك الدواء.
وهنا لا تسمح إدارة الغذاء والدواء الأميركية بأن يحتوي اسم الدواء على “ادعاءات” لا أصل لها في قوة الدواء العلاجية، أو أن يتضمن الاسم ما يدل على اقتراح استخدامه في علاج حالات لم يتم الموافقة على جدواه فيها، أو ما يدل على “الوعد” بأمور لا يحققها ذلك الدواء.
هذا جانب في عملية تسمية الدواء، أي الكلمة الأصل والفاعلة في تركيبة الاسم. ثم يأتي دور اختراع “إيقاع” أنيق وجذاب وموسيقي، وخال من النغمات المتنافرة والمزعجة، ومن الأحرف غير المنطوقة أو ذات الوقع الشديد. وغالبا ما تُختار أحرف الاسم من النوعية التي توحي بمجهود علمي قوي الذكاء، مثل زايبريكسا Zyprexa أو زانكس Xanax أو ليكسابرو Lexapro، أي بعبارة أخرى: اللجوء إلى أحرف إكس واي زد XYZ.
وبالرغم من هامش الحرية الواسع، الذي تتركه إدارة الغذاء والدواء الأميركية للشركات في اختراع أسماء تحقق للشركة ما تهدف إليه في جذب المستهلك، فإن الإدارة تشدد على ضرورة أن تراعي عملية تسمية الدواء العمل على تقليل احتمالات الأخطاء في استخدام تلك التسمية، مع تجنب خرق قوانين العلامات التجارية لمنتجات سابقة، دوائية أو غيرها.
وبالتالي نشأ فرع جديد من “البزنس”، ومستشارين متخصصين فيه، معني باختراع أسماء مناسبة للأدوية تساعد الأطباء والمرضى على ملاحظة الدواء واستخداماته، وخاصة مع الارتفاع الحديث في إعلانات الأدوية التي تخاطب المستهلك مباشرة.
وعلى سبيل المثال، اسم دواء “فياغرا” Viagra، المستخدم لعلاج حالات اختلال الانتصاب، يُشعر السامع بأن الدواء يوفر الحيوية vitality والقوة vigor لمستخدمه.
واسم عقار “أدفير” Advair، لعلاج الربو، مرتبط بـ “تحسين الاستفادة من الهواء في حالات الربو”advantage air for asthma.
واسم دواء “أميرج” Amerge، لعلاج الصداع النصفي، مرتبط بجملة “الخروج من ألم المايغرين” emerging from the pain of a migraine.
وكل دواء له إسمان أو ثلاثة، وذلك بحسب مدى إمكانية شركات عدة على إنتاجه وتسويقه، ولكل اسم منها قوانين وأنظمة لاستخدامه ولوضعه على عبوات دواء معين. وهي:
- الاسم “الكيميائي”chemical : اسم المركب الكيميائي الفعلي في الدواء، وعادة لا يهم الناس هذا الاسم، بل يستخدم في مجالات البحث العلمي.
- اسم “العلامة”brand : ويعتبر علامة تجارية ذات ملكية خاصة للشركة التي امتلكت اختراع وإنتاج الدواء بالأصل.
- الاسم “العام”generic : ولا يعتبر هذا الاسم ملكية خاصة، ولكنه يدل على الدواء.
ووفق ما تشير إليه مجلة رابطة الصيدلية الأميركية فإن ثمة أكثر من 33 ألف اسم “علامة” لأدوية في الولايات المتحدة.
وقبل عام من بدء تسويق الأدوية في أسواق الولايات المتحدة تُراجع إدارة الغذاء والدواء الأميركية الأسماء المقترحة لتلك المنتجات الدوائية الجديدة، وفي كثير من الأحيان يتم رفض تسمية ثلث الأدوية المعروضة للموافقة، وغالبا بسبب تشابه تلك التسمية مع أسماء أدوية سابقة. ويمكن أن تجري عملية الرفض وطلب تغيير اسم الدواء حتى بعد الموافقة الأولية على الاسم والبدء في تسويقه.
وعلى سبيل المثال، لاحظت الإدارة في عام 2005 أن اسم أحد أدوية علاج مرض السكري هو أماريل Amaryl، ويتشابه مع اسم دواء آخر لمعالجة مرض ألزهايمر، وهو دواء ريمنيل Reminyl وتم تغيير اسم دواء ألزهايمر إلى رازاديان Razadyne كما تم تغيير اسم دواء “أمرينون” amrinone إلى “إنامرينون” inamrinone، بعد ملاحظة وورود تقارير عن أخطاء فادحة نتيجة تشابه هذا الاسم مع اسم دواء آخر وهو “أميودارون” amiodarone. وغيرها كثير من الأمثلة.
كيف يمكن حل مشكلة تشابه أسماء الأدوية؟
في كل عام، وفي كل أنحاء العالم، يتم وصف وكتابة المليارات من أسماء الأدوية و”الروشتات” لعلاج المرضى.
والمعنيون الوحيدون فقط بوصف الدواء للمرضى هم الأطباء، وتشير “يو. إس. فارماكوبيا”، الهيئة القومية المعنية بوضع معايير الأدوية، إلى أنها حينما نظرت إلى عمليات وصف وصرف الأدوية في 10 في المئة فقط من مستشفيات الولايات المتحدة، وجدت أن هناك 26 ألف حالة ارتباك وتشويش و«لخبطة» حصلت في ذلك العدد من المستشفيات خلال أربع سنوات.
وفي عام 1999 أصدرت مؤسسة الصحة بالولايات المتحدة تقريرها حول الأخطاء الطبية، وتم مناقشته في الكونغرس في سبع جلسات خلال ما بين ديسمبر (كانون الأول) من عام 1999 ويناير (كانون الثاني) من عام 2000. ومما طالبت المؤسسة به هو أن تتبنى إدارة الغذاء والدواء مزيدا من الاهتمام بموضوع “سلامة استخدام الدواء”، خلال فترة ما قبل وما بعد تسويق الدواء. واقترحت أن يتم تطوير معايير إلزامية لتصميم عبوات الأدوية والاسم المكتوب عليها، لضمان أقصى درجات ممكنة من الأمان لاستخدامها.
كما طالبت شركات الأدوية بأن تختبر أسماء الأدوية لمعرفة ما قد يتشابه كتابة أو نطقا أو شكلا، منعا للإرباك.
وتفاعل الرئيس كلينتون، آنذاك، مع التقرير وطلب من حملة وكالة مراقبة النوعية QuIC، التابعة للإدارة الحكومية للصحة والخدمات الإنسانية، تقييم التقرير ووضع عناصر محددة لما يمكن فعله لتقليل حصول الأخطاء الطبية.
وصدر تقرير الحملة إلى الرئيس كلينتون في فبراير (شباط) 2000، بالتأكيد على ما جاء في تقرير المؤسسة حول أسماء الأدوية.
ومنشأ مشكلة تشابه أسماء الأدوية منحصر فيما بين الشركات المنتجة للأدوية والإدارات التي لديها حق إعطاء الموافقة على التسمية المقترحة لأنواع الأدوية.
بمعنى أنهما اللاعبان الرئيسيان في نشوء واستمرار المشكلة وتداعياتها، أما الأطباء والصيادلة والمرضى فهم المتضررون الرئيسيون واللاعبون الثانويين في محاولات التغلب على تلك المشكلة.
ومع ذلك تتجه غالبية الجهود “التصحيحية” نحو التشديد في نصح اللاعبين الثانويين بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون حصول “الضرر”! ولأن أسماء الأدوية يمكن تغييرها، وهو ما تم في كثير من المرات، فإن الحل “العملي” هو في تصحيح أوضاع تلك التسميات نحو ما لا يثير أي نوع من التشابه، وبالتالي الارتباك وتداعيات ذلك. ولأن شؤون الأمور لا تجري بتلك الطريقة في أرض الواقع يكون اللجوء بالاضطرار إلى مبدأ “سددوا وقاربوا” كحلّ عملي لا مناص منه اليوم.
والأطباء عليهم مسؤولية التدقيق والتأني في الوصف والكتابة، وإفهام المريض سبب إعطائه ذلك الدواء ولمعالجة أي الأمراض لديه، والصيادلة عليهم الدقة كذلك في الصرف وشرح طريقة الاستخدام للمرضى. والمرضى عليهم تلقي تلك المعلومات من الطبيب والصيدلي مباشرة، وعدم إهمال سؤال أي منهم عن كل دواء يصرف لهم، وخاصة عند البدء في تناوله أو استخدامه.
ولكن حتى هذه اللحظة، لا توجد حلول مطبقة للتغلب هذه المعضلة.