الصيام يحسن الصحة ويطيل العمر

في بحث جديد بعنوان “الصيام ينشط وظائف خلايا الأمعاء الجذعية خلال عملية الإصلاح الذاتي والشيخوخة” أجراه باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT ونُشرت نتائجه الخميس الثالث من شهر “مايو 2018”  بمجلة Cell Stem Cell، تناول هذا البحث علاقة الصيام وزيادة قدرة خلايا الأمعاء الجذعية على النمو والتجدد في مراحل النمو العمرية المختلفة وبالأخص في مرحلة الشيخوخة والتي تتعطل خلالها مقدرة خلايا الأمعاء على النمو والتجديد، بما يمثل صعوبة الشفاء عند حدوث إصابات أو جروح أو عدوى ميكروبية، تلك الحالات تتطلب نمواً وتجديداً في الخلايا حتى تعوض الخلايا التالفة.

قام الباحثون بتجويع مجموعة من الفئران مدة 24 ساعة، ومجموعة أخرى غذيت بصوة طبيعية، ومن خلال الملاحظة والفحوصات، اكتشف فريق البحث أن الفئران التي تعرضت للجوع “الصيام” مدة 24 ساعة قد زاد فيها -بصورة سريعة ومذهلة- نشاط وبالتالي قدرة خلايا الأمعاء الجذعية على النمو والانقسام والتجديد. التفسير العلمي لما حدث من تأثير إيجابي للصيام على الفئران والذي كشف عنه الباحثون يتمثل في أن الخلايا في حالة الصيام تبدأ في تكسير وأكسدة الأحماض الدهنية لتكون بديلاً عن الجلوكوز (حرق دهون) وذلك من أجل الحصول على الطاقة، هذا التغيير من شأنه أن يحفز الخلايا الجذعية ويجعلها أكثر نشاطاً وقدرة على الانقسام والتجدد، ومن ثم إصلاح وتعويض ما يتم تحطيمه وتلفه، هذا إضافة إلى أن الصيام يسرّع وينشط أيضاً عمليات الأيض في الخلايا، بما يساعد كبار السن في الشفاء من أي إصابات –وهي محتملة في هذا السن- قد تحدث في الأمعاء، وكذلك في مرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج الكيماوي.

من مأثور القول عند العرب “المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء”، ومنذ عقود عديدة أوضح العلماء أن تناول الناس للقليل من السعرات يعمل على تحسين صحتهم ويطيل في أعمارهم. المعروف ومن خلال دراسات سابقة أن الخلايا الجذعية في الأمعاء هي المسئولة عن الحفاظ على سلامة الأمعاء من خلال نموها وتجديد نفسها كل خمسة أيام، وعندما تصاب الأمعاء بالميكروبات أو يحدث فيها جروح، فإن خلايا الجذعية في الأمعاء هي مفتاح حل تلك المشاكل وإصلاح ما حدث من تلف. ومع التقدم في العمر -الشيخوخة- تقل قدرة الخلايا الجذعية على القيام بعملية الإصلاح تلك، الأمر الذي يستغرق وقتاً طويلاً حتى تتحسن قدرة الخلايا على الإصلاح.

لكن وكما تشير نتائج تلك الدراسة، فإن الصيام يضاعف مقدرة خلايا الأمعاء الجذعية على النمو والتجدد وزيادة في معدل الإصلاح الذاتي. حيث أوضحت الفحوصات الجزيئية والمتمثلة في قياس والتعرف على التتابع الجيني أو النيوكليوتيدي للحمض النووي “آر إن إيه RNA” في خلايا الأمعاء الجذعية للفئران التي خضعت للصيام فترة 24 ساعة، حيث تبين لفريق البحث أن الصيام حثَّ الخلايا على تغيير مسار الأيض بها، حيث تم إستهلاك أو تكسير السكريات لأيض الأحماض الدهنية، مما حفز ونشط عوامل النسخ والتي تسمي peroxisome proliferate-activated receptors (PPARs) تلك العوامل من البروتينات عبارة عن مستقبِلات نووية تلعب دوراً رئيسياً وتنظيمياً في التعبير الجيني وفي عمليات الإصلاح الداخلي وكذلك في وظائف الخلايا الأيضية، ومن ثمّ فهي هامة لتطور ونمو وتجدد الخلايا. هذا وتفتح عوامل النسخ تلك عمل العديد من الجينات.

أضاف الباحثون أنه لمساعدة الأشخاص كبار السن الذين يصعب عليهم الصيام في إستعادة حيوية وقدرة خلايا الأمعاء الجذعية لديهم، فينصحونهم بتناول العقاقير العلاجية التي تعمل بنفس الآلية لما يفعله الصيام، تلك العقاقير تعتبر بديلاً كي يتغلبوا على شيخوخة الخلايا، وكذلك لمرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج الكيماوي، حيث أن هذا النوع من العلاج غالباً يؤذي ويحطم خلايا الأمعاء. قال تعالى في سورة البقرة ” وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعملون”.

المصدر:
http://arsco.org/article-detail-1134-14-0