التمارين الرياضية مفيدة لأعضاء الجسم
يعاني بعض الأشخاص المنخرطين في برامج للتمارين الرياضية، من صعوبات في إنقاص وزنهم، ولذا تزداد خيبتهم، ويتخلون بالتالي عنها. وهذا خطأ كبير، إذ ووفقا لدراسة حديثة نشرت في مجلة الكلية الأميركية لطب القلب، فإن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تحمي الصحة حتى وإن لم تؤدي إلى فقدان الوزن. ووجدت الدراسة أن العكس صحيح أيضا، أي أن فقدان الوزن مفيد للقلب، حتى وإن لم تتم ممارسة التمارين الرياضية.
وتقول الدكتورة آي مين لي, الاختصاصية في علوم الأوبئة في مستشفى بريغهام والنسائية في بوسطن، البروفسورة المساعدة في كلية الطب بجامعة هارفارد: “أعتقد أن هذه النتائج مشجعة جدا، لأنها تظهر بوضوح أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام بين صفوف الأفراد الذين يزداد وزنهم، تؤدي إلى خفض الأخطار الصحية عليهم، مقارنة بالآخرين الذين يزداد وزنهم بنفس المقدار من الذين لا يمارسون التمارين الرياضية بانتظام”.
وتضيف: “إن التمارين تجعل القلب أقل تعرضا لحالات عدم انتظام ضربات القلب arrhythmia، كما أنها تؤثر على الجهاز العصبي، الذي يخفض من عدد ضربات القلب ويسمح للقلب بالعمل بكفاءة أكثر”. فالتمارين “تخفض أيضا من ضغط الدم وتحسن مستويات الكوليسترول، ومعالجة الغلوكوز.. حتى وإن لم يتم فقدان شيء من الوزن”.
إلا أن بعض الأشخاص لا يهوون ممارسة التمارين الرياضية ويفضلون التوجه إلى برامج الحمية الغذائية لإنقاص وزنهم. ولأولئك منهم الذين نجحوا في مهمتهم فإن فقدان الوزن يعتبر مفيدا لهم.
وقالت الدكتورة لي إن “فقدان الوزن يفيد عدة منظومات (في الجسم).. فحتى إن تم فقدان الوزن نتيجة اتباع حمية غذائية بدلا من ممارسة التمارين، فإن هذا مفيد لضغط الدم، ولمستوى الدهون، ولمعالجة الغلوكوز، وللأنسولين، ولخفض الالتهابات. وكل هذه الأمور تساهم في وجود قلب سليم”.
وخلاصة الأمر أن كلا من فقدان الوزن من دون ممارسة التمارين أو ممارسة التمارين من دون فقدان الوزن يساعد في تعزيز صحة القلب.
ويخفض كل من هذين الأمرين على انفراد من خطر ارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستوى الكوليسترول أو الدهون الأخرى، ومن ظهور مقاومة الأنسولين، إضافة إلى تقليل ظهور متلازمة التمثيل الغذائي. وعندما توظف ممارسة التمارين الرياضية مع توجهات فقدان الوزن فإن الفوائد تكون أعظم.
وتلاحظ الدكتورة لي أن النتائج الرئيسية للبحث الجديد تتمثل في أن الأفراد الذين رصدت لديهم عوامل خطر أقل للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، كانوا من الذين حسنوا من لياقتهم البدنية وممن فقدوا وزنهم في آن واحد. أما الذين لم يكونوا يتحلون باللياقة البدنية ولم يحاولوا إنقاص وزنهم فقد كانت عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، أعلى لديهم.
وتقول الدكتورة لي: “إني أنصح الذين لم يتعودوا على ممارسة الرياضة بالبدء في نشاطهم ببطء، وزيادته بالتدريج”، بهدف تقليل الأضرار عليهم. والهدف هنا هو 150 دقيقة من النشاط البدني المعتدل أسبوعيا، مثل المشي السريع. ومن الناحية المثالية فإن ذلك يعني 30 دقيقة من المشي السريع يوميا، خمسة أيام في الأسبوع.
ولكن يمكن توظيف هذه الدقائق في فترات أقصر تتكرر أكثر، كل يوم. أي على سبيل المثال، وبدلا من المشي لفترة 30 دقيقة يوميا، يمكن المشي ثلاث مرات لفترة 10 دقائق، للتوصل إلى الفوائد نفسها.
إن المشي لفترة 10 دقائق أمر عظيم، إذ إنك ستشعر بمزاج أفضل. ويمكنك بعد هذه الفترة الاستمرار بشكل بطيء متدرج حتى تصل إلى فترة 30 دقيقة يوميا. ولبعض الأشخاص قد يتطلب استكمال مثل هذا النشاط بضعة أسابيع، بينما قد يتطلب وقتا أطول لأشخاص آخرين.
وإن كانت التمارين غير فعالة في إنقاص الوزن، فعليك التدقيق في كمية السعرات الحرارية التي تتناولها “إذ إن كمية السعرات الحرارية التي تتناولها تزيد عن كميتها التي تقوم بحرقها”. كما تقول الدكتورة لي، مضيفة: “إن كنت ترغب في إنقاص الوزن، فإن عليك بأحد أمرين: إما زيادة ممارسة الرياضة أو تقليل الأكل – أو كلاهما”. ولكن إن كنت من الممارسين للتمارين الرياضية فإن الدلائل تظهر، كما تقول الدكتورة لي، أنك وضعت نفسك فعلا على طريق العيش حياة صحية أطول.
ستة أسباب للرياضة
وإن قررت ممارسة الرياضة عليك أولاً أن تضع أمام عينيك هدفاً محدداً كي تتعرف على كمية التمارين التي تحتاجها، لأنك الشخص الوحيد الذي يقرر ما هي أفضل التمارين الرياضية اللازمة لك ومداها.
وبحسب، رسالة هارفارد “مراقبة صحة الرجل”، التابع لجامعة كمبردج الامريكية هناك خمسة أسباب تدفع الناس إلى ممارسة الرياضة، وهي: لأعمالهم ولصحتهم، وللمتعة، وللمنافسة، وللحفاظ على مظهرهم.
وتعتمد كمية الرياضة، التي تحتاجها، على السبب الذي يدعوك لممارستها، وموقع انطلاقك، والسرعة التي ترغب فيها لتحقيق أهدافك. كما يعتمد نوع الرياضة الذي تختاره على قدراتك الفردية وعلى أدائك، وعلى مدى ازدحام مهماتك، وأخيرا على الأمكنة المتوافرة لممارسته.
رياضة العمل
لم تعد الرياضة تشكل جزءاً متمما من عمل العاملين، ولا نعلم إن كان ذلك من مزايا القرن الحادي والعشرين أم من نقائصه. ففي الولايات المتحدة، وحتى منتصف القرن التاسع عشر، كان نحو 30 في المائة من الطاقة التي تتطلبها الأعمال في الزراعة والصناعة تعتمد على القوة العضلية للإنسان. إلا أن ذلك انتهى بعد حلول التراكتورات محل المحاريث، والمكانس الكهربائية بدل الفرش، والمصاعد بدل السلالم. وهكذا وبعد تحرر الإنسان من الجهد البدني، فقد أخذ يوجه كل عمله الفكري نحو خلق مجتمع تتوافر فيه جوانب الراحة.
إلا أنه خلق بذلك أزمة طاقة مخفية – لا تمت بصلة إلى طاقة وقود باطن الأرض – بل هي نقص في النشاط البدني الذي يحتاجه الجسم لدرء حدوث الأمراض، وتحقيق أفضل مهماته.
رياضة للصحة
إن الرياضة هي أفضل أسرار الطب الوقائي. فرغم كل الاختلافات بين فرد وآخر فإننا نحتاج كلنا إلى الرياضة لضمان صحتنا. والرياضة المنتظمة توفر حماية حيوية ضد الكثير من الأمراض التي تشمل ما يلي: النوبة القلبية، السكتة الدماغية، ارتفاع ضغط الدم، السكري، السمنة، هشاشة العظام وتكسرها، الكآبة، سرطان الثدي والقولون، العته (فقدان الذاكرة).
ما الذي يحتاجه الإنسان للحصول على فوائد الرياضة؟
إن جوهر الأمر يكمن في ما يسميه خبراء التمارين الرياضية باسم “التمارين الإيزوتونية” (أي المتساوية التوتر) isotonic exercise وهي التمارين التي توظف فيها مجموعات العضلات الكبيرة لديك، لتعمل في شكل إيقاعي، متكرر، من دون تعريضها (أي العضلات) إلى مقاومة قوية.
وقد تعارفنا على تسمية هذه التمارين بتمارين “الآيروبيك” لأننا فكرنا في أنها يجب أن تكون مكثفة بحيث إنها تتمكن من تعزيز معدل ضربات القلب ضمن نطاق “الآيروبيك” (70 إلى 85 في المائة من أقصى معدل لضربات القلب). كما نسميها أيضا رياضة “الإدامة” لأننا فكرنا في أنها يجب أن تكون مستمرة، ومتواصلة لكي تصبح مفيدة.
إلا أننا نعرف الآن أن كلا من تلك الاعتقادات التي فكرنا بها لم تكن صحيحة. ففي الواقع فإن بمقدورك أن تجني كل الفوائد الصحية التي تريدها من الرياضة المعتدلة التي لن تجعلك لاهثا متأففا – حتى إذا كنت تمارسها بشكل متقطع – ما دامت ممارستها تضيف ما يتوجب ويكفي لاستكمال كل النشاط البدني لك.
الرياضة القلبية – الهضمية
لقد قمنا باستحداث مصطلح خاص سميناه “التمارين القلبية – الهضمية” cardio metabolic exercise (CME)i أو بشكل أدق “تمارين القلب – التمثيل الغذائي”، وذلك بهدف وضع توليفة لجملة من النشاطات، تتراوح بين تسلق درجات السلالم في مكتب عملك، ودفع نفسك في تمارين ملتوية!.. وكل هذه النشاطات ستحسن عمل قلبك وكذلك التمثيل الغذائي لديك، وصحتك عموما. والمسألة الرئيسية هي في ممارستها تكرارا وبشكل كاف. ولضمان صحة مرضاهم، فإن على الأطباء “وصف” 30 دقيقة على الأقل من الرياضة المعتدلة، أو 15 دقيقة من الرياضة المكثفة يوميا.
رياضة المتعة
لن تكون بحاجة إلى وضع النقاط لنفسك أو التزود بساعة أو تقويم لممارسة رياضة المتعة. وتصبح هذه الرياضة مهمة للأشخاص المنهمكين في أشغالهم لأنها تعتبر وسيلة جيدة للتخفيف من التوتر.
وإن كان عملك مهيمنا عليك، فكر في توظيف التمارين لإنعاش فكرك. وللبعض فإن ذلك يعني القيام بزيارة لقاعة الألعاب الرياضية للتريض على دواسة مشي كهربائية أو آلة دوارة، أما للبعض الثاني فيعني التمشي أو الهرولة للهروب من كل العالم، وللبعض الثالث إجراء تمارين إطالة العضلات أو ممارسة “اليوغا”.
لكن لا تدع الرياضة تزيد من توترك. وقد كان يوغي بارا بطل كرة البيسبول محقا حينما قال: “إن التمارين هي فكرية في 90 في المائة منها، إلا أنها بدنية في نصفها”.
رياضة المنافسة
هنا تحل علينا رياضة “الآيروبيك”. فلكي تظل سليما عليك إجراء تمارين اللياقة البدنية. ولكي تحقق أهدافك في العدو، أو في كرة المضرب، أو في كرة السلة، أو في ركوب الدراجات، أو أي مباراة رياضية، عليك بإجراء تمارين الآيروبيك للياقة البدنية.
وهذا يعني تعزيز معدل ضربات قلبك لكي يصل إلى ما بين 70 و85 في المائة من أقصى معدل له، وإبقاء هذا المعدل لما بين 20 و60 دقيقة. وإن كنت من عامة الناس فعليك أن تنفذ ذلك ببطء خطوة فخطوة، وأن تبدأ بخطوات الإحماء وتنتهي بخطوات التبريد. كما ستفيدك تمارين الإطالة والقوة.
والواقع، فإن هذه الرياضة تتطلب الكثير من قدرات الجسم، خصوصا عند تقدم العمر، فالإجهاد المرتبط بها قد يؤدي إلى مزالق. ولذا فعلى كل شخص يزيد عمره على 50 سنة استشارة الطبيب قبل إجراء مثل هذه التمارين. ولأن التمارين المكثفة تؤدي إلى المشكلات أكثر من التمارين المعتدلة فإنه من المهم أن ينصت الرياضيون المحترفون إلى أجسامهم لرصد أي إشارة تدل على الإجهاد.
رياضة الرشاقة
هي رياضة الحفاظ على المظهر، التي تهدف أساسا إلى إنقاص الوزن. وقد يمكنك تحقيق ذلك بإجراء التمارين المعتدلة المفيدة للصحة، لكن، لكي تصل إلى إنقاص وزنك بشكل أسرع، فعليك أن تضاعف مؤشر “التمارين القلبية الهضمية” (CME) إلى 300 نقطة، أو أن تقوم بتمارين معتدلة لمدة ساعة يوميا. وقد تبدو هذه المدة طويلة، إلا أن عليك أن تتذكر أن بمقدورك تجزئتها على فترات عدة. وتذكر أيضا أن الأشياء الصغيرة ستساعدك أيضا، مثل تسلق السلالم أو المشي بدلا من ركوب الحافلات، إضافة إلى تقليلك لتناول السعرات الحرارية.
خيارات التمارين الرياضية
إذن، كم تحتاج من التمارين الرياضية؟ الجواب: ما يكفي لتنفيذ أهدافك. ضع صحتك في منزلة الأولوية، وتذكر أن عليك أن تتوجه إلى الطبيب لفحصك قبل المباشرة في إجراء التمارين. اختر النشاطات المتلائمة مع أوقات مهماتك، ومع ميزانيتك، وقدراتك، وذوقك. ضع برنامجا متوازنا من التدريب على رياضة الأثقال والإطالة ورياضة توازن الجسم: ابدأ ببطء ثم واصل بالتدرج، والأهم من ذلك أن تلتزم بالبرنامج، فنصف التمارين تعتمد على قدراتك، و90 في المائة منها على مثابرتك، كما يقول اللاعب يوغي بارا.