Latest:

ضرس العقل شبح الأسنان

بالرغم من صغر حجم الأسنان وتوضعها في فتحه لا تتعدى السانتيمترات الا ان المشكلات المتعلقه بها كثيره  فكان لطبيب الأسنان لغه دقيقه جدا في معرفة المشكله وحلها بشكل نهائي ضمن اطار زمني قصير المده ويحتل ضرس العقل مرتبه متقدمه على اعتباره السن لكونه الأكثر تعقيداً وعدم موافقة مشكلاته لتسميته .
فذاك الضرس البعيد عن المنطق بعدا شاسعا والذي لا يعني بروزه اننا تخلصنا من آفات التهور وليالي الطيش ، والذي اختلف بشأنه  الكثير من علماء طب الأسنان حول حقيقة تواجده في الفك وما اذا كان له فائده وظيفيه تعود علينا سواءا على المدى القريب او البعيد لتتعدد تصنيفاته وما يتبعها من مشاكل و آلام لا حصر لها .

ما هو ضرس العقل 

يعزى السبب وراء تسمية  ضرس العقل بهذا الاسم الى ان بزوغه في فترة الرشد اي ما بين سن السابعة عشره وحتى الثانيه والعشرين ، وهو الضرس الثالث الذي ياتي بعد الطاحونه الأولى والثانيه من حيث الترتيب في الفك الا انه لا يمكننا ان نعتبره من الأضراس الطاحنه  لعدم قدرته على آداء هذه الوظيفه  ويعود السبب في ذلك الى ان مضغ الطعام يرتكز على الطاحونتين الاولى والثانيه ولا يصل الى ضرس العقل الا بقايا الطعام التي تتراكم هناك مما يجعله عرضه للتسوسات والالتهابات التي تستدعي قلعه بأسرع وقت ممكن .
تتعدد الأسباب التي تتطلب التخلص من ضرس العقل وقلعه  تفاديا لأي عواقب وخيمه وآلام شديدة وتتلخص المشكلات بما يلي :
–  عدم وجود مسافه كافيه في الفك السفلي او العلوي تعطي مجالا لهذا الضرس لكي ينمو ويبزغ مما يؤدي الى حدوث مضاعفات تتمثل في الضغط على الضرس المجاور له والتسبب بالألم الشديد على مستوى الفك بأكمله او يمتد ليصل الى الأذن والعنق وقد يؤثر الألم في منطقة الرأس .
هنا يجب ان ننوه الى ان تزاحم الأسنان الاماميه مشكله يعاني منها الكثير من الناس وخاصة بعد بلوغ سن العشرين وقد يستمر هذا التزاحم مع التقدم في ولكن يُعد الأمرطبيعيا نتيجه لعدة عوامل اختلف العلماء في صحتها فالنظريه القديمه تلوم اضراس العقل لبزوغها في هذه الفتره العمريه لتضغط على الاسنان وتسبب تزاحمها ، فشاع خلع أضراس العقل كثيرا كاجراء روتيني يحد ويمنع من هذا التزاحم ، الا ان تطور العلم أتى بعدة آبحاث ودراسات اثبتت ان السبب الحقيقي وراء هذه المشكله لا يعود لأضراس العقل وانما الى طريقة نمو الوجه والفكين وخاصة الفك السفلي والذي يستمر نموه الى ما بعد سن العشرين ، كما ان نمو الأنسجه المحيطه بعظم الفك والاسنان تعتبر العامل المساعد الآخر المؤدي الى  تزاحم الأسنان وعدم استقرارها .

–  عدم بزوغ الضرس بشكل كامل (البزوغ الجزئي) فيكون الجزء الأكبر منه مطمورا في اللثه ويعود السبب في ذلك الى عدم توفر المساحه الكافيه لبزوغه كما ان التحام ضرس العقل بالعظم المحيط به  يمنعه من البزوغ بالشكل الصحيح، وهنا يأتي ما يدعى  بالبيريكورونايتيس (pericoronitis) وهي حاله من التهاب اللثه البكتيري حول ضرس العقل المطمور جزئيا  يصاحبها تكون جيب لثوي يمتلئ بالجير وبقايا الطعام كما ان كثرة الاطباق قد تتسبب في التهاب اللثه اثناء عملية المضغ  فتتفاقم هذه الحاله لتصل الى درجات متقدمه من الألم  يتبعها خروج قيح  لثوي وعدم القدره على فتح الفم.

 نمو ضرس العقل بشكل غير طبيعي اما افقيا او راسيا ، بحيث يكون محور النمو او البزوغ مائلا عن مستوى الاطباق الصحيح وهذا بدوره يؤدي الى حدوث التهابات شديده في منطقة المحور والضغط على المناطق المجاوره ،
وهنا يجب ان ننوه ان هناك عدة تصنيفات وضعها علماء طب الأسنان  تتعلق بكيفية وجود برعم ضرس العقل داخل عظم الفك وبنموه وبزوغه بعد ذلك  .
ان بزوغ أضراس العقل على احد الأشكال الآنف ذكرها لن يتغير وسيبقى على حاله ما تبقى من العمر ، سواء أكان مائلا او مطمورا او حتى وان بزغ بشكل طبيعي كباقي الاسنان .
    
–  انطمار ضرس العقل الكلي وانغماسه بشكل تام ، يتم الكشف عنه في هذه الحاله عن طريق اشعة البانوراما ويصاحبه تكوين اكياس تحتوي على سائل او ظهور اورام خطيره عند ضرس العقل المنغرز مؤديه الى تدمير جذور الاسنان المجاوره وعظام الفك  ،

جميع هذه الحالات التي يكون عليها ضرس العقل تستدعي خلعه الذي لا يُعد اجراءاً بسيطاً بل على العكس تماما فعملية الخلع تحتاج لطبيب مختص يمتلك باع من الخبرات والالمام بجميع المشاكل و الحالات التي يمكن ان يكون عليها هذا الضرس وتحديدا ما اذا كان في حالة الانغماس الكلي او ذا جذور قريبه من القناه المغذيه للفك السفلي  ، فكل هذه الأشياء يمكن ان تتسبب بحدوث خلل دائم نحن في غنى عنه كشلل الوجه النصفي وغيره ، كما ان نسبة حدوث المضاعفات بعد قلع ضرس العقل اكثر بكثير من نسبة حدوثها بعد قلع اي ضرس آخر ويمكن ان نلخص هذه المضاعفات كما يأتي :

النزيف لمدة طويلة:  هناك عدة طرق يستطيع بها الطبيب التحكم في عملية النزيف لكن ينبغي العلم انه من الطبيعي ان تختلط بعض الدماء باللعاب بعد عملية القلع و قد تصل الى فترة تقارب 72 ساعة الا ان الحقيقة ان عملية النزيف تتوقف تماما خلال 8 ساعات بعد الجراحة.

 – التورم : و يعتمد حجم التورم على مقدار التدخل الجراحي و كمية تدمير الانسجة المحيطة.

–  التهاب السنخ الجاف والذي يعرف بال(dry socket) : وهو ظاهره مؤلمه تشيع الاصابة لها بعد ايام قليله من خلع ضرس العقل السفلي ويعزى السبب في حدوثها الى تأخر عملية تجلط الدم في تلك المنطقه بعد الخلع مما يؤدي الى حدوث نوبات من الألم الشديده والغير محتمله .

يُوصى المريض باتباع عدد من الارشادات الخاصه بعد عماية خلع ضرس العقل  للتخفيف من حدة الأعراض المرافقة أو تجنبها ومنها :  

–  عدم البصق او المضمضه او غسل الفم لمدة 24 ساعه بعد الخلع لتجنب حدوث النزيف .  
–  وضع قطعه من الشاش المعقم والعض عليها لمدة ساعتين ، وعدم العبث بمكان الخلع بعد ازالتها .
– الامتناع عن التدخين وشرب او تناول الطعام الساخن ولمده تصل الى 24 ساعه على الأقل بعد الخلع .
–  التزام المريض بتناول وشرب كل ما هو بارد بعد 6 ساعات من الخلع مع مراعاة مضغ الطعام على الجانب السليم .

 

اخيرا  نحن كأطباء اسنان نرى تلك الاسنان وكأنها لآلئ بيضاء ، نخشى  فقدانها ونبذل جهدنا لايجاد شتى الحلول  حتى لا نلجا الى قلعها ، الا ان هذه المحاولات تتوقف عند ضرس العقل ، ذاك الضرس الذي ليس له محلا من الاعراب ولا فائده تذكر والذي يُعد علاجه جريمة بحته ، فتوجب علينا ان نملي عليكم تلك الحقائق وما يتبعها من معلومات تتعلق بهذا  الضرس ليكون علاجه الأمثل والوحيد خلعه فقط .