معظم الناس الذين يبحثون عن المنتجات الخالية من الجلوتين بشكل عام غير مصابين بحساسية القمح، فهم يعتقدون ببساطة أن هذه سوف تجعلهم أكثر صحة، أكثر يقظة وحيوية. هل هذا صحيح حقا؟

النظام الغذائي الخالي من مادة الجلوتين (Gluten)، يستخدم لعلاج الداء الزلاقي، او الداء البطني (Celiac disease)، المعروف بحساسية القمح. اذ تصاب الامعاء الدقيقة بالالتهابات جراء تناول مريض الزلاقي مادة الجلوتين. فعليه ينصح بتجنب تناول القمح الذي يحتوي على الجلوتين، حتى لا تحدث اضطرابات هضمية في الامعاء. فهل الحمية الغذائية الخالية من الجلوتين اكثر صحية؟

يقول مدير مركز داء الزلاقي او الداء البطني في جامعة كولومبيا، الدكتور بيتر غرين، ان بعض الافراد يعتقدون، بان النظام الغذائي الخالي من مادة الجلوتين (Gluten)، هو ببساطة الاكثر صحية. وهذا الاعتقاد برايه غير صحيح وبكل تاكيد، اذ ان الحمية الغذائية التي لا تحتوي على مادة الجلوتين، قد تؤدي الى نقص في الفيتامينات والمعادن والاليف. وللمفارقة، فان معظم الناس الذين يبحثون عن المنتجات الخالية من الجلوتين، لا يعانون من مرض الاضطرابات الهضمية او حتى من الحساسية للقمح.

الداء الزلاقي يصعب اكتشافه

يقدر الخبراء، ان ما لا يقل عن 1٪ من السكان يعانون من الداء الزلاقي او الداء البطني (Celiac disease)، ولكن لعدم قدرة الاطباء على تحديد اعراض المرض، فان النسبة الدقيقة لعدد المرضى المصابين بالداء هي اكثر منذ ذلك بكثير. وتقتصر اعراضه الظاهرة من خلال: الاسهال، وفقر الدم، والشعور بالام العظام، والطفح الجلدي الشديد المصاحب للحكة وما يسمى (التهاب الجلد الحلئي). (Dermatitis herpetiformis). ويذكر ان عدد قليل من الاعراض هي طبيعتها ظاهرة، ولكن توجد بعض الاعراض لا تظهر مطلقا. ولهذا السبب، يتم في الولايات المتحدة الامريكية تشخيص حوالي (5-10%) من المرضى فقط. حسب ما ذكر الدكتور غرين.

ويذكر ان داء الزلاقي او البطني ، ناجم عن ردة فعل خاطئ لخلايا جهاز المناعة للجلوتين، مما يمكن ان يلحق الضرر ببطانة الامعاء الدقيقة. وهذا بدوره، يمكن ان يمنع امتصاص العناصر الغذائية المهمة في الجسم.

كيف اكتشف الاصابة بداء الزلاقي؟

الطريقة الوحيدة لمعرفة الاصابة بالمرض هي الفحص. اذ يتم عادة فحص الدم، الذي يحدد من خلاله الاجسام المضادة المرتبطة برد الفعل المناعي الغير طبيعي. واذا كانت نتيجة فحص الدم ايجابية، يتم حينها اجراء خزعة لتاكيد وجود التهاب بطانة الامعاء الدقيقة.

ماذا لو كنت غير مصاب بالداء؟

بعض الناس قد تكون لديهم حساسة للجلوتين، اي البروتين الموجود بالقمح، ولكن لا يعانون من مرض الزلاقي او البطني. هؤلاء الناس قد يشعرون على نحو افضل عند اتباع نظام غذائي معين، اي يحتوي على جلوتين اقل.

” لا للكثير من الاطعمة الشائعة والمغذية “

” لا للكثير من الاطعمة الشائعة والمغذية”، هذا ما نعنيه عندما نقول حمية غذائية خالية من الجلوتين. الجلوتين هوعبارة عن البروتين الموجود في القمح والشعير والشوفان. ويوجد ايضا في العديد من الاطعمة المصنوعة من الحبوب الكاملة المرتبطة بالقمح، بما في ذلك البرغل، والحنطة، والقمح البدائي وغيرها. غير ان بعض الخبراء يحذرون مرضى الداء الزلاقي او البطني من تناول الشوفان.

الجلوتين وحده، لا يحتوي على فوائد غذائية خاصة، ولكن الكثير من الحبوب التي تحتوي على مادة الجلوتين تحقق فائدة عالية لجسم الانسان ، فهي تزوده بالمعادن والفيتامينات، بما في ذلك فيتامين (B)، والحديد وكذلك الالياف الغذائية.

وتبين البحوث، ان تناول الاطعمة المصنوعة من القمح الكامل، كجزء من النظام الغذائي الصحي، قد يقلل من خطر الاصابة بامراض القلب، وداء السكري من النوع 2، وبعض انواع السرطان. وتضمنت المبادئ التوجيهية الغذائية، التي نشرتها السلطات الامريكية في عام ،2010 توصية، بان يكون مصدر نصف اجمالي الكربوهيدرات في النظام الغذائي، من منتجات القمح الكامل.

وللدقة اكثر، هناك حبوب كاملة، لا تحتوي على الجلوتين، مثل حبوب القطيفة او سالف العروس(Amaranthus )، وهو جنس نباتي يتبع الفصيلة القطيفية.  بالاضافى الى حبوب الكينوا، والدخن او البشنة وهي كلمة تطلق على بعض الانواع النباتية من اجناس تنتمي الى الفصيلة النجيلية. ولكنها اقل شيوعا بكثير من الحبوب التي تحتوي على الجلوتين.

وبما ان القمح موجود في كل مكان في النظام الغذائي الغربي، فالامتناع الكلي عن تناول الجلوتين، يتطلب اعتماد حمية غذائية جديدة كليا. وسيكون من الضروري التخلي عن غالبية انواع الخبز، البسكويت، حبوب الصباح، الباستا التقليدية، المخبوزات وعن تشكيلة واسعة من الاطعمة المصنعة التي تحتوي على كميات صغيرة من الجلوتين.

قلة الجلوتين يعرضك للنقص الغذائي

ويقول مدير مركز داء الزلاقي في جامعة كولومبيا، الدكتور بيتر غرين، “وفي كل مرة تزيل فيها فئات كاملة من الاطعمة التي كنت معتاد على تناولها، فانك تعرض نفسك لخطر النقص الغذائي”. ومن جانبها حذرت جمعية التغذية الامريكية ، بان جزء من المنتجات الخالية من الجلوتين، تميل لان تفتقر الى مجموعة واسعة من العناصر الغذائية الهامة، بما في ذلك فيتامين B، والكالسيوم، والحديد، والزنك، والمغنيسيوم والالياف. اذا لا داعي للمخاطرة، الا اذا كان لديكم حقا المرض البطني او حساسية تجاه الجلوتين.

لا داعي للمخاطرة، الا اذا كان لديكم حقا الداء البطني او حساسة الجلوتين. اذ ان ” التغذية الصحية الخالية من الجلوتين، تعني الانتباة المستمر لكل ما تاكله”. وهذا ما يمكن القيام به ببساطة” وفقا لاقوال غرين.

 وقد لا تتحقق الفائدة ،عند خلو قائمة الحمية الغذائية من جزء من الجلوتين. اذ ان الاشخاص الذين لديهم حساسية، فالكمية الضئيلة من الجلوتين، يمكن ان تسبب اضرار في الامعاء الدقيقة لديهم. “وهكذا فان الحمية الغذائية، التي لا تحتوي تقريبا على الجلوتين، لا تساعد الشخص الذي لديه مشكلة”.

لاختيار الحمية الغذائية الخالية من الجلوتين يوجد عيب اخر. اذ ان معظم البدائل الخالية من الجلوتين، مثل المعكرونة والخبز، هي غالية الثمن، بشكل ملحوظ من نظيراتها التقليدية. حيث اظهر استطلاع اجراه الدكتور غرين، وزملاؤه ان ثمن المعكرونة والخبز الخالية من الجلوتين، يعادل ضعفي ثمن المنتجات العادية.

 قرارات ذكية تواجه النظام الغذائي 

بفضل وجود مجموعة متزايدة ومتنوعة من الاطعمة الخالية من الجلوتين، فقد اصبح من الاسهل على الاشخاص الذين لديهم حساسية للجلوتين، الحفاظ على نظام غذائي صحي. اذ ان “الاشخاص الذين اكتشفوا انهم مصابين بداء الزلاقي، قبل 15 او 20 عاما، يندهشون من وجود منتجات بدائل الجلوتين المتنوعة ” وهذا ما اكده الدكتورغرين.

للاسف، ليست كل الاطعمة التي يتم تسويقها كبدائل للجلوتين هي صحية. وبعضها غنية بالدهون المشبعة والكولسترول، والبعض الاخر قد يكون غنيا جدا بالسعرات الحرارية، ولكنها تحتوي على عدد قليل جدا من المواد المغذية. غير ان عدد كبير من الادوية العشبية، تغرق هي ايضا السوق، وتعد بتخفيف الحساسية للجلوتين. وهناك القليل من الادلة التي تثبت افادتها.

اساس النظام الغذائي الصحي الخالي من الجلوتين، مثل اي حمية غذائية اخرى، يجب ان يعتمد على الاطعمة الطبيعية. اللحوم الخالية من الدهون والاسماك، الفواكه والخضار، التوفو المشتق من فول الصويا، ومنتجات الالبان قليلة الدسم هي امنة لمرضى داء الزلاقي. والحبوب التي تحتوي على الجلوتين، مثل الكينوا والشوفان، هي خيار صحي اخر. المزيد والمزيد من المنتجات اصبحت تنتج من هذه الحبوب، بدءا من الخبز، وحبوب الصباح، وحتى المعكرونة.

الادوية المخصصة لعلاج داء الزلاقي او البطني، لا زالت قيد التطوير، اذ تجري دراسات علمية بهدف انتاج لقاح ضد داء الزلاقي. ومن المرجح ان تكون العلاجات التي يتم تطويرها حاليا مفيدة بشكل خاص في الحد من الاضرار الناجمة عن التغذية الغير سليمة ، اذ ان مرضى الزلاقي او البطني، سوف يضطرون لمواصلة تجنب منتجات القمح. ولحسن الحظ، فالوعي المتزايد لانتشار المرض يجعل التعامل معه اسهل.