أمراض العيون الشائعة
لعين الإنسان خصوصيتها في التعامل عن سائر أعضاء الجسد، فهي الأكثر رقة وحساسية، سواء من الجانب التشريحي أو الوظيفي، ولا يمكن ملامسة واقع ما والإلمام به من دون النظر إليه والتأكد منه. فكما تستطيع العين كشف الحقائق والأحداث، يمكنها أن تعكس الكثير عن الأشخاص كحالاتهم النفسية أو المرضية، لتعمل مؤشراً إلى وجود علة ما تستدعي مراجعة الطبيب سواء العيون أو غيره.
فإذا شعر الإنسان بتهيج العينين أو تشوش بالرؤية أثناء العمل، فقد يكون ذلك نتيجة لقضائه فترات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر، أما وجود بقع حُمْر فيمكن أن يكون دليلاً على ارتفاع ضغط الدم، بينما قد يدل وجود احمرار بإحدى العينين أو كلتيهما إلى وجود التهاب في العين.
تعدد الأمراض وأسبابها
هناك قائمة طويلة من أمراض العيون، وعلى المستوى العالمي، فإن هذه الأمراض تهدد بشكل أكبر الدول الفقيرة، ومن أخطرها التراخوما وإصابة العين بالمياه البيضاء أو المياه الزرقاء.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن عدد المصابين بالعمى الكلي في مختلف أنحاء العالم يتجاوز 43 مليون شخص، تتركز أغلبيتهم في الدول النامية.
أما الأسباب الرئيسة لهذه المشكلة فإنها تتمثل في الجهل والأمية وانعدام المتابعة الصحية للأمهات الحوامل، وتدني إمكانات المؤسسات الصحية في تلك الدول حتى على مستوى تشخيص بعض الأعراض البسيطة التي تؤدي إلى العمى الحتمي عند إهمالها. كما تلعب العوامل البيئية وأساليب وأنماط الحياة والسلوك والممارسات اليومية للأفراد، وبعض العادات الاجتماعية دوراً خطراً في انتشار أمراض العيون.
الأكثر انتشاراً ودور الأسرة
يلاحظ أن الرمد، بمختلف أنواعه، مثل الرمد الصديدي الناجم عن البكتيريا، أو الرمد الحبيبي الذي يسببه فيروس خطر، أو الرمد الربيعي الذي ينجم عن إصابة ملتحمة العين بالحساسية، تحدث بسبب بعض المؤثرات المرتبطة بحرارة الجو والغبار مع تعاقب الفصول.
وتزداد هذه الأمراض تعقيداً بسبب سهولة انتقالها بين التجمعات السكانية المكتظة، وحتى في المناطق الريفية بين طلاب المدارس وعلى مستوى الأسرة الواحدة. وعلى سبيل المثال ينتشر مرض التراخوما عن طريق الملامسة المباشرة أو عن طريق استعمال ملابس أو مناشف شخص مصاب به، وقد يصل حد المضاعفات إلى العمى الكلي، مع أن أغلبية الأشخاص المصابين به يستبعدون هذا المصير المؤلم.
وهناك قائمة طويلة من عيوب الإبصار التي يصاب بها الأشخاص في مختلف مراحل حياتهم، ولكن أكثرها انتشاراً هي قصر البصر، أي عدم قدرة الطفل على الرؤية المثالية عن قرب، على العكس من طول البصر، وهي مشكلة يزداد احتمال حدوثها مع تقدم عمر الإنسان، والالتهابات، خصوصاً الفيروسية والحساسية التي لها علاقة بأمراض الجسم كاعتلال الشبكية والسكري والمياه البيضاء التي تزيد نسبتها عند إصابة المريض بالسكري.
أما ضعف البصر فأسبابه متعددة، ويتعلق بعضها بأمراض معروفة، فيما تعود الأخرى إلى أسباب وراثية يصعب التكهن بوقت حصولها، غير أن مراجعة الطبيب بشكل منتظم واعتماد الفحص الدوري لحالة البصر يمكنهما تقليل نسبة المخاطر التي قد تصيب هذا الجزء الحساس.
وللأسرة دور كبير في حماية الأطفال من مخاطر إصابات العيون، خصوصاً أن الأطفال حتى سن متقدمة لا يمكنهم إدراك مخاطر اللعب في الأجسام الحادة والقاطعة، وقد يلحقون بعيونهم، وبخاصة القرنية، أضراراً قد يتعذر التعامل معها جراحياً. وتسجل عيادات الطوارئ الكثير من الحالات الخطرة.
أطفالنا وصحة عيونهم
المعروف أن القرنية هي نافذة العين الأمامية الشفافة التي ينفذ عبرها الضوء إلى العين لترى بوضوح، وقد تؤدي إصابة القرنية بحوادث أو أمراض معدية أو حالات مرضية وراثية، إلى إعتامها أو تشوهها أو ظهور الندوب عليها، ومن بين الحوادث التي تستقبلها عيادات الطوارئ، إصابة عيون الأطفال بالأجسام الحادة، مثل السكاكين وأقلام الرصاص والمواد الكيماوية المنزلية ورذاذ الزيت الساخن من المطبخ.
وتتدهور صحة القرنية عند إصابتها بالعدوى، سواء كانت بكتيرية أو فطرية أو فيروسية.
وعند الإصابة بمرض فيروسي، مثل الحصبة أو الحمى النكفية والبرد، يعمد الطبيب إلى متابعة أي أعراض جانبية قد تصل إلى العصب البصري المسؤول عن نقل الصور التي تراها العينان إلى المخ على هيئة نبضات كهربائية، وعند حدوث إصابة من هذا النوع، تتورم أنسجة العصب، ويعتري الألياف العصبية خلل في طبيعة عملها، ويجب فحص العصب إذا اشتكى المريض عدم وضوح الرؤية في إحدى العينين بشكل مفاجئ.
وهناك نوع من الغلوكوما (المياه الزرقاء)، تصيب الأطفال كنوع من العيوب الخلقية. وبسبب هذه المشكلة يرتفع مستوى الضغط في العين، ويؤدي ذلك إلى تلف العصب البصري، ما قد يهدد بفقدان القدرة على الإبصار بشكل تدريجي. ومن بين الأعراض التي يمكن ملاحظتها على الطفل، غزارة انهمال الدمع من العينين، وزيادة قطر سوادهما.
وعند التأكد من إصابة الطفل بالغلوكوما الخلقية، ينبغي الإسراع في علاجها لحماية العصب البصري، وحماية العينين من الإصابة بالكسل.
عيون الخدج
إن ارتفاع المستوى الصحي العلاجي للأطفال الخدج (المولودين قبل إكمال مدة الحمل) أو ناقصي الوزن، أدى إلى الحاجة إلى كميات محفزة من الأكسجين، ما قد يؤدي إلى الإصابة بنمو غير طبيعي للأوعية الدموية للشبكية.
ويقول الدكتور منتصر صلاح الدين، اختصاصي طب وجراحة العيون، عضو الكلية الملكية لجراحي العيون في لندن، إن هذا النمو غير الطبيعي قد يتكور لنزف بالشبكية أو الجسم الزجاجي، كما قد يؤدي في الحالات المتأخرة إلى انفصام بالشبكية، وهذا قد يؤدي إلى فقد الإبصار بإحدى أو كلتا العينين.
وأضاف: “لهذا يتحتم متابعة الرضيع وفق جدول زمني محدد يتم خلاله توسيع حدقة العينين ورؤية الشبكية للتعرف إلى التأثير في وقت مبكر، وعند التعرف إلى أية بداية مؤثرة لظهور أوعية دموية جديدة يتم علاج الشبكية عن طريق الليزر، كما أنه في الحالات المتقدمة والنادرة قد يلزم التدخل الجراحي وذلك لتصحيح انفصام الشبكية. ويمكننا القول إن المتابعة الدقيقة والعلاج المبكر هو المفتاح للنجاح، وإن الأغلبية العظمى من الحالات لا تحتاج إلى أي نوع من العلاج”.
الحول عند الأطفال
وحول العينين هو من العيوب الخلقية أيضاً، وبالنسبة إلى إصابة الأطفال بالحول يقول الدكتور عماد عبد اللطيف، اختصاصي طب وجراحة العيون قائلاً: “غالباً ما يلاحظ من قبل الأهل، وهو عبارة عن انحراف محور العين من الداخل أو الخارج ويكون بأسباب عدة تتدرج من تدني القدرة البصرية في العين لأسباب بصرية، أو حرمان العين من وصول الضوء الكافي أو طول النظر الزائد نتيجة وجود أمراض عضوية داخل العين مثل المياه البيضاء (الكتاركت)”.
وأضاف: “أصبح من الواضح تماماً أن الحول الذي يحدث بعد بلوغ الطفل سن السابعة يكون صعباً وعصياً على العلاج، لذا فإن وصف نظارة طبية للطفل، الذي يحمل مخاطر الإصابة بالحول، يمكن أن يساعد كثيراً على تجنب مثل هذه الحالة”.
وقال د. عبد اللطيف: “إن ما يقال عن مخاطر الحول ينطبق أيضاً على بعد النظر وتحدب القرنية (الاستجماتزم)، كما يمكن للآباء ملاحظة بعض المظاهر في أسلوب تحديق أبنائهم نحو الأشياء عن بعد أو عن قرب منها، أو عدم القدرة على فتح العينين عند التعرض المفاجئ لنور الشمس الساطع”.
ومن المعروف أنه إذا لم تستطع العين إرسال إرشادات بصرية صحيحة إلى الدماغ، فإننا نكون إزاء ما يعرف بالحول الولادي. صحيح أن جميع المواليد الجدد يمكن أن يتعرضوا إلى انخفاض في القدرة على الإبصار، إلا أن بعضاً منهم يكونون في حالة ضعف بصري ظاهر ومزمن، وإذا ما استمر الرضيع على حالة الحول لأكثر من ثلاثة أشهر بعد الولادة، فإن هذا يعني ضرورة اللجوء إلى علاج طبي عاجل لإنقاذه من حول دائم، ويجزم المتخصصون في طب العيون أن للحول جذوراً وراثية يمكن انتقالها من الأجداد أو الآباء إلى الأبناء.
المياه البيضاء
وعن تعريف المياه البيضاء وأسبابها وطرق علاجها، قال البروفيسور الروسي يوري تاكتيف، الاختصاصي في جراحة العيون والمياه البيضاء، إنها عبارة عن كثافة تتشكل تدريجياً في عدسة العين الشفافة وتسبب تدني تدريجي لحدة الإبصار غالباً تصيب العين، ولكن ليس بالضرورة بنفس الوقت، وتكون مصاحبة للتقدم في العمر وتزيد في البلاد الحارة وفي حالات الإصابة بمرض السكري وإذا كان هناك 100 شخص مصاب بالسكري يوجد 10 بينهم مصابون بالمياه البيضاء.
وأضاف أن الأسباب الشائعة للإصابة بالمياه البيضاء هي التقدم في العمر، وتزداد نسب الإصابة عند مرضى السكري الأمراض المزمنة في العين، وعند الإصابة برضوض العين واستخدام الكورتيزون بشكل مفرط، وقد يصاب بها الأطفال منذ الولادة نتيجة لأسباب وراثية.
وأشار البروفيسور يوري إلى أعراض المياه البيضاء التي تتمثل في فقدان تدريجي للبصر، أما في الحالات المتأخرة فتكون أعراض أخرى، ويتم العلاج بعملية جراحية عادة تحت تخدير موضعي حيث يتم من خلال فتحة دقيقة بالقرنية استخدام الموجات فوق الصوتية والليزر التي تمثل أحدث طرق العلاج، وذلك لسحب المياه البيضاء ثم يتم زرع عدسة مناسبة دائمة غير قابلة للتلف عوضاً عن العدسة الأصلية، وتستغرق هذه العملية دقائق معدودة، ويسترد المريض بصره بمجرد إزالة المياه البيضاء في معظم الحالات ولكن في بعض الحالات يستعيده تدريجياً.
المياه الزرقاء
أما عن الأمراض الوراثية التي تنتج عن زواج الأقارب وتتمثل في أمراض الشبكية التي منها المياه الزرقاء التي تسمى بـ “ارتفاع ضغط العين” و”الغلوكوما”، قال الدكتور منتصر صلاح الدين، إن ارتفاع ضغط العين يصيب نحو 2% من الأشخاص عالمياً، والنوع الشائع منه هو الذي ليس له أعراض ويتم اكتشافه بالصدفة أو في المراحل المتأخرة منه، ولهذا ينصح لمن هم فوق سن الـ 40 بمراجعة طبيب العيون للفحص الدوري، خصوصاً من له أقارب من الدرجة الأولى كالوالدين أو الإخوة المصابين بارتفاع ضغط العين.
وأشار إلى أنه لا يوجد حد فاصل لاعتبار الضغط مرتفعاً، ولكن إذا كان ضغط العين أكثر من 21 مليمتراً زئبقياً فيعتبر مرتفعاً، وهنا يستوجب فحص قاع العين لدراسة العصب البصري، كما يجب فحص مجال البصر لمعرفة تأثير ارتفاع الضغط، كما ينصح بفحص العينين فحصاً كاملاً.
وفي حالة التأكد من الإصابة به يلزم مراجعة الطبيب بصورة دورية مدى العمر، وقد يحتاج المريض إلى قطرات مخفضة للضغط، ويمكن أن يكفي نوع واحد أو أكثر، كما في بعض الحالات قد يخضع المريض للعلاج بالليزر أو الجراحة.
السكري والعيون
وأوضح الدكتور منتصر أن مرض السكري يحدث ارتفاعاً ملحوظاً بأعداد المصابين بمرض اعتلال الشبكية، وعزا السبب إلى أن معظم المصابين به لا يراجعون أطباء العيون بصورة كافية حتى مراحل متقدمة من اختلال الشبكية، الأمر الذي يجعل من مسألة العلاج أمراً بغاية الصعوبة.
وأشار إلى ضرورة القيام بفحوص دورية مستمرة لاكتشاف أية إصابة في العين في مراحلها الأولى ومساعدة المريض على استعادة الرؤية السوية، حيث إن مرضى السكري بشكل عام يراجعون الطبيب بعد سنوات من بدء اعتلال الشبكية، وهذه مراحل متقدمة جداً لا يمكن عندها إلا العمل على إصلاح أجزاء من الشبكية والحد من تفشي الخلل إلى الأجزاء التي تعمل.
مرض الظفرة
وأشار د. منتصر إلى مرض الظفرة (اللحمية)، وهو عبارة عن زائدة من الملتحمة في الجزء الداخلي من العين، وتكون شائعة في البلاد الحارة بسبب التعرض للأشعة الفوق البنفسجية، وقد تؤدي إلى تغير في انكسار العين واحمرار مزمن، والعلاج يكون بالتدخل الجراحي واستئصال الجزء الزائد.
العشا الليلي
أما عن العشا الليلي وعدم الرؤية بوضوح مساء، فأرجع الدكتور منتصر سبب حدوثه إلى التهاب الشبكية الصبغي، وهو مرض وراثي متعدد الطرق سواء في طرق التوريث أو في نوعية ودرجة الإصابة، وكذلك في تطور الحالة المرضية، وذلك لنقص في مستقبلات الضوء، كما ينحسر مجال الرؤية قليلاً وفي بعض الحالات المتقدمة يكون هناك ضمور في العصب البصري وعتامة في عدسة العين، كما قد تكون هناك بعض الحالات الوراثية التي تصيب أجهزة أخرى في الجسم.
وفي أغلب الأحيان يتم التشخيص بالفحص الإكلينيكي، ولكن في بعض الحالات قد يلزم عمل فحص فرق الجهد الكهربائي للشبكية لتدعيم التشخيص، مضيفاً أنه من الضروري أيضاً دراسة التاريخ الطبي للأسرة لمعرفة كيفية التوريث، وذلك لتقديم النصيحة في هذا المجال، حيث إن بعض الحالات تصيب الذكور فقط كونها مرتبطة بالكروموسوم الأنثوي وأحياناً أخرى يكون التوريث بصفة مهيمنة أو متنحية، ومتابعة المريض تعتبر ضرورية وذلك لمواكبة تطور الحالة.
ارتفاع ضغط الدم وعلاقته بالعيون
أن ارتفاع ضغط الدم من الأمراض الشائعة في منطقتنا. ولمعرفة علاقته بأمراض العيون أوضح الدكتور عماد، أن السبب الأكثر شيوعاً لارتفاع ضغط الدم هو تصلب الشرايين، والشرايين التي تغذي شبكية العين ليست استثناء، ففي المراحل الأولى التي تستمر سنين طويلة يتعرف طبيب العيون إلى الآثار الأولية لارتفاع ضغط الدم ولكن من النادر جداً أن تتسبب في مشكلات تتعلق بشرايين الشبكية، ولكن في الحالات المتقدمة يضعف الجدار الشرياني ويتسبب هذا في رسخ مائي يتجمع في مركز الإبصار، وقد يؤثر في وضوح الرؤية، كما أنه في الحالات المتقدمة جداً قد يتسبب في نزف بالشبكية وتجمع مائي في العصب البصري، وهذا يمكن علاجه بالسيطرة على ضغط الدم والعلاج بالليزر للشبكية.
حساسية العيون والأمراض الموسمية
الالتهابات الداخلية للعين التي تحدث بسبب ميكروب أو التهابات مناعية في الطبقة الدموية من العين، لا يمكن تجنبها، ولكن نستطيع التدخل بعلاجها في الوقت المبكر، فالحساسية والالتهابات الفيروسية التي تصيب العين مع تغير الجو واختلاف درجات الحرارة تنتشر بسرعة، خصوصاً مع وجود الهواء والغبار، لأن الجسم يتحسس عند دخول غبار الطلع أو العادي مخلفاً حساسية داخلية أو خارجية ومسبباً أمراضاً مناعية.
وتقول الدكتورة ريم العقلة، طبيبة العيون في هذا الخصوص: “إن أنسجة العين تتحسس بسبب عامل معين موجود في غبار الطلع أو غبار المنزل ويظهر التحسس في شكل حكة مع احمرار العين على شكل هجمات، ومن المهم الوقاية من التعرض لعامل محسس وتجنب الشمس وارتداء النظارة الشمسية، ويمكن عند الإصابة غسل العينين بالمياه الباردة لتخفيفها ومعالجتها بالكمادات وقطرات الكورتيزون”.
الرمد الربيعي
الرمد الربيعي هو أحد أنواع أمراض الحساسية التي تصيب ملتحمة العين وهذا الرمد اشتهر لحدوثه في الربيع مع انتشار حبوب اللقاح التي تسبب هذا النوع من الحساسية، وإن كانت أشعة الشمس تصعّد من هذه المشكلة، وهو غير معد، ويصيب العينين معاً بحكة شديدة مع خروج إفرازات مائية، وقد تصبح هذه الإفرازات لزجة أو مخاطية في بعض الحالات، ويكره المريض أشعة الشمس والضوء، نتيجة عدم القدرة على فتح العينين في الضوء المباشر، ويسبب هبوط الأجفان العلوية والإحساس بجسم غريب في العين، مع زيادة إفراز الدموع، واحمرار في العينين، ويسبب ضعف النظر في الحالات المتقدمة نتيجة التهابات أو تقرحات في قرنية العين. ويكون التشخيص بأخذ مسحة من الملتحمة لفحصها في المختبر حتى يتمكن من تمييز الحالة من بعض الأمراض الأخرى التي تشبهها في الأعراض مثل التراخوما والتهابات الملتحمة الأخرى، والعلاج يكون بوضع كمادات باردة والابتعاد عن كل ما يسبب الحساسية مثل الغبار والأتربة والحشائش، وينتشر هذا المرض عند سكان المناطق الحارة الذين لديهم استعداد وراثي للحساسية.
والرمد الربيعي ليس له أية مضاعفات على قوة الإبصار، ولا أية خطورة على العين، على عكس الرمد الصديدي الذي يزداد في الربيع والصيف، وهو من الأمراض الخطرة التي تصيب العين إذا لم تعالج جيداً، ويحدث بسبب انتشار الأتربة والذباب الذي ينقل الميكروب المسبب لهذا المرض وهو ميكروب قوي، وتمتد الإصابة بهذا المرض لحدوث تورم في الجفون واحمرار شديد في الملتحمة والعلاج يتم بغسل العين بالماء الجاري مع استخدام المضادات الحيوية موضعية كانت أم عن طريق الفم.
وترتفع نسبة المرضى الذين يعانون تقرحات القرنية الجرثومية في فصل الصيف، وذلك لعوامل عدة منها أن أكثرهم من كبار السن ولديهم التهابات ومشكلات مزمنة في الجفون مع جفاف ونقص في الدموع، ويؤدي الطقس أحياناً إلى تكون بقع جافة على سطح القرنية ومن ثم حدوث خدوش تلتهب وتتقرح، ولذا ينصح مثل هؤلاء المرضى باستخدام القطرات والمراهم المرطبة بشكل مكثف مع استشارة طبيب قبل السفر بالصيف، أو عند الإحساس بأية التهابات أو احمرار في العينين.
جفاف العين
قد يؤدي استخدامنا لبعض الأجهزة اليومية إلى إلحاق الأضرار بالعين، فمثلاً استخدام المكيفات والاستخدام الزائد للكمبيوتر والشاشات وارتفاع درجة حرارة الجو في المناطق الجافة والصحراوية ينشر جفاف العين.
وأما الأسباب التي تؤدي إليها فتوضحها الدكتورة العقلة قائلة: “يعزى السبب إلى نقص في إفراز الغدة الدمعية بشكل عام، ويبدأ العلاج على حسب حالة المريض وشدة الجفاف، فينصح المريض باستخدام بعض القطرات التي تساعد على ترطيب العين، خصوصاً القطرات الخالية من المواد الحافظة، وإذا احتاج الأمر فقد يعطى المريض مراهم يستخدمها عند النوم تساعد على ترطيب العين لمدة أطول. وفي حالة شكوى المريض من التهاب بالجفون فإنه يحتاج إلى علاج الجفون ببعض المراهم الخاصة مع تنظيف الجفون بطريقة معينة مع القطرات المرطبة للعين، أما إذا كان الجفاف شديداً و”السبب في نقص الطبقة الدمعية” فقد يحتاج المريض هنا إلى تدخل جراحي بسيط لمنع ما تبقى من الدمع من التسرب عبر مجرى الدمع إلى الأنف، هذا كله مع أهمية تزويد المريض بنصائح وقائية مثل تجنب الهواء الجاف والمباشر على العينين عند قيادة السيارة مثلاً، واستخدام النظارات الشمسية، وقد يحتاجون إلى وضع قطرات مرطبة للعين أيضاً”.
وسائل الاتصال وأعيننا
في هذا العصر انتشرت وسائل الاتصال السريع ما أدى إلى الجلوس لفترات طويلة على هذه الأجهزة مسببة إرهاق العين وجفافها والتهاب حواف الأجفان في العين، وتتمثل أعراضها في حرقة في العين مع حكة واحمرار العين والشعور بعدم الراحة طوال النهار.
وتنصح الدكتورة ريم مستخدمي الأجهزة الإلكترونية بالعناية بالعين من خلال الإكثار من شرب السوائل حتى الليترين يومياً للحد من الإصابة بالجفاف، وعدم الجلوس في غرفة مليئة بالغبار والدخان، وألا يقتربوا كثيراً من الشاشة المونيتور (حيث يجب أن تكون الشاشة بعيدة عن العين بما لا يقل عن 60 سم)، والجلوس بوضعية لا تجهد العين (حيث يكون رأسك أعلى من مستوى الشاشة)، والاستراحة لمدة 10 دقائق كل ساعة والنظر إلى النافذة أو الأثاث أو أي شيء آخر مريح بعيد عن ألوان الأجهزة الحادة أو الصاخبة. كما أوضحت أن الغمز (إغلاق الجفون وفتحها) مرات عدة في الساعة يساعد عضلات الجفون على الاسترخاء، ويجب التأكد من أن الإنارة في الغرفة كافية، أي أن لا تكون قوية مبهرة ولا ضعيفة تسبب إجهاداً للعين، وعدم التحديق لفترة طويلة دون تغميض (يجب أن يكون مرة كل خمس ثوان)، وتأكد من نظافة الشاشة دائماً.
العدسات اللاصقة
تؤدي العدسات اللاصقة في بعض الحالات إلى تغير في انحناء القرنية وتداخل وصول الأكسجين واحمرار العين والحساسية الزائدة وزيادة نسبة الالتهاب البكتيري في القرنية، لذا يجب التأكد من نظافتها قبل ارتدائها وغسل اليدين قبل استخدامهما وعدم ارتدائها أثناء النوم وعدم استخدامها لأكثر من شخص لأنها من الأدوات الشخصية التي من الممكن أن تسبب أمراضاً معدية للعين. وبشكل عام، ينصح مرضى العيون بضرورة استخدام النظارة الشمسية للوقاية من الأشعة فوق البنفسجية، واستخدام القطرات المرطبة، خصوصاً في حالات الجفاف، والكشف الدوري خصوصاً لمرضى السكري وقياس ضغط العين وغسل اليدين قبل ملامسة العين.
نشرت هذه المقالة في مجلة بلسم