أمراض الكتف أعراضها  بطيئة  ومزمنة  وآلامها  شديدة 

معروف طبياً أن المفصل الطبيعي للكتف يتكون من التقاء عظمتي لوح الكتف والساعد.

وهناك أجزاء عظمية تغلفها طبقات من الأنسجة الرخوة المهمة كالأربطةوالعضلات والأوتار التي تلتف حول أجزاء المفصل من الأمام والخلف ومن الجانب لتوفر لهذا المفصل المهم مرونته وثباته وقوته.

 

إلا أن هذه التركيبة المعقدة، كما يقول استشاري العظام والمفاصل وجراحة العمود الفقري د. ياسر البحيري، تجعل هذه الأنسجة الرخوة المعروفة باسم (Rotator cuff) عرضة للالتهابات غير الجرثومية (inflammation) نتيجة للتقدم في السن أو نتيجة الإجهاد المزمن أو الإصابات المباشرة لمنطقة الكتف كما يحصل عند الرياضيين التي قد تؤدي إلى قطع تام في هذه الأوتار (Rotator cuff tear).

وفي الغالبية العظمى من الحالات -يضيف د. البحيري- تكون الأعراض بطيئة ومزمنة وتظهر في شكل آلام متفاوتة في شدتها حول منطقة الكتف والساعد، وتزداد مع استخدام الذراع ورفعها للأعلى عند التقاط الأغراض من الأرفف أو عند غسل الشعر خلال الاستحمام أو عند لبس الشماغ، كما أن هذه الأعراض تزداد في الليل عند النوم على كتف المريض وقد توقظ الشخص من نومه نتيجة الألم

 ومع إهمال العلاج وتقدم المرض فإن الآلام تمنع المريض من القيام بأبسط الأنشطة اليومية مثل القيادة أو حمل الأغراض.

أما في الحالات المزمنة التي تتطور من مرحلة الالتهاب إلى مرحلة القطع الجزئي أو الكامل في الأوتار فإن حركة رفع الذراع وإبعادها عن الجسم تصبح صعبة جداً بل مستحيلة وتؤدي إلى إعاقة في استخدام الطرف العلوي المريض.

إضافة إلى ذلك فإن الحالات التي يكون القطع فيها نتيجة إصابة مباشرة تكون شديدة من البداية كما يحصل عند بعض الرياضيين وكبار السن.

أما التشخيص فعادة ما يكون بعد الفحص السريري الذي يبين وجود ضمور في عضلات الكتف وبروز في العظام وآلام عند تحريك الكتف وصعوبة في رفع الذراع للأمام.

كما أن أشعة الرنين المغناطيسي هي الأفضل والأمثل في إظهار الأوتار المريضة ومدى شدة المرض ومكانه ووجود قطع الوتر من عدمه.

 

العلاج

ولعلاج التهاب عضلات الكتف يقترح د. البحيري الخطة العلاجية التالية، مع الأخذ بالاعتبار أن الطرق العلاجية التحفظية في البداية تكون هي الأفضل:

  • استخدام الأدوية المسكنة والأدوية المضادة للالتهابات.
  • إراحة المفصل عن طريق تجنب الأعمال المرهقة واستخدام وسادة طبية وعدم النوم على الجانب المريض.
  • عمل جلسات مكثفة من العلاج الطبيعي لتخفيف الالتهاب والألم ولتقوية عضلات الكتف الأخرى.
  • استخدام الإبر الموضعية التي تحتوي على دواء الديبوميدرول ذي الخاصية القوية المضادة للالتهاب والتي يمكن تكرارها لمرتين أو ثلاث إلى أن يتم القضاء على الالتهاب ولكن يجب عدم الافراط في استخدامها لأن ذلك قد يؤدي على المدى الطويل إلى ضعف الوتر وزيادة تعرضه للقطع الكامل أو الجزئي.

 

العلاج الجراحي: 

وعندما يفشل العلاج التحفظي في إزالة الأعراض -حسب د. البحيري- فإن التدخل الجراحي يكون هو الحل الوحيد لعلاج هذا المرض.

وهذا التدخل الجراحي يساعد الغالبية العظمى من المرضى على إزالة الألم وإعادة الحركة للمفصل وهو يتكون من نوعين رئيسيين من العمليات:

النوع الأول: هو عملية توسعة القناة التي تجري منها الأوتار، والتي يؤدي الضيق فيها إلى التهاب هذه الأوتار وحصول القطع فيها.

وهذه العملية تعرف بـ(Subacromial Decompersion)  وهي تجرى عن طريق المنظار ولا تحتاج إلى تنويم في المستشفى، وتبلغ نسبة نجاحها فوق التسعين في المائة.

النوع الثاني: هو عملية إصلاح أو ترقيع الأوتار المقطوعة، وهي تختلف من شخص لآخر، حسب مكان القطع وشدته ومدة المرض.

وهذه العملية قد تحتاج لفتحة جراحية كبيرة، وقد تستلزم النوم في المستشفى لبضعة أيام، وهي أكبر وأكثر صعوبة من النوع الأول من العمليات ولكنها ذات نسبة نجاح كبيرة في معظم الحالات.

ما بعد الجراحة: 

وبغض النظر عن نوع العملية، فإن د. البحيري يرى أن مرحلة ما بعد الجراحة هي مرحلة مهمة وحرجة، وذات ثقل في تحديد النتيجة النهائية للعلاج، ففي الأيام والأسابيع الأولى بعد الجراحة يكون هناك برنامج يتكون من إراحة المفصل ثم التدرج في القيام بالحركات الدائرية للمفصل تحت إشراف اختصاصي العلاج الطبيعي لعدة أسابيع، ثم الانتقال إلى مرحلة الحركات الكاملة وتقوية العضلات، التي قد تستغرق عدة شهور وتستلزم تعاوناً كاملاً من قبل المريض، أو المريضة، والتزام بالتعليمات، إلى أن يتم الشفاء بإذن الله.

النصيحة النهائية “يجب عدم إهمال علاج هذه الحالات عندما تكون في بدايتها حتى لا تتطور وتحتاج التدخل الجراحي الذي قد يكون طويلاً ومرهقاً عند بعض الناس”.

 

الكتف المتجمد

أما الكتف المتجمد Frozen shoulder فيعرف بالالتصاقات الناجمة عن التهاب محفظة مفصل الكتف.

وكما يدل اسم هذا المرض فهو عبارة عن فقد المفصل للحركة في كل الاتجاهات.

والكتف المتجمد هو من أبرز الامراض التي تصيب مفصل الكتف ومن أكثرها شيوعاً، حيث يصيب 2 في المئة من عدد سكان العالم.

وتعتبر النساء اكثر تعرضاً للاصابة بهذا المرض اذ تبلغ نسبة المصابات به 70  في المئة من مجموع المرضى المصابين بالمرض.

وأوضح الدكتور طه عدنان سـمان، استشاري جراحة العظام والمفاصل واصابات الملاعب بمستشفى الملك فهد بجدة.

أن مرض “الكتف المتجمد” قد يصيب كتفا واحدا وقد يصيب الكتفين معا في وقت واحد، وتتراوح نسبة الاصابة حينئذٍ من 20 في المئة – 30 في المئة من مجموع الحالات.

 

أسباب المرض: 

وبالرغم من تعدد الأسباب، إلا أن السبب الرئيس لهذا المرض غير معروف حتى وقتنا الراهن، لكنه أي (الكتف المتجمد) قد ارتبط بمجموعة من الأمراض اي انه لوحظ ان الاشخاص المصابين بهذه الأمراض هم أكثر عرضة للإصابة بتجمد الكتف.

وأبرز هذه الأمراض هي داء السكري، أمراض الغدة الدرقية، أمراض ضعف المناعة، عدم تحريك المفصل لفترة طويلة كما في حالات علاج بعض الكسور، بعض انواع الاصابات بالمفصل، المرضى فوق سن 40 سنة، المرضى المصابون بالجلطات القلبية وكذلك الدماغية.

وينتج الكتف المتجمد -حسب د. سمّان- عن حدوث التهاب وتليف بمحفظة مفصل الكتف من الداخل، ما يؤدي الى تقلص المحفظة بحيث تفقد مرونتها وبالتالي يصغر حجم المفصل وتُحدد الحركة في كل الاتجاهات تدريجياً.

وحتى الآن لم يتمكن العلماء من الوصول الى السبب أو المسبب الذي يطلق اشارة البدء في خطوات الالتهاب بالمحفظة.

 

أطوار المرض: 

لقد لاحظ العلماء ان هناك ثلاثة اطوار أو مراحل تظهر فيها الأعراض، ثم تتطور وتزداد فيها بشدة ثم تبدأ بالزوال، لكنها قد تستغرق سنة الى ثلاث سنوات حتى تزول كلياً أو تترك اثراً بسيطاً في بعض الحالات.

وعن المراحل الثلاث، يلخصها الدكتور طه سمان، كما يلي:

اولاً: طور الألم، وهذه المرحلة قد تأخذ وقتاً يتراوح من شهرين الى تسعة اشهر.

ثانياً: طور التجمد، وهي المرحلة التي يبدأ فيها المريض بالشعور والشكوى من محدودية الحركة بالمفصل المصاب تدريجياً حتى تفقد الحركة بالمفصل كلياً.

وهي تختلف من مريض لآخر في مقدار درجة الحركة المفقودة بالمفصل.

وقد تستغرق هذه المرحلة من اربعة أشهر الى 12 شهراً.

ثالثاً: طور الذوبان، وهي المرحلة التي تعود فيها الحركة الى المفصل تدريجياً ولكنها قد تأخذ وقتاً طويلاً يمتد من أشهر الى سنوات.

 

التشخيص والعلاج: 

يقول الدكتور سمان ان ابرز وسيلة في تشخيص هذا المرض تكون بالفحص السريري، ثم اجراء بعض الأشعات كالأشعة السينية التي قد تظهر انخفاضا في حجم المفصل وهشاشة بالعظام خصوصاً عند رأس عظمة العضد.

ويضيف أن هذه الوسيلة قد تساعد على تشخيص أمراض اخرى مثل خشونة مفصل الكتف أو كسور سابقة أو تكلس بالأوتار المحيطة بالكتف، وهي امراض قد تعطي اعراضا مشابهة لهذا المرض “الكتف المتجمد”.

قد يلجأ الطبيب لطلب تنفيذ عملية مسح بجهاز الرنين المغناطيسي مع حقن الكتف بمادة ملونة في حالات عدم وضوح التشخيص وكذلك لتقييم حالة اوتار العضلات المدورة للكتف وهي ايضاً قد تظهر اعراضاً مشابهة في بعض الحالات المركبة.

أما علاج الكتف المتجمد فيكون، كما في معظم امراض العظام والمفاصل، اما تحفظياً أو جراحياً.

وأبرز اركان العلاج التحفظي لهذا المرض هو العلاج الطبيعي الذي يخضع فيه المريض الى برنامج تأهيلي، وهو ناجح في معظم الحالات.

وقد تفيد الأدوية المضادة للالتهاب، وكذلك الحقن بمادة الكورتيزون في المفصل، لكن يجب اعطاؤها في المراحل الأولى للمرض وفي بعض الحالات التي يشير إليها الأطباء.

ويتم تحريك المفصل تحت التخدير العام ثم العلاج الطبيعي للحالات غير المستجيبة لبرنامج العلاج الطبيعي.

اما العلاج الجراحي فهو متروك لدرجة شدة المرض، وعدم استجابته للوسائل العلاجية التحفظية.

وفي الحالات المستعصية من المرض يفضل إزالة الالتصاقات بالمنظار ثم يخضع المريض لبرنامج العلاج الطبيعي.