العديد من العوامل قد تلعب دوراً في اصابتك بالزهايمر، من بينها ما بينته الدراسة الاتية عن العلاقة ما بين عادات النوم المتقلب واصابتك بالزهايمر!

السهر ليلا…… قد يزيد من احتمالات اصابتك بمرض الزهايمر، هذا هو الخبر الذي تم نشره مؤخرا في صحيفة الديللى ميل. فقد اكتشفت دراسة امريكية حديثة ثمة علاقة بين طبيعة النوم المتقلب وبين وجود مستويات عالية من مجموعات البروتين غير الطبيعية داخل الدماغ (معروفة تحت اسم لوحيات بيتا اميلويد). الا انه لم يتم اثبات العلاقة السببية بين نوعية النوم ومرض الزهايمر.

اجريت هذه الدراسة على 26 شخص بالغ من المتقدمين في السن نسبيا، والذين كان قد تم اجراء التحليلات لهم عن طريق  اجراء المسح  للدماغ لقياس وتحديد مقدار لويحات البروتين داخل ادمغتهم. وقد وجد الباحثون ان هناك صلة بين مقدار اللويحات البروتينة الزائدة وبين قلة النوم العميق اثناء الليل. وكان هذا ايضا بدوره مرتبط بانخفاض القدرة على تذكر مفردات الزوجية لاختبار الليلة السابقة.

جدير بالذكر ان هذه الصلة تعتبر فقط صلة او ارتباط قد ظهر اثناء اجراء دراسة على عينة عشوائية. لم تستطع الدراسة ان تثبت ان اللويحات البروتينية تلك هي التي سببت الارق في النوم و الاداء المتدني في اختبار الذاكرة ام ان قلة النوم هي التي تسببت في نمو تلك اللويحات. العديد من العوامل الغير قابلة للقياس يمكن تحسب على تلك النتائج، منها على سبيل المثال صعوبة النوم في المختبر.

اضافة الى ذلك، وعلى الرغم من عناوين وسائل الاعلام، لم تتمكن تلك الدراسة ان تظهر ما ان كان تحسين نوعية النوم من شانه ان يقلل من خطر الاصابة بمرض الزهايمر او ابطاء تقدمه، فالمشاركون لم يكونوا يعانون من اي اعراض خرف، وقد تم اجراء الفحوصات عليهم في فترة زمنية واحدة.

من اين نشات القصة؟ 

قام بهذه الدراسة مجموعة من الباحثين في جامعة كاليفورنيا ومركز كاليفورنيا باسيفيك الطبي ومختبر لورانس بيركلى الوطنى، وقد تم تمويلها من قبل المعاهد الوطنية الامريكية للصحة. وقد تم نشر الدراسة في المجلة الطبية لعلوم الاعصاب. كانت بعض تقارير وسائل الاعلام في المملكة المتحدة غير دقيقة. على سبيل المثال فقد كتبت “الديللى ميرور” ان البالغين المحرومين من النوم المنتظم تكون لديهم اعلى المستويات من البيتا اميلويد، في حين ان ذلك لم يتم تحديده في الدراسة. كما ان اسلوب نوم المشاركين لم يتم رصده الا لليلة واحدة فالباحثين لم يقوموا بتقييم اساليب نومهم المعتادة او اخذ ذلك في حساباتهم. كما ان ادعائهم بان الدراسة قد كشفت ايضا ان هناك حلقات مفرغة لا يقوم البروتين فيها بافساد الذاكرة فقط بل ايضا ينمى من اضطراب النوم، يعتبر غير صحيح فلم يتم العثور على ذلك في الدراسة فكل ذلك كان عبارة عن تكهنات من قبلهم.

ايضا قامت “الديللى ميل” بالمبالغة في نتائج الدراسة ولم تكتب حول محدودية تلك الدراسة.

 

اي نوع من الابحاث كانت تلك؟

كانت هذه دراسة مقطعية تبحث حول الصلة بين لوحيات البيتا اميلويد وقلة النوم وعجز الذاكرة. هذا النوع من الدراسات والابحاث لا يستطيع اثبات السبب والتاثير الا انه يمكن ان يعزز معرفتنا بالصلة بين تلك العوامل.

ان بروتينات مولدات البيتا اميلويد تعتبر بروتينات كبيرة موجودة على اسطح الخلايا وتعتبر ضرورية لاصلاح ونمو الخلايا العصبية.

  ومع ذلك، فانه يمكن تقسيمها الى اجزاء تسمى الواحدة منها بيتا اميلويد. بروتينات البيتا اميلويد تلك ترتبط مع بعضها مشكلة الياف طويلة تتراكم لتشكل لويحات. يحدث هذا عند الشيخوخة الطبيعية الا انه يحدث بشكل اكبر بكثير عند المصابين بمرض الزهايمر . عادة ما تبدا اللويحات في الزهور في المادة الرمادية التي تسمى القشرة المخية. وتعتبر تلك اللويحات مرتبطة بفقدان الذاكرة الا ان الالية الدقيقة لذلك غير معروفة.

اراد الباحثون التقصي حول نظريتهم بان اللويحات قد تسبب فقدان الذاكرة، وذلك عبر النوم ذو الحركة غير السريعة للعين. هذا الجزء من دورة النوم يحدث خلال:

  • المرحلة الاولى: عند بدء الذهاب للنوم
  • المرحلة الثانية: النوم الخفيف
  • المرحلة الثالثة: النوم العميق، عندها يصلح الجسم من ذاته ويعيد بناء الانسجة ويقوى جهازه المناعي.

اثناء النوم ليلا، وبعد حوالى 90 دقيقه يتغير النوم ذو الحركة غير السريعة للعين الا نوم ذو حركة عين سريعة لمدة 10 دقائق تقريبا.

النوم ذو الحركة السريعة للعين هو الذي تحدث فيه الاحلام. ثم تكرر الدائرة مرة اخرى حيث يتم العودة الا النوم ذو حركة العين غير السريعة وبالتدريج تزداد فترة النوم ذو حركة العين السريعة كلما تقدم الليل.

على من قد تمت الدراسة؟

قام الباحثون باشراك 26 شخص بالغ متقدم في السن غير مصابين بضعف الادراك. كان قد تم اجراء فحص ادمغة المشاركين لتحديد كميات لويحات بيتا اميلويد وتم اجراء اختبار المفردات الزوجية للكلمات قبل وبعد ليلة النوم في المختبر وذلك لاختبار قدرتهم على استحضار الذاكرة.

لم يكن يعانى المشاركون في الدراسة من اي اعراض للخرف او مشاكل عقلية او من اضطرابات في النوم، كما خضع كل مشارك لفحص دماغي عن طريق تصوير مقطعي بالاصدار البوزيترونى، لتحديد تراكم كمية بروتينات البيتا اميلويد  التي قد نمت في المادة الرمادية للدماغ. 

بعد ذلك كان يتم اجراء اختبار المفردات الزوجية للكلمات قبل وبعد ليلة النوم في المختبر، كان يتم تحديد مقدار النوم ذو الحركة السريعة للعين والنوم ذو الحركة غير السريعة للعين عن طريق مخطط كهربية الدماغ وهو الاختبار الذي يقيس النشاط الكهربائى لدماغ. كان اختبار المفردات الزوجية للكلمات يشتمل على تعلم مجموعة من الكلمات ذات المفردات الزوجية، كان يتم اختبار الذاكرة اليومية القصيرة عن طريق الطلب من المشاركين تذكر بعض المفردات المزدوجة بعد 10 دقائق. اما اختبار الذاكرة اليومية الطويلة فكان يتم اجراءه اليوم التالي حيث يطلب منهم تذكر بقية الكلمات. كان ذلك يتم ايضا مع اجراء تصوير سلوكي ووظيفي  بالرنين المغنطيسي للدماغ حتى يستطيع الباحثين النظر ومعرفة اي المناطق من مناطق الدماغ تعتبر نشطة مثل منطقة الحصين المسؤولة عن الذاكرة.

تمارين لتقوية الذاكرة!

ماذا كانت النتائج الاساسية؟

زيادة بروتين البيتا اميلويد في قشرة الفص الجبهى الوسطى من الدماغ، وكانت مرتبطة بتقليل فترة النوم ذو الحركة الغير سريعة للعين. وبشكل خاص كانت مرتبطة بنشاط موجى بدرجة تردد اقل من 1 هيرتز، وظلت هذه النتائج هامة بعد ضبط عوامل السن وحجم المادة الرمادية. لم يكن مرتبط بروتين البيتا اميلويد المتواجد في مناطق اخرى من الدماغ بالنوم ذو الحركة الغير سريعة للعين او ببطء الحركة الموجية لاقل من 1 هرتز.

التقليل من النوم ذو الحركة الغير سريعة للعين ذو الموجة البطيئة وزيادة بروتين البيتا اميلويد في قشرة الفص الوسطى الجبهى للدماغ كان مرتبطا بضعف الذاكرة عن احداث الليلة الماضية، كما كان مرتبط ايضا بزيادة في نشاط منطقة الحصين الدماغية.

لم تكن كمية بروتين البيتا اميلويد مرتبطة بشكل مباشر مع القدرة الضعيفة على تكوين ذكريات جديدة. كانت الصلة تنشا فقط عند ادخال تقليل النوم ذو الحركة الغير سريعة للعين في الاحصاءات.

كيف قام الباحثون بتفسير النتائج؟

خلص الباحثون الى ان تلك النتائج ” علاقة اضطرابات النوم كالية” يمكن من خلالها ان تساهم باثولوجيا البيتا اميلويد في علاج التدهور المعرفي ذو الصلة بمنطقة الحصين لدى كبار السن، فهم يرون ان علم البيتا اميلويد للقشرة الدماغية مرتبط بالتذبذبات الموجبة البطيئة للنوم ذو حركة العين غير السريعة وفى المقابل تعزيز ذاكرة المدى الطويل المعتمدة على منطقة الحصين الدماغية.

ذهب الباحثون للتكهن من تجارب ودراسات الحيوانات السابقة بان اضطراب النوم ذو حركة العين الغير سريعة يعزز من بناء لويحات البيتا اميلويد وان هذا فيما بعد يؤدى الى تقليل مقدار النوم ذو الحركة السريعة للعين منشا دائرة مفرغة. ومع ذلك فانه من الواضح ان هذا الامر يعتبر نظريا ولم يتم اثباته في تلك الدراسة.

الخاتمة:

توصلت هذه الدراسة الصغيرة التي اجريت على 26 شخص من البالغين كبار السن الى وجود ثمة  صلة بين بناء لويحات البروتين في الدماغ والنوم غير الجيد او المريح وصعوبة تذكر احداث الليلة السابقة.

الحدود الرئيسية لتلك الدراسة هو التصميم المستعرض (المقطعي) للدراسة. وهذا يعنى ان الدراسة لا تستطيع اثبات ان نمو لويحات بروتين البيتا اميلويد قد يتسبب في قلة النوم الهانئ او ان اي منهما قد يتسبب في صعوبات الذاكرة. ايضا لم تظهر الدراسة ان النوم غير الهانئ ينمى من بناء اللويحات وان هذا يمكن ان يكون ذو علاقة بداء الزهايمر. كما ان هناك عوامل اخرى تؤخذ على النتائج مثل صعوبة النوم في اجواء المختبرات.

اضافة الى ذلك، فبالرغم مزاعم وادعاء وسائل الاعلام فان تلك الدراسة قد تمت في فترة زمنية محددة وبالتالي لا يمكنها اظهار ان زيادة النوم ذو الحركة غير السريعة للعين يمكنه ان يقلل من مخاطر الخرف مثل داء الزهايمر او يبطئ من تطوره.

عموما، تعتبر هذه الدراسة شيقة الا انه ما زال هناك حاجة الى المزيد من الدراسات التي تعتمد على الفترات الممتدة الطويلة وذلك لفهم افضل لتلك العلاقة. وفى النهاية نقول ان النوم الهانئ المريح له العديد من الفوائد التي تزيد من الصحة والنشاط.