بقلم: أ.م.د.حسن علي السعدي

نبذة عن حمى “ايبولا”

 ينتمي فيروس “ايبولا” الى عائلة “filoviruses” التي تسبب حمى ايبولا النزفية. تشبه اعراض هذه الحمى تلك التي يسببها فيروس ماربورغ، الذي ينتمي الى نفس العائلة.

يسبب فيروس “ايبولا” مرضاً حاداً وخطيراً يودي بحياة الفرد في أغلب الأحيان، إن لم يُعالج في الوقت المناسب.

لفيروس “ايبولا” خمسة انواع هي فيروس زائير، فيروس السودان، فيروس ريستون، فيروس غابة تاي، فيروس بينديبوغو. يعتقد ان الموطن الأساسي لهذا الفيروس هو الغابات الاستوائية.

1 – فيروس زائير (Zair ebolavirus) _ اكتشف هذا النوع في زائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليا) لذلك اطلقت عليه هذه التسمية. يعتبر هذا النوع أكثر الأنواع انتشارا ومسببا لأكثر حالات تفشي الوباء، حيث تصل نسبة الوفيات الناتجة عن الإصابة به الى 90 بالمائة. اكتشف هذا النوع عام 1976 في حوض نهر “ايبولا” في زائير، حيث بلغت نسبة الوفيات حينها 88 بالمائة ، وفي عام 1994 بلغت 60 بالمائة، وفي 1995 بلغت 81 بالمائة، وفي 1996 بلغت 73 بالمائة، وفي عامي 2001 و2002 بلغت 80 بالمائة، وفي عام 2003 بلغت 90 بالمائة. أي أن معدل نسبة الوفيات يبلغ 83 بالمائة.

2 – فيروس السودان (Sudan ebolavirus (SUDV)) اكتشف هذا النوع في بلدة نزارا بجنوب غرب السودان في نفس السنة التي اكتشف فيها فيروس زائير، ولم يتمكن الخبراء من تحديد ناقل العدوى، رغم الجهود التي بذلوها في هذا المجال. آخر مرة تفشى فيها هذا الفيروس كانت في اوغندا في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012 – يناير/كانون الثاني 2013. يبلغ معدل نسبة الوفيات بين المصابين 54 بالمائة.

3 – فيروس ريستون (Reston ebolavirus (RESTV) بخلاف بقية الأنواع، مصدر هذا النوع آسيوي “جزر الفلبين” اكتشف عام 1989 حيث اصاب القرود، ونقل الفيروس الى مختبر ريستون في فيرجينيا الأمريكية. تفشى بعد ذلك في الفلبين وايطاليا والولايات المتحدة. هذا النوع لا يشكل خطورة على الإنسان لأنه يصيب القردة والخنازير.

4 – فيروس غابة تاي (Taï Forest ebolavirus (TAFV)) اكتشف هذا النوع في غابة تاي بساحل العاج، عام 1994 بعد اصابة عدد من قرود الشمبانزيه به، ومنها انتقل الى باحثة علمية، نقلت فورا الى سويسرا حيث شفيت بعد ستة أسابيع.

5 – فيروس بونديبوغو (Bundibugyo ebolavirus (BDBV) ) اكتشف هذا النوع في 24 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2007 في منطقة بونديبوغو باوغندا، حيث أودى بحياة 37 شخصا.

انتقال المرض

ينتقل المرض الى الإنسان بعد ملامسة دم أو إفرازات أو أعضاء وسوائل الحيوانات “القردة، خفافيش الفاكهة، النسانيس وغيرها) المصابة بالفيروس أو النافقة منها. بعد ذلك ينتقل المرض الى إنسان آخر عن طريق الملامسة المباشرة عن طريق الدم والإفرازات وسوائل جسم المصاب وكذلك بملامسة السطوح والأشياء الأخرى الملوثة بالسوائل كالملابس والمفروشات وغير ذلك.

أعراض حمى “ايبولا”

تتراوح دورة حضانة المرض بعد الإصابة به بين 2- 21 يوما، خلال هذه الفترة لا يعدي المصاب الأشخاص الذين يختلط بهم، لغاية ظهور أعراض المرض عليه، التي هي: ارتفاع درجة حرارة الجسم بصورة فجائية، وضعف عام، وآلام في العضلات يرافقها صداع شديد والتهابات في الفم، يتبعها تقيؤ واسهال وظهور طفح جلدي واختلال في وظائف الكبد والكلى، ونزيف داخلي وخارجي. وتبين نتائج التحاليل المخبرية للدم انخفاض حاد في عدد الكريات البيضاء والصفائح الدموية، وارتفاع معدل افراز الكبد للأنزيمات.

تشخيص حمى “ايبولا”

نظرا للتشابه الكبير في أعراض حمى “ايبولا” وأمراض معدية عديدة مثل الملاريا والتيفوئيد والتهاب السحايا، يكون من الصعب تشخيص المرض بصورة مباشرة وصحيحة. ولكن عند توفر المعدات والأجهزة الطبية – المخبرية الحديثة يصبح من السهولة جدا تشخيص الإصابة بهذه الحمى من عدمها.

الوقاية من حمى “ايبولا”

تتطلب الوقاية من المرض اتخاذ اجراءات سريعة ومراعاة قواعد الوقاية العامة من الأمراض المعدية، التي تتمثل في: عزل المصابين، ومتابعة الحالة الصحية لكل من اختلط بهم من خلال اجراء فحوصات وتحاليل دورية، وكذلك تنظيم مراسم دفن الموتى بحيث لا تجري ملامسة أجسامهم كما هو متبع حسب التقاليد الشائعة. كما يجب نشر وبث برامج خاصة لتوعية المواطنين بخطورة المرض وكيفية الوقاية من عدواه، حيث من المهم التركيز على ضرورة ارتداء القفازات وغيرها من الملابس الواقية عند ملامسة الحيوانات المصابة او النافقة، وعدم تناول لحومها إلا بعد أن تطهى جيدا.

كما يجب ارتداء القفازات والملابس الواقية عند رعاية المصابين في المنزل وغسل اليدين بعد زيارة المرضى في المستشفيات، لمنع انتقال العدوى من شخص الى آخر.

اللقاحات المضادة لحمى “ايبولا” والعقاقير الطبية

إن تقديم الرعاية الطبية اللازمة للمريض يلعب دورا كبيرا في نجاح علاجه وبقائه على قيد الحياة. ولكن لعدم وجود لقاح أو عقار مرخص ومجرب سريريا ضد حمى “ايبولا” في الوقت الحاضر، يصعب علاج المصاب، مما يضطر الأطباء الى استخدام مجموعة كبيرة من العقاقير العلاجية التي قد تساعد في علاج المصاب، أو على الأقل التخفيف من معاناته.

تجدر الاشارة، الى ان خبراء الأمراض المعدية في دول مختلفة، ابتكروا خلال السنة الحالية لقاحات مختلفة يختبر حاليا قسم منها على الحيوانات المخبرية وقسم منها يختبر سريريا على متطوعين، ولكن لا تزال هذه الاختبارات في بدايتها والجميع في انتظار نتائجها.