الجلطة الرئوية : سبب الوفاة بفيروس كورونا المستجد
منذ بداية انتشاره قبل أربعة أشهر، يُواصل البحث مُسابقة الزمن لتقديم التفسيرات العلمية المرتبطة بآلية الإمراض وسبب الوفاة المرتبطين بفيروس كورونا المستجد في الجسم المُصاب، وبالأخص لدى أصحاب السوابق المرَضيّة المزمنة. قبل 24 ساعة، نشر مجموعة من الأطباء والباحثين في معهد سان رافائيل وجامعة ميلان في إيطاليا تقريراً يُوضّحُ مُلاحظاتهم عن سبب الوفاة لدى المُصابين بفيروس كورونا المستجد (المصدر رقم 1). في التقرير، يَقترح الباحثون تغيير اسم المرض الذي يُسببه فيروس كورونا المُستجد كوفيد-19 الحاد إلى الجلطة الرئوية الالتهابية “microvascular COVID-19 Lung Vessels Obstructive Thromboinflammatory Syndrome” واختصاراً MicroCLOTS. يطرح الباحثون هذا الاسم استناداً على مُعاينة 700 مريض بأعراض رئوية حادة والملاحظات على العينات المأخوذة من رِئاتهم المُصابة بالفيروس من خلال الفحص المجهري النسيجي الذي أعطى دليلاً واضحاً على آلية العملية الالتهابية التي تحدث على مستوى الأنسجة والأوعية الدموية الرئوية (المصدر رقم 1).
التفسير كما يلي:
- الأوعية الدموية الرئوية مسؤولة عن نقل الدم إلى الرئتين لتحميله بالأوكسجين الواصل إلى الحويصلات الهوائية وتوزيعه بعد ذلك على خلايا وأنسجة الجسم المُختلفة.
- تحتوي الأوعية الدموية بشكل عام على مُستقْبِلات ACE2 البروتينية وهي نفس المُستقبلات التي يدخل من خلالها فيروس كورونا المُستجد خلايا الرئة في الجسم ويُصيبُها، وهو ما يُؤكد إمكانية دخول وإصابة الفيروس للأوعية الدموية الرئوية أيضاً.
- بعد تكاثر الفيروس داخل خلايا الأوعية الدموية الرئوية، يقوم بإتلافها، وبالتالي تخرج المُحتويات الخلوية من الخلايا التالفة التي بدورها تقوم بتنشيط العملية الالتهابية حولها، الأمر الذي يُسبّب الاستجابة المناعية الخلوية وتنشيط المسار المناعي المُسبب لتكوين ترسّبات الأجسام
- المناعية immune complexesداخل الأوعية الدموية الرئوية.
- بدورها تقوم ترسبات الأجسام المناعية باستدعاء عدد كبير من الخلايا المناعية الأخرى إلى مكان الالتهاب، مما يُضاعف إتلاف الأوعية الدموية الرئوية وتكوين الجلطات thrombosis داخلها.
- يدخل الجسم في حلقة مُفرغة من حدوث الالتهاب وتكوين الجلطات الذي يتم تأكيد حدوثه بارتفاع مستويات LDH و D-dimer في الدم – والتي قد تنتشر لتصيب أعضاء أخرى كالكلى والدماغ – وهو ما يؤدي في نهاية الأمر إلى الوفاة.
مصدر الصورة رقم 1:
تأتي هذه الدراسة بعد مجموعة من الدراسات التي أكدت حدوث اختلال في سيولة الدم لدى المُصابين بفيروس كورونا المستجد الذين تظهر عليهم الأعراض الرئوية الحادة والذين يُتوفون. نذكر منها الدراسة التي قامت بها جامعة العلوم والتكنولوجيا الصينية التي وضّحت أنّ أكثر من 70% من المُتوفين بسبب فيروس كورونا المستجد يكون سبب الوفاة المباشر لديهم هو تخثر الدم المُنتشر داخل الأوعية الدموية DIC مُقارنةً بالمُتعافين الذين لا يحدث لهم هذا الخلل في سيولة الدم (المصدر رقم 2).
مع تراكم الأدلة على تأكيد هذه الحقيقة العلمية، بدأ إدراج مُضادات التخثر (التي تزيد من معدل سيولة الدم) إلى بروتوكولات علاج الالتهاب الرئوي الحاد الناتج عن الإصابة بفيروس كورونا المُستجد لتجنّب المُضاعفات المُرتبطة بتخثر الدم، وبالتالي تقليل نسبة الوفيات (المصدر رقم 3).