المؤسسات التعليمية خط الدفاع الأول ضد الأمراض المعدية

ا.م.د. جلال حسن محمد ابو طحين
كرار سليم يتيم
كلية الصيدلة

لطالما شكلت الأمراض المعدية تحديًا راسخًا للبشرية، حيث ظهرت في السنوات الأخيرة تهديدات جديدة مثل كوفيد-19 وجدري القرود. [1، 2] وأدت عوامل مثل التجارة العالمية وتغير المناخ وهجرة السكان والتحضر إلى تغيير أنماط انتشار الأمراض المعدية بشكل كبير.
ورغم التقدم في التقنيات الطبية والوعي الصحي إلا أن معدلات الإصابة والوفيات بالأمراض المعدية ظلت ثابتة على مدى العقود القليلة الماضية, [3] ففي مطلع القرن العشرين، كانت الأمراض المعدية السبب الرئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم، مع ارتفاع معدلات الوفيات بين حديثي الولادة والرضع. [4] بحلول عام 2019، انخفضت الأمراض المعدية بين أسباب الوفاة العالمية، حيث شكلت الأمراض المنقولة جنسياً والجهاز التنفسي الغالبية. [5]
ومع ذلك، أدى التحول إلى الأمراض المزمنة غير المعدية إلى تباين كبير في الصحة والاقتصاد، حيث تكافح البلدان النامية لتحقيق تقدم ضد الأمراض المعدية. [6] ففي البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، لا تزال الأمراض المعدية السبب الرئيسي للوفاة. [5]
في سياق الأوبئة العالمية والوطنية للأمراض المعدية، أدى انتقال الخصائص الوبائية وطيف الأمراض المعدية المختلفة إلى آثار جديدة على صحة السكان. ولمدة طويلة، ظلت الأمراض المعدية تهدد صحة الأطفال والمراهقين [7] وحياتهم. وعلى الرغم من أن الطلاب في المدارس يشكلون غالبية الأطفال والمراهقين في مرحلة التعليم الإلزامي، إلا أن هناك نسبة كبيرة من غير الطلاب ممن هم خارج المدرسة، ويتزايد عددهم مع تقدم العمر، خاصة للمراهقين أو الشباب الذين أكملوا مرحلة التعليم الإلزامي. [8، 9]
ففي عام 2018، ترك 258 مليون طفل ومراهق المدرسة على الصعيد العالمي، وقد ارتفع هذا العدد منذ جائحة كوفيد-19، خاصة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. [9، 10]
وعلى الرغم من أن معظم البلدان نفذت إجراءات للوقاية من الأمراض المعدية ومكافحتها في المدارس، خاصةً كرد فعل لجائحة كوفيد-19، إلا أن هذه التدابير والمشاريع كانت قليلة ويصعب تغطيتها والوصول إليها من قبل الأطفال والمراهقين والشباب غير الملتحقين بالمدرسة، وخاصة أولئك الذين تركوا الدراسة أو دخلوا المجتمع في سن مبكر, مما أدى إلى نقص في التقييم الكافي والأدلة على التباين في طيف الأمراض المعدية بين الأطفال والمراهقين والشباب داخل وخارج المدرسة.

لم تحظ فئة الأطفال والمراهقين والشباب غير الملتحقين بالمدرسة أو الذين أتموا التعليم الإلزامي باهتمام كافٍ فيما يتعلق بالوقاية من الأمراض المعدية ومكافحتها. في حين نفذت معظم البلدان تدابير للوقاية من الأمراض المعدية ومكافحتها في المدارس، خاصةً كرد فعل على جائحة كوفيد-19، [11،12،13 ،14 ،15]. إلا أن هذه التدابير لم تشمل بشكل كافٍ هذه الفئة من السكان. وهذا ما أدى إلى تباين كبير بين السكان داخل المدرسة وخارجها من حيث الحالة الاقتصادية والوصول إلى التثقيف الصحي وظروف المعيشة، مما يساهم في اختلاف مستويات التعرض للأمراض المعدية. ففي الواقع، يواجه الأطفال غير الملتحقين بالمدرسة تحديات فريدة مثل محدودية الوصول إلى التثقيف الصحي والإجراءات الوقائية. الاتصال المتزايد بالبالغين المعرضين بشكل أكبر للأمراض المعدية. التعرض للاكتظاظ وعدم النظافة. [15،16،17] وعلى الرغم من أن جهود المراقبة السابقة حددت الأمراض المعدية الرئيسية وتدابيرها ذات الأولوية بين السكان داخل المدرسة، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد احتياجات هذه الفئة من السكان بشكل أفضل. [19،18،8،4]

لا تزال بيانات حالات كوفيد-19 بين الأطفال شحيحة. وتشير أحدث البيانات المنشورة إلى أن الأطفال يشكلون
1-5٪ من حالات كوفيد-19 المؤكدة. في 90٪ من هذه الحالات، يكون المرض بدون أعراض أو خفيف أو معتدل، بينما تكون الوفيات نادرة للغاية. قد تصل نسبة الحالات الشديدة إلى 6.7٪، لكنها تُلاحظ عادةً عند الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عام واحد والذين يعانون من أمراض موجودة مسبقاً. [20]

تشكل أعداد حالات كوفيد-19 بين الأطفال مصدر قلق في العراق والعالم. ففي العراق، أدت القيود المالية إلى اختبار كوفيد-19 بشكل محدود، مستخدمين بشكل أساسي الاختبارات السريعة وبدرجة أقل اختبارات تفاعل البوليمراز المتسلسل لعينات مسحات البلعوم الأنفي. على الرغم من أن هذه القدرة المحدودة للاختبار لا تسمح بتحديد معدل تعريف الحالة الفعلي بدقة، فقد تم تسجيل 115332 حالة إصابة بكوفيد-19 و4535 حالة وفاة حتى 29 يوليو 2020 في العراق [21]. ومن المتوقع أن يستمر ارتفاع حالات كوفيد-19 بناءً على عوامل مختلفة، تشمل:
⦁ تتبع الاتصال النشط.
⦁ الارتقاء بمستوى قدرات الاختبار في جميع أنحاء البلاد.
⦁ الالتزام الضعيف بإرشادات تدابير الوقاية من العدوى.
⦁ تخفيف قيود الحركة، خاصةً في المناطق الفقيرة والمكتظة بالسكان.

ف

ي كردستان العراق، تم الإبلاغ عن أربع حالات من كوفيد-19 للأطفال. [22] ومع ذلك، في جميع أنحاء مناطق أخرى من البلاد، تم اكتشاف 4043 حالة إيجابية للأطفال من بين 946761 عينة تم اختبارها بحلول 28 يوليو 2020 بمعدل إيجابية 0.4٪.
وهذا يشير إلى أن معدل حالات كوفيد-19 للأطفال في العراق يتم التقليل من تقديره. وهناك تفسيرات متعددة لذلك، تشمل:
⦁ المسار السريري المعتدل للمرض عند الأطفال مقارنة بالبالغين، حيث يشبه الأنفلونزا البسيطة مما قد يؤدي إلى عدم انتباه أطباء الأطفال المعالجين لهذه الحالات.
⦁ الوعي المحدود لأطباء الأطفال حول المرض نفسه.
⦁ المعتقدات/المعلومات المضللة الشائعة بين الجمهور حول خطورة المرض.
⦁ قدرة اختبار المعامل المقيدة.

مع الوضع الحالي لنظام الرعاية الصحية المعطل في العراق، والذي يعاني من عقود من الصراع وقلة الاستثمار في الخدمات الصحية، فإن مخاطر الإصابة بكوفيد-19 للأطفال تشكل أزمة إنسانية تتسارع بالفعل. ويمثل الأطفال المصابون بالفيروس مستودعًا للعدوى قد يعمل على نشر العدوى في المجتمع.
وتشير البيانات المتاحة إلى أن الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات في العراق لا تزال تحدث في حالات عالية وتسبب تفشي المرض بسبب التقلبات في تغطية اللقاحات. [23] (80-60٪)
وهذا يعني أن الأطفال في العراق معرضون لخطر الإصابة بأمراض خطيرة يمكن الوقاية منها، مثل الحصبة وشلل الأطفال والسعال الديكي. وهذا بدوره يزيد من خطر إصابتهم بكوفيد-19، مما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة ووفاة.
الحكومة العراقية بحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين نظام الرعاية الصحية وضمان حصول جميع الأطفال على اللقاحات اللازمة. وهذا ضروري لحماية الأطفال من كوفيد-19 والأمراض الأخرى التي يمكن الوقاية منها.
في ظل هذه الأوقات الاستثنائية، تقع على عاتق كل من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) مسؤولية مشتركة محورية تتمثل في تحسين رعاية الأطفال في العراق، وإنقاذ حياتهم، والدفاع عن حقوقهم، وضمان حصولهم على رعاية صحية جيدة، ودعمهم لتحقيق إمكاناتهم، ومنع انتشار الأمراض من خلال تطبيق التدابير التالية:
⦁ تعزيز ممارسات التغذية والنظافة الجيدة.
⦁ تطوير معلومات مناسبة وودية عن كوفيد-19 للأطفال والعائلات
⦁ توفير إمكانية الوصول إلى المياه والغذاء والتعليم والرعاية الصحية.
⦁ التوصية باتباع الإرشادات الوطنية بشأن تدابير الوقاية من كوفيد-19.
⦁ توفير المعدات والمستلزمات اللازمة لإجراء اختبارات كوفيد-19.
⦁ دعوة الحكومة العراقية إلى زيادة الاستثمار في الخدمات الصحية وتكثيف حملات التطعيم لتغطية الأطفال الذين يفوتون التطعيمات، بمجرد احتواء جائحة كوفيد-19.

يعد الاستقصاء المبكر والتسجيل والعزل والإدارة السليمة للحالات وزيادة يقظة أطباء الأطفال والجمهور واتباع ممارسات الوقاية من العدوى وكذلك تطوير اللقاحات المطلوب إطلاقها قريباً تمثل الركيزة الأساسية في السيطرة على حالات كوفيد -19 لدى الأطفال في العراق.

لقد أثرت الأمراض المعدية، وبخاصة جائحة كورونا، بشكل كبير على جميع جوانب الحياة، بما في ذلك التعليم في العراق. واجهت المؤسسات التعليمية تحديات كبيرة في توفير التعليم للطلاب مع الحفاظ على سلامتهم.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أمور مهمة، من أهمها:

⦁ التحديات التي واجهها التعليم في العراق خلال جائحة كورونا:

⦁ إغلاق المدارس والجامعات: تم إغلاق جميع المؤسسات التعليمية في العراق في عام 2020 للحد من انتشار فيروس كورونا.
⦁ التحول إلى التعليم عن بعد: واجهت العديد من المؤسسات التعليمية صعوبات في الانتقال إلى التعليم عن بعد بسبب نقص البنية التحتية الرقمية والمهارات لدى الطلاب والمعلمين.
⦁ التباين في فرص التعلم: واجه الطلاب في المناطق الريفية والفقيرة صعوبات أكبر في الوصول إلى التعليم عن بعد بسبب نقص الإنترنت والأجهزة الإلكترونية.
⦁ التأثير على التحصيل الدراسي: أظهرت الدراسات أن التعليم عن بعد كان له تأثير سلبي على التحصيل الدراسي للطلاب.
⦁ التأثيرات النفسية: واجه الطلاب والمعلمون ضغوطًا نفسية كبيرة بسبب الوباء والحجر الصحي.

⦁ الجهود المبذولة للتغلب على التحديات التي واجهها التعليم في العراق خلال جائحة كورونا:

⦁ وزارة التربية: قامت وزارة التربية بتطوير منصة تعليمية إلكترونية لتوفير مواد تعليمية للطلاب تضمنت هذه المواد: دروسًا مصورة، كتبًا إلكترونية، تمارين تفاعلية.
⦁ الجامعات: قامت بعض الجامعات بتطوير منصات تعليمية إلكترونية خاصة بها، بينما اعتمدت جامعات أخرى على منصات خارجية تضمنت هذه المنصات: محاضرات مسجلة، ندوات عبر الإنترنت، اختبارات تقييمية.
⦁ منظمات المجتمع المدني: قدمت بعض منظمات المجتمع المدني مساعدة للمؤسسات التعليمية في توفير التكنولوجيا والأدوات اللازمة للتعليم عن بعد تضمنت هذه المساعدة: توفير أجهزة كمبيوتر محمولة للطلاب ، توفير الإنترنت للمناطق الريفية، تدريب المعلمين على استخدام أدوات التعليم عن بعد.

⦁ التوصيات لتحسين التعليم في العراق:

⦁ الاستفادة من المنصات التعليمية الإلكترونية: هناك العديد من المنصات التعليمية الإلكترونية المتاحة التي يمكن للطلاب الاستفادة منها لتعلم مهارات جديدة أو مراجعة المواد الدراسية.
⦁ التواصل مع المعلمين: من المهم التواصل مع المعلمين بشكل منتظم للحصول على المساعدة والدعم.
⦁ الحفاظ على التحفيز: من المهم للطلاب الحفاظ على تحفيزهم وتركيزهم على دراستهم.
⦁ تطوير مهارات التعليم عن بعد: من المهم للمعلمين تطوير مهاراتهم في التعليم عن بعد لضمان فعالية العملية التعليمية.
⦁ التواصل مع الطلاب: من المهم للمعلمين التواصل مع الطلاب بشكل منتظم لضمان فهمهم للمواد الدراسية.
⦁ استخدام أدوات تفاعلية: من المهم للمعلمين استخدام أدوات تفاعلية لجذب انتباه الطلاب وجعلهم يشاركون بشكل فعال في العملية التعليمية

References
1.Li Q. Guan X. Wu P. et al.
Early transmission dynamics in Wuhan, China, of novel coronavirus-infected pneumonia.
N Engl J Med. 2020; 382: 1199-1207

2.Adler H. Gould S. Hine P. et al.
Clinical features and management of human monkeypox: a retrospective observational
study in the UK.
Lancet Infect Dis. 2022; 22: 1153-1162

3.Wang L. Wang Y. Jin S. et al.
Emergence and control of infectious diseases in China.
Lancet. 2008; 372: 1598-1605

4.Fingerhut L.A. Kleinman J.C.
Trends and current status in childhood mortality, United States, 1900-1985.
J Vital Health Stat. 1989; 3: 1-44

5.WHO
Leading causes of death and disability.
(Available from:)
https://www.who.int/data/stories/leading-causes-of-death-and-disability-2000-2019-a-visual-summary Date: 2020

6.Cohen M.L.
Changing patterns of infectious disease.
Nature. 2000; 406: 762-767
7. WHO Why Infectious Diseases Are Still a Problem. and Surveillance Is Still Required [EB] [(accessed on 9 October 2018)]; Available online: [Available from: http://www.who.int/csr/resources/publications/introduction/en/index1.html

8.Statistics U.I.f.
Out-of-school children and youth.
(Available from:)
https://uis.unesco.org/en/topic/out-school-children-and-youth Date: 2021

9.Fernandez D. Vigo D. Sampson N.A. et al.
Patterns of care and dropout rates from outpatient mental healthcare in low-, middle- and high-income countries from the World Health Organization’s World Mental Health Survey Initiative.
Psychol Med. 2021; 51: 2104-2116

10.Nations U.
Ensure inclusive and equitable quality education and promote lifelong learning opportunities for all.
(Available from:)
https://unstats.un.org/sdgs/report/2020/goal-04/ Date: 2020

11.World Health Organization
Considerations for school-related public health measures in the context of COVID-19.
(Available from:)
https://www.who.int/publications/i/item/considerations-for-school-related-public-health-measures-in-the-context-of-covid-19 Date: 2020

12.World Health Organization
Coronavirus disease (COVID-19): schools.
(Available from:)
https://www.who.int/emergencies/diseases/novel-coronavirus-2019/question-and-answers-hub/q-a-detail/coronavirus-disease-covid-19-schools?gclid=EAIaIQobChMIn6uMxNfl_QIVsgGtBh3nfQcMEAAYASAAEgLkN_D_BwE Date: 2020

13.World Health Organization Health promoting schools. (Available from)
https://www.who.int/health-topics/health-promoting-schools#tab=tab_1 Date: 1997

14.CDC
School health guidelines to prevent unintentional injuries and violence.
(Available from:)
https://www.cdc.gov/mmwr/preview/mmwrhtml/rr5022a1.htm Date: 2001

15.Vaal S.R.
Poverty and education.
2009

16.Jukes M. Simmons S. Bundy D.
Education and vulnerability: the role of schools in protecting young women and girls from HIV in southern Africa.
AIDS. 2008; 22: S41-S56

17.Hanushek E.A. Woessmann L.
Knowledge capital, growth, and the East Asian miracle.
Science. 2016; 351: 344-345

18.Li G. Jiang Y. Zhang L.
HIV upsurge in China’s students.
Science. 2019; 364: 711

19.Huang J. Liao Q. Ooi M.H. et al.
Epidemiology of recurrent hand, foot and mouth disease, China, 2008–2015.
Emerg Infect Dis. 2018; 24: 432-442

20. Tezer H, Bedir Demirdağ T. Novel coronavirus disease (COVID-19) in children. Turk J Med Sci. 2020;50:592–603. doi: 10.3906/sag-2004-174.

21. Worldometer. Coronavirus. World/Countries/Iraq: [Accessed: Aug 2020]. From: www.worldometers.info/coronavirus/country/iraq/

22. Merza MA, Haleem Al Mezori AA, Mohammed HM, Abdulah DM. COVID-19 outbreak in Iraqi Kurdistan: The first report characterizing epidemiological, clinical, laboratory, and radiological findings of the disease. Diabetes Metab Syndr. 2020;14:547–54. doi: 10.1016/j.dsx.2020.04.047.

23. Lafta R, Hussain A. Trend of vaccine preventable diseases in Iraq in time of conflict. Pan Afr Med J. 2018;31:130. doi: 10.11604/pamj.2018.31.130.16394.