الموسيقى تعالج الأمراض النفسية و الإصابات الدماغية
الموسيقى ببدائياتها من الدندنات والترانيم منتهية بتطوراتها الى وقتنا هذا باستخدام الآلات الموسيقية الحديثة أمر ٌ متجذر في الكيان النفسي للإنسان منذ الأزل , … انه أمر داخلي … روحاني من مكنونات النفس في كل الحضارات والمجتمعات , فمع ترانيم ودندنات الأم لطفلها كي ينام , والألحان الموسيقية للقراءات والابتهالات والمناسك الدينية , وارتياح الانسان بسماع الموسيقى الصادرة من الطبيعة كخرير المياه , وحفيف الشجر , وصوت أمواج البحر , و أصوات الطيور ….الخ , ما يؤكد على ان الموسيقى ركن أساسي من الكيان النفسي. وهي ذات تأثير على جميع أعضاء الجسم والكيان النفسي كما أثبتت الدراسات والأبحاث العلمية المتواترة عبر عدة عقود .
فمن ناحية تأثيرها على الدماغ والنفس فقد ثبت ان الموسيقى تنشط جزئي الدماغ الأيمن والأيسر معا , و تأثر ايجابيا على المراكز الدماغية التي تتعلق بالنفس , فالموسيقى تأخذ الانسان من عالم الضغوطات عن طريق ( الإزاحة , والاسترخاء ) ,
وتخفيف هرمون (الكورتيزول و الأدرنالين ) , وبالتالي معالجة القلق والكآبة فهي ترفع من الروح المعنوية والدافعية , والشعور بالنشوة , وتحسن النوم .
آلية العلاج
حيث ثبت علميا ان الموسيقى تؤدي الى ضبط توازن النواقل العصبية الدماغية المسؤولة عن المزاج , والسلوك , والحركة , خاصة ( الدوبامين و الإندورفين ) المعروفان بهرموني السعادة و النشاط حيث الشعور بالنشوة , والفرح , والحماس , وحسن الدافعية الاجتماعية و الأدائية , وتحسين القدرات الذهنية خاصة التركيز والانتباه , وتقوية منطقة الذاكرة , وزيادة القدرة على تنظيم المعلومات واسترجاعها حتى انها وصفت من قبل كثير من العلماء بأنها “مفتاح استرجاع الذاكرة ” , وهي أيضا تقوم بتحسين القدرات على القراءة و الكتابة , و حل المسائل الرياضية , والقدرة على ضبط التوازن الحركي , ولذلك تستخدم حاليا في معالجة ما يعرف باضطراب الحركة الزائدة عند الأطفال.
أما بالنسبة لتأثيرها على أنسجة الدماغ ووظائفه المختلفة فقد ثبت بأنها تؤدي الى الحفاظ على ليونة الدماغ , وتحفيز نمو العصبونات الدماغية , والمناطق الدماغية المسؤولة عن التوازن الفسيولوجي الجسدي ( مراكز الضغط الشرياني , والقلب , والتنفس)
فقد أثبتت الابحاث الحديثة بان الموسيقى ذات قدرات عالية في تحسين كافة القدرات الذهنية ( الانتباه , والتركيز , والذاكرة , والتحليل , والاستنباط ) , و لذلك بدأ استخدامها في الغرب في معالجة المراحل الاولى من الخرف خاصة مرض الالزهايمر , وذلك بالاستماع للموسيقى لمده طويلة الأمد ( عدة ساعات ) وبشكل يومي , وبما انها ايضا تحسن من تناسق الحركات العضلية فتستخدم حاليا في المرضى الذين يعانون من مرض الرعاش ” باركنسونيان Parkinsonian ” وهو مرض ناجم عن تدني الهرمون العصبي في المنطقة الدماغية بما يعرف ب “ Basal ganglion ” .
ومن الامور المدهشة في معالجة الجلطات الدماغية ان الابحاث الحديثة اثبتت بشكل قطعي ان الموسيقى خاصة ” الجاز ” قادرة على التسريع من التاهيل الحركي والذهني للمصابين بالجلطات الدماغية بتحسين الذاكرة , والانتباه , والحركة , خاصة ان الحركات تصاحب الذبذبات الموسيقية وبالتالي تعمل عمل العلاج الطبيعي .
الموسيقى و الألم
وقد أثبتت الابحاث بأن الموسيقى قادرة على شفاء الآلام , فهي تخفف الإحساس بالآلام والضغط النفسي الناجم عنه , سواء كان الألم مزمناً او بعد العمليات الجراحية .
ومن ذلك أيضا المفاصل والعظام “ كالانزلاقات الغضروفية والروماتيزم “, حيث وجدت كثير من الدراسات نسبة الشفاء بالموسيقى ما يقارب 25% .
و هناك عدة نظريات لهذا التأثير الايجابي منها نظرية ” الإزاحة “ , أي إزاحة إحساس الانسان باللام تجاه الموسيقى , و ان الموسيقى تعطي نوعا من السيطرة على النفس “ضبط النفس” , و ايضاَ تزيد من الهرمون المسكن الدماغي “Endorphine الاندورفين ” .
وتبين الابحاث ان الموسيقى المريحة تخفف من ارتفاع ضغط الدم الشرياني لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم الشرياني , اما بالنسبة للقلب فان الموسيقى المريحة تؤدي الى الاسترخاء , وتقليل سرعة القلب , والتنفس من خلال تثبيط الجهاز السمبثاوي الذي يفرز هرمون ” الأدرنالين “.
وان استخدام الموسيقى في مستشفيات الولادة والعمليات الجراحية اقل استخداما للعقاقير المسكنة والمهدئات في المستشفيات التي لا تستخدم الموسيقى .
وعليه فإن تفعيل استخدام الموسيقى المريحة في المؤسسات , والشركات , والمصانع , والعيادات , والمستشفيات , والمراكز الأكاديمية , والمنازل , ذو مردود ايجابي على الصحة النفسية , والعضوية , والاجتماعية , وحسن الاداء والكفاءة العلمية والعملية , و وقاية من الامراض العضوية , والنفسية , ووسيلة لشفائها .