اطفالنا و العناية بأسنانهم
إن تعليم الأطفال العناية بأسنانهم قد تكون عملية صعبة، ولكن تعليمهم استعمال فرشاة الأسنان و المعجون في عمر مبكر و تعويدهم عليها سيجعلهم يكتسبون هذه العادة طوال حياتهم.
العناية المبكرة:
يواجه طبيب الاسنان في عيادته يوميا مشكلة مع اباء و امهات الاطفال الذين يراجعونه لعلاج اسنان اطفالهم؛ تتمثل في استغراب البعض منهم او تفاجئهم بضرورة تفريش اسنان الاطفال الصغار! و من المفارقات التي اواجهها تحجج بعضهم بالقول:”و لكن يا دكتور انها اسنان لبنية غير مهمة و سوف يبدلها الطفل بأسنان دائمة، اقلعها!”.
للأسنان اللبنية فوائد عدة يغفلها الكثير من الاهالي و هي مهمة لنمو الطفل و تطوره الجسمي و النفسي تتمثل في:
1. مضغ الطعام بشكل جيد و المساعدة على التغذية السليمة؛ فالعديد من الأطفال يشتكي أهلهم من تراجع في مستوى تغذيتهم و أوزانهم لأسباب مجهولة، والواقع أن السبب في الكثير من الحالات هو وجود مشاكل سنية وشعور بالألم أثناء تناول الطعام.
2. النطق السليم للأحرف و تعلم الكلام بشكل جيد.
3. النواحي التجميلية؛ فالابتسامة الجميلة بالنسبة للطفل مقارنة مع اقرانه مهمة جدا له؛ فالطفل صاحبالاسنان المتسوسة غير الجميلة يكون عرضة لأستهزاء زملائه به و بالتالي انعزاله عنهم.
4. للأسنان اللبنية دور مهم في الحفاظ على المكان الذي ستحتله الأسنان الدائمة؛ حيث تعمل الاسنان اللبنية كحافظة مسافة طبيعية وكذلك في توفير المعيار لها، و فقدان الاسنان اللبنية المبكر يؤدي الى مشاكل تقويمية في الاسنان الدائمة.
5. الأسنان اللبنية هي أسنان حية و بالتالي إن لم يعتنى بها و تعرضت للتسوس ستسبب الألم للطفل و بالتالي ستؤثر على تغذيته و نومه و نموه السليم.
6. النواحي النفسية؛ فضياع الأسنان أو إصابتها بتسوسات غير جميلة المنظر غالباً ما يؤدي إلى شعور الطفل بالنقص أمام اقرانه و تقليص تفاعلاته الاجتماعية.
– ان العناية بفم و اسنان الاطفال يجب ان تبدأ منذ الايام الاولى من عمر الطفل؛ فبعد كل وجبة رضاعة يجب أن تقوم الأم بأخذ قطعة قماش مبلولة أو شاش طبي مبلول بماء دافىء وتمسح لثة الطفل (و هي المنطقة التي ستظهر عليها الاسنان لاحقا) و تطبيق ذلك على الفكين العلوي و السفلي، إن هذه العملية و إن كانت تبدو لدى البعض غير ضرورية (فقد يقول البعض لماذا؟ فليس لدى الطفل الرضيع اسنان!) تحقق للطفل فائدتين:
الاولى: تزيل طبقة البلاك Plaque الموجودة على اللثة وهي عبارة عن طبقة بيضاء اللون تتكون منجراثيم و لعاب و بقايا طعام و توجد في فم جميع البشر، و إزالة هذه الطبقة يحد من انتشار البكتيريا على لثة الأطفال و يحقق بيئة فموية صحية للطفل.
الثانية: تعود الطفل على بيئة فم نظيفة باستمرار، و يكون ذلك بمثابة حافز لأن يفرشي أسنانه لاحقا عندما يكبر بحثا عن ذلك الإحساس بالنظافة داخل فمه الذي تعود عليه منذ صغره.
– تظهر أولى الأسنان اللبنية عادة بعد 6 أشهر من الولادة، و إذا لم يعتاد الطفل على يدي أمه في هذا العمر فلن يدعها تنظف اسنانه إذا أصبح في السنة الثانية من عمره مثلاً، طبعاً في هذه العمر لن يستطيع الطفل العناية بأسنانه منفردا ولابد على الأم او مقدم الرعاية للطفل أن تساعد الطفل وتفرشي له أسنانه وسيكون الأمر سهلا بالنسبة لها إذا عودته منذ الاشهر الاولى على تنظيف الفم.
– تبقى عملية تنظيف اسنان الاطفال من واجبات الابوين حتى يبلغ الطفل السادسة من عمره؛ و ذلك لانه يكون غير قادر على تنظيف اسنانه بشكل جيد؛ لعدم توفر المهارة الكافية في استعمال يديه، و حتى عندما ينتقل الطفل الى مرحلة الإعتماد على نفسه في تنظيف أسنانه يجب أن يواصل الأبوين متابعته للتاكد من قيامه بذلك بشكل جيد.
– إن المفتاح لجعل طفلك يفرشي أسنانه دون معارضة هو أن تجعل من تنظيف الأسنان عملاً ممتعاً وليس مجرد عملاً روتينياً او واجباً مفروضاً عليه فقط. و هناك العديد من الأساليب التي يمكن إتباعها و التي أجدها مفيدة شخصياً مثل:
1. اختيار أغنية مناسبة لتنظيف الاسنان و غناؤها مع بعض عند كل مرة يقوم فيها الطفل بتنظيف أسنانه.
2. يمكن اللهو قليلا؛ بأن تجعلي طفلك يفرشي أسنانك اولا ثم فرشي انت اسنانه وستجدين أن ذلك سيكون مضحكا لكليكما.
3. بعد ذلك اجعليه يفرشي أسنانه بنفسه وفي نهاية المطاف تكون اللمسات الأخيرة لك للتأكد من التنظيف الدقيق لأسنانه.
4. يمكن السماح للطفل باختيار لون و شكل فرشاته بنفسه حتى يتشجع اكثر على استعمالها.
– إن اختيار الفرشاة و معجون الاسنان المناسبين لعمر طفلك عملية مهمة؛ حيث يجب ان تكون مناسبة لعمر الطفل، و حسب ارشادات الشركة المصنعة للفرشاة و المعجون. و في العادة هناك فرشاة خاصة لكل فئة عمرية فهناك على سبيل المثال شركات تصنع فرشاة اسنان خاصة لعمر 6 اشهر-2 سنة، و اخرى لعمر 2-6 سنوات، و أخرى لعمر 6 سنوات فأكثر، و يجب أن تكون فرشاة اسنان الاطفال صغيرة الحجم و ذات شعيرات ناعمة.
– ينطبق هذا الامر كذلك على معجون الاسنان؛ حيث تحدد الشركة المصنعة للمعجون الفئة العمرية المناسبة لكل منتج.
– ان اهم عامل يتحكم في نوع معجون الاطفال المناسب هو كمية مادة الفلورايد الموجودة في المعجون؛ حيث تكون هذه الكمية اقل بكثير من كمية الفلورايد في معجون أسنان البالغين بحيث لا تزيد كمية الفلورايد في معجون اسنان الاطفال عن 500 جزء بالمليون.
– هنا اعيد التأكيد على ضرورة الالتزام بتعليمات الشركة المنتجة للمعجون من حيث عمر الطفل المناسب لكل معجون. و عند الاستعمال يجب وضع كميه قليلة جدا من معجون الأسنان (بحجم حبة العدس) على الفرشاة؛ و ذلك لأن الإكثار من كمية المعجون تجعل فم الطفل مليء بالرغوة وبالتالي قد تجعل العملية منفرة له، كما تعرض الطفل لخطر بلع كمية من المعجون (حيث يجب التأكد من أن الطفل لا يبلع معجون الأسنان قدر الامكان وان يعتاد على بصقه)؛ لان الابتلاع المستمر لمعجون الأسنان يؤدي إلى “تفلور الاسنان Fluorosis” و هي حالة تنتج عن زيادة مستوى الفلورايد في جسم الطفل مما يؤدي الى ظهور بقع صفراء و بيضاء على اسنانه.
– تكون عملية تنظيف الاسنان للطفل بوضع الفرشاة على الاسنان بلطافة و القيام بحركات دائرية مساجية للاسنان و اللثة معا، و يمكن البدء بالاسطح الامامية للاسنان (المواجهة لك) ثم تنظف الاسطح الداخلية (المواجهة لداخل الفم) ثم قم بتنظيف الاسطح الاطباقية (و هي التي يمضغ عليها الطفل طعامه).
– قم بتنظيف اسنان كل فك على حدى؛ فمثلا ابدأ بالاسنان السفلية ثم انتقل الى الاسنان العلوية، اليمين ثم اليسار و هكذا.
– بعد التنظيف حاول دائما على تحفيز الطفل على بصق الرغوة الناتجة خارجا و ان لا يبلعها قدر الإمكان، و لكن لا تقلقي من بلع كمية بسيطة من المعجون.
– يجب تكرار عملية تفريش الاسنان للطفل مرتين يوميا على الاقل و عندما يكبر يجب تكرارها ثلاث مرات باليوم.
– بعد الانتهاء من تنظيف الاسنان؛ حاول ان تظهر لطفلك نوع من التشجيع و الشكر لتشعره انه قام بعمل جيد كأن تطلب منه ان تشم رائحة فمه و تظهر اعجابك بها, أو ان تقوم بالتصفيق له بعد الانتهاء أو حتى اعطاءه مكافئة بسيطة كأن تسمح له بمشاهدة الرسوم المتحركة او اللعب بألعابه قليلا او السهر قليلا قبل النوم كي يشعر بأهمية الانجاز الذي حققه.
في النهاية أود التاكيد على ان اهم عامل في تعليم الطفل العناية بالاسنان على الاطلاق هو البدء مبكرا قدر الامكان؛ فبمجرد ان اكتسب الطفل هذه العادة تصبح عادة راسخة لديه يمارسها يوميا مثل اي عادة اخرى تعلمها كتناول الطعام او الدخول على الحمام. مع اطيب تحياتي.