Latest:

عملية موازنة الاشتهاء للصوديوم

يُعتبر الصوديوم الكاتيون الرئيس في السائل خارج الخلية، وهو ينظم وظائف فسيولوجية مختلفة. ويؤدي نضوب الصوديوم في الجسم إلى زيادة المتعة الناجمة عن مذاق الصوديوم، وهو ما يدفع الحيوانات نحو استهلاك الصوديوم. وعلى النقيض من ذلك، يؤدي استشعار مذاق الصوديوم في الفم إلى إخماد الاشتهاء للصوديوم سريعًا، وهو ما يوحي بأن إشارات حاسة التذوق تلعب دورًا محوريًّا في الاشتهاء للصوديوم، والتشبع به، بيْد أن هناك قصورًا في فهمنا للآليات العصبية لتنظيم الشهية المعتمد على الإشارات الحسية الكيميائية.

يحدد الباحثون، في البحث المنشور، دوائر عصبية معرّفة جينيًّا لدى الفئران، تنظم عملية تناوُل الصوديوم، عن طريق الدمج بين الإشارات الحسيّة الكيميائية، وإشارات النضوب الداخلية. ويبيّن الباحثون أن مجموعة فرعية من الخلايا العصبية الاستثارية الموجودة في النواة التي تقع أمام منطقة الموضع الأزرق (pre-locus coeruleus) في الدماغ تعبّر عن هرمون البروداينورفين، وأن هذه الخلايا العصبية تعدّ ركيزة عصبية أساسية لتناوُل الصوديوم. وأثار التحفيز الشديد لهذه المجموعة من الخلايا تناولًا شرهًا للصوديوم، حتى من الملح الصخري، بالتزامن مع إثارة إشارات مُنفِّرة منه. وأدى تثبيط المجموعة نفسها من الخلايا العصبية إلى خفض استهلاك الصوديوم بشكل انتقائي. كما يوضح الباحثون أيضًا أن استشعار الصوديوم في الفم يكبت – بسرعة – نشاط هذه الخلايا العصبية المُحفزة لاشتهاء الصوديوم. وقد كشف التسجيل المرئي داخل الجسم الحيّ المتزامن مع التسريب المَعِدِيّ أن مذاق الصوديوم – لا ابتلاع الصوديوم نفسه – يعتبر عاملًا ضروريًّا لإشباع الاشتهاء للصوديوم وليطرأ تعديل بدرجة كبيرة على الخلايا العصبية التي تعبر عن البروداينورفين والموجودة في النواة الواقعة أمام الموضع الأزرق. وبالإضافة إلى ذلك، أظهر التتبّع العكسي الفيروسي أن هناك خلايا عصبية محددة منتجة لحمض جاما أمينوبوتيريك (GABA) في النواة العميقة للسطر الانتهائي (stria terminalis تتوسط )– بشكل جزئي – التعديل الحسّي . 

وتنشط مجموعة الخلايا العصبية المثبطة هذه بابتلاع الصوديوم، وترسل إشارات مثبطة سريعة إلى الخلايا العصبية المُحفزة لاشتهاء الصوديوم. وبالجمع بين هذه المعطيات، تكشف هذه الدراسة عن بِنْية عصبية تدمج بين الإشارات الحسية الكيميائية، وحاجة الجسم الداخلية من أجل الحفاظ على توازن الصوديوم.

المصدر:
https://arabicedition.nature.com/journal/2019/04/s41586-019-1053-2