التداعيات النفسية والاجتماعية لألعاب الفيديو
تباينت أضرار العاب الفيديو ما بين امراض عضوية ونفسية واجتماعية، سيما بعد انتشارها على نطاق واسع في العالم مع الثورة التقنية التي تتميز بها. وحذر عدد من الدراسات من مغبة الافراط في استخدام تلك الالعاب، نظرا لما تتسبب به من مخاطر، حاثين في الوقت ذاته اولياء الأمور على مراقبة أطفالهم أثناء اللعب.
فقد كشفت دراسة بريطانية حديثة أن إفراط الأطفال في ممارسة ألعاب الفيديو والكمبيوتر ساهم في قلة عدد حركات شد المعدة وانخفاض قوة الذراعين وضعف قوة قبضة اليد، وذلك حينما استبدل الأطفال معظم الأنشطة البدنية التي تمارس خارج المنزل بهذه الألعاب.
ونشرت مجلة “بيدياتريكا اكتا” البريطانية على شبكة الإنترنت أن نتائج الدراسة أوضحت أن الأطفال يخسرون قوتهم البدنية بسبب قضائهم وقتا طويلا داخل المنزل وانهماكهم في لعب الكمبيوتر، بدل الألعاب والأنشطة التي تستدعي قوة بدنية كالركض وتسلق الأشجار وركوب الدراجات.
وتضمنت الدراسة عقد مقارنة على أطفال الجيل السابق والجيل الحالي من حيث قوتهم البدنية اتضح من خلالها أنهم يتمتعون بمعدلات أوزان واحدة، بينما وجد أن الجيل الجديد غير قادر على القيام بالمهمات البدنية ذاتها، ما يثبت أن معدل الدهون عند الجيل الجديد يزيد عليه عند الجيل السابق، وهو أمر له نتائج خطيرة على صحتهم في المستقبل.
وأُجريت الدراسة بجامعة “اكسييس” البريطانية حيث قام خبراء وباحثون رياضيون بقياس الكتلة العضلية لأكثر من 600 طفل كانت أعمارهم في عام 1998 عشر سنوات. وبعد عقد من الزمان كرروا نفس التجربة فوجدوا أن عدد حركات شد المعدة عند الأطفال قلت بنسبة 27% وانخفضت قوة الذراعين بنسبة 26% وضعفت قوة قبضة اليد بنسبة 7 %.
وكشفت دراسة جديدة نشرتها صحيفة ديلي ميل، أن البريطانيين يفضلون ألعاب الفيديو على زوجاتهم، وتسبب هوسهم بهذه الألعاب في ارتفاع حالات الطلاق بين صفوفهم. و وجدت الدراسة أن المزيد من النساء يرفعن قضايا طلاق من أزواجهن بحجة أنهم يقضون أوقاتاً طويلة على ألعاب الفيديو، تصل إلى أكثر من خمس ساعات في اليوم. وقالت إن 15% من الزوجات اللاتي اشتكين من السلوك غير المعقول لرجالهن بسبب ألعاب الكمبيوتر، يعتقدن أن شركاء حياتهن يفضلون هذه الألعاب عليهن، بالمقارنة مع 5% العام 2014.
الضرر الذي يلحق بالأطفال
من جانبها وجهت شركة “نينتندو” اليابانية العملاقة المتخصصة بالترفيه الإلكتروني وألعاب الفيديو، تحذيراً مشدداً من المخاطر الصحية التي قد تنشأ نتيجة استخدام جهاز اللعب الجديد الثلاثي الأبعاد الذي أنتجته “نينتندو 3DS،” ودعت لضرورة منع الأطفال دون سن السادسة من استعماله خشية توقف نظرهم عن النمو. ونقل موقع “سي إن إن” الأمريكي عن الشركة قولها في بيان نشرته باللغة اليابانية على موقعها، إن على الأهل التنبه إلى هذا الأمر خلال استخدامهم الجهاز الذي ينتظر أن ينتشر على نطاق واسع باعتبار أنه صغير الحجم ويمكن للمرء حمله والتجول به. و دعت الشركة الكبار إلى إغلاق خاصية عرض الصور بالنظام الثلاثي الأبعاد عندما يتركون الجهاز بمتناول أطفالهم، كما طالبتهم بوضع كلمات سر لمنع تسلل الأولاد دون انتباههم.
في حين حذرت دراسة طبية من أن إكثار المراهقين باستخدام ألعاب الفيديو بصورة مبالغ فيها، يعرضهم لزيادة استهلاكهم من الأطعمة والغذاء، وهو ما يعرضهم لالتهام سعرات حرارية أكثر والإصابة بالبدانة.
وكشف “مركز التحكم ومكافحة الأوبئة” الأمريكي، أن نحو 18% من المراهقين الأمريكيين يعانون من البدانة، على الرغم من تحذيرات خبراء الصحة من انتشار البدانة بصورة وبائية في المجتمع الأمريكي، وذلك بسبب عدم ممارسة الرياضة بصورة منتظمة والعادات الغذائية الخاطئة والوجبات السريعة المشبعة بالدهون. كما حذرت الأبحاث من أن تركيز الجلوكوز في الدم يزداد مع طول فترة جلوس المراهق أمام ألعاب الفيديو.
العاب الفيديو والاكتئاب
ومن يقضي ليالي طويلة في ممارسة ألعاب الكمبيوتر، قد يُصاب بالاكتئاب بشكل أسرع من غيره. ويُعد الوقت الذي تُمارس فيه هذه الألعاب بصفة خاصة هو العامل الحاسم في احتمالية الإصابة بالاكتئاب، أما مدة اللعب فقلما تشكل أهمية. وهذه النتيجة توصلت إليها دراسة حديثة أجراها علماء بجامعة بازل السويسرية على 600 لاعب يمارسون لعبة الأدوار على الإنترنت الشهيرة «World of Warcraft» تراوح أعمارهم بين 13 و30 عاماً ويقضون في المتوسط 22 ساعة أسبوعياً ممارسة هذه اللعبة.
وخلصت نتائج الدراسة إلى أن الساعات بين العاشرة مساءً والسادسة صباحاً على وجه الخصوص تعتبر أخطر الأوقات، فمن يمارس ألعاب الكمبيوتر خلال هذه الفترة خمس مرات أو أكثر أسبوعياً، يكون أكثر عرضة للإصابة بأعراض الاكتئاب من غيره بشكل واضح. و يزداد خطر الإصابة بالاكتئاب بشكل واضح لدى اللاعبين الصغار نسبياً الذين تراوح أعمارهم بين 13 و17 سنة، على الرغم من أن هذه الشريحة من اللاعبين غالباً ما تمارس ألعاب الكمبيوتر حتى منتصف الليل فقط.
من ناحية أخرى، أظهرت نتائج الدراسة أيضاً أن معدلات إصابة ممارسي ألعاب الكمبيوتر في المجمل ليست أعلى من مثيلتها لدى شرائح أخرى من السكان.
تأثير الأجهزة الالكترونية على المفاصل
وأشارت دراسة تناولت تأثير الأجهزة الإلكترونية الحديثة على مفاصل المراهقين الذين يستخدمونها بكثرة، إلى أن الشبان المدمنين على ألعاب الفيديو يعانون من آلام قاسية في الرسغ ومفاصل الأصابع، كما سجلت آلام مماثلة، وإن بنسب أقل، لدى الشباب الذين يستخدمون الرسائل النصية عبر الهواتف المحمولة.
وقال باحثون إن هذه النتائج سيكون من شأنها قرع ناقوس الخطر على سلامة الأطفال والشباب، خصوصاً وأن الإقبال على هذه الأدوات يبدأ في فترات مبكرة من العمر.
وقال البروفسور يوسف يازيشي، اختصاصي أمراض المفاصل في جامعة نيويورك: “لقد دلت الدراسة على النتائج السلبية لألعاب الكمبيوتر والهواتف بالنسبة لمفاصل الأطفال والشباب، وهذا يرتب المزيد من المخاوف حول التأثيرات الصحية المستقبلية للتكنولوجيا الحديثة”.
ولفت يازيشي إلى ضرورة أن يقوم الأطباء في المستقبل بتوسيع دائرة الأبحاث الرامية لتحديد مخاطر ألعاب الفيديو والهواتف على صحة صغار السن، وذلك بهدف التوصل إلى توصيات يمكن تقديمها لأولياء الأمور، بناء على نتائج علمية.