الفحص الجيني
إن الرعاية الطبية الآن تختلف كثيراً عما كانت عليه منذ خمسين عام مضت لدرجة أن معظم أطباء الأسرة الذين كانوا يمارسون الطب في ذلك الوقت يدركون بالكاد ما يجب عمله معظم الأيام في عيادتي. ولكن هذا التغير سوف يكون لا شىء عندما يتم مقارنته بما سوف يحدث في نصف القرن القادم؛ ففي بداية التطور الطبي سيكون هناك الفحص الجيني وكذلك العلاج الجيني.
ولكن السؤال: هل الفحص الجيني سوف يساعدك فعلاً في أن تعيش عمراً أطول؟ والإجابة المختصرة هي: لا، على الرغم أنه من الواضح أنه إذا أمكن اكتشاف حالة خطيرة بواسطة مثل هذا الاختبار بشكل مبكر أكثر مما كان متاحاً في السابق، فإن فرص علاج هذا المرض بنجاح تكون أعظم.
يستلزم اختبار الجينات فحص الحمض النووي DNA testing للشخص، وهو المادة التي تؤخذ من خلايا الدم أو أي سائل آخر في الجسم، ثم البحث عن أي شىء غير طبيعي ـ يعادل أي مرض معروف أو أي اضطراب ـ بها. وعندما يتمكن العلماء من تحديد ووضع خريطة جوهر الحياة في كل أحماضنا النووية؛ فإن الفحص الجيني الذي يستخدم الآن سوف يمكننا من الكشف المبكر عن أنواع السرطان المختلفة أكثر مما هو متاح من خلال الطب الوقائي التقليدي. ولازال الطريق طويلاً، ولكن التقدم يحدث الآن في الكشف عن مختلف أنواع السرطان وعلاجها. إن الفحوص بحثاً عن سرطانات نادرة تستخدم الآن، ومجال الفحص الجيني يتطور طوال الوقت.
إن الفحص بحثاً عن تغير أو تحول الجين الوراثي الذي يسمى BRCA1 يتم استخدامه الآن بالفعل. وهذا التغير أو التحول يجعل المرأة عرضة لأن ترث سرطان الثدي، وسرطان المبايض، وقد يكون مسئولاً عن نسبة 5% على الأقل من هذه الأمراض عند السيدات صغيرات السن. إن الجين المتحول منتشر في نصف الأسر تقريباً التي يكثر لدى أفرادها الإصابة بسرطان الثدي، وفي 8% من الأسر التي لها تاريخ مرضى في الإصابة المبكرة بسرطان الثدي والمبيض. بعد عزل هذا الجين ـ والجين المصاحب لـه BRCA2 ـ فإن زيادة استخدام فحوص الدم في مثل هذه الأسر يمكن أن يكون أكثر شيوعاً.
تمكن الباحثون من اكتشاف جين وراثي موجود لدى 15 في المائة من المصابين بسرطان القولون. وعلى الرغم من إمكانية تشخيصها بدون الفحوص الجينية، إلا أن هذه الفحوص تجعل التشخيص أكثر سهولة. إن التاريخ المرضى لسرطان الأمعاء هو أحد أكثر الأسباب شيوعاً والتي من أجلها أوجه مرضاي إلى مراكز فحوص الجينات. فإذا قدر لي على سبيل المثال أن أرى مريضاً يعاني اثنان من أقارب الدرجة الأولى لديه من سرطان الأمعاء وهما أقل من عمر الأربعين، فإنني أفحص قولون هذا المريض بالمنظار كل خمس سنوات، أما إذا كان تاريخ المرض في الأسرة يشتمل على بعض أقارب الدرجة الثانية ممن يعانون هذه الحالة وعمرهم أقل من خمسين عاماً، فإن فحص القولون بالمنظار يبدأ عندما يكون عمر المريض من 25 إلى 30، ويستمر عمل الفحص مرتين كل عام حتى يصل الشخص إلى سن 65، بالإضافة إلى تحويل المريض إلى مركز الفحوص الجينية المحلي. إن العمر ودرجة القرابة وتاريخ الأسرة المرضى تعتبر علامات حاسمة لعمل مسح جيني في مثل هذه الحالات.
انطلاقا مما سبق، فإن مجموعة الجينات التي تعرض الأشخاص لنوع أكثر شيوعاً من سرطان الأمعاء الذي يعرف بسرطان القولون غير المُعنق الوراثي (HNPCC) تم وضعها على الخريطة الجينية للأسر ذات الأخطار العالية. وكنتيجة لذلك، فإن عمل اختبار أو فحص للدم يجب إجراؤه في الحال.
إن الفحص التنبؤي متوفر لعائلات تم اختيارها يعاني أفرادها سرطانات معينة تسمى أورام ويلمز، أو أورام خبيثة في الخلايا الأولية للشبكية.
على الرغم من عدم توفر فحوص الدم على نطاق واسع الآن، إلا أن الفحص الجيني يتصل بحالات مثل اللوكيميا (سرطان الدم)، وخلايا السرطان في الغدة الدرقية والكلى، والورم الحميد في خلايا الميلانوما بالجلد.
ولكنه من المهم أن نوضح أن اختبارات الجينات التنبؤية لن تكون أمراً شائعاً. فمثل هذه الفحوص سوف لن تكون قادرة على تحديد سوى نسبة ضئيلة من النساء اللاتي يعانين ـ مثلاً ـ سرطان الثدي. إن أغلب أنواع السرطان لا تورث، وأغلب مرضى السرطان ليس لديهم تغير جيناتي موروث، بصرف النظر عما إذا كان أحد أقاربهم مصاباً أم لا. إنني أتوقع بداية الموجة الأولى من فحوص الجينات التي تجرى للأفراد الذين لديهم تاريخ مرضي قوي لسرطان القولون أو سرطان الثدي بعد جيلين على الأقل. بعد ذلك سيتم إجراء الفحوص الروتينية على مدى أوسع من الأمراض. ولكن شيئاً واحداً هو الأكيد ـ إننا نركب قطاراً سريعاً إلى وجهة سوف تكون فيها فحوص الجينات بحثاً عن الأمراض أمراً معتاداً.
على الرغم من أن فحوص الجينات Genetic testing بالنسبة للأمراض الوراثية inherited diseases لازال في المهد، فإن هذا المجال من الطب سوف يزدهر على مدى العقدين القادمين. وإذا كان لديك نمط قوى لسرطان وراثي في الأسرة، فقد تستطيع أن تجرى فحصاً متوفراً بالفعل سوف يشير إلى ما إذا كنت تواجه خطراً متزايداً أم لا.
فيما يلي آخر الاكتشافات الحديثة في علم الجينات
• اكتشاف الجينات المسؤولة عن الكسل عند الإنسان والتي تنتج بروتينات تؤثر على نظام الدوبامين في الدماغ وتجعله أقل ميلًا لممارسة الأنشطة البدنية بحسب ما أوردت صحيفة دايلي ميل البريطانية.
• وجد باحثون في معهد كينجز كوليدج للطب النفسي بلندن جيناً يربط بين الذكاء وكثافة ما يطلق عليه اسم “المادة السنجابية” في الدماغ، مما قد يساعد العلماء على فهم كيف ولماذا يواجه بعض الأشخاص صعوبات في التعلم.
• اكتشف باحثون يابانيون، جيناً يسمى GALNTL-5 مرتبطاً بالعقم عند الرجال، ما قد يوفر تفسيرات إضافية لعدم تمكن بعض الأزواج من الإنجاب.
• اكتشاف علماء فنلنديون لجين يسمى ITM2A مسؤول عن فروق الطول بين الرجل والمرأة
• تمكن فريق من العلماء في الولايات المتحدة الأمريكية من اكتشاف الجين المسبب لمرض الربو لدى الأطفال، مما يعطي الأمل لعلاج المرض أو الشفاء منه بصورة مستدامة.
• تمكن باحثون ألمان من اكتشاف العلاقة بين جين يسمى FTO وزيادة الوزن والسمنة.
• قام باحثون من جامعة كوينزلاند بتحديد أحد الجينات أطلق عليه اسم mec-17 تقوم بالحماية من التنكّس العصبي والذي قد يفتح الباب لفهم أفضل لأمراض التنكّس العصبي مثل باركنسون، الألزهايمر وهانتنغتون.