تتداول الأوساط العلمية حاليا في تايلند اختراعا جديدا ابتكره أحد المزارعين في تايلند يفيد في توفير كميات وفيرة من المحروقات عبر إضافة زيت جوز الهند إلى الوقود المستخدم في السيارات التي تسير بالديزل .
   وكان هذا الاختراع الذي ابتكره أحد المزارعين في إحدى محافظات وسط البلاد محل سخرية الكثير من الأوساط العلمية في بداية الأمر عندما أعلن عنه مما جعل كثيرا من المزارعين ينصرفون حتى عن تجربة هذا الوقود الجديد .
وفي الآونة الأخيرة بعد أن انتشر بين المزارعين هذا الخبر وذاع بين أصحاب السيارات التي تستخدم الديزل هذا الاختراع ، ومع ارتفاع أسعار البترول العالمية اتجهت الأنظار إلى هذا الاختراع لتدرسه بجدية .وصاحب الاختراع يصر على أن هذا الوقود الجديد يستعمله في سيارته وفي جراره الزراعي بدون أية مشاكل ، كما أنه أجرى تجارب على هذا الوقود الجديد عبر سيارات أصدقائه من المزارعين فأثبتت نجاحا منقطع النظير .
   وفي الوقت الذي يؤكد فيه المتخصصون في موتورات السيارات أن هذا الخليط من الوقود من شأنه أن يصيب الموتور بالعطب، تزايدت الشكوك حول الحقائق العلمية التي يتداولها الناس عند الإعلان عن أي اختراع جديد ، ذلك أن الجميع متفق أنه لم تجر اختبارات علمية منهجية على هذا الوقود الجديد ، مما حدا بإحدى الجامعات الحكومية إلى تكوين فريق تكنولوجي لاختبار هذا الوقود الجديد وإجراء التجارب العلمية عليه .
   وفي وقت مؤخر من الأسبوع المنصرم أعلنت تلك اللجنة العلمية نتائج تجاربها واختباراتها ، وتبين من الإعلان أن هناك تخوفا من الجزم بجدوى المشروع ، حيث إن النتائج اليقينية التي من الممكن أن تستخلص من هذا الوقود الجديد تحتاج إلى وقت طويل ، في الحين الذي يعد هذا المشروع حدثا قوميا بكل المعايير كونه يعالج زوايا خطيرة في الاقتصاد التايلندي وربما في اقتصاد دول جنوب شرق آسيا .
وشرح ذلك أن نبات جوز الهند الذي يستخلص منه جوز الهند يتوافر في تايلند ودول جنوب شرق آسيا بكثافة ، وتعتبر ماليزيا وأندنيسيا وتايلند من أكثر دول العالم إنتاجا لزيت جوز الهند ، الذي يتميز بسهولة زراعته ، وعدم احتياجه لأية رعاية من أي نوع ، كما أنه يتوافر في الأسواق بأسعار زهيدة جدا .
   وطريقة الاستفادة من زيت الهند تكون عبر إضافة 90% منه إلى 10% من الديزل ومواد أخرى كيميائية حتى نتوافر على هذا الوقود الجديد ، وهذا يعني أن تنخفض قيمة الوقود الذي تستخدمه أي سيارة إلى أقل من 50% من السعر الأساسي ، مع ما يشكله هذا من إضافة هذا الفارق إلى الاقتصاد الوطني الذي ينتج زيت جوز الهند أصلا .
ومن المتوقع عند نجاح المشروع أن ترتفع أسعار جوز الهند قليلا ،وأن يزداد الإقبال على زراعته والاتجار فيه ، كما أن من المتوقع أن يدخل جوز الهند إلى زمرة السلع الاستراتيجية التي تتميز بها بلاد جنوب شرق آسيا مثل المطاط الطبيعي والخشب والأرز ونحو ذلك .
   وقد ازداد اهتمام الشارع التايلندي بهذا المشروع كونه سيوفر قسطا كبيرا من ثمن الوقود الذي يأخذ في الارتفاع مما يرهق خزانة الدولة ، وراتب الموظف العادي الذي يستخدم السيارة بطبيعة الحال ، ولكون تايلند لا تنتج البترول بكمية تجارية ، بل إنها تعتبر مع اليابان وكوريا من أكثر دول جنوب شرق آسيا استيرادا للبترول من الشرق الأوسط .
   ومع كون هذا الكشف العلمي يشكل انعطافة في السياسة الاستهلاكية، كما سيشكل تحويلا مهما في محاور الدخل القومي لتايلند، إلا أن الدولة ما زالت تتعامل مع هذا الاختراع بنوع من التجاهل خشية أن يثبت فشله .
   وما زال أهم عائق أمام هذا الاكتشاف هو تأثيره على موتور السيارة ، حيث إن التجارب الأولية أثبتت أن حركة الموتور قد تبدو غير طبيعية عند مداومة استعمال هذا الوقود ، والمؤيدون لاستعمال الاكتشاف لا ينكرون هذا الخلل ، ويعتبرونه أمرا طبيعيا لأي اكتشاف جديد أن تكون له مشكلات تقنية ، وفي المقابل هم يقترحون أساليب تقنية في كيفية استعمال هذا الوقود عن طريق حقن الموتور ببعض المواد ، وعن طريق استعمال أنواع معينة من الزيوت ونحو ذلك ، بحيث يتم المحافظة على الوقود ، وتعتبر الدوائر العلمية المؤيد للاكتشاف أن انتشاره سيؤدي بالضرورة إلى عمل مصانع السيارات على تعديل الموتورات بحيث تتوافق في العمل مع ظروف الوقود الجديد كما حدث بالنسبة للموتورات التي تعمل الآن بالغاز الطبيعي .

   وبإزاء هذا التسارع في التعامل مع هذا الاكتشاف الجديدة برزت الكثير من الأفكار المحمومة التي من شأنها أن تفتح منافسة شديدة حول قطاع اقتصادي جديد واعد لهذا الاختراع الذي من شأنه أن يستقطب مليارات الدولارات هي حصيلة استهلاك الوقود في تايلند لسنة واحدة ، فكيف لو كتب لهذا الاختراع أن ينتشر في دول جنوب شرق آسيا ، إنه سيمثل تهديدا مباشرا للنفط الذي ما زال يمثل حجر الأساس لقطاع المحروقات في هذه الدول.

   الأيام القادمة ستعطينا صورة أكثر وضوحا حول هذا المشروع العملاق ، نرجو من رواد الشبكة متابعة تقاريرنا.

   أما نبات جوز الهند فغالب سكان الشرق الأوسط يعرفونه من خلال ذلك الشيء الأبيض ذي الرائحة الزكية الذي يستعمل في الحلويات ، ولكن الذي لا يعرفه الكثير من الناس في العالم أن جوز الهند يمثل ركنا أساسيا في المطبخ الشرقي الآسيوي . فهو لا يدخل في صناعة الحلويات فقط ، بل يدخل في كل أنواع الأطمعة وتعتبر نكهته أساسية في الطعام التايلندي على وجه الخصوص .

   وتشبه شجرة جوز الهند النخلة التي تزرع في البلاد العربية إلى حد كبير ، وهي كثيرة الثمر ، وثمرة جوز الهند ضخمة وصلبة تشبه الكرة ، ولكنها تحتاج إلى عملية تقشير للوصول إلى مائها والغشاء الأبيض الداخلي للثمرة والذي يمثل العنصر المستفاد من الثمرة .
إن هذا الغشاء الأبيض الداخلي يتم فرمه عبر أجهزة خاصة ، ثم يعصر في معاصر خاصة أيضا ، والعصارة البيضاء التي تستخرج منه تمثل نوعا من أنواع الأطعمة والمشروبات والحلويات ، ثم تتم عملية معالجة أخرى لهذه العصارة البيضاء لتحويلها لزيت جوز الهند الذي يتميز برائحة زكية ونسبة عالية من الكوليسترول والدسامة .

   ينتشر استخدام زيت جوز الهند في شبه جزيرة الهند الصينية وجزر أندونسيا كطعام أساسي ، ولكن دخوله في زمرة أنواع الوقود سيمثل مرحلة عميقة الأبعاد لهذه المجتمعات التي ما زالت لا تصدق أن مثل هذا الطعام من الممكن أن يكون وقودا تعتمد عليه سياراتهم .