ما لم يخبروك به عن تساقط الشعر
من المعالجين – سواء من الصيادلة أو أطباء الجلدية أو التجميل – من يتعامل مع تساقط الشعر و تقصفه , كمن يتعامل مع بركان هائج بتغطيته بمنديل ورقى فحسب
, و يعتقد فى ذاته أنه قد استطاع السيطرة على فوران البركان و ثورته .. برغم أنه لم يقترب منه إلا بشكل سطحى , لا يسمن و لا يغنى من جوع !! .. و هذا ما سنتناوله
اليوم بإذن الله ..
تساقط الشعر حدوتة كبيرة , يمكن النظر إليها من أكثر من زاوية تصوير , و فى كل زاوية , يمكن أن تخرج بمعلومات مختلفة عن الزاوية التى تسبقها , و لكن اليوم سأتناول
الأمر من زاويته “السببية” .. و ذلك لأنى مقتنع بأن لكل حالة مرضية يمر بها الجسم سببا يجب أن نبحث عنه و نتجنبه , و بذلك نكون قد نجحنا فى علاجه من الجذور
, مما يسمى بالـ causative treatment , أو العلاج بالتغلب على السبب , مما يؤدى إلى إخماد حقيقى للبركان !! ..
أسباب تساقط الشعر أو تقصفه أكثر من أن تحصى أو تعدّ .. و لكنى اليوم سأخبرك عن أشهر هذه الأسباب , و التى يتجنب كثير من المعالجين – للأسف – أن يخوضوا فيه
ا بشكل واضح , ربما لنقص الخبرة أو لطول فترة العلاج , أو لاستسهال وصف الكريمات و الزيوت الخارجية و السلام !! .. و التى أرى – على مدار 10 سنوات من الخبرة فى
المجال – أنها تعمل كمسكن مؤقت للحالة , يعود بعده الشعر للتساقط من جديد , و كأننا لم نفعل شيئا !! .. و هنا يكمن السر فى نجاح أو فشل العلاجات فى نظرى ..
أهم أسباب تساقط الشعر عند البنات و السيدات (تحديدا فى مصر) , هو الأنيميا .. مما يؤدى إلى عدم وصول الدم بشكل كافى إلى فروة الرأس التى تنبت فيها بصيلات
الشعر .. التربة لا يتم ريّها جيدا , و إذا حدث ذلك , فسنتوقع عدم قدرة النباتات على النمو !! .. و التأكد من هذا السبب يكون بطلب تحليل تعداد دم كامل , أو Complete
Blood Count , لقياس نسبة الهيموجلوبين و باقى معايير الدم .. و لكن حدثنى عن عدد أطباء الجلدية الذين يطلبون هذا التحليل , للتأكد من استبعاد الأنيميا أثناء علاجهم
لتساقط الشعر !! .. فى رأيى أنه يمكن عدّهم على أصابع اليد الواحدة !! .. أما عن العلاج الرئيسى , فيكون بالتعامل الجيد مع الأنيميا طبعا , و التى يمكن تجنبها بتجنب
سببها الأصلىّ طبعا , و استخدام الأدوية المناسبة لها على حسب النوع , و الذى يكون فى الغالب – و ليس دائما – من نوع أنيميا نقص الحديد , و يمكنك التعرف على
هذا النوع , و باقى أنواع الانيميا , من خلال مشاهدتك لهذه المحاضرة .
السبب الثانى الأكثر شيوعا لتساقط الشعر , و لكن عند الرجال فى هذه المرة , هو الوراثة !! .. عندما يأتينى شاب يشكو من تساقط الشعر داخل الصيدلية , أضع هذا
الاحتمال على أنه الأول أمام ناظرىّ , فأسأله إن كان أحد أقاربه (الأب / الخال / الجد) مصابا بالصلع من قبله , و إن كانت الإجابة بـ نعم , أنتقل للطريقة التأكيدية الثانية , و
هى النظر إلى فروة الرأس نفسها , كى أرى واحد من هذه الأنماط فى تساقط الشعر , و التى تعنى وجود الوراثة كسبب , و تتشابه كلها فى أن منطقتى التاج و مقدمة
الرأس , تخلوان من الشعر تدريجيا , و تلك هى المنطقة التى يضربها غزو هرمون التستوستيرون , و الذى يصيب هاتين المنطقتين تحديدا أو أحدهما كما فى الصورة ..
و هذا – بالمناسبة – أحد الفروق المتميزة بين الصيدلى العادى و الصيدلى المتطور , و الذى يستطيع الجزم بدرجة أعلى و التفرقة بين تساقط الشعر الوراثى و تساقطه
بسبب الأنيميا , عن طريق النظر لفروة الرأس , و ذلك لأن الأنيميا تسبب تساقط الشعر من جميع أجزاء فروة الرأس من كل الاتجاهات و المناطق , لأن الدم لا يصل إليها
بشكل كاف , و لا تأثير للهرمونات الذكورية فى هذه الحالة إلا فيما ندر
أما علاج الصلع الوراثى , فيكون بسلسلة من العلاجات , يبدأها الأطباء و الصيادلة حاليا بالـ Minoxidil و الذى سنفرد عنه كثيرا من الحديث فى نهاية هذا المقال بإذن الله
, و لكن فى حالة الرغبة فى الانتقال لعلاجات أخرى , فنجد الميزوثيرابى كتقنية حديثة نوعا ما , ثم تلته تقنية البوتوكس كحل أحدث , ثم تقنية حقن البلازما الغنية
بخلايا الصفائح الدموية , أو ما يسمى بالـ PRP Therapy , و التى يمكنك أن تتعرف عليها من هنا (و هذه أحدث التقنيات حتى تاريخ كتابة هذه الكلمات) ..
الشاهد من كلامنا أن كل هذه التقنيات تحتاج أن تكرر بشكل دورى , لأنها لم تتغلب على السبب الأصلى لتساقط الشعر , و هو زيادة فعل هرمون التستوستيرون على
فروة الرأس , و حتى تلك العلاجات التى تفعل ذلك , سواء بالحقن أو عن طريق الفم , تتغلب على تأثير الهرمون بشكل مؤقت يحتاج إلى الاستمرارية عليه .. مما يعنى أنه
كى تتجنب تساقط الشعر تماما – إن كان وراثيا – فما عليك إلا زراعة الشعر كحل نهائى و دائم بإذن الله ..
من أهم الأسباب أيضا لتساقط الشعر – و تقصفه فى هذه النقطة تحديدا – هو نقص عنصر الزنك فى الطعام الذى تتناوله يوميا , و ذلك لأن الشعر يحتاجه بشدة كى ينمو
بشكل سليم , و غيابه عن الطعام , يجعل الشعرة نفسها ضعيفة و سهلة الكسر و التساقط , و لذلك ينصح بإضافة أى مكمل غذائى يحتوى على الزنك داخل الصيدلية
, لمرضى تساقط الشعر إن لم يكن وراثيا بالتحديد , .. و ذلك كى تساعد على نموه بشكل أسرع و أصحّ بإذن الله ..
و لا ينبغى أن ننسى الأمراض الشهيرة التى تتسبب فى تساقط الشعر , مثل العدوى الفطرية Tenia capitis , و المرض المناعى الشهير , الثعلبة أو Alopecia
aereata , و المرض الأندر Alopecia universalis , و الذى يغيب فيه الشعر عن الجسم كله , حتى رموش العينين و الحواجب !! , و يعتبر الحالة الأكثر تقدما من الثعلبة !! ..
و من أخطر المعلومات أيضا – و التى يتجاهلها الكثيرون للأسف – هو تأثير البيئة على الشعر ..
الحرارة الزائدة (من سيشوار او بيبى ليس , أو ما شابه) , و تعرض الشعر لها بشكل مستمر , يؤدى إلى تساقطه ..
استخدام شامبوهات و زيوت غير صحية أو رخيصة الثمن , يؤدى إلى تساقط الشعر ..
التعرض للماء العسر (الذى يحتوى على نسبة كبيرة من الأملاح و لا يستطيع الصابون فيه بتكوين رغوة) يؤدى إلى تساقط الشعر ..
التعرض للإشعاع – بالعمل فى قسم الأشعة فى إحدى المستشفيات مثلا – يؤدى إلى تساقط الشعر ..
عدم غسل و نظافة فروة الرأس بشكل كافى و نقص تهوية فروة الرأس , يؤدى إلى تساقطه ..
تواجد القشرة بكثافة , يمنع تهوية فروة الرأس أيضا , و يؤدى إلى تساقطه ..
ناهيك عن الأدوية التى تتسبب – كرد فعل جانبى لها – فى تساقط الشعر , مثل مضادات الأورام (و هذا أشهر مثال) , و بعض أدوية حب الشباب و الكورتيزونات و مضادات
الكوليسترول و مضادات الاكتئاب و مضادات الصرع .. و غيرها من المجموعات الدوائية , التى يجب أن نسأل عنها بشكل عام , قبل أن نبدأ فى علاج تساقط الشعر .. و هذا
من أهم الأسئلة التى نركّز عليها عند الحصول على التاريخ الصحى لدى المريض ..
تعرف أكثر على أنواع الأدوية التى يمكن أن تؤدى لتساقط الشعر من هنا
و بالطبع لن نغفل تأثير الخلل الهرمونى , حتى لو كان بعيدا عن الناحية الذكورية أو الأنثوية .. مثل خلل هرمونات الغدة الدرقية مثلا , و الذى يمكن أن يؤدى سواء بالزيادة
و النقصان إلى تساقط الشعر بأكثر من أسلوب !! ..
و آخر نوع من الأسباب التى سنتناولها فى هذا الجزء من المقال , هو الحالة النفسية .. و الذى يمكن أن يؤدى إلى تساقط الشعر بـ 6 أشكال مختلفة !! …
الشكل الأول : العلاقة المباشرة ..
سوء الحالة النفسية و التوتر , يمكن أن يؤدى فى حد ذاته – دون وجود وسطاء – إلى حدوث تساقط فى الشعر , كاللاتى يأتين بمثل هذه الحالة فى مواسم الامتحانات
الصعبة , و تنتهى وحدها بعد انتهائها !! ..
الشكل الثانى : الحالة النفسية و الثعلبة ..
الثعلبة – و أغلب الأمراض المناعية – تتأثر بشدة باختلاف درجة التوتر و الحالة النفسية !! .. عدد كبير من المرضى الذين يعانون من الثعلبة تتحسن لديهم الحالة كثيرا
بتحسن المزاج العام لفترة مناسبة , و يعودون للانتكاس – لا قدر الله – فى حالة إصابتهم بصدمة نفسية أو تعرضهم لحادث أليم أو ما شابه .. مما يقوى العلاقة بين الثعلبة
و العامل النفسى ..
الشكل الثالث : الحالة النفسية و التينيا ..
التينيا مرض فطرى .. و الأمراض الفطرية عبارة عن عدوى , تتأثر بشدة بضعف المناعة , و الذى لا يختلف العلماء حاليا على تأثير الحالة النفسية سواء بالسلب أو بالإيجاب
تجاهه .. المناعة تكون أقوى فى المزاج المعتدل , و تكون فى أسوأ حالاتها بتقلب المزاج فى أنماط الاكتئاب أو القلق المزمن أو التعرض لضغوط نفسية , ممكن يجعلنا ننصح
مرضانا فى هذه الحالة تحديدا بتجنب سوء الحالة النفسية , للحفاظ على مناعتهم قوية إلى حد يمنع تكرار الإصابة بالتينيا كعدوى فطرية ..
الشكل الرابع : هوس نزع الشعر ..
الخلل النفسى يمكن أن يتحول إلى مرض أو عادة هوس خطيرة , تسمى بـ Trichotillomania , و فيها ينفّس المريض – بشكل أقرب إلى ما يحدث عند قضم الأظافر أو
الضغط على الأسنان فى حالة التوتر – إلى نزع الشعر بنفسه , ابتداء من الحواجب , ثم استكمالا بشعر فروة الرأس نفسه , و يكون الحل فى هذه الحالة نفسيا , من
خلال جلسات التعديل السلوكى , أو تقليل الضغوط النفسية المحيطة , أو حتى بالعلاجات المعروفة للاكتئاب و التوتر داخل الصيدلية .. و لكن بعد استشارة الطبيب
النفسى المختص بالطبع !! ..
الشكل الخامس : التأثير على فعالية العلاجات ..
بعض المرضى يأخذون العلاج فتتحسن أعراضهم , و البعض الآخر يتناولها نفسها , و لا يشعر بأى تحسن , برغم الإصابة بنفس المرض !! .. أحد النظريات لتفسير ذلك , هو
تأثير الحالة النفسية على هرمونات الأيض فى الجسم , و المعروف أن سوء الحالة النفسية (بالقلق أو الحزن أو الفزع أو ما شابه) , ينشط من عمل هذه الهرمونات , مما
يعرف بـ Liver Microsomal Enzyme Induction , نتيجة زيادة مستوى تركيز الكورتيزونات المسئولة عن ذلك بسبب التوتر , مما يساهم فى تكسير الأدوية التى نتناوله
ا بالجرعات المعتادة بشكل أسرع , و التغلب على تأثيرها المرغوب فى الجسم , و كأننا لا نتناولها تقريبا فى بعض الأحيان .. و لذلك ينصح دائما بتحسين الحالة النفسية
, مع تناول أى علاج يؤخذ لفترة طويلة , كتلك التى يتم أخذها لعلاج تساقط الشعر ..
الشكل السادس و الاخير : الحالة النفسية و سوء التغذية ..
أعتقد أنه من التفاهة أن نتحدث عن علاقة الحزن و الكآبة بالتغذية .. الأمر بسيط .. احزن كثيرا , .. توقف عن تناول طعامك الصحى المناسب لفترة كافية , و سيتساقط
الشعر بعد قليل , لعدم وصول المغذيات المطلوبة لنموه !! ..