نظرة تاريخية

 أدرك الأطباء قديماً ضرورة ربط العلاج بالدين وأهمية النظر إلى المريض كإنسان مكون من جسد وروح. وعلى أثر تصادم الدين بالعلم في أواخر القرون الوسطى، بدأ الطب الغربي كما هو الحال بالنسبة لباقي العلوم ينظر إلى الدين على أنه عقبة في طريق العلم.

-ومن هنا حدث الفصام بين الدين والعلم، ونتيجة لذلك يتخرج الأطباء اليوم من كليات الطب ولم يحصلوا على القدر الكافي من الجانب الروحي في التشخيص والعلاج.

-وقد أدركت الأوساط الطبية حديثا أهمية التركيز على الجانب الروحاني أو الديني مع الأخذ بعين الاعتبار الاعتقادات الدينية للمريض لما في ذلك من أثر هام لتقدم حالة المريض الصحية وتماثله للشفاء.

-ففي الولايات المتحدة توجد حالياً ما يزيد عن 60 كلية طب تدرس ضمن مناهجها العلاج الروحاني لطلبة كلية الطب.

 الطب رسالة إنسانية وروحانية

-إن الممارسة الطبية السليمة تقتضي من الطبيب أن يلم بالقيم التي يتشبث بها المريض والمبادئ والتصورات التي ينظم على أساسها حياته، وذلك أن الكثير من الناس يعتبر الميول الدينية أو الروحانية هي محور حياته وعنوان وجوده.

-إن الطبيب الذي ينظر إلى مهنته على أنها باب لكسب الرزق وتحسين مستوى العيش وحسب لن ينجح في تطبيق هذه المفاهيم، حيث أن فاقد الشيء لا يعطيه، ولذلك حتى يتمكن الطبيب من تطبيق هذه المفاهيم والتأثير على المريض والأخذ بيده لا بد أن يتحلى هو بدايةً بهذه المعاني، ولا بد أن تكون له نوازع دينية وأخلاقية.

-إلا أن مهمة الأخذ بيد المريض والحوار معه ودعمه نفسيا وروحانيا لا تقتصرعلى الطبيب فحسب، بل قد يقوم بذلك أعضاء اّخرون في الفريق الطبي أو بعض أهل المريض المؤهلون والقادرون على أداء هذه المهمة.

كيف تقيم الخلفية الدينية للمريض؟

قبل تقديم التوجيه الروحاني والدعم النفسي لابد من توجيه بعض الأسئلة للمريض وذلك للتعرف على معتقدات المريض ونوازعه الداخلية، وذلك مثل:

-ما رأيك فيما يحدث معك من المرض ومضاعفاته؟

-هل لديك تفسير لما يحدث معك من ناحية دينية ؟

-ماذا تفعل لكي تتأقلم مع هذه الظروف الصعبة؟

-هل لديك وازع ديني قوي؟ هل تعتبر نفسك متدينا؟

 قد يسأل المريض أسئلة مثل:

-لماذا يحصل هذا لي؟

-أنا لم أفعل شيئا في حياتي لأستحق كل هذا. هل هذا عقاب من الله؟

-ماذا سيحدث لي؟

 وفي المقابل، قد تتعامل مع مريض من الله عليه بإيمان قوي راسخ ونفس راضية مطمئنة فيقول:

-هذا ابتلاء من الله تعالى، وأحمد الله على كل حال.

-أسأل الله تعالى أن يكون هذا كفارة عن ذنوبي.

-أحمد الله تعالى فلا زال لدي الكثير من النعم التي تستحق الشكر.

-هذا قضاء وقدر، وأنا أرضى بقضاء الله.

 عند تقديم العلاج الروحاني للمريض ينصح بالتالي:

-استمع للمريض بحرص وافسح له المجال للحديث بحرية، ولاتقاطعه أو تهاجمه إذا كان كلامه منافيا لعقيدتك.

-حاول أن تلعب دور المستمع، واستعمل طريقة “الاستماع الايجابي “، وهذا يعني الإصغاء باهتمام مع إضافة بعض التعليقات والأسئلة الموجهة أثناء الحوار مع المريض.

-إذا سألك سؤالا مثل: لماذا حدث هذا لي؟ ما تتوقع أن يحدث لي؟ ، اسأله وقل له: هذا سؤال هام، أخبرني لماذا تسأل هذا السؤال؟

-تنبه أن المريض لن يتبع خطة أو أسلوب تقترحه أنت عليه، ولكنه سيكون حريصا على تطبيق الأفكار التي يطرحها بنفسه. ولذلك اسأله: “لابد أن لديك وسائل للتعامل مع هذه الظروف، قل لي ماذا يمكن أن تفعل؟”  وتأتي مهمتك بعدها لمساعدته على تطبيق هذه الوسائل.

-قد يكون من المفيد بعد ذلك تقديم اقتراحات مثل أن تسرد له قصص مرضى آخرين أو تجارب شخصية خضتها أنت قد تساعد على إلهام المريض لأفكار جديدة.

-الهدف الأساسي هنا هو إيجاد معنى لحياة هذا المريض. فالكثير من المرضى ينهارعندما يتعرض أحدهم لمرض عضال فيفقد شعوره بمعنى الحياة. ولذلك بأتي هنا أهمية وضع أهداف قريبة المدى ضمن إمكانيات المريض الصحية، والمريض هو الذي يحدد هذه الأهداف ونساعده نحن على تحقيقيها.

-شعور المريض بأهميته كإنسان هو عامل هام في حالته الروحانية. ولذلك لابد أن يشعر المريض أن مسؤوليته سواء كانت كأب أو زوج أو أخ أو فرد في المجتمع أو تجاه خالقه لم تنتهي ولديه الكثير مما يقدمه. ولابد للأهل والمجتمع أيضا أن يقدر هذا الأمر، وأن ينظر للمريض على انه إنسان له أهميته وليس على أنه إنسان عاجزينتظر الشفقة .

-من أجمل ما كتب تأثير الدين في تسليم المريض لإرادة الله تعالى و الرضا بالقدر ما ذكره روني كوهن “عندما كنت طفلاً، كانت أمي تستعمل إبر المغزل لتنسج لنا ملابس من الصوف، كنت أجلس قرب قدمها وأراقب ما تعمل. كل ما كنت أراه هو خيوط الصوف وهي تشق طريقها جيئةً وذهاباً، ولم أكن أدرك سبباً لهذه الحركات ولم أدرك لها جدوى أو معنى. عندما كبرت قليلاً استطعت أن أنظر بشكل أعمق لهذه الحركات وأن أرى الصورة بشكل أوضح. عندما بدأت خيوط الصوف تشكل ثوباً أنيقاً رائعاً، أدركت بشكل جلي أهمية هذه الحركات بكل إيقاعاتها وتناغمها. أدركت أيضاً أهمية وجود الخيوط السوداء التي بدت لي كئيبة ومقيتة لأول وهلة، وتغيرت الصورة عندما رأيت الجلال والعمق الذي تضفيه هذه الخيوط السوداء بين الألوان الأخرى، تماماً كما تضفي المحن والأزمات معنى روحاني سامي لمعنى الحياة. كل لحظة وكل موقف تمر به له معنى وله دلالة، حتى اللحظات الصعبة والأليمة، ونحن لا ندرك ذلك لقلة إدراكنا، وضيق رؤيتنا”. 

نظرة تاريخية

 أدرك الأطباء قديماً ضرورة ربط العلاج بالدين وأهمية النظر إلى المريض كإنسان مكون من جسد وروح. وعلى أثر تصادم الدين بالعلم في أواخر القرون الوسطى، بدأ الطب الغربي كما هو الحال بالنسبة لباقي العلوم ينظر إلى الدين على أنه عقبة في طريق العلم.

-ومن هنا حدث الفصام بين الدين والعلم، ونتيجة لذلك يتخرج الأطباء اليوم من كليات الطب ولم يحصلوا على القدر الكافي من الجانب الروحي في التشخيص والعلاج.

-وقد أدركت الأوساط الطبية حديثا أهمية التركيز على الجانب الروحاني أو الديني مع الأخذ بعين الاعتبار الاعتقادات الدينية للمريض لما في ذلك من أثر هام لتقدم حالة المريض الصحية وتماثله للشفاء.

-ففي الولايات المتحدة توجد حالياً ما يزيد عن 60 كلية طب تدرس ضمن مناهجها العلاج الروحاني لطلبة كلية الطب.

 الطب رسالة إنسانية وروحانية

-إن الممارسة الطبية السليمة تقتضي من الطبيب أن يلم بالقيم التي يتشبث بها المريض والمبادئ والتصورات التي ينظم على أساسها حياته، وذلك أن الكثير من الناس يعتبر الميول الدينية أو الروحانية هي محور حياته وعنوان وجوده.

-إن الطبيب الذي ينظر إلى مهنته على أنها باب لكسب الرزق وتحسين مستوى العيش وحسب لن ينجح في تطبيق هذه المفاهيم، حيث أن فاقد الشيء لا يعطيه، ولذلك حتى يتمكن الطبيب من تطبيق هذه المفاهيم والتأثير على المريض والأخذ بيده لا بد أن يتحلى هو بدايةً بهذه المعاني، ولا بد أن تكون له نوازع دينية وأخلاقية.

-إلا أن مهمة الأخذ بيد المريض والحوار معه ودعمه نفسيا وروحانيا لا تقتصرعلى الطبيب فحسب، بل قد يقوم بذلك أعضاء اّخرون في الفريق الطبي أو بعض أهل المريض المؤهلون والقادرون على أداء هذه المهمة.

كيف تقيم الخلفية الدينية للمريض؟

قبل تقديم التوجيه الروحاني والدعم النفسي لابد من توجيه بعض الأسئلة للمريض وذلك للتعرف على معتقدات المريض ونوازعه الداخلية، وذلك مثل:

-ما رأيك فيما يحدث معك من المرض ومضاعفاته؟

-هل لديك تفسير لما يحدث معك من ناحية دينية ؟

-ماذا تفعل لكي تتأقلم مع هذه الظروف الصعبة؟

-هل لديك وازع ديني قوي؟ هل تعتبر نفسك متدينا؟

 قد يسأل المريض أسئلة مثل:

-لماذا يحصل هذا لي؟

-أنا لم أفعل شيئا في حياتي لأستحق كل هذا. هل هذا عقاب من الله؟

-ماذا سيحدث لي؟

 وفي المقابل، قد تتعامل مع مريض من الله عليه بإيمان قوي راسخ ونفس راضية مطمئنة فيقول:

-هذا ابتلاء من الله تعالى، وأحمد الله على كل حال.

-أسأل الله تعالى أن يكون هذا كفارة عن ذنوبي.

-أحمد الله تعالى فلا زال لدي الكثير من النعم التي تستحق الشكر.

-هذا قضاء وقدر، وأنا أرضى بقضاء الله.

 عند تقديم العلاج الروحاني للمريض ينصح بالتالي:

-استمع للمريض بحرص وافسح له المجال للحديث بحرية، ولاتقاطعه أو تهاجمه إذا كان كلامه منافيا لعقيدتك.

-حاول أن تلعب دور المستمع، واستعمل طريقة “الاستماع الايجابي “، وهذا يعني الإصغاء باهتمام مع إضافة بعض التعليقات والأسئلة الموجهة أثناء الحوار مع المريض.

-إذا سألك سؤالا مثل: لماذا حدث هذا لي؟ ما تتوقع أن يحدث لي؟ ، اسأله وقل له: هذا سؤال هام، أخبرني لماذا تسأل هذا السؤال؟

-تنبه أن المريض لن يتبع خطة أو أسلوب تقترحه أنت عليه، ولكنه سيكون حريصا على تطبيق الأفكار التي يطرحها بنفسه. ولذلك اسأله: “لابد أن لديك وسائل للتعامل مع هذه الظروف، قل لي ماذا يمكن أن تفعل؟”  وتأتي مهمتك بعدها لمساعدته على تطبيق هذه الوسائل.

-قد يكون من المفيد بعد ذلك تقديم اقتراحات مثل أن تسرد له قصص مرضى آخرين أو تجارب شخصية خضتها أنت قد تساعد على إلهام المريض لأفكار جديدة.

-الهدف الأساسي هنا هو إيجاد معنى لحياة هذا المريض. فالكثير من المرضى ينهارعندما يتعرض أحدهم لمرض عضال فيفقد شعوره بمعنى الحياة. ولذلك بأتي هنا أهمية وضع أهداف قريبة المدى ضمن إمكانيات المريض الصحية، والمريض هو الذي يحدد هذه الأهداف ونساعده نحن على تحقيقيها.

-شعور المريض بأهميته كإنسان هو عامل هام في حالته الروحانية. ولذلك لابد أن يشعر المريض أن مسؤوليته سواء كانت كأب أو زوج أو أخ أو فرد في المجتمع أو تجاه خالقه لم تنتهي ولديه الكثير مما يقدمه. ولابد للأهل والمجتمع أيضا أن يقدر هذا الأمر، وأن ينظر للمريض على انه إنسان له أهميته وليس على أنه إنسان عاجزينتظر الشفقة .

-من أجمل ما كتب تأثير الدين في تسليم المريض لإرادة الله تعالى و الرضا بالقدر ما ذكره روني كوهن “عندما كنت طفلاً، كانت أمي تستعمل إبر المغزل لتنسج لنا ملابس من الصوف، كنت أجلس قرب قدمها وأراقب ما تعمل. كل ما كنت أراه هو خيوط الصوف وهي تشق طريقها جيئةً وذهاباً، ولم أكن أدرك سبباً لهذه الحركات ولم أدرك لها جدوى أو معنى. عندما كبرت قليلاً استطعت أن أنظر بشكل أعمق لهذه الحركات وأن أرى الصورة بشكل أوضح. عندما بدأت خيوط الصوف تشكل ثوباً أنيقاً رائعاً، أدركت بشكل جلي أهمية هذه الحركات بكل إيقاعاتها وتناغمها. أدركت أيضاً أهمية وجود الخيوط السوداء التي بدت لي كئيبة ومقيتة لأول وهلة، وتغيرت الصورة عندما رأيت الجلال والعمق الذي تضفيه هذه الخيوط السوداء بين الألوان الأخرى، تماماً كما تضفي المحن والأزمات معنى روحاني سامي لمعنى الحياة. كل لحظة وكل موقف تمر به له معنى وله دلالة، حتى اللحظات الصعبة والأليمة، ونحن لا ندرك ذلك لقلة إدراكنا، وضيق رؤيتنا”.