غرم الناس، منذ القدم، بالتين، وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، لأنه طيب المذاق ومفيد للصحة، وهو فاكهة قديمة جداً، كانت تستخدم منذ عصور عديدة للعلاج والغذاء، واعتبرتشجرة التين شجرة مباركة، حيث ورد ذكرها في القرآن الكريم.

وجاء في الدراسات أن التين كان من أول الأشجار المثمرة، التي استغلها الإنسان، قبل استغلال الشعير والقمح، على نطاق واسع. وقد عثر علماء من الولايات المتحدة في العام 2006على آثار تسع ثمار من التين مفحمة في وادي الأردن، يعود تاريخها الى أكثر من أحد عشر ألف عام.

 

كما عرفه السومريون، حيث استخدموه في استهلاكهم المحلي قبل 2599 عاماً، ولا يزال سكان بغداد، والمناطق المحاذية، يذكرون الكثير من أنواع التين، خصوصاً الأحمر الكبير حتى يومناهذا.

و قد استعمله الفينيقيون أثناء تنقلاتهم، براً و بحراً، باتجاه الدول الأوروبية الجنوبية. و ظهر في النقوش والمنحوتات والرسوم القديمة للكثير من الشعوب. ويقال أنه وصل الى أهل اليونان منبلدة اسمها “كاريا” واقعة في القارة الآسيوية، ولذا يعرف باللاتينية بـ”ميكس كاريا”. وكان التين، بالنسبة لليونانيين، يعتبر من الأطعمة الرئيسية والأساسية.

وكان هذا واضحاً مما ورد في المخطوطات الاغريقية. وقد اعتمد عليه المهتمون بالرياضة كأحد الأغذية المهمة، التي تزيد من قوتهم وتشد من عودهم، لدرجة أن سنت الدولة الاغريقية، فيذلك الوقت، قانوناً يمنع تصدير التين والفاكهة ذات الصنف الممتاز من بلادهم الى البلاد الأخرى.

 

وتذكر بعض الدراسات أن التين جاء الى ايران، ثم دخل أوروبا عبر ايطاليا. وجاء في المخطوطات الايطالية القديمة ذكر أكثر من 29 صنفاً من التين، كانت معروفة قديماً أيام الامبراطوريةالرومانية.

وذكر الكاتب والمؤرخ الايطالي كايوس بليني، الذي عاش في عصر الامبراطور نيرون، أن التين المجفف وجد في بومبي (الهند) في حملات التنقيب التي أجريت على البلدة، التي كانتمطمورة بالرمال.

وأضاف هذا المؤرخ، الذي أورد الكثير من المعلومات المهمة عن التين في كتابه الشهير “التاريخ الطبيعي” أن التين المزروع في حدائق المنازل كان يستعمل لاطعام العبيد كي يمدهمبالطاقة والقوة لخدمة أسيادهم.

ويبدو أن أهل روما خصوصاً وايطاليا عموماً قد اهتموا بالتين، كما اهتم أهل اليونان، واحترموه كثمرة وفاكهة لها أبعاد كثيرة، طبيعية وغذائية وروحية، اذ لعب دوراً مهماً في الأساطير اليونانية،اذ كان يقدم كقربان الى الاله “باخوس” في الطقوس الدينية.

وقد اعتمد الرومان معبد “باخوس” في قلعة بعلبك في لبنان، بعد أن قيل إن الذئب الذي أرضع “روملوس” و”رايموس” (مؤسسا الإمبراطورية الرومانية) استراح تحت شجرة التين.

 

وقد منحت هذه الصورة شجرة التين قدسية لا تجارى عند الرومان، منذ البدايات، ولذا كان يقدم كهدية اثناء الاحتفالات والطقوس الدينية والرسمية ورأس السنة.

وتشير الكتابات الرومانية القديمة، ايضاً، إلى ان سكان بعض المناطق الإيطالية كانوا يضعون أكاليل التين على رؤوسهم عند تقديم التضحية الى مكتشف الفاكهة الإله “ساتورن”.

وعادة ما يؤكل التين طازجا عند الصباح، ويباع على الطرقات العامة في اليونان ولبنان وفلسطين وسورية، وبعض الدول الاخرى. ويلجأ البعض الى تجفيفه تحت اشعة الشمس ليشكل مؤونةغذائية لفصل الشتاء البارد، لأنه مليء بالسعرات الحرارية المغذية او ما يعرف بالسكريات.

ويجفف التين عادة في شمال العراق ومناطق كردستان، تحت أشعة الشمس الحارقة، قبل ان يشك بحبال رفيعة مستخرجة من نبتة القنب في شكل قلائد طويلة كالمسابح.

ويعتبر التين من العائلة التوتية، ويزرع في مناطق شتى من العالم، ولكن موطنه هو الهلال الخصيب (بلاد الشام والعراق ومصر)، ويزرع في المناطق ذات الشتاء الدافئ، نسبياً، والتي لاتتعرض للصقيع.

والتين أنواع منه، الإزميرلي والأميركي والعادي والبري المعروف بفحل التين. ويمكن أن تؤكل أوراق التين، فهي غنية بالمعادن وبخاصة الحديد، كما أن بها نسبة جيدة من البروتين، وإن كانالناس يقتصرون على وضعها في قواعد صناديق الفواكه الصيفية الأخرى، أو تغطيتها بها.

 

الفوائد الصحية للتين

فوائد التين لا تحصى ولا تعد، ويقول بهذا الصدد استاذ النباتات الطبية والعقاقير بجامعة الازهر سابقا، طه ابراهيم خليفة، إن مادة “الميثالويثونيدز” (وهي من المواد المهمة جدا لحيويةالجسم، وتعمل على تخفيض المواد الدهنية وتقوي القلب وتضبط التنفس) التي يحتوي عليها التين (والزيتون ايضا) من المواد السحرية، التي تزيل اعراض الشيخوخة.

واستعمالات وفوائد التين كثيرة، وهي كالآتي:

 

الإستعمالات الداخلية:

معالجة الامساك: يمكن تناول التين المجفف أو الطازج، من دون أي تحضير معين، للتخفيف من الامساك. كذلك يمكن طهي ثلاث أو اربع ثمرات تين طازجة مقطعة، وعشر حبات زبيب، فيمقدار كوب كبير من الحليب، يتم تناولها صباحاً على الريق. كما يمكن نقع ست ثمرات تين في الماء الفاتر طوال الليل، ثم يتم تناولها صباحاً على الريق ايضاً.

التخفيف من الاضطرابات الهضمية: يمكن تناول التين الطازج بعد الوجبات الخفيفة، أو قبل الوجبات الثقيلة، للتخفيف من اضطرابات الجهاز الهضمي. وهو مفيد في مكافحة القرحة والطفيلياتوالجراثيم.

التخفيف من اضطرابات التنفس: يحتوي التين على عناصر شافية، تخفف من تهيجات الأغشية المخاطية، وخصوصاً الجهاز التنفسي، لذلك فإن تناول التين الطازج يمكن أن يساعد علىالتخفيف من الاضطرابات التنفسية، وهو يلعب دوراً مشابهاً لدور مضادات الالتهابات.

معالجة التهابات الحلق : ويكفي لذلك غلي أربع أو خمس ثمرات تين طازجة في نحو 50ملليتراً من الماء، ثم يصفى الماء ويترك حتى يبرد، ثم يشرب لعلاج أوجاع الحلق.

هناك فوائد أخرى للتين نذكر منها:

1-يعالج الأمراض النفسية، ويعمل على تهدئة الأعصاب، وإزالة أنواع القلق والخوف والإحباط والتوتر.

2- ينشط الكلى ويزيد في الدورة الدموية التي تغذيها للقيام بوظائفها.

3- يعالج أمراض تسرّع القلب، ويمنع تجمع الماء في القلب والرئتين والجسم.

4- يمنع النزيف، عبر مادة الفالتين التي يحتوي عليها، حيث تحتوي على مادة تدخل في عملية تجلط الدم وإيقاف النزيف، وعبر احتوائه على فيتامين (ك).

ملاحظة:

لا ينصح المصابون بالسكري وعسر الهضم بتناول التين.

الاستعمالات الخارجية:

لإزالة مسامير القدم: يوجد في التين أنزيمات تساعد على التخلص في النتوءات الجلدية الزائدة. لهذا يمكن استخدامه لإزالة المسامير، التي تظهر في القدمين، حيث يوضع لب الثمرة علىالمسامير ويغطى برباط طوال الليل.

لعلاج الحبوب والتقرحات: يتم تسخين التين في الماء أو الحليب، وتقسم كل حبة الى نصفين، ويوضع لب الثمر على البثور مباشرة. وتعتبر هذه الطريقة فعالة جداً في العلاج، وخصوصاًتقرحات الفم.

يفيد في علاج النقرس، ويدخل في تركيب عدد من مستحضرات العناية بالبشرة والشعر، وذلك لما يتمتع به من خصائص وقائية وملطفة ومرطبة، وهو يغذي الجلد والشعر ويقيهما منتغيرات الطقس القاسية ومن التلوث.

يفيد في علاج الجروح النتنة، وذلك بتضميدها بثمار التين المجففة والمغلية بالحليب العادي. وبعد أن تبرد قليلاً، يغطس بها الجرح، بحيث تكون قشرتها فوق الجرح مباشرة، وتثبت فوقهبالقطن والرباط. ويجدد الضماد ثلاث أو أربع مرات في اليوم الى أن تزول الجروح النتنة تماماً خلال أيام.

وبالاضافة الى كل ذلك، يعتبر التين من اغذى الفواكه، سهل الهضم، مانع للنفخة، منظم لحركة الأمعاء، مدر للبول، نافع للكبد والطحال ومجاري الغذاء، طارد للرمل من الكلى والمثانة،مسكن للسعال، ويفيد في علاج اضطرابات الحيض.