Latest:

هرمون النمو البشري: الهرمون المضاد للشيخوخة

يعتمد نمو أجسامنا وتطورها بشكل ملحوظ، من أجسام صغيرة إلى أجسام بالغة كاملة الحجم، على هرمون النمو البشري Human growth hormone HGH بشكل كبير؛ فهرمون النمو مسؤول عن قفزات النمو المدهشة في الطفولة، حيث يمكن أن تبدل زوجا من الأحذية أو القمصان الداخلية خلال أسابيع. كما أن القدرة الملحوظة على الشفاء عند الأطفال، حيث يبدو أن الجروح تختفي خلال الليل، هي من ملامح نشاط هرمون النمو.

وعندما نصل إلى مرحلة البلوغ أو الرشد ويكتمل نضجنا الجسدي، ينتقل دور هرمون النمو إلى دور الترميم والتجديد (أو إعادة الحيوية)؛ فإذا تضررت النسج أو الأعضاء برض أو مرض، يعمل هرمون النمو على تجديدها. كما يعمل هرمون النمو طوال الحياة على حفظ قوة العظم، والتوتر العضلي، والوظيفة الدماغية، وسلامة الشعر والجلد.

أعراض نقص هرمون النمو المرتبطة بتقدم العمر

كما هي الحال مع الهرمونات الأخرى، يتراجع إنتاج هرمون النمو بتقدم العمر؛ ففي عمر 60 سنة، تبلغ مستويات هرمون النمو ربع مستوياته الفتية عادة. ويؤدي نقص هرمون النمو، فضلا عن انخفاض الهرمونات الأخرى، إلى أعراض نربطها بالشيخوخة:

•  ترقق الجلد وترهله وتجعده.
•  ترقق العظام (قلة العظم Osteopenia أو تخلخل العظام Osteoporosis).
•  نقص القوة العضلية.
•  تراكم النسيج الشحمي.
•  نقص الوظيفة القلبية.
•  قصور الجهاز المناعي.
•  ترقق الشعر.
•  نقص الوظيفة الجنسية.
•  نقص التحمل والطاقة والنشاط.

وقد يكون هرمون النمو أقوى الهرمونات من بين أي نظام هرموني آخر؛ لذلك، يمكن أن يؤدي تعويض إنتاج الجسم المتضائل لهرمون النمو بهرمونات الاستعاضة الحيوية المثلية إلى الحد من التغيرات المصاحبة عادة لعملية التشيخ، بل وحتى إزالتها؛ فالمعالجة المعيضة لهرمون النمو تعزز التأثيرات التي سبق أن شاهدناها نتيجة المعالجة بالتستوستيرون والإستروجين: زيادة في شباب الجلد وفي الكتلة العضلية الاستنادية وفي الحيوية الذهنية والجسدية؛ ولكن مع إضافة هرمون النمو، تكون هذه التغيرات أكثر إثارة وعمقا أيضا.

استعمال هرمون النمو بشكل آمن ورشيد

رغم أن لهرمون النمو قدرة سحرية تقريبا على تجديد حيوية الجسم البشري، لكن من الخطأ أن ينظر إليه على أنه رصاصة سحرية ضد الشيخوخة؛ فقد شاهدنا – وللأسف – ظهور عيادات معتمدة على هرمون النمو تحقنه كما لو كان بوتوكس Botox؛ فهرمون النمو ليس ببساطة جراحة تجميلية داخلية Internal plastic surgery، ولا حلا سريعا للسمنة أو لمشاكل صحية أخرى.

ينبغي على الدوام إعطاء هرمون النمو كجزء من برنامج شامل مضاد للشيخوخة؛ فالنظام الغذائي الصحي وخطة التمارين ونمط الحياة كل ذلك يساعد على إضفاء التوازن والتعديل على تأثيرات هرمون النمو في الجسم. كما يعمل هرمون النمو بالتآزر مع الهرمونات الأخرى لإحداث تأثيراته. وتشاهد أفضل التأثيرات في أولئك الذين يستعملون هرمون النمو كجزء متمم لبرنامج تام للاستعاضة الهرمونية.

من المرشح لاستعمال هرمون النمو؟

من الصعب قياس مستوى هرمون النمو في الجسم، فهو يتحرر بشكل نبضات أو دفقات من الغدة النخامية؛ فالنخامية تطلق بشكل نموذجي 5-6 نبضات من هرمون النمو يوميا، مع أكبر إطلاق قبل النوم مباشرة. ويمكن أن تطلق النخامية في المسنين دفقتين أو ثلاث يوميا. ويؤدي الارتفاع والانخفاض المستمران لهرمون النمو إلى صعوبة (وليس استحالة) الحصول على قياس معول عليه.

ونحن نستعمل بشكل نموذجي هرمونا مختلفا أسهل قياسا يدعى عامل النمو 1 الشبيه بالأنسولين Insulin-like growth factor 1 IGF-1 كواسمة بديلة Surrogate marker عن هرمون النمو؛ فهذا العامل هو العامل الذي ينجز من خلاله هرمون النمو تأثيراته في الجسم فعليا، حيث يؤدي تحرر هرمون النمو من الغدة النخامية إلى تنبيه الكبد لإنتاج IGF-1 الذي يعمل بدوره على التأثير في وظيفة الخلايا في العضلات والعظام والأعضاء.

وفي حين تكون مستويات هرمون النمو متقلبة، تبقى مستويات IGF-1 في الجسم أكثر ثباتا تقريبا، مما يجعلها أكثر سهولة وأقل كلفة في القياس. وتعطي مستويات IGF-1 في الظروف الطبيعية (أو شبه الطبيعية) فكرة جيدة نوعا ما عن نشاط هرمون النمو؛ فإذا كانت مستويات IGF-1 منخفضة، يوحي ذلك بأن إفراز هرمون النمو منخفض أيضا. وعند إعطاء المعالجة بهذا الهرمون، نراقب مستويات IGF-1 لتقدير الاستجابة وتعديل الجرعات.

ينطبق على هرمون النمو ما ذكرناه عند الحديث عن جميع الهرمونات الأخرى، لكن الإكثار منه بشكل خاص ليس جيدا بالضرورة؛ بل الهدف هو استعمال أصغر جرعة ضرورية لتحقيق التوازن الأمثل للهرمونات.

ومن الشائع جدا أن نشاهد انخفاض مستويات IGF-1 مع تقدم الناس في العمر، وهذا يدل على الانخفاض الطبيعي المرتبط بالعمر في إنتاج هرمون النمو.

المستويات الهدفية للعامل IGF-1

المجال الطبيعي: 114-492 نانوغرام/مل
المجال الأمثل: 200-300 نانوغرام/مل

فاستعمال IGF-1 كقياس لنشاط هرمون النمو ينطوي على بعض المشاكل، حيث يفترض بالطبع أن الهرمونين يتعقب أحدهما الآخر على الدوام (حيث تشير مستويات IGF-1 المرتفعة إلى ارتفاع مستويات هرمون النمو على الدوام، بينما تدل مستويات IGF-1 المنخفضة على نقص مستويات هرمون النمو دائما)؛ ولكن ذلك لا يكون صحيحا دائما، ولا يسمح علم الغدد الصم لك إلا ببعض التقدير لتعقيدات المستوى المرتفع في المعالجة بهرمون النمو.

ينظم الوطاء إفراز هرمون النمو من الغدة النخامية؛ فعندما يتحسس الوطاء أن مستوى هرمون النمو في الدم منخفض جدا، يطلق هرمونا يدعى الهرمون المطلق لهرمون النمو Growth-hormone-releasing hormone GHRH؛ وينبه هذا الهرمون بدوره الغدة النخامية. وعندما تكون مستويات IGF-1 مرتفعة كثيرا، يبدأ الوطاء بإفراز هرمون مختلف يسمى الهرمون المثبط لهرمون النمو Growth-hormone-inhibiting hormone GHIH الذي يخبر النخامية لإنقاص أو للحد من إنتاج هرمون النمو.

وتعمل عروة التلقيم الراجع (الارتجاعية) لهرمون النمو Growth hormone feedback loop بطريقة مماثلة كثيرا لاستعمالك دواستي البنزين والمكابح للتحكم بسيارتك؛ فبمراقبة سرعتك على مقياس السرعة واستعمال دواستي البنزين والمكابح وفقا لذلك، يمكن الحفاظ على السرعة المطلوبة. وفي علم التشابه أو القياس Analogy هذا، يراقب الوطاء مقياس السرعة (مستوى هرمون النمو)؛ فإذا انخفض هرمون النمو، يضغط الوطاء على الوقود (البنزين) لإطلاق GHRH؛ أما إذا ارتفع هرمون النمو، فيضغط الوطاء على المكابح لإطلاق GHIH.

إن عروة التلقيم الراجع المنظمة هذه هي من النوع نفسه للآلية التي رأيناها في الأجهزة الهرمونية الأخرى، بما في ذلك الغدة الدرقية والغدة الكظرية. ومع أن الآليات تبدو بسيطة جدا على الورق، لكن الأشياء تتخذ مسارا أكثر تعقيدا في الجسم، حيث تتآثر عشرات الأجهزة الهرمونية المختلفة وتتقابل مع بعضها البعض.

فنحن نعلم، على سبيل المثال، أن مستويات الكورتيزول المرتفعة (بسبب الإجهاد) قد تزيد مستويات IGF-1؛ وعندما ترتفع مستويات IGF-1، ترسل رسالة إلى الوطاء لتثبيط انطلاق هرمون النمو؛ ولذلك، إذا كنت تحت الكثير من الإجهاد، يمكن أن يتثبط إنتاج هرمون النمو لديك بشكل غير ملائم، لأن مستويات IGF-1 مرتفعة. كما أن المصابين بالداء السكري وزيادة الوزن يميلون إلى أن تكون مستويات IGF-1 مرتفعة لديهم، مما يقود إلى تثبيط تحرر هرمون النمو.

ويزيد التمرين، من جهة أخرى، هرمون النمو، لكنه ينقص في الوقت نفسه مستوى IGF-1 في الدم؛ ففي الرياضيين الشباب الأصحاء – على سبيل المثال – تكون المستويات المصلية (الدموية) للهرمون IGF-1 منخفضة تماما وبشكل نموذجي رغم أن مستويات هرمون النمو قد تكون مثالية. كما يعاني الأشخاص الذين يصومون أو يقللون من مدخولهم من السعرات الحرارية من دفقة هرمون النمو لكن مع انخفاض في IGF-1. وهناك ظروف كثيرة لا يدل فيها مستوى IGF-1 بدقة على مستوى هرمون النمو.

استعمال هرمون النمو

يعد هرمون النمو جزيئا بروتينيا معقدا للغاية، وهو أكبر من قدرة السبيل الهضمي على امتصاصه. ولذلك، يجب أن يعطى هرمون النمو حقنا (مع أن ذلك يكون بإبر صغيرة جدا). ويتلقى المرضى في الأيام الأولى من المعالجة بهرمون النمو حقنة مرة أو مرتين في الأسبوع. ولكن – كما تتذكر – تفرز الغدة النخامية هرمون النمو بشكل دفقات، ما يؤدي إلى عدة هبات صغيرة منه خلال اليوم. ونحن نعطي هرمون النمو بجرعات صغيرة جدا مرة أو مرتين في اليوم، وهذا ما يسمح لنا بمحاكاة أكثر شبها بسلوك أو أسلوب الغدة النخامية.

هل هناك تأثيرات جانبية؟

تشتمل التأثيرات الجانبية التي رافقت المعالجة بهرمون النمو بجرعات عالية في الماضي على متلازمة النفق الرسغي Carpal tunnel syndrome والتهاب المفاصل وارتفاع ضغط الدم والمشاكل القلبية؛ وينجم معظم هذه التأثيرات عن احتباس السوائل Fluid retention، وهي عابرة وتختفي عندما يتكيف الجسم مع المعالجة. ولكن، عندما تستمر التأثيرات الجانبية، يؤدي إنقاص مقدار هرمون النمو (أو إيقاف المعالجة) إلى زوال كامل للأعراض.

لقد تطورت المعالجة بهرمون النمو، كما طورنا بروتوكولات أكثر تعقيدا تسمح لنا باستعمال جرعات أصغر أيضا من تلك المستعملة في الدراسات، مثل دراسة رودمان – من دون إنقاص كفاءة المعالجة. وقد شاهدت في ممارستي نتائج ممتازة باستمرار بجرعات تكافئ 1 وحدة دولية في اليوم، سواء دفعة واحدة أو بتجزيئها إلى حقنتين يوميا. ولم يعان أحد تقريبا من مرضاي الذين اختاروا هرمون النمو حتى من تأثيرات جانبية بسيطة.

هل المعالجة بهرمون النمو مناسبة لك؟

تطبق المؤسسات الطبية التقليدية في العادة معيارا مزدوجا على المعالجات المضادة للشيخوخة والبديلة؛ ففي المستحضرات الدوائية الصيدلانية، يشدد على الفوائد ويقلل من الأخطار؛ أما في المعالجات البديلة، فيقلل من الفوائد وتضخم المخاطر؛ ولم يكن ذلك صحيحا أكثر مما كان بالنسبة إلى الاستعاضة الهرمونية.

وفي رأيي، يعيش الكثير من أولئك الذين يرمون الأحجار على مجتمع الأطباء المناهضين للشيخوخة في بيوت زجاجية؛ ففي حين يدينون مخاطر هرمون النمو “والدجل” الذي يصفونه، يستمرون في وصف أدوية خطيرة مرخصة من إدارة الأغذية والأدوية FDA لمرضاهم من دون أية مناقشة ذات جدوى عن التأثيرات الجانبية والمخاطر المعروفة لهذه الأدوية.

وسواء أكان الدواء مرخصا من إدارة الأغذية والأدوية أم معالجة مضادة للشيخوخة مختلفا فيها (ينطبق الاثنان على هرمون النمو)، فأنا أعتقد أن لك الحق في اتخاذ القرار استنادا إلى جميع المعلومات المتوفرة، وليس بصورة انتقائية أو متحيزة.

وفي الواقع، تكون مستويات هرمون النمو دون الحد المثالي في كل شخص بعد الأربعين من العمر تقريبا؛ وكلما بدأنا باكرا باستعاضة هرمون النمو، زادت الفوائد. ولكن، هل تستحق الفوائد الواضحة لحقن هرمون النمو المخاطر المتوقعة؟ ينبغي أن يصل كل شخص في نهاية الأمر إلى استنتاج خاص به يعتمد على الفهم الكامل للأدلة والبينات، فضلا عن الأسئلة المتبقية.

وأعتقد شخصيا أن التأثيرات المضادة للشيخوخة لهرمون النمو عميقة ومفيدة جدا لصحتك على المدى البعيد، بحيث تفوق فوائدها مخاطرها المتوقعة. وعلاوة على ذلك، أعتقد بقوة أنه عندما يستعمل هرمون النمو بشكل صحيح حسب الدلائل الإرشادية الذي ذكرتها في هذه المناقشة، تكون المخاطر في حدها الأدنى. وأنا لا أعرض المعالجة بهرمون النمو على مرضاي كخيار، ولكنني أستعمل شخصيا حقن الهرمون أيضا كجزء من تدبير مضاد للشيخوخة خاص بي.

إذا كنت تكره الإبر، يمكن أن تجد المعالجة بهرمون النمو صعبة؛ لكن أكبر عقبة تواجه معظم الناس الذين يفكرون بالمعالجة بهرمون النمو هي التكلفة؛ ففي حين يستطيع أي شخص أن يتعلم حقن الهرمون لنفسه بحيث يمكن تطبيق المعالجة في المنزل من دون الحاجة إلى زيارة عيادة الطبيب، وتبقى تكلفة الدواء بحد ذاتها مرتفعة تماما، ولا تغطيها شركات التأمين عندما يستعمل الدواء لأغراض مناهضة الشيخوخة. ولكن رغم التكلفة الكبيرة تماما للمعالجة بهرمون النمو، لكنها نقصت بشكل واضح خلال السنين العشر الأخيرة، وقد تستمر في ذلك مع زيادة الاستعمال على نطاق واسع.

وإذا كنت تعتقد أن حقن هرمون النمو قد تكون مناسبة لك، فأنا أشجعك بأن تستشير طبيبا مؤهلا في الطب المناهض للشيخوخة؛ وعليك الانتباه من العيادات التي توزع هرمون النمو من دون اختبارات أو متابعة طبية أو بالقليل من ذلك، ومن الذين يعطون حقن هرمون النمو كمعالجة وحيدة فقط من دون أي اعتبار للنظام الغذائي والتغذية ونمط الحياة وتوازن الهرمونات الأخرى؛ فكفاءة المعالجة بهرمون النمو – كما سنرى – تتعزز، وأخطارها تبلغ الحد الأدنى عندما تستعمل ضمن برنامج مضاد للشيخوخة كامل ومتوازن.

بدائل حقن هرمون النمو

تؤمن حقن هرمون النمو مصدرا خارجي المنشأ Exogenous للهرمون؛ وفي حين يبقى هرمون النمو القابل للحقن المعيار الذهبي من حيث الكفاءة المثبتة، هناك الكثير من المنتجات في الأسواق لا تحتوي على هرمون نمو فعلي، لكن يدعى أنها تنبه الإفراز الداخلي المنشأ Endogenous للهرمون من الغدة النخامية؛ وتدعى هذه المنتجات باسم مدرات الإفراز secretagogues عادة.

لقد تبين أن إعطاء الحموض الأمينية، الأرجينين Arginine والليزين Lysine والأورنيثين Ornithine، يزيد مستويات هرمون النمو (تعد الأحماض الأمينية Amino acids لبنات البناء التي تكون البروتينات). ولقد كان الرياضيون وبناة الأجسام – على مدى سنين – يتعاطون الحموض الأمينية قبل المشاركة في محاولة منهم لتعزيز دفقة هرمون النمو المحرضة بالتمرين؛ ولكن هذه الممارسة التي تدعى التكديس Stacking ليست مثل تعاطي الستيرويدات أو الأدوية المحظورة الأخرى المعززة للأداء Performance-enhancing drugs.

ومع ازدياد الاهتمام بهرمون النمو كمعالجة مضادة للشيخوخة، اكتسب استعمال الحموض الأمينية لتنبيه هرمون النمو شعبية خارج عالم الألعاب الرياضية الاحترافية وبناء الأجسام. وتحتوي معظم مدرات الإفراز على حمض أميني أو أكثر من هذه الحموض، مع أعشاب وخلاصات غدية Glandular extracts تهدف إلى تنبيه مسلك هرمون النمو.

وفي حين توجد بينات على أن مغذيات مختلفة فعالة في تعزيز تحرر هرمون النمو، لكن لا توجد تجارب سريرية مضبوطة بالغفل Placebo-controlled clinical trials منشورة تثبت أن أيا من هذه “الخلطات” التجارية المدرة للإفراز فعالة. وقد قام بعض المصنعين بإجراء تجارب سريرية خاصة بهم، وأعطوا نتائج أكثر من مدهشة؛ لكن الأدلة لم تتحقق أو تؤيد من مصدر مستقل.

وحتى تكون مدرات الإفراز فعالة، يجب أن تعتمد فائدتها (فضلا عن نقص تكلفتها) على الزيادة في هرمون النمو والتي تنظم بشكل طبيعي من قبل الآليات الارتجاعية الخاصة بالجسم، من دون احتمال فرط التنبيه؛ وهذا ما يزيل بكفاءة أي قلق من التأثيرات الجانبية أو المخاطر المصاحبة لحقن هرمون النمو.

ومن جهة أخرى، تكون جرعات الحموض الأمينية اللازمة لتنبيه إطلاق هرمون النمو مرتفعة نوعا ما – بما يكفي للتسبب في انزعاج معدي وغثيان وإسهال لدى عدد هام من الناس؛ فعندما تحاول تجربة خطة لإطلاق هرمون النمو، ابدأ بربع الجرعة الموصى بها، ثم زد المقادير شيئا فشيئا وصولا إلى المستوى المطلوب. كما أظهرت الدراسات أيضا أن كفاءة الحموض الأمينية كمدرات لإفراز هرمون النمو متفاوت جدا، وتميل إلى أن تكون أقل فعالية عند المسنين.

ولدي مرضى استعملوا مدرات الإفراز، وشعروا بأنها أحدثت فرقا واضحا في طاقتهم وتحملهم وعافيتهم العامة؛ وقد تجد أن أسلوبا غذائيا يعطيك فوائد ملحوظة أيضا.

المواد المعروفة بزيادة إطلاق هرمون النمو

• L-arginine: 2000-3000 مغ
• L-glutamine: 500-1000 مغ
• L-ornithine: 2000-6000 مغ
• Lysine: 250-600 مغ
• Glycine: 2000-6000 مغ
• Niacin: 250-500 مغ

تناول المغذيات Nutrients مرة باليوم على معدة فارغة، ويفضل أن يكون ذلك قبل النوم أو التمرين؛ ويمكن تعزيز كفاءة هذه المغذيات بتناول الكولين Choline 2000-3000 مغ وحمض البانتوثينيك Pantothenic acid 1000-2000 مغ في الوقت نفسه.

بما أن هرمون النمو ينضب البوتاسيوم ويعاكس تأثيرات الإنسولين، لذلك يجب أن يستعمل مرضى السكري مطلقات هرمون النمو GH-releasers بدقة وعناية؛ كما يؤدي الأرجينين المياسر والأورنيثين المياسر أحيانا إلى إعادة تنشيط العدوى الخافية بفيروس الهربس (الحلأ) Latent herpes virus infection. ولذلك، يجب أن يتجنب المغذيات الأشخاص الذين لم يسبق أن يصابوا بالهربس العيني أو الدماغي.

وأخيرا، هناك عدد كبير ومحير من البخاخات والقطرات والأقراص التي يدعى أنها تؤمن هرمون النمو البشري الفعلي؛ وأنت تحتاج كمستهلك أن تعرف أنه من المحظور توزيع هرمون النمو البشري من دون وصفة؛ فالمنتجات التي تباع على الإنترنت أو عبر البريد الإلكتروني لا يمكن أن تحتوي قانونا على أي مقدار فعال فيزيولوجيا من هرمون النمو.

إن أي منتج حقيقي لهرمون النمو يباع من دون وصفة يمكن أن يكون سلعة من السوق السوداء غير منظمة، ولذلك فهو غير مأمون.

زيادة هرمون النمو بشكل طبيعي

يمكن أيضا تحوير بعض أوجه نمط حياتك لجعل الإطلاق الطبيعي لهرمون النمو في حده الأمثل؛ وليس من الصدفة أن العادات التي تعزز الصحة هي تلك التي تزيد إفراز هرمون النمو؛ وكلاهما مرتبط ببعضه البعض بشكل معقد.

•  تعزز التمارين إفراز هرمون النمو، وهذا ما يشكل سببا جيدا آخر للتمرن بانتظام؛ ولتحفيز تأثيرات التمرين أو إطلاق هرمون النمو، لا تأكل لمدة ساعتين مقدما؛ ويمكن عند الحاجة تناول مغذيات محررة لهرمون النمو قبل التمرين.

•  ينبه الصيام Fasting أيضا إطلاق هرمون النمو؛ أما الصيام المديد فينبغي أن يخضع لإشراف الطبيب، لكن معظم الناس يستطيعون الصيام بشكل مأمون لمدة 24 ساعة متواصلة مرة في الأسبوع من دون صعوبة (لكن مع التأكيد على شرب مقدار وافر من الماء). وحتى الصيام لمدة 12 ساعة يمكن أن يساعد على زيادة إنتاج هرمون النمو، وعليك أن تحاول ألا تأكل ما بين الساعة الثامنة صباحا والثامنة مساء معظم الأيام.

•  تجنب الأطعمة العالية التصنيع التي تحتوي على دقيق أبيض وسكر مكرر (منقى)؛ فهذه الأطعمة تؤدي إلى ارتفاع سريع في سكر الدم يتبع بدفقة أنسولين؛ وكلاهما يمكن أن يثبط إطلاق هرمون النمو.

•  اتخذ خطوات نحو التقليل من الإجهاد؛ فبالإضافة إلى تأثيرات الإجهاد الأخرى المسرعة للشيخوخة، فإنه يؤدي إلى زيادة IGF-1 الذي يثبط إطلاق هرمون النمو.

هرمون النمو البشري: الهرمون المضاد للشيخوخة

يعتمد نمو أجسامنا وتطورها بشكل ملحوظ، من أجسام صغيرة إلى أجسام بالغة كاملة الحجم، على هرمون النمو البشري Human growth hormone HGH بشكل كبير؛ فهرمون النمو مسؤول عن قفزات النمو المدهشة في الطفولة، حيث يمكن أن تبدل زوجا من الأحذية أو القمصان الداخلية خلال أسابيع. كما أن القدرة الملحوظة على الشفاء عند الأطفال، حيث يبدو أن الجروح تختفي خلال الليل، هي من ملامح نشاط هرمون النمو.

وعندما نصل إلى مرحلة البلوغ أو الرشد ويكتمل نضجنا الجسدي، ينتقل دور هرمون النمو إلى دور الترميم والتجديد (أو إعادة الحيوية)؛ فإذا تضررت النسج أو الأعضاء برض أو مرض، يعمل هرمون النمو على تجديدها. كما يعمل هرمون النمو طوال الحياة على حفظ قوة العظم، والتوتر العضلي، والوظيفة الدماغية، وسلامة الشعر والجلد.

أعراض نقص هرمون النمو المرتبطة بتقدم العمر

كما هي الحال مع الهرمونات الأخرى، يتراجع إنتاج هرمون النمو بتقدم العمر؛ ففي عمر 60 سنة، تبلغ مستويات هرمون النمو ربع مستوياته الفتية عادة. ويؤدي نقص هرمون النمو، فضلا عن انخفاض الهرمونات الأخرى، إلى أعراض نربطها بالشيخوخة:

•  ترقق الجلد وترهله وتجعده.
•  ترقق العظام (قلة العظم Osteopenia أو تخلخل العظام Osteoporosis).
•  نقص القوة العضلية.
•  تراكم النسيج الشحمي.
•  نقص الوظيفة القلبية.
•  قصور الجهاز المناعي.
•  ترقق الشعر.
•  نقص الوظيفة الجنسية.
•  نقص التحمل والطاقة والنشاط.

وقد يكون هرمون النمو أقوى الهرمونات من بين أي نظام هرموني آخر؛ لذلك، يمكن أن يؤدي تعويض إنتاج الجسم المتضائل لهرمون النمو بهرمونات الاستعاضة الحيوية المثلية إلى الحد من التغيرات المصاحبة عادة لعملية التشيخ، بل وحتى إزالتها؛ فالمعالجة المعيضة لهرمون النمو تعزز التأثيرات التي سبق أن شاهدناها نتيجة المعالجة بالتستوستيرون والإستروجين: زيادة في شباب الجلد وفي الكتلة العضلية الاستنادية وفي الحيوية الذهنية والجسدية؛ ولكن مع إضافة هرمون النمو، تكون هذه التغيرات أكثر إثارة وعمقا أيضا.

استعمال هرمون النمو بشكل آمن ورشيد

رغم أن لهرمون النمو قدرة سحرية تقريبا على تجديد حيوية الجسم البشري، لكن من الخطأ أن ينظر إليه على أنه رصاصة سحرية ضد الشيخوخة؛ فقد شاهدنا – وللأسف – ظهور عيادات معتمدة على هرمون النمو تحقنه كما لو كان بوتوكس Botox؛ فهرمون النمو ليس ببساطة جراحة تجميلية داخلية Internal plastic surgery، ولا حلا سريعا للسمنة أو لمشاكل صحية أخرى.

ينبغي على الدوام إعطاء هرمون النمو كجزء من برنامج شامل مضاد للشيخوخة؛ فالنظام الغذائي الصحي وخطة التمارين ونمط الحياة كل ذلك يساعد على إضفاء التوازن والتعديل على تأثيرات هرمون النمو في الجسم. كما يعمل هرمون النمو بالتآزر مع الهرمونات الأخرى لإحداث تأثيراته. وتشاهد أفضل التأثيرات في أولئك الذين يستعملون هرمون النمو كجزء متمم لبرنامج تام للاستعاضة الهرمونية.

من المرشح لاستعمال هرمون النمو؟

من الصعب قياس مستوى هرمون النمو في الجسم، فهو يتحرر بشكل نبضات أو دفقات من الغدة النخامية؛ فالنخامية تطلق بشكل نموذجي 5-6 نبضات من هرمون النمو يوميا، مع أكبر إطلاق قبل النوم مباشرة. ويمكن أن تطلق النخامية في المسنين دفقتين أو ثلاث يوميا. ويؤدي الارتفاع والانخفاض المستمران لهرمون النمو إلى صعوبة (وليس استحالة) الحصول على قياس معول عليه.

ونحن نستعمل بشكل نموذجي هرمونا مختلفا أسهل قياسا يدعى عامل النمو 1 الشبيه بالأنسولين Insulin-like growth factor 1 IGF-1 كواسمة بديلة Surrogate marker عن هرمون النمو؛ فهذا العامل هو العامل الذي ينجز من خلاله هرمون النمو تأثيراته في الجسم فعليا، حيث يؤدي تحرر هرمون النمو من الغدة النخامية إلى تنبيه الكبد لإنتاج IGF-1 الذي يعمل بدوره على التأثير في وظيفة الخلايا في العضلات والعظام والأعضاء.

وفي حين تكون مستويات هرمون النمو متقلبة، تبقى مستويات IGF-1 في الجسم أكثر ثباتا تقريبا، مما يجعلها أكثر سهولة وأقل كلفة في القياس. وتعطي مستويات IGF-1 في الظروف الطبيعية (أو شبه الطبيعية) فكرة جيدة نوعا ما عن نشاط هرمون النمو؛ فإذا كانت مستويات IGF-1 منخفضة، يوحي ذلك بأن إفراز هرمون النمو منخفض أيضا. وعند إعطاء المعالجة بهذا الهرمون، نراقب مستويات IGF-1 لتقدير الاستجابة وتعديل الجرعات.

ينطبق على هرمون النمو ما ذكرناه عند الحديث عن جميع الهرمونات الأخرى، لكن الإكثار منه بشكل خاص ليس جيدا بالضرورة؛ بل الهدف هو استعمال أصغر جرعة ضرورية لتحقيق التوازن الأمثل للهرمونات.

ومن الشائع جدا أن نشاهد انخفاض مستويات IGF-1 مع تقدم الناس في العمر، وهذا يدل على الانخفاض الطبيعي المرتبط بالعمر في إنتاج هرمون النمو.

المستويات الهدفية للعامل IGF-1

المجال الطبيعي: 114-492 نانوغرام/مل
المجال الأمثل: 200-300 نانوغرام/مل

فاستعمال IGF-1 كقياس لنشاط هرمون النمو ينطوي على بعض المشاكل، حيث يفترض بالطبع أن الهرمونين يتعقب أحدهما الآخر على الدوام (حيث تشير مستويات IGF-1 المرتفعة إلى ارتفاع مستويات هرمون النمو على الدوام، بينما تدل مستويات IGF-1 المنخفضة على نقص مستويات هرمون النمو دائما)؛ ولكن ذلك لا يكون صحيحا دائما، ولا يسمح علم الغدد الصم لك إلا ببعض التقدير لتعقيدات المستوى المرتفع في المعالجة بهرمون النمو.

ينظم الوطاء إفراز هرمون النمو من الغدة النخامية؛ فعندما يتحسس الوطاء أن مستوى هرمون النمو في الدم منخفض جدا، يطلق هرمونا يدعى الهرمون المطلق لهرمون النمو Growth-hormone-releasing hormone GHRH؛ وينبه هذا الهرمون بدوره الغدة النخامية. وعندما تكون مستويات IGF-1 مرتفعة كثيرا، يبدأ الوطاء بإفراز هرمون مختلف يسمى الهرمون المثبط لهرمون النمو Growth-hormone-inhibiting hormone GHIH الذي يخبر النخامية لإنقاص أو للحد من إنتاج هرمون النمو.

وتعمل عروة التلقيم الراجع (الارتجاعية) لهرمون النمو Growth hormone feedback loop بطريقة مماثلة كثيرا لاستعمالك دواستي البنزين والمكابح للتحكم بسيارتك؛ فبمراقبة سرعتك على مقياس السرعة واستعمال دواستي البنزين والمكابح وفقا لذلك، يمكن الحفاظ على السرعة المطلوبة. وفي علم التشابه أو القياس Analogy هذا، يراقب الوطاء مقياس السرعة (مستوى هرمون النمو)؛ فإذا انخفض هرمون النمو، يضغط الوطاء على الوقود (البنزين) لإطلاق GHRH؛ أما إذا ارتفع هرمون النمو، فيضغط الوطاء على المكابح لإطلاق GHIH.

إن عروة التلقيم الراجع المنظمة هذه هي من النوع نفسه للآلية التي رأيناها في الأجهزة الهرمونية الأخرى، بما في ذلك الغدة الدرقية والغدة الكظرية. ومع أن الآليات تبدو بسيطة جدا على الورق، لكن الأشياء تتخذ مسارا أكثر تعقيدا في الجسم، حيث تتآثر عشرات الأجهزة الهرمونية المختلفة وتتقابل مع بعضها البعض.

فنحن نعلم، على سبيل المثال، أن مستويات الكورتيزول المرتفعة (بسبب الإجهاد) قد تزيد مستويات IGF-1؛ وعندما ترتفع مستويات IGF-1، ترسل رسالة إلى الوطاء لتثبيط انطلاق هرمون النمو؛ ولذلك، إذا كنت تحت الكثير من الإجهاد، يمكن أن يتثبط إنتاج هرمون النمو لديك بشكل غير ملائم، لأن مستويات IGF-1 مرتفعة. كما أن المصابين بالداء السكري وزيادة الوزن يميلون إلى أن تكون مستويات IGF-1 مرتفعة لديهم، مما يقود إلى تثبيط تحرر هرمون النمو.

ويزيد التمرين، من جهة أخرى، هرمون النمو، لكنه ينقص في الوقت نفسه مستوى IGF-1 في الدم؛ ففي الرياضيين الشباب الأصحاء – على سبيل المثال – تكون المستويات المصلية (الدموية) للهرمون IGF-1 منخفضة تماما وبشكل نموذجي رغم أن مستويات هرمون النمو قد تكون مثالية. كما يعاني الأشخاص الذين يصومون أو يقللون من مدخولهم من السعرات الحرارية من دفقة هرمون النمو لكن مع انخفاض في IGF-1. وهناك ظروف كثيرة لا يدل فيها مستوى IGF-1 بدقة على مستوى هرمون النمو.

استعمال هرمون النمو

يعد هرمون النمو جزيئا بروتينيا معقدا للغاية، وهو أكبر من قدرة السبيل الهضمي على امتصاصه. ولذلك، يجب أن يعطى هرمون النمو حقنا (مع أن ذلك يكون بإبر صغيرة جدا). ويتلقى المرضى في الأيام الأولى من المعالجة بهرمون النمو حقنة مرة أو مرتين في الأسبوع. ولكن – كما تتذكر – تفرز الغدة النخامية هرمون النمو بشكل دفقات، ما يؤدي إلى عدة هبات صغيرة منه خلال اليوم. ونحن نعطي هرمون النمو بجرعات صغيرة جدا مرة أو مرتين في اليوم، وهذا ما يسمح لنا بمحاكاة أكثر شبها بسلوك أو أسلوب الغدة النخامية.

هل هناك تأثيرات جانبية؟

تشتمل التأثيرات الجانبية التي رافقت المعالجة بهرمون النمو بجرعات عالية في الماضي على متلازمة النفق الرسغي Carpal tunnel syndrome والتهاب المفاصل وارتفاع ضغط الدم والمشاكل القلبية؛ وينجم معظم هذه التأثيرات عن احتباس السوائل Fluid retention، وهي عابرة وتختفي عندما يتكيف الجسم مع المعالجة. ولكن، عندما تستمر التأثيرات الجانبية، يؤدي إنقاص مقدار هرمون النمو (أو إيقاف المعالجة) إلى زوال كامل للأعراض.

لقد تطورت المعالجة بهرمون النمو، كما طورنا بروتوكولات أكثر تعقيدا تسمح لنا باستعمال جرعات أصغر أيضا من تلك المستعملة في الدراسات، مثل دراسة رودمان – من دون إنقاص كفاءة المعالجة. وقد شاهدت في ممارستي نتائج ممتازة باستمرار بجرعات تكافئ 1 وحدة دولية في اليوم، سواء دفعة واحدة أو بتجزيئها إلى حقنتين يوميا. ولم يعان أحد تقريبا من مرضاي الذين اختاروا هرمون النمو حتى من تأثيرات جانبية بسيطة.

هل المعالجة بهرمون النمو مناسبة لك؟

تطبق المؤسسات الطبية التقليدية في العادة معيارا مزدوجا على المعالجات المضادة للشيخوخة والبديلة؛ ففي المستحضرات الدوائية الصيدلانية، يشدد على الفوائد ويقلل من الأخطار؛ أما في المعالجات البديلة، فيقلل من الفوائد وتضخم المخاطر؛ ولم يكن ذلك صحيحا أكثر مما كان بالنسبة إلى الاستعاضة الهرمونية.

وفي رأيي، يعيش الكثير من أولئك الذين يرمون الأحجار على مجتمع الأطباء المناهضين للشيخوخة في بيوت زجاجية؛ ففي حين يدينون مخاطر هرمون النمو “والدجل” الذي يصفونه، يستمرون في وصف أدوية خطيرة مرخصة من إدارة الأغذية والأدوية FDA لمرضاهم من دون أية مناقشة ذات جدوى عن التأثيرات الجانبية والمخاطر المعروفة لهذه الأدوية.

وسواء أكان الدواء مرخصا من إدارة الأغذية والأدوية أم معالجة مضادة للشيخوخة مختلفا فيها (ينطبق الاثنان على هرمون النمو)، فأنا أعتقد أن لك الحق في اتخاذ القرار استنادا إلى جميع المعلومات المتوفرة، وليس بصورة انتقائية أو متحيزة.

وفي الواقع، تكون مستويات هرمون النمو دون الحد المثالي في كل شخص بعد الأربعين من العمر تقريبا؛ وكلما بدأنا باكرا باستعاضة هرمون النمو، زادت الفوائد. ولكن، هل تستحق الفوائد الواضحة لحقن هرمون النمو المخاطر المتوقعة؟ ينبغي أن يصل كل شخص في نهاية الأمر إلى استنتاج خاص به يعتمد على الفهم الكامل للأدلة والبينات، فضلا عن الأسئلة المتبقية.

وأعتقد شخصيا أن التأثيرات المضادة للشيخوخة لهرمون النمو عميقة ومفيدة جدا لصحتك على المدى البعيد، بحيث تفوق فوائدها مخاطرها المتوقعة. وعلاوة على ذلك، أعتقد بقوة أنه عندما يستعمل هرمون النمو بشكل صحيح حسب الدلائل الإرشادية الذي ذكرتها في هذه المناقشة، تكون المخاطر في حدها الأدنى. وأنا لا أعرض المعالجة بهرمون النمو على مرضاي كخيار، ولكنني أستعمل شخصيا حقن الهرمون أيضا كجزء من تدبير مضاد للشيخوخة خاص بي.

إذا كنت تكره الإبر، يمكن أن تجد المعالجة بهرمون النمو صعبة؛ لكن أكبر عقبة تواجه معظم الناس الذين يفكرون بالمعالجة بهرمون النمو هي التكلفة؛ ففي حين يستطيع أي شخص أن يتعلم حقن الهرمون لنفسه بحيث يمكن تطبيق المعالجة في المنزل من دون الحاجة إلى زيارة عيادة الطبيب، وتبقى تكلفة الدواء بحد ذاتها مرتفعة تماما، ولا تغطيها شركات التأمين عندما يستعمل الدواء لأغراض مناهضة الشيخوخة. ولكن رغم التكلفة الكبيرة تماما للمعالجة بهرمون النمو، لكنها نقصت بشكل واضح خلال السنين العشر الأخيرة، وقد تستمر في ذلك مع زيادة الاستعمال على نطاق واسع.

وإذا كنت تعتقد أن حقن هرمون النمو قد تكون مناسبة لك، فأنا أشجعك بأن تستشير طبيبا مؤهلا في الطب المناهض للشيخوخة؛ وعليك الانتباه من العيادات التي توزع هرمون النمو من دون اختبارات أو متابعة طبية أو بالقليل من ذلك، ومن الذين يعطون حقن هرمون النمو كمعالجة وحيدة فقط من دون أي اعتبار للنظام الغذائي والتغذية ونمط الحياة وتوازن الهرمونات الأخرى؛ فكفاءة المعالجة بهرمون النمو – كما سنرى – تتعزز، وأخطارها تبلغ الحد الأدنى عندما تستعمل ضمن برنامج مضاد للشيخوخة كامل ومتوازن.

بدائل حقن هرمون النمو

تؤمن حقن هرمون النمو مصدرا خارجي المنشأ Exogenous للهرمون؛ وفي حين يبقى هرمون النمو القابل للحقن المعيار الذهبي من حيث الكفاءة المثبتة، هناك الكثير من المنتجات في الأسواق لا تحتوي على هرمون نمو فعلي، لكن يدعى أنها تنبه الإفراز الداخلي المنشأ Endogenous للهرمون من الغدة النخامية؛ وتدعى هذه المنتجات باسم مدرات الإفراز secretagogues عادة.

لقد تبين أن إعطاء الحموض الأمينية، الأرجينين Arginine والليزين Lysine والأورنيثين Ornithine، يزيد مستويات هرمون النمو (تعد الأحماض الأمينية Amino acids لبنات البناء التي تكون البروتينات). ولقد كان الرياضيون وبناة الأجسام – على مدى سنين – يتعاطون الحموض الأمينية قبل المشاركة في محاولة منهم لتعزيز دفقة هرمون النمو المحرضة بالتمرين؛ ولكن هذه الممارسة التي تدعى التكديس Stacking ليست مثل تعاطي الستيرويدات أو الأدوية المحظورة الأخرى المعززة للأداء Performance-enhancing drugs.

ومع ازدياد الاهتمام بهرمون النمو كمعالجة مضادة للشيخوخة، اكتسب استعمال الحموض الأمينية لتنبيه هرمون النمو شعبية خارج عالم الألعاب الرياضية الاحترافية وبناء الأجسام. وتحتوي معظم مدرات الإفراز على حمض أميني أو أكثر من هذه الحموض، مع أعشاب وخلاصات غدية Glandular extracts تهدف إلى تنبيه مسلك هرمون النمو.

وفي حين توجد بينات على أن مغذيات مختلفة فعالة في تعزيز تحرر هرمون النمو، لكن لا توجد تجارب سريرية مضبوطة بالغفل Placebo-controlled clinical trials منشورة تثبت أن أيا من هذه “الخلطات” التجارية المدرة للإفراز فعالة. وقد قام بعض المصنعين بإجراء تجارب سريرية خاصة بهم، وأعطوا نتائج أكثر من مدهشة؛ لكن الأدلة لم تتحقق أو تؤيد من مصدر مستقل.

وحتى تكون مدرات الإفراز فعالة، يجب أن تعتمد فائدتها (فضلا عن نقص تكلفتها) على الزيادة في هرمون النمو والتي تنظم بشكل طبيعي من قبل الآليات الارتجاعية الخاصة بالجسم، من دون احتمال فرط التنبيه؛ وهذا ما يزيل بكفاءة أي قلق من التأثيرات الجانبية أو المخاطر المصاحبة لحقن هرمون النمو.

ومن جهة أخرى، تكون جرعات الحموض الأمينية اللازمة لتنبيه إطلاق هرمون النمو مرتفعة نوعا ما – بما يكفي للتسبب في انزعاج معدي وغثيان وإسهال لدى عدد هام من الناس؛ فعندما تحاول تجربة خطة لإطلاق هرمون النمو، ابدأ بربع الجرعة الموصى بها، ثم زد المقادير شيئا فشيئا وصولا إلى المستوى المطلوب. كما أظهرت الدراسات أيضا أن كفاءة الحموض الأمينية كمدرات لإفراز هرمون النمو متفاوت جدا، وتميل إلى أن تكون أقل فعالية عند المسنين.

ولدي مرضى استعملوا مدرات الإفراز، وشعروا بأنها أحدثت فرقا واضحا في طاقتهم وتحملهم وعافيتهم العامة؛ وقد تجد أن أسلوبا غذائيا يعطيك فوائد ملحوظة أيضا.

المواد المعروفة بزيادة إطلاق هرمون النمو

• L-arginine: 2000-3000 مغ
• L-glutamine: 500-1000 مغ
• L-ornithine: 2000-6000 مغ
• Lysine: 250-600 مغ
• Glycine: 2000-6000 مغ
• Niacin: 250-500 مغ

تناول المغذيات Nutrients مرة باليوم على معدة فارغة، ويفضل أن يكون ذلك قبل النوم أو التمرين؛ ويمكن تعزيز كفاءة هذه المغذيات بتناول الكولين Choline 2000-3000 مغ وحمض البانتوثينيك Pantothenic acid 1000-2000 مغ في الوقت نفسه.

بما أن هرمون النمو ينضب البوتاسيوم ويعاكس تأثيرات الإنسولين، لذلك يجب أن يستعمل مرضى السكري مطلقات هرمون النمو GH-releasers بدقة وعناية؛ كما يؤدي الأرجينين المياسر والأورنيثين المياسر أحيانا إلى إعادة تنشيط العدوى الخافية بفيروس الهربس (الحلأ) Latent herpes virus infection. ولذلك، يجب أن يتجنب المغذيات الأشخاص الذين لم يسبق أن يصابوا بالهربس العيني أو الدماغي.

وأخيرا، هناك عدد كبير ومحير من البخاخات والقطرات والأقراص التي يدعى أنها تؤمن هرمون النمو البشري الفعلي؛ وأنت تحتاج كمستهلك أن تعرف أنه من المحظور توزيع هرمون النمو البشري من دون وصفة؛ فالمنتجات التي تباع على الإنترنت أو عبر البريد الإلكتروني لا يمكن أن تحتوي قانونا على أي مقدار فعال فيزيولوجيا من هرمون النمو.

إن أي منتج حقيقي لهرمون النمو يباع من دون وصفة يمكن أن يكون سلعة من السوق السوداء غير منظمة، ولذلك فهو غير مأمون.

زيادة هرمون النمو بشكل طبيعي

يمكن أيضا تحوير بعض أوجه نمط حياتك لجعل الإطلاق الطبيعي لهرمون النمو في حده الأمثل؛ وليس من الصدفة أن العادات التي تعزز الصحة هي تلك التي تزيد إفراز هرمون النمو؛ وكلاهما مرتبط ببعضه البعض بشكل معقد.

•  تعزز التمارين إفراز هرمون النمو، وهذا ما يشكل سببا جيدا آخر للتمرن بانتظام؛ ولتحفيز تأثيرات التمرين أو إطلاق هرمون النمو، لا تأكل لمدة ساعتين مقدما؛ ويمكن عند الحاجة تناول مغذيات محررة لهرمون النمو قبل التمرين.

•  ينبه الصيام Fasting أيضا إطلاق هرمون النمو؛ أما الصيام المديد فينبغي أن يخضع لإشراف الطبيب، لكن معظم الناس يستطيعون الصيام بشكل مأمون لمدة 24 ساعة متواصلة مرة في الأسبوع من دون صعوبة (لكن مع التأكيد على شرب مقدار وافر من الماء). وحتى الصيام لمدة 12 ساعة يمكن أن يساعد على زيادة إنتاج هرمون النمو، وعليك أن تحاول ألا تأكل ما بين الساعة الثامنة صباحا والثامنة مساء معظم الأيام.

•  تجنب الأطعمة العالية التصنيع التي تحتوي على دقيق أبيض وسكر مكرر (منقى)؛ فهذه الأطعمة تؤدي إلى ارتفاع سريع في سكر الدم يتبع بدفقة أنسولين؛ وكلاهما يمكن أن يثبط إطلاق هرمون النمو.

•  اتخذ خطوات نحو التقليل من الإجهاد؛ فبالإضافة إلى تأثيرات الإجهاد الأخرى المسرعة للشيخوخة، فإنه يؤدي إلى زيادة IGF-1 الذي يثبط إطلاق هرمون النمو.