يعتبر هوس الشراء بمعدلات تزيد عن حاجة الإنسان من المشاكل النفسية التي تنعكس بشكل خطير على الوضع المادي للمصاب بهذه المشكلة ، و تزداد هذه الحالة في المواسم والاحتفالات العامة والمناسبات الخاصة مثل أعياد ميلاد الأسرة و الأقارب . لذا سوف نأخذ جولة في هذا المقال مع هوس الشراء وكيف يمكننا التحكم فيه . وسوف نكشف حقيقة كون النساء أغلبية في الأشخاص المصابين بهوس الشراء من عدمه ، والأسباب وراء ذلك .

– هوس الشراء القهري :  

هوس الشراء القهري هو مشكلة نفسية يتم تعريفها بكونها : حالة مزمنة و متكررة من التسوق المصحوب بشراء كميات كبيرة من المنتجات بدون مبرر منطقي ، و يتم تصنيفه كأحد أنواع الإدمان المرضي التي لا تتضمن تناول مادة كيميائية . و مثل جميع الأمراض النفسية فإنه من شروط تشخيص هذا المرض هو أن يكون له تأثير سلبي على حياة الشخص سواء من الناحية الاجتماعية أو العملية أو المادية . والنسبة العامة للمصابين بهوس الشراء تصل لـ 5% ، وفقاً لدراسات غربية .  

– دراسة تفسر هوس الشراء : أشارت دراسات أجريت مؤخراً إلى وجود العديد من العوامل التي تتضافر معاً لتسبب مشكلة هوس الشراء ، وأهمها :  

1 – الخلفية النفسية : 

– تشير افتراضات التحليل النفسي إلى أن المصابين بهوس الشراء قد يرتبط الأمر لديهم بالتعرض لحوادث أو مواقف خاصة في الطفولة .  

2 – الخلفية العصبية : 

– تشير الدراسات إلى ارتباط هوس الشراء بوجود خلل في الناقلات العصبية الكيميائية الموجودة في المخ التي تتضمن السيروتونين و الدوبامين .  

– يرتبط السيروتونين لدى مرضى هوس الشراء بوجود خلل مشابه لمرضى الوسواس القهري ، و الذين يجدوا أيضًا صعوبة في التحكم في رغباتهم المتكررة نحو فعل شيء معين.  

– يرتبط الدوبامين لدى مرضى هوس الشراء بآلية عمل مشابهة للآلية التي يحدث بها شعور الانتشاء لدى مرضى الأنواع الأخرى من الإدمان .  

– رغم عدم وجود برهان قاطع حتى الآن على دور هذه الناقلات العصبية في آلية حدوث مرض هوس الشراء ، إلا أن هذه الافتراضات مبنية على التجارب العلمية المتاحة حتى وقتنا هذا ، كما أنها تساعد في خطط العلاج لبعض المرضى .  

3 – الخلفية الثقافية :

– تزداد نسبة المصابين بهوس الشراء بشكل كبير في الدول المتقدمة و الغنية اقتصادياً .

– تزداد نسبة المصابين بهوس الشراء في الدول التي تتبني اقتصاد السوق المفتوح .

– تزداد نسبة المصابين بهوس الشراء في المجتمعات التي تتوافر بها بدائل مالية متعددة من نقود مباشرة و بطاقات ائتمان و شيكات ؛ حيث يسمح ذلك بتوافر الأموال بشكل أكبر للأشخاص .

– تزداد نسبة المصابين بهوس الشراء مع زيادة أوقات الفراغ في حياة الأشخاص .  

– النساء و هوس الشراء : تشير أغلبية  الدراسات الإحصائية إلى أن نسب النساء تصل إلى 90% بين المصابين بهوس الشراء .

و السر وراء ذلك يتمثل في العوامل التالية :

– النساء بطبيعتهن ينظرن للتسوق كنشاط ترفيهي ممتع ولا يخجلن من التعبير عن ذلك في استطلاعات الرأي .

– الرجال على العكس ينظرون للتسوق كمهمة هدفها شراء سلع معينة لهدف معين ، و لا يميلوا لإظهار إعجاب بنشاط التسوق في حد ذاته .

– تتناسب معدلات الإصابة بهوس الشراء طردياً مع زيادة معدلات أوقات الفراغ لدى الشخص . و لكن هذا لا ينفي ما تشير له بعض الدراسات من ارتباط هوس الشراء بقدرات عقلية أعلى على تحليل البيانات البصرية التي تصل للمخ ؛ مما قد يفسر اهتمام الأشخاص المصابين بهوس الشراء بشكل السلع و بريقها ، و انجذابهم لهذا البريق .  

– هل هوس التسوق من علامات الإكتئاب :

تشير الدراسات إلى وجود ارتباط بين المصابين بهوس الشراء و بين الاكتئاب ؛ حيث وجدت دراسة أن 30% من عينة مرضى الاكتئاب لديهم هوس بالشراء . على جانب آخر هناك العديد من الارتباطات الأخرى بين هوس الشراء و الأمراض النفسية ، أهمها :

– نسبة الاضطرابات المزاجية في المصابين بهوس الشراء تتجاوز الـ 25% .

– نسبة اضطرابات القلق والتوتر في المصابين بهوس الشراء تتراوح بين 41 – 80 % .

– نسبة اضطرابات الأكل في المصابين بهوس الشراء قد تصل إلى أكثر من 30% . – نسبة الوسواس القهري ضمن المصابين بهوس الشراء تصل إلى 20 % .  

– التغلب على هوس التسوُق :  

أولاً : فهم المراحل العقلية في هوس الشراء :

1 – مرحلة الإلحاح و التفكير المستمر إما في شراء سلعة بعينها ، أو في القيام بممارسة التسوق بشكل عام .

2 – مرحلة التحضير للذهاب للسوق من خلال ترتيب جدول المواعيد ، والأشخاص المرافقين ، والموارد المالية للتسوق .

3 – مرحلة التسوق الفعلي ، والتي يصفها العديد من مصابي هوس الشراء بالمتعة المطلقة ، والتي قد يصاحبها شعور بالرغبة الجنسية .

4 – مرحلة الشراء و دفع النقود ، و التي غالباً ما يليها شعور بالإحباط  والأسف للفعل الغير محسوب الذي قام به الإنسان .  

* وأهمية فهم هذه المراحل هو أنه يمكننا من كسر دائرة هوس الشراء من خلال أي من حلقاتها سابقة الذكر.  

ثانياً : الإبتعاد عن السلع المغرية :

– بالنسبة للرجال ، فإن السلع المغرية أكثر من غيرها تشمل :

الإلكترونيات ، السيارات ، الأدوات و العدد المنزلية .

– بالنسبة للنساء ، فإن السلع المغرية أكثر من غيرها تشمل :

الملابس ،المجوهرات ، الأحذية ،الاسطوانات المدمجة ،أدوات التجميل .  

ثالثاً : ضبط الموارد المالية :

– الإقتصار على كمية محدودة من النقود متوافرة في المنزل أو في المحفظة عند الخروج للتسوق .

– عدم استخدام بطاقات إئتمان مفتوحة .  

رابعاً : الإبتعاد عن مواسم التسوق المغرية :

– تمثل بعض المواسم على مدار السنة فرصة مغرية للتسوق خاصة بالنسبة للمصابين بهوس الشراء .

– أهم المواسم التي ينبغي على مهووس الشراء تجنب الذهاب للسوق فيها هي :

مواسم التخفيضات ، مواسم الأعياد ، أعياد الميلاد الخاصة بالأصدقاء و أفراد الأسرة .

  خامساً : الإنتباه للكميات بشدة :

– ليس بالضرورة أن يرتبط هوس الشراء بشراء سلع مرتفعة الثمن فقط ؛حيث يرتبط الأمر في كثير من الأحيان بشراء سلع منخفضة السعر ولكن بكميات كبيرة تتجاوز الاحتياج ، مما يترتب عليه في النهاية دفع كمية كبيرة من النقود .

– غالباً ما يكون شراء كميات كبيرة رجع لوجود تخفيضات يبرر مهووس الشراء لنفسه بها أهمية شراء كمية كبيرة من السلعة .  

سادساً : الصحة النفسية :

– تمثل المشاكل النفسية المختلفة مثل الاكتئاب و التوتر و الاضطرابات المزاجية خلفية نفسية لدى العديد من مرضى هوس الشراء .

– لذا ينبغي الحرص على التعامل مع هذه المشاكل النفسية أولاً بأول من خلال طلب مساعدة متخصصة ، خاصة إذا كان لدى الشخص تاريخ سابق بمشاكل هوس الشراء .

  سابعاً : الحصول على مساعدة نفسية متخصصة :

– هناك العديد من الخطط العلاجية التي تسعى لعلاج مشكلة هوس الشراء ، و هو ما سوف نتحدث عنه بالتفصيل في الفقرة القادمة .  

– العلاج النفسي لهوس الشراء :

  أولاً: العلاج الدوائي :

– ركزت أغلب التجارب الدوائية على استخدام أدوية نفسية من نوع مضادات الاكتئاب لمقاومة هوس الشراء .

– اختيار الدواء المناسب يتوقف على تقييم الطبيب النفسي للحالة بشكل دقيق و مدى وجود عناصر أخرى للمرض النفسي من عدمه .

– لا يوجد حتى الآن براهين علمية على وجود دواء نفسي واحد يفيد في كل حالات هوس الشراء ، بل الأمر يختلف من حالة لأخرى .

ثانياً : العلاج السلوكي الإدراكي :

– يمثل العلاج ضمن مجموعة أحد أشهر تقنيات العلاج السلوكي الإدراكي المستخدمة في علاج هوس الشراء.

– تشير الدراسات إلي حدوث تحسن في المرضى إلي يخضعوا لهذا النوع من العلاج تحت إشراف طبيب متخصص .  

ثالثاً : تقنيات المساعدة الذاتية :

– يقوم بعض المتخصصين بالسعي لتطوير تقنيات مساعدة ذاتية هدفها توفير دعم مستمر للمصابين بهوس الشراء دون حاجة لوجود طبيب بشكل مباشر في كل الأوقات .

– تتضمن هذه التقنيات العديد من الأدوات مثل : الكتب ،البرامج المسجلة على اسطوانات ، يوميات لتسجيل معدل التسوق .

– فاعلية تقنيات المساعدة الذاتية في العلاج مازالت موضع بحث ودراسة .  

رابعاً : أنشطة التوعية :

– تمثل التوعية الصحية آلية وقائية تساعد في منع و تقليل حدوث الأمراض بشكل عام .

– التوعية الصحية المستخدمة في حالة هوس الشراء تتم من خلال مجموعات تطوعية تقوم بتوعية الأشخاص بأهمية تبني نمط حياة بسيط ، و أهمية البعد عن الاهتمام المفرط بالسلع الاستهلاكية .  

– هوس التسوق والشراء .. و طرق التخلص منه :

وفقاً لكل ما سبق يمكن تلخيص طرق التخلص من هوس الشراء في النقاط التالية :

1 – على الرجال المصابين بهوس الشراء تجنب إعلانات الالكترونيات والسيارات والأدوات المنزلية ؛ حيث تمثل هذه السلع الأكثر إغراءا لهم .  

2 – على السيدات المصابات بهوس الشراء تجنب إعلانات الملابس والأحذية والمجوهرات وأدوات التجميل ؛ حيث تمثل هذه السلع الأكثر إغراءا لهن .  

3 – على المصابين بهوس الشراء تجنب نزول السوق في موسم التخفيضات بشكل نهائي ؛ حيث تمثل التخفيضات عامل جذب لهم.  

4 – على المصابين بهوس الشراء توجيه أوقات فراغهم للأنشطة التطوعية و الخيرية ؛ حيث يساعدهم ذلك على تقليل أوقات الفراغ التي يتم قضائها في التسوق .  

5 – ينصح المصابين بهوس الشراء بعدم الذهاب للسوق بمفردهم ؛ حيث أن اصطحاب أحد الأصدقاء أو أفراد الأسرة يقلل من معدل الشراء ، بشرط ألا يكون هذا الشخص مصاباً أيضًا بهوس الشراء .  

6 – يجب على المصابين بهوس الشراء عدم امتلاك بطاقة ائتمان مفتوحة تسمح بشراء سلع دون حد أقصى يومي مناسب .  

7 – يجب على المصاب بهوس الشراء أن يعترف بمشكلته و يطلب من المقربين منه مساعدته ، في الإلتزام بإجراءات حماية نفسه .  

8 – على المصاب بهوس الشراء مراجعة طبيب نفسي عندما يصل هوس الشراء لدرجة تؤثر على حياة المريض الاجتماعية و العملية و المادية .  

9 – يجب على المصاب بهوس الشراء عدم وضع كميات كبيرة من النقود في محفظته ؛ حيث ينتهي به الحال غالباً لصرف كامل النقود في أول زيارة للسوق .  

10 – تبني نمط حياة بسيط يساعد الإنسان على وقاية نفسه من الإصابة بهوس الشراء .  

11 – يجب على المصاب بهوس الشراء الانتباه لإغراء شراء كمية كبيرة من سلع رخيصة بحجة وجود تخفيضات .  

12 – على المصاب بهوس الشراء الانتباه لأعراض الأمراض النفسية الأخرى مثل الاكتئاب والاضطرابات المزاجية ؛ حيث تسبب تفاقم مشكلة هوس الشراء .  

13 – تجنب مشاهدة الإعلانات الاستهلاكية لفترات طويلة ، لما لها من تأثير محفز بشدة للشراء الغير عقلاني.

14 – ينصح المصاب بهوس الشراء بالاحتفاظ بالفواتير و كتابة يوميات عن السلع التي اشتراها أثناء التسوق ؛ حيث يساعده ذلك على الإحساس بحجم المشكلة .  

15 – ينصح مصاب هوس الشراء بوضع قائمة باحتياجاته قبل الذهاب للسوق ، وعدم شراء أي سلعة خارج هذه القائمة ، وكذلك اخذ نقود بقدر ما يكفي السلع المخطط لشرائها فقط .

  16 – يمكن للمصاب بهوس الشراء إشباع رغبته في التسوق دون شراء من خلال مطالعة فترينات المحال المغلقة ، أو التسوق دون نقود نهائياً .  

  هكذا نكون قد أنهينا جولتنا مع هوس الشراء ، و نتمنى أن نكون قد قدمنا لكم معلومات تساعدكم على التحكم بشكل أكبر في معدلات تسوقكم خاصة في مواسم التخفيضات .