الزيادة الحادة في حالات السمنة بين الاطفال والكبار حولت مرض السكري إلى وباء حقيقي. ومؤخرا، تعرف عالم الطب على نوع جديد من أنواع السكري – مرض السكري من النوع 1 (سكري الأحداث) الذي يظهر لدى البالغين.

تنشا امراض السكري نتيجة لتكوين الجهاز المناعي الذاتي اجساما مضادة تؤدي الى تدمير خلايا بيتا في البنكرياس. وبالطبع هناك عدة انواع من السكري، وسنركز في حديثنا اليوم عن السكري من النوع ١، حيث كان يعتقد ان هذا السكري يظهر لدى الاطفال والشباب فقط، ولكن اليوم، اصبح العلم على بينة من ان داء السكري من نوع 1 يمكن ان يظهر لدى البالغين ايضا.

مرض السكري هذا يسمى LADA- Latent Autoimmune Diabetes of Adulthood (سكري المناعة الذاتية المتاخر عند البالغين)، لكن هذا ايضا ليس دقيقا، لان مرض السكري من نوع 1 يمكن ان يظهر في اي سن.

ما هو سكري الاحداث عند الكبار؟

الشيء الذي يميز انواع السكري من فئة LADA، خلافا لمرض السكري الشائع من النوع 1،  هو ان تدمير خلايا  بيتا يتم بشكل تدريجي، اي على عكس عملية التدمير السريع والكامل التي تميز مرض السكري العادي من النوع 1 لدى الاطفال والمراهقين. وفي الواقع، يكون هذا النوع من السكري، في بدايته، اشبه بالسكري من النوع 2.

وفي المقابل، يحدث السكري من النوع 2 في الغالب بسبب السمنة الزائدة ومقاومة الانسولين، كما لا يعتبر مرضا من امراض المناعة الذاتية، في حين ان معظم مرضى السكري من نوع LADA لا يعانون من السمنة الزائدة ومقاومة الانسولين، وهو مرضا من امراض المناعة الذاتية. 

وتجدر الاشارة على انه وبالرغم من ان جزءا من خلايا البنكرياس لا يتم تدميرها لدى مرضى السكري من نوع LADA، الا انه يتم تدمير جميع خلايا بيتا بنهاية المطاف ليصبح المريض متعلقا بالانسولين.

تشخيص سكري الـ- LADA

هنالك العديد من العوامل التي تساهم في تشخيص انواع السكري من فئة LADA، وهي تتمثل بـ:

1. مستوى الـ- C-Peptide

 هذا البروتين جزءا من جزيء الانسولين الذي يربط بين سلسلتين من الانسولين الفعال، ويمكن العثور عليه عادة، في دم المرضى في بداية مرض السكري، وذلك خلافا  للمرضى الشباب حيث لا يكون هذا البروتين موجودا.

2. الاجسام المضادة

 فحص الاجسام المضادة التي تشارك في عملية المناعة الذاتية، والتي تؤدي لتدمير خلايا بيتا. ويعتبر GAD الاهم من بينها، وهو موجود في معظم حالات مرض السكري من نوع 1. هذا الجسم المضاد مهم للتمييز بين نوعي السكري الاول والثاني. وبالاضافة الى ذلك، فان هذا الجسم المضاد يشير الى مخاطر عالية لتطوير مرض السكري من نوع 1 في المستقبل.

لتسهيل تشخيص مرض السكري من نوع LADA تم اقتراح عدة معايير سريرية للتشخيص:

  1.  يجب ان يكون عمر الشخص ثلاثين عاما على الاقل.
  2.  لا يعاني من البدانة.
  3.  بداية المرض ليست حادة، وانما تدريجية.
  4.  هناك تاريخ العائلي من الاصابة بمرض السكري من نوع 1،  او امراض المناعة الذاتية الاخرى.
  5.  لديه تركيز منخفض من البروتين C
  6.  وجود الاجسام المضادة من نوع GAD

علاج مرض السكري من نوع LADA

المرضى الذين يتم تشخيص اصابتهم بمرض السكري من النوع  2، مع وجود الاجسام المضادة GAD ، يطورون التعلق بالانسولين، في غضون 3 سنوات الى 12 سنة من موعد تاكيد الاصابة. اي انه، في وقت التشخيص لا تزال هنالك خلايا بيتا نشطة، وتتم عملية تدميرها  بشكل تدريجي. هذا الوضع يسبب اختلاف وجهات النظر بشان نوع العلاج المطلوب او الملائم.

بالتالي في هذه الحالة، يجب ايجاد السبل الكفيلة بالحفاظ على نشاط خلايا بيتا القائمة لاطول فترة ممكنة، وذلك من خلال احداث تغيير في نمط حياة المريض، والتي تضم نظام الاكل السليم، ممارسة الرياضة وتجنب السمنة (التي تسبب مقاومة الانسولين).

 كذلك، ونظرا لان مرض السكري من نوع LADA في مراحله الاولى لا يعتمد على الانسولين، يمكن (وفقا لتقديرات الطبيب المعالج) البدء بالعلاج بدواء الميتفورمين. وكما في حالات مرض السكري من النوع 2، فان السؤال الذي يطرح نفسه عند الاصابة بمرض السكري من نوع LADA هو ما اذا كان ينبغي اضافة مجموعة من الادوية المعدة لمعالجة انواع السكري من النوع 2، والتي تعمل على تشجيع البنكرياس على افراز الانسولين، ام لا. فمثل هذه الادوية ينبغي ان  تحقق توازنا افضل لمستويات السكر في الدم. ومع ذلك، لا ينصح بهذه الادوية في حالات الاصابة بمرض السكري من نوع LADA، لانها تزيد من وتيرة انتاج الانسولين، من ثم تتعب خلايا بيتا وتسارع في عملية تدهورها.

 الانسولين

وفقا لمعظم الباحثين، يشكل الانسولين الدواء الاكثر فاعلية لمعالجة مرض السكري، سواء في حالات الـ- LADA ام في السكري من النوع 2 في مراحله الاولى، لان تناول جرعات غير كبيرة من الانسولين من شانه ان يحافظ على نشاط خلايا بيتا لفترة طويلة. ومن المعتاد اعطاء جرعة غير كبيرة من الانسولين، عن طريق الحقن مرة واحدة يوميا، ويستمر مفعولها لمدة 24 ساعة.

في السنوات الاخيرة تم تطوير ادوية جديدة تنتمي الى مجموعة الاينكرتينات. وتنقسم هذه الادوية الى مجموعتين: الاقراص والحقن. لهذه الادوية ميزة اساسية تتمثل في حفظ خلايا بيتا بشكل جيد للغاية، عن طريق الحد من افراز هرمون الجلوكاجين من خلايا  الفا في البنكرياس. والجلوكاجين عبارة عن هرمون ضاد (Antagonist) للانسولين، وبالتالي فهو يرفع مستويات السكر في الدم.

بالاضافة الى ذلك، اتضح في تجربة اجريت على الحيوانات ان هذه الادوية تؤدي الى تكوين خلايا بنكرياس جديدة، جنبا الى جنب مع وجود تاثير على المدى الطويل على حماية الاوعية الدموية من العمليات التي تسبب الضرر في جدرانها الداخلية. الادوية التي تعطى عن طريق الحقن تساعد كثيرا في خفض الوزن، بواسطة تاثيرها على مركز الشهية في الدماغ وتاثيرها المباشر على الجهاز الهضمي.

السكري من نوع LADA والسمنة

نظرا للزيادة الحادة  في حالات البدانة عند الاطفال، الشباب والكبار، فقد طرات زيادة كبيرة  في انتشار مرض السكري في العالم، مما ادى الى تزايد الحالات  من جميع انواع السكري، بما في ذلك LADA، وحتى داء السكري من نوع 1 عند الاطفال والمراهقين.

هذا الوضع يتطلب معالجة عاجلة، من خلال العلاج الوقائي، اي تغيير نمط الحياة، الاكل السليم وممارسة الانشطة الجسمانية.

بالنسبة للادوية يجب النظر بجدية الى العلاج بالاينكرتينات، وخاصة تلك التي تساعد على خفض الوزن. وثمة دراسات حديثة تدعم الدمج بين الاينكرتينات والانسولين، على الرغم من عدم ترخيص استعمال هذا العلاج حتى الان، ولكن النجاحات المذهلة لهذا الدمج تقرب من موعد المصادقة عليه.

كما يمكن استبدال السكر بالمحليات الصناعية المصنوعة من السكرالوز، وذلك لاهمية دورها في الحفاظ على توازن السكر في الدم لدى مرضى السكري، وبالتالي مساعدتهم في السيطرة ولو بشكل بسيط على المرض.