أسباب العزوف عن زيارة الطبيب النفسي
على الرغم من تقدم الثقافة حول الصحة النفسية وأهمية الحفاظ عليها، إلا أن العديدين لا يطلبون أو يسعون للحصول على علاج لها. أما نتائج ذلك، فغالبا ما تكون مدمرة، إذ أن ذلك يفضي إلى معاناة المصاب نفسيا وإصابته بالأمراض العضوية وفقدانه لوظيفته وفشل زواجه وغير ذلك. والأسوأ من ذلك، فإن عدم علاج الاضطرابات النفسية قد يؤدي إلى وفاة المصاب، سواء انتحارا أو من شدة الأعراض العضوية والسلوكات النفسية الخطرة الناجمة عنه، والتي تتضمن الامتناع عن تناول الطعام وإيذاء النفس المتعمد.
فعلى سبيل المثال، قامت منظمة الصحة العالمية بتصنف الاكتئاب بأنه واحد من أكثر الأمراض تعطيلا للفرد عن ممارسة حياته وواجباته ونشاطاته اليومية. أما مع العلاج، فإن نحو 70% ممن يحصلون عليه يتحسنون خلال أسابيع قليلة على الأغلب.
فإن كنت مصابا بأعراض نفسية ولا تسعى أو تطلب الحصول على العلاج لها، فابحث عن السبب الذي يمنعك من ذلك من خلال الأسباب التالية، ومن ثمّ انظر إلى نصيحتي لك حولها:
1. الشعور بالخجل من التحدث بهذا الموضوع.
مع الأسف، فإن ما يمنع العديد من مصابي الأمراض النفسية بالتحدث عما يشعرون به من أعراض نفسية، سواءً مع الطبيب أو غيره، هو ما يحيط بهذه الأمراض من خجل وعار. لكن هذه الأمراض لا تختلف عن أي مرض عضوي يتطلب العلاج.
● نصيحتي لكم: التذكر بأن الغالبية العظمى من الناس قد أصيبوا أو سيصابوا في وقت ما من حياتهم بهذه الأمراض. فضلا عن ذلك، فإن الطبيب أو الاختصاصي النفسي سيحافظ على سرية ما يدور بينه وبين مريضه.
2. الاعتقاد بأن المرض سيزول من تلقاء نفسه من دون علاج إن انتظر وقتا كافيا.
على الرغم من أن حالات الحزن البسيط تشفى بالفعل مع الوقت، إلا أن ذلك لا ينطبق على الأمراض النفسية جميعها. فهي قد تستمر مع المصاب طوال حياته إن لم يحصل على العلاج المناسب. فالأمراض النفسية، حالها نفس حال أي أمراض أخرى، تحتاج إلى التدخل الطبي لعلاجها. ويجب أن يتم هذا العلاج بناء على السبب المؤدي لها. كما ويجب أيضا القيام بالعلاج بأسرع وقت ممكن لتجنب حدوث المضاعفات الناجمة عنها.
بعض الأسباب التي تدل على مدى الأذى الذي قد يلحق بالمصاب إن انتظر زوال المرض النفسي من تلقاء نفسه هي ازدياد شدة الأعراض مع مضي الوقت وظهور المضاعفات النفسية والعضوية. كما وأنه كلما ازدادت مدة الانتظار من دون علاج تزداد معها صعوبة السيطرة على المرض. وذلك فضلا عن ازدياد احتمالية معاودة الإصابة به بعد توقف العلاج.
وفضلا عن ذلك، فإن أمراض القلب بشكل خاص ترتبط بالاكتئآب. كما وقد وجدت الأبحاث أن هناك ارتباطا بين الاكتئآب وبين الاستقلاب (الأيض)، والذي يشمل البدانة ومرض السكري. وذلك فضلا عن ارتباط الأمراض النفسية بأمراض أخرى، منها مرضي الزهايمر والسرطان.
● نصيحتي لكم: عدم السماح للمرض النفسي أن يستمر. لذلك، فتحدث إلى طبيبك واضعا بعين الاعتبار أنك لا تنشد العلاج لمرضك النفسي فحسب، وإنما أيضا لعلاج أمراض عضوية والوقاية منها، علاوة على إعادتك لحياتك الطبيعية.
3. رفض استخدام الأدوية النفسية.
يعزف العديدون عن زيارة الطبيب خوفا من أن يكون عليهم استخدام الأدوية، غير أنه بالرغم من فعالية هذه الأدوية، إلا أن علاج العديد من الأمراض النفسية لا يتطلب استخدامها دائما. فقد أصبحت العلاجات النفسية، أي ما يسمى بالعلاج بالكلام، فعالة جدا في هذا المضمار. فالأدوية لم تعد الخيار العلاجي الوحيد للأمراض النفسية.
ويعد العلاج المعرفي السلوكي، وهو أحد أهم أساليب العلاج النفسي الذي يركز على المكان والوقت الحاضرين، علاجا جيدا يساعد المصاب، من دون أدوية، على التعرف على مشاعره وأفكاره وسلوكاته للتمكن تغييرها إلى الأفضل، وذلك لتحسين نوعية الحياة وعلاج المرض الذي لديه. وعلى الرغم من أن العلاج النفسي يعمل لدى البعض على الأمد القصير بنفس فعالية العلاج الدوائي، إلا أنه قد يكون أكثر فعالية على الأمد الطويل، ذلك بأنه يعلم الشخص كيفيات السيطرة على الضغوطات الحياتية والمواقف والأمور التي تفضي إلى ظهور ما لديه من أعراض. كما وأنه يساعده على تغيير أفكاره السلبية ونظراته إلى الأمور.
● نصيحتي لكم: اللجوء إلى الطبيب النفسي للحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات حول علاج هذه الأمراض بشكل عام وعدم الالتفات لما يسمعه من الآخرين من قصص حول العلاج واستخدام الأدوية النفسية، إذ أن تأثيرات هذه الأدوية تختلف من شخص لآخر. كما ويجب الوضع بعين الاعتبار، إن لزم استخدام الأدوية المذكورة، بأنها قد تعطى لفترة محدودة، وذلك حتى تزول الأعراض وتمضي مدة محددة على زوالها، وذلك تجنبا لحدوث انتكاسة قدر الإمكان.
4. عدم الاقتناع باللجوء إلى العلاج كون الشعور بأعراض المرض النفسي لا يستمر بشكل متواصل.
لا يلزم تشخيص الأمراض النفسية استمرار أعراضها بشكل متواصل. فمصابو الاكتئآب، على سبيل المثال، غالبا ما يزورون طبيبهم بسبب ما لديهم من أعراض تتضمن آلام العضلات واضطرابات النوم والشعور بالإرهاق، وذلك من دون علم منهم بأن هذه الأعراض ناجمة عن كونهم مصابين بالاكتئآب. فهذه الأعراض قد لا تتصاحب لدى البعض مع الشعور بالحزن.
وهناك أيضا ما يسمى بالاكتئآب المقنَع، والذي يفقد المصاب به الترابط مع الشعور بالحزن ومع أي مزاج غير طبيعي. وقد يصف المصابون به شعورهم بما يشابه اللامبالاة أو المزاج المتبلد أو الشعور بأنهم ليسوا “أنفسهم”. وفي هذه الحالات، يشخص الاكتئآب بناء على أعراض أخرى، وتحديدا انخفاض أو فقدان الاهتمام بالنشاطات التي كانت محبوبة مسبقا.
● نصيحتي لكم: عدم قيام الشخص بتشخيص نفسه بالإصابة بمرض نفسي، بل عليه استشارة الطبيب ليقوم بذلك ليعالج بالشكل المناسب.