Latest:

دراسة إحصائية للنشاط البحثي العربي حول الأمراض القلبية الوعائية

مساهمة الدول العربية في المنشورات العلمية المتعلقة بالأمراض القلبية الوعائية ضعيفة جداً ولا تتجاوز الواحد بالمائة من مجموع البحوث المنشورة عالمياً حول هذا الموضوع. هذا ما خلصت إليه دراسة علمية جديدة قام بها فريق بحث من الجامعة الأمريكية في بيروت، رصدت أعداد الأوراق المنشورة في هذا التخصص طوال الفترة الممتدة بين عامي 2002 و2016. وعلى الرغم من أن هذه الفئة من الأمراض تُعدّ من الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم العربي، إلا أن الدراسة تبين ضعفاً في عدد البحوث المنشورة حولها، وأرجع مؤلفو الدراسة أسباب هذا الضعف إلى عدة عوامل من بينها عدم تشجيع الأطباء في الوطن العربي على النشر العلمي وعدم رصد ميزانيات كافية للبحث في جل الدول العربية إضافة إلى ما تمر به بعض الدول من حالات عدم استقرار.

وأظهرت نتائج الدراسة التي قام بها الباحثان حسّان خشفة ومروان رفعت من الجامعة الأمريكية في بيروت بالاعتماد على ثلاث قواعد بيانات عالمية، أن العالم العربي أنتج 10496 ورقة علمية فقط من أصل 1032862 بحثاً منشوراً حول أمراض القلب والأوعية الدموية على مستوى العالم على مدى عقد ونصف. ولا تمثل مساهمة العالم العربي في هذا المجال سوى 1 بالمائة من المجهود العلمي العالمي في الوقت الذي تتجاوز فيه نسبة سكان الدول العربية 5 بالمائة من سكان العالم.

وتفاوتت مساهمات الدول العربية من حيث عدد الورقات العلمية المنشورة خلال الفترة المذكورة لتحتل المملكة العربية السعودية رأس الترتيب بنشر 2678 بحثا تليها مصر (2034 بحثا) ثم تونس (961 بحثا).

ووجد الباحثان أن عدد الورقات المنشورة حول الأمراض القلبية الوعائية لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من إجمالي البحوث العلمية المنشورة في المجال الطبي على مستوى كل دولة، إذ أنها لا تتجاوز في أحسن الحالات 12 بالمائة (في كل من قطر ولبنان) بينما لم تبلغ سوى 3 بالمائة في الجزائر وفلسطين (الضفة الغربية). واحتلت قطر المرتبة الأولى من بين الدول العربية التي لها أكبر عدد من البحوث في مجال الأمراض القلبية الوعائية بالنسبة لعدد السكان بإنتاج 253 بحثاً عن كل مليون ساكن تليها كل من الكويت (185) ولبنان بـ 139 منشوراً. بينما جاءت تونس في المركز الأول من حيث عدد الورقات المنشورة بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي (بالمليار دولار) بنشر 22 ورقة علمية لكل مليار دولار تليها لبنان (18) والأردن (13).

ولاحظ مؤلفا الدراسة أن البيانات التي تم تحليلها تظهر مَنْحَاً تصاعدياً لعدد الورقات العلمية المنشورة في العالم العربي خلال الفترة بين عامي 2002 و2016. وتدعم هذه النتائج ما توصلت إليه دراسة سابقة أكدت زيادة منشورات الأمراض القلبية الوعائية في العالم العربي بنسبة 36%  خلال الفترة من 1998 إلى 2008

واستخدم الباحثان لإعداد الدراسة قاعدة بيانات PubMed التابعة للمركز الوطني الأمريكي لمعلومات التقنية الحيوية (NCBI)، وقواعد بيانات Ovid وMBASE، وقاما بتحديد المنشورات بالبحث عن مصطلحات “أمراض القلب والأوعية الدموية” و “القلب والأوعية الدموية” في البحث باستخدام عناوين الموضوعات الطبية MeSH في PubMed والصفحات المماثلة في Ovid وEMBASE.

واستخلص مؤلفا الدراسة من هذه النتائج أن العالم العربي لا يزال متخلفًا بشكل كبير عن المناطق الأخرى من العالم فيما يخص الإنتاج العلمي حول الأمراض القلبية والوعائية. ويعود هذا التخلف إلى عدد كبير من العوامل أهمها إهمال الجانب البحثي والأكاديمي البحت في كليات ومدارس الطب في المنطقة والتركيز على الجانب العملي الاكلينيكي في تكوين الأطباء. ومن شأن هذا التوجه أن يقلل من اهتمام طلاب الطب بإجراء الأبحاث، وهو ما يقلل من عدد المنشورات مقارنة بالعالم الغربي حيث يعتبر البحث كأولوية. أما العامل الثاني فهو النقص الحاد في الأموال المرصودة للأبحاث في الدول العربية غير الخليجية وهو ما يتسبب في انخفاض كبير في النشاط البحثي في ​​العالم العربي إضافة إلى عدم وجود مرافق بحثية مناسبة. ولحل هذه المشكلة، يرى الباحثان ضرورة إرساء تعاون وثيق بين الدول العربية إذ أن وكالات التمويل التي تديرها الدول العربية الغنية يمكن أن تساعد مراكز البحوث في ​​أجزاء أخرى من العالم العربي في تطوير النشاط البحثي. وحسب الباحثين فإن حالة عدم الاستقرار السياسي في العديد من الدول العربية ساهم بدورة في هذه المساهمة الضعيفة في إنتاج بحوث علمية حول الأمراض القلبية الوعائية من خلال خفض الميزانيات المخصصة للأبحاث ودفع الكفاءات العلمية إلى الهجرة نحو الغرب.

المصدر:http://arsco.org/article-detail-1345-2-0