بقلم: أ.م.د.حسن علي السعدي

تزداد الاصوات التي نسمعها كل يوم مع ازدياد الحضارة الانسانية واتساعها، ففي الماضي كنا لا نسمع الا القليل من ضجيج السيارات والمعامل وهدير الطائرات من حين الى آخر وحسب الأماكن التي يقطنها الانسان.

تكاثرت أشكال الضجيج اليوم  وأصبح جزءً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، مما ولد ضغوطا نفسية على البشر  تحولت لدى البعض الى أمراض جدية وجعلت الانسان لا يأخذ القسط الكافي من الراحة والنوم ما يؤثر على قوة تركيزه.
  وفي هذا الصدد يشير  تقرير طبي صدر عن كلية العلاجات النفسية في جامعة ميتشغان الأميركية ان التلوث الضوضائي يولد الارهاق الجسمي والفكري على السواء لانه يتطلب من الانسان مجهودا جسديا وعقليا بشكل متواصل. فالأذن تتلقى موجات الصوت المختلفة وترسلها الى الدماغ حيث يتم إحساس السمع، فاذا جمع الجهد الفيزيولوجي الذي يبذله المرء لسماع شيء ما كصوت شخص او قرع جرس او ضجيج في المنزل او في مكان العمل، اي مجموعة أصوات آتية  من المحيط الخارجي وقد تكون دفعة واحدة يتبين مقدار الطاقة التي يصرفها في هذا المجال يوميا، ومع ان الاصوات مهما علت لا تسبب الصمم او الحالات النفسية الا انها من المؤكد تزيد منها ان وجدت.
  ويضيف التقرير ان الأصوات الناتجة عن الضجيج تزداد تدريجيا مع التطور الصناعي الى الحد الذي اصبحت معه في بعض البلدان تشكل خطرا على الصحة العامة، وقد يقول البعض ان الناس سيعتادون على هذه الأصوات مع مرور الوقت، الا ان اضرار الضجيج تزداد مع ازدياد الأصوات، وهي أهم مما تظهر عليه سطحيا.
  فالضجيج يقلل من القدرة على العمل المنتج، ويزيد من معدل الحوادث والاصطدامات الى حد يشكل خطرا على أمن الناس، كما يشكل عقبة في وجه تقدم البلد اقتصاديا، فالناس الذين يتأثرون بالضجيج اكثر من غيرهم بشكل عام هم محترفو الصناعات الدقيقة والمفكرون والاطفال، فالفارق يظهر بين أطفال يعيشون في الريف واخرين يعيشون في مجتمعات مليئة بالضجيج. وتضمن التقرير ايضا تجربة قام بها أطباء كلية العلاجات النفسية حيث اخضعوا مائة سائق سيارة لضجيج كاف لاسترعاء انتباه ومائة  آخرين قادوا سياراتهم في الريف حيث الضجيج أقل، فثبت ان المجموعة الأولى قد نقصت قدرة أفرادها على القيادة بحوالي 50 في المئة واحدثوا اما عرقلة سير او حوادث، والضجيج كان المسبب الرئيسي بعكس المجموعة الثانية ما دفع الأطباء للتشديد على القيام بحملة واسعة لتخفيض الاصوات.