فيروسات الورم الحليمي البشري
العدوى بفيروس الورم الحليمي البشري (Human papilloma virus (HPV))واسعة الانتشار وربما مصطلح الثآليل مرتبط ارتباطاً وثيقاً بهذه المجموعة من الفيروسات. الفيروسات الحليمية البشرية (HPVs) هي فيروسات صغيرة تحتوي على مادة وراثية من الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين DNA) Deoxyribonucleic Acid ). هناك أكثر من مئة سلالة منHPV يتم التمييز بينها من خلال ترتيب التسلسل الجيني والبروتينات المتواجدة على الفيروس، معظم الأنواع تصيب خلايا الجلد والأغشية المخاطية. ويمكن للفيروسات الحليمية البشرية أن تسبب عدة أمراض مختلفة من بينها السرطان، كسرطان المهبل والفرج والقضيب والشرج والحلق والفم.
الكائن المسبب
تنتمي فيروسات الورم الحليمي البشري إلى عائلة Papillomaviridae. من الفيروسات الغير مغلفة وتحتوي على DNA مزدوج الشريط. المادة الوراثية محاطة بقفيصة عشرونية الوجوه icosahedral capsid تتكون من بروتينات هيكلية رئيسية وثانوية، L1 و L2، على التوالي. هذه الفيروسات خاصة بالأنسجة وتصيب كل من الخلايا الجلدية والمخاطية. على أساس التسلسل الجيني لـ L1، الجين الذي يشفر بروتين القفيصة الرئيسي، كان هناك أكثر من 190 نوعاً من فيروس الورم الحليمي البشري تم تحديدها وتمييزها عن طريق التحليل الجزيئي، يتم تصنيف HPVs وفقاً لإمكانياتها لتحفيز السرطان إلى مجموعات عالية ومنخفضة المخاطر.
الأمراض
يسبب النوعان (6 و11) ورم حليمي في الحنجرة وحوالي 90% من الثآليل التناسلية، مع التنويه أن هذين النوعين لا يسببان سرطان عنق الرحم، بينما النوعان (16 و18) يصنفان على أنهما الأعلى خطورة؛ حيث يسببان معظم حالات سرطان عنق الرحم (حوالي 70%). أيضاً الأنواع (31، 33، 45، 52، و58) خطرة للغاية، فهي تسبب حوالي 19% من حالات الإصابة بسرطان عنق الرحم. أما الأنواع (35 و39 و51 و56 و59)، فهي خطرة جداً؛ إذ أنها تسبب الإصابة بسرطان عنق الرحم، ولكنها أقل شيوعاً.
يعتبر سرطان عنق الرحم ثاني أكثر السرطانات شيوعاً لدى النساء القاطنات في المناطق النامية، ترتبط جميع حالات سرطان عنق الرحم (99%) تقريباً بعدوى الأعضاء التناسلية بفيروس الورم الحليمي البشري وهي العدوى الفيروسية الأكثر شيوعاً بالجهاز التناسلي، قُدِّرت عدد الحالات ما يقارب 570 ألف حالة جديدة في العام 2018 (84% من الحالات الجديدة على النطاق العالمي. (وتوفيت قرابة 311 ألف امرأة بسرطان عنق الرحم في نفس العام، وكانت أكثر من 85% من هذه الوفيات في بلدان ذات دخل منخفض ومتوسط.
يمكن أن يتسبب فيروس الورم الحليمي البشري في الإصابة بأنواع أخرى من أمراض السرطان الشرجية التناسلية وسرطان الرأس والرقبة والثآليل التناسلية في كل من الرجال والنساء.
الأعراض
لا يصاب أغلب الناس الذين يلتقطون عدوى الفيروس الحليمي البشري بأية أعراض، ويتخلصون من الفيروس من أجسامهم بسرعة. إلا أن استمرار عدوى فيروس الورم الحليمي البشري دون ظهور الأعراض يمكن أن يتسبب بحدوث تغيرات قبل سرطانية في الخلايا والأنسجة ومن ثم السرطان. تسبب بعض أنواع الفيروسات الحليمية البشرية ثآليل تناسلية. تتضمن أعراضها نتوءات صغيرة في المناطق التناسلية هذه النتوءات قد تكون مسطحة أو بارزة وردية أو بلون الجلد، يصاحبها ألم وحكة ونزيف.
مضاعفات
تتضمن المضاعفات النادرة للفيروس الحليمي البشري انتقال الفيروس من الأم إلى طفلها خلال الولادة، حيث يمكن أن يتعرض الطفل للفيروس ويصاب بما يسمى بالورم الحليمي التنفسي المتكرر. قد تنشأ ثآليل في الحلق والمجرى التنفسي لدى الطفل، مما يؤدي لصعوبات تنفسية، بحة بالصوت، وصعوبة في البلع.
طرق الانتقال
عدوى الفيروس الحليمي البشري شائعة للغاية: حيث يصاب نحو 11.7% من السيدات حول العالم بعدوى الفيروس الحليمي البشري، ويصل معدل العدوى في بعض البلاد إلى 41.9%. ومن المرجح أن تكون المعدلات في الذكور مشابهة. حيث تنتقل العديد من الفيروسات الحليمية البشرية (HPVs) بالاتصال الجنسي، ومن خلال التواصل عبر الجلد.
إحصائيات وأرقام
بناءً على دراسة قامت بتحليل بَعدي (Metanalysis)، تم تقدير معدل انتشار فيروس الورم الحليمي البشري المعدل في جميع أنحاء العالم بين النساء ذوات نتائج خلوية طبيعية بنحو 11.7 %. أعلى معدل انتشار كان في مناطق أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى 24%، أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (16.1%)، أوروبا الشرقية (14.2%) وجنوب شرق آسيا (14%). وبشكل عام تراوحت نسبة انتشار فيروس الورم الحليمي في عينات عنق الرحم من 1.6% إلى 41.9% عالمياً. بلغ ذروته في الأعمار الأصغر (أقل من 25 عاماً) بنسبة انتشار تبلغ 21.8% -24 %، وتنخفض النسبة بشكل ثابت في ذوي الأعمار المتوسطة.
هناك زيادة في انتشار الفيروس في وسط وجنوب أمريكا في الأعمار الأكبر من (45 سنة). معدل الانتشار مماثل جداً في بعض البلدان منخفضة الدخل في آسيا وأفريقيا لفيروس الورم الحليمي البشري في النساء من جميع الفئات العمرية.
العلاج
أغلب أنواع العدوى بالفيروس الحليمي البشري تزول تلقائياً ودون اللجوء للعلاج. عند نشوء الثآليل، يمكن للأطباء عادة إزالتها عن طريق علاجات طبية أو بالجراحة. تعاود الثآليل الظهور أحياناً ويمكن أن تصبح دائمة. قد يؤدي التدخل الجراحي في أي مرحلة من العلاج لمضاعفات بخصوص الحمل والولادة. وتتطلب السرطانات المتعلقة بالفيروس الحليمي البشري علاجات خاصة بالسرطان.
التشخيص المخبري
يعّد فحص 2 (HC2) Digene Hybrid Capture® الحاصل على موافقة منظمة الغذاء والدواء FDA معتمداًـ لغرض التشخيص المخبري وهو يكشف عن المادة الوراثية DNA حيث يعتمد الفحص على مبدأ تهجين الحمض النووي. والتي تكشف عن 13 نوع من HPVs ذات الخطورة العالية (HPV 16, 18, 31, 33, 35, 39, 45, 51, 52, 56, 58, 59, 68). ويتم استخدامه في حالات كانت نتائج اختبار مسحات ” Pap -الخاص بسرطان عنق الرحم-مشكوك بها. ويستخدم هذان الفحصان معاً للكشف عن سرطان عنق الرحم لدى النساء فوق سن 30. وفي الدراسات والأبحاث الوبائية يستخدم تفاعل البلمرة المتسلسل PCR.
اللقاح
حالياً، هنالك لقاحين: ثنائي ورباعي التكافؤ من لقاحات فيروس الورم الحليمي في العديد من البلدان حول العالم. ويعتبر كل من اللقاحين فعّال جداً في منع الإصابة بنوعي الفيروسات 16 و18، وفي الوقاية من حالات عدوى عنق الرحم السرطانية التي تُسبّبها هذه الأنواع الفيروسية.
يتم تحضير كلا اللقاحين من بروتين L1 المنقّى، البروتين الرئيس للقفيصة، الذي يتجمع بشكل ذاتي وتلقائي ليكوّن نوع متخصص من الجزيئات الشبيهة بالفيروس الحليمي البشري VLPs، هذه الجزيئات تحاكي بشكل كبير السطح الخارجي لهذا الفيروس.
يعتبر اللقاح الرباعي فعال للغاية في الوقاية من الثآليل الشرجية التناسلية، وهو مرض تناسلي شائع ينجم دائماً عن طريق العدوى بأنواع فيروس الورم الحليمي البشري 6 و11. وأكدت الأبحاث أمان كلا اللقاحين. المجموعة المستهدفة الرئيسية في تطعيم فيروس الورم الحليمي البشري الموصى به في معظم الدول هي الإناث. ويعتمد كل من لقاح فيروس الورم الحليمي البشري وجدول التطعيم الزمني على عمر مُتلقي اللقاح.
خاتمة
الأمراض المتعلقة بالفيروس الحليمي البشري تمثل مشكلة عالمية للصحة العامة. لذا توصي منظمة الصحة العالمية بتلقي الإناث للقاح الفيروس الحليمي البشري في البلاد التي تتمتع بالقدرة على دعم برنامج تطعيم للفيروس الحليمي البشري. حيث يوصى بجرعتين من لقاح الفيروس الحليمي البشري للإناث اللاتي تتراوح أعمارهن بين 9-14 عاماً ويوصى بثلاث جرعات من اللقاح للإناث اللاتي يبدأن سلسلة اللقاح في الخامسة عشر من أعمارهن أو بعد ذلك. يبقى الجدول الزمني ثلاثي الجرعات ضروري لأولئك الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشري الإيدز، وذوي نقص المناعة.
في البلدان الإسلامية وبين الملتزمين بالعلاقات الشرعية “الزواج” لا يسبب هذا الفيروس مشكلة كبيرة وبالتالي قد لا تحتاج إلى إدراج هذا اللقاح ضمن جدول اللقاحات الروتينية.
المصدر:https://arsco.org/article-detail-1883-2-0