Latest:

بيولوجيا الأورام

في هذه الحلقة نقدم خمسَ دراسات مهمة في مجال بيولوجيا الأورام تكشف عن بعض أسرار خبث الخلايا السرطانية وكيفية التغلب عليها. وتم نشر هذه الأبحاث الخمسة في دوريات علمية أصيلة في مجال أبحاث الأورام.

الدراسة الأولى: خلايا سرطان الثدي بين النوم والاستيقاظ

خَلُصت دراسة حديثة أن العلاج الهرموني يدفع خلايا سرطان الثدي إلى وضع السُبات المقاوم للعلاج ثم الاستيقاظ للانتشار مرة أُخرى، وكأن تلك الخلايا لم تتلقَ العلاج من قبل. فالمعروف أنهُ عندما تتحول خلايا الثدي السليمة إلى خلايا سرطانية وتتحول إلى ورمٍ سرطاني، يمكن تقسيمها إلى نوع ايجابي أو سلبي لبعض مستقبلات الهرمونات المهمة وهي الاستروجين (ER) والبرجيستيرون (PR) وكذلك مستقبلات لبروتين مهم هو مُستقبِل عامل النمو الجلدي البشري 2 (HER2) الذي يعزز نمو الخلايا السرطانية. ووجود أو غياب هذه المستقبلات مهم جداً في تحديد نوع العلاج للمريض. فاذا كانت الخلايا السرطانية موجبة للهرمونات فيمكن للمريض الاستفادة من العلاج الهرموني الذي له القدرة على الارتباط بهذه المستقبلات بدلاً من الهرمون نفسه لمنع تأثيره على الخلية، وبالتالي يحد من قدرتها على التضاعف والنمو. ولذلك فالعلاج الهرموني هو علاج فعال للغاية أنقذ ملايين الأرواح، حيث يعمل على قتل خلايا سرطان الثدي.

يتم علاج المرضى الذين يعانون من سرطان الثدي (ER+) باستخدام الجراحة لإزالة الورم، ثم يتلقون العلاج الهرموني المستهدف (مثبط أروماتيز أو تاموكسيفين) لاستهداف مستقبلات هرمون الاستروجين.

ومع أن هذا العلاج يؤخر بشكل كبير احتمالية تكرار الإصابة بالسرطان، فإن حوالي 3% من المرضى تحدث لهم انتكاسة كل عام، مما يؤدي حتماً إلى انتشار السرطان مرة أخرى. وفي الواقع، فإن ما يقرب من 30 % من مرضى سرطان الثدي الذين يتلقون علاجات هرمونية تحدث لهم انتكاسة في نهاية المطاف. لكن في بعض الأحيان لا يحدث ذلك إلا بعد مرور حوالي 20 سنة من العلاج الأولي. ونوم خلايا سرطان الثدي لهذه المدة الطويلة تمثل المشكلة الأكثر أهمية في متابعة هؤلاء المرضى.

لذلك قام فريق بحثي يقودهُ مجموعة من العلماء في الكلية الملكية في لندن مع زملائهم في إيطاليا وكوريا لدراسة تأثير هذا العلاج الهرموني على خلايا سرطانات الثدي الإيجابية لمستقبلات هرمون الاستروجين(ER+) ، وأظهرت نتائج البحث ملحوظة مهمة قد تفسر لأول مرة الكثير من الملاحظات السابقة لدى مرضى هذا النوع من السرطان. فقد لاحظ الفريق البحثي أنه بالرغم من أن العلاج الهرموني الذي وضعوه على الخلايا قد قتل معظم خلايا سرطان الثدي في المزارع الخلوية، إلا أنه قام بدفع بعض الخلايا إلى سكون طويل الأجل “وضع السُبات” الذي يسمح للخلايا بالبقاء صامتة لسنواتٍ طوال قبل أن تستيقظ من جديد لتسبب انتكاسة وبالتالي عودة السرطان وانتشار مرة أخرى.

والواقع أن هذه النتائج يمكن أن تساعد في تحديد استراتيجيات جديدة إما لإبقاء هذه الخلايا السرطانية النائمة في وضع السُبات الدائم، أو التخلص منها بعيداً عن السكون، بحيث يمكن قتلها باستخدام العلاجات الحالية أو الجديدة تحت الاختبار. ومن ناحية أخرى فقد أجابت هذه الدراسة على المناقشات التي كانت تدور لفترة طويلة بين العلماء في ما إذا كانت العلاجات الهرمونية تعمل عن طريق قتل خلايا سرطان الثدي أو ما إذا كانت الأدوية تدفعهم إلى حالة سُبات.

وبالطبع فإن هذا السؤال مهم، لأن العلاجات الهرمونية تُستخدم في غالبية سرطانات الثدي. فإذا استطاع العلماء فتح أسرار هذه الخلايا النائمة، فقد نتمكن من إيجاد طريقة لمنع عودة السرطان، إما عن طريق الاحتفاظ بالخلايا في وضع السُبات الدائم أو ايقاظها وقتلها.

وقد تم نشر هذا البحث المهم في الدورية العلمية المعروفة Nature Communications تحت عنوان Single-cell transcriptomics reveals multi-step adaptations to endocrine therapy.

لقراءة المقال المنشور يرجى زيارة الرابط التالي:

الدراسة الثانية: تحول خلايا سرطان الثدي إلى خلايا دهنية

قام فريق بحثي مكون من 13 باحثاً من قسم العلوم الطبية الحيوية من جامعة بازل في سويسرا بقيادة البروفيسير جيرهارد كريستوفري Gerhard Christofori في دراسة تمت على حيوانات التجارب بتحويل خلايا سرطان إلى خلايا دهنية ومن ثم منع انتشارها. فقد أثبت الفريق القدرة العلاجية لكلاً من دواء Rosiglitazone وهو علاج لمرض السكر و دواء Trametinib وهو علاج لسرطان الجلد الذي يحمل طفرة BRAF – V600E  من خلال استهداف بروتينات التضاعف MEK1 و MEK2 ليمنع دورها في تضاعف الخلايا السرطانية.

وقد أدى هذا العلاج المتزامن بكلً من عقار Rosiglitazone وعقار Trametinib إلى تحويل خلايا سرطان التحدي إلى خلايا جذعية انتقالية تُسمى Mesenchymal ثم تحويلها إلى خلايا دهنية وبصورة نهائية إلى خلايا دُهنية غير قابلة للعودة مرة أخرى في الاتجاه المعاكس. وفي هذا النموذج من التحول الخلوي نرى أن الخلايا الجذعية من نوع الميزينكايم تلعب دوراً محورياً في التحول من اتجاه إلى آخر حسب الطلب وذلك لقدراتها الفائقة على التحول إلى أي خلية في الجسم اذا توفرت لها البروتينات المطلوبة.

والمهم جداً أن هذه الخلايا الدُهنية لم تستطع الانتشار من مكان الورم إلى أي مكان آخر مما يدل على فقدها لخاصية الانتشار التي تتمتع بها الخلايا السرطانية. وتكمن أهمية هذه النتائج غير العادية في إمكانية تطبيقها على مرضى سرطان الثدي والجلد لأن هذه الأدوية معتمدة من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية. كما أنه من الممكن استخدام هذا العلاج مع العلاج الكيماوي لضرب عصفورين بحجر واحد. فمن ناحية يقوم العلاج الكيماوي بالقضاء على العديد من الخلايا الورمية ومن ناحية أخرى يقوم هذا العلاج الجديد على وقف انتشار المتبقي من الخلايا الورمية إلى أماكن أخرى من الجسم، من خلال تحويلها إلى خلايا دهنية. وهكذا نرى أنه من الممكن بالتفكير الذكي التغلب على ذكاء الخلايا الورمية بنفس الوسائل التي تستخدمها هي نفسها في الانتشار ولكن بطريقة مفاجأة وصادمة لها خارج الصندوق.

وفي النهاية أرى أنهُ لا بد من تجريب هذه الطريقة الجديدة كعلاج لمرضى سرطان الثدي لعلها تُؤتي ثمارها كما أتت في حيوانات التجارب.

للاضطلاع على البحث الأصلي لهذا المقال يرجى زيارة الروابط التالية:

الدراسة الثالثة: اختبار جديد للدم يكشف عن 20 نوعاً من السرطان

توصل باحثون إلى طريقة جديدة مبتكرة لاختبار الدم للكشف عن نُسخ من الحمض النووي غير الطبيعية تتسبب في 99.4 % من حالات السرطان. وقد تمت تجربة هذه الاختبارات على أكثر من عشرين نوعاً من أنواع السرطان بما في ذلك سرطان القولون والمستقيم وسرطان المستقبِلة الهرمونية وسرطان المريء والرئة والمرارة والمعدة والمبيض، سرطانات البنكرياس والرأس والعنق وكذلك الميلوما المتعددة وسرطان الدم اللمفاوي. كما أظهرت النتائج التي تم عرضها في اجتماع الجمعية الأوروبية لعلم الأورام الطبي أن الاختبار اكتشف 76 % من سرطانات الوفيات المرتفعة بنسبة 93 و85 و76 و32 % في تحديد المصابين بالمرحلة الرابعة، المرحلة الثالثة، المرحلة الثانية والمرحلة الأولى من السرطان، على التوالي. ومتوقع أن يؤدي هذا الاختبار إلى سرعة الكشف المبكر على الأورام.

شكرا للعلم والعلماء، لقراءة المقال المنشور يرجى زيارة الموقع:

الدراسة الرابعة: علاج لسرطان الدم في قطرة للعين

اكتشف فريق من علماء بيولوجيا السرطان أن مادة كيميائية تُدعى SPHINX31 في قطرة العين والتي تستخدم في علاج التهاب الشبكية لها القدرة على وقف نمو خلايا سرطان الدم من نوع AML- Acute Myeloid Leukemia دون أن تؤثر على نمو الخلايا الجذعية، مما يشير إلى التخصصية في التأثير المضاد لخلايا الليوكيميا دون غيرها. وكان هذا التأثير المثير للاهتمام بسبب وقف نشاط جين SRPK1 المسئول عن نمو خلايا سرطان الدم. وهكذا نرى في العلم متعة التفكير ومتعة الجديد ومتعة التطبيق.

لقراءة المقال المنشور يرجى زيارة الروابط التالية:

الدراسة الخامسة: جين مسؤول عن الانتشار السريع لخلايا أورام البروستاتا

قام فريق من الباحثين في بيولوجيا الأورام من مركز الأورام بـجامعة تكساس باكتشاف جين مسؤول عن الانتشار السريع لخلايا أورام البروستاتا من النوعDouble Negative Prostate Cancer  وبـمعرفة الأسباب وراء ذلك وُجدَ أن هذا الجين يجعل الورم يفرز مادة CCL2 القادرة على زيادة عدد ونشاط الخلايا المناعية المثبطة ودخولها الورم لوقف نشاط الخلايا المناعية المسؤولة عن قتل الورم. وقد نجح الفريق البحثي في الوصول إلى طريقة لكبح وإيقاف عمل هذا الجين بمادة تم استخدامها للعلاج مع العلاج المناعي مما أدّى إلى قتل جميع الخلايا الورمية. وسوف يؤدي هذا الاكتشاف على مستوى فئران التجارب إلى امكانية تجريبه سريرياً. شكرا لفئران التجارب.

لقراءة المقال المنشور يرجى زيارة الروابط التالية:

البريد الإلكتروني للكاتب: mohamedlabibsalem@yahoo.com

المصدر: http://arsco.org/article-detail-1502-2-0